الحلم الذي كان يراود محسن البوسعيدي أصبح حقيقة في الثامن من شهر يناير الماضي حينما كانت انطلاقته واضعاً نصب عينيه هدفا واحدا فقط هو أن يصبح أول عربي ينجح في الإبحار حول العالم بدون توقف من أجل إحياء التراث البحري العماني العريق، وبعد مضي 76 يوماً عاد محسن ورفاقه لمسقط من رحلة مضنية جابهوا خلالها أمواجاً عاتية ولم يشاهدوا خلالها أية بقعة من اليابسة سوى مرتين فقط احداهما عند رأس كوك بالقرب من شواطئ نيوزيلندا والثانية عند رأس القرن بالقرب من أمريكا الجنوبية ولكن أقدامهم لم تطأ اليابسة ولم يقابلوا أي شخص آخر طيلة رحلتهم.
وقد سجل محسن اسمه في سجل التاريخ كأول بحار عربي يطوف العالم بدون توقف ولا يوجد أي سجل سابق لأي بحار عربي طاف العالم بدون توقف.
أبحر محسن ورفاقه الأربعة وهم الربان لويك جالون والبحار تيري دوبري دو فورسنت وتشارلز داربيشر ونك هوتشن على قارب متعدد الأبدان طوله 75 قدماً كانت البحارة البريطانية الشهيرة ألن مكارثر قد سجلت على متنه رقماً قياسياً عالمياً في الإبحار حول العالم. وقد تم تسميته باسم مسندم بعد وصوله السلطنة وتم إعادة طلائه بالألوان العمانية الزاهية مع شعار السلطنة الذي يعتلي الأشرعة وهو عبارة عن السيفين المتقاطعين والخنجر. ولم يتحقق حلم الدوران حول العالم الذي راود البحارة على مر العصور إلا قبل 15 عاماً فقط عندما تمكن أول قارب شراعي من إكمال مغامرة الدوران حول العالم بدون توقف.
وكانت الرحلة البالغة 45000 كم قد ذهبت بمحسن ورفاقه حول الكرة الأرضية إنطلاقاً من مسقط وإلى مسقط عبر المحيط الجنوبي المتوحش ومروراً بثلاثة من أشهر الرؤوس هي رأس ليون ورأس القرن ورأس الرجاء الصالح، وقد تحدى الطاقم خلال الرحلة التي انطلقت يوم 8 يناير 2009م مخاطر العواصف والكتل الجليدية التي تفوق المنازل ذات الطابقين حجماً والحيتان وكانوا يتناولون الطعام المجمد واختلاس النوم بين فترات المناوبة التي كانت مقسمة على ثلاث ساعات لكل مجموعة ناهيك عن ضيق المساحات داخل القارب المصمم للسرعة وليس للراحة حيث يحتوي أربعة أسرة صغيرة وليس به مرافق غسيل.

يعتبر مشروع عمان للإبحار مشروعاً وطنياً طموحاً يهدف إلى إحياء تراث عمان البحري التليد، والمشروع هو شركة غير ربحية تأسست في مطلع العام الماضي وتعمل تحت دعم وإشراف وزارة السياحة وقد مضت الشركة قدماً في تحقيق الأهداف التي أنشئت من أجلها من خلال استراتيجية مدروسة وخطط مستقبلية تمتد لأعوام عديدة قادمة. إن هدف عمان للإبحار هو تشجيع جيل جديد من الشباب العماني ليمارسوا الإبحار الشراعي كهواية ترفيهية ورياضة تنافسية. وسيساعد هذا في إعادة التراث البحري العماني من خلال الدخول في المنافسات العالمية فضلا عن دعم تنمية أحداث رياضة الإبحار في شبه الجزيرة العربية.
ولتحقيق الغاية المنشودة فإن أكاديمية عمان للإبحار تهدف لجعل الإبحار في متناول الجميع كطلاب المدارس والشباب المتحمسين للإبحار الشراعي، وذلك لتطوير قاعدة أوسع تمكن البحارة من جميع أنحاء البلاد للتقدم والحصول على مكان في طاقم فريق سباقات عمان للإبحار، أو تطوير مهارات الإبحار الشراعي لديهم وبناء أساس متين لتحقيق مستقبل زاهر للإبحار في سلطنة عمان.

وبالعودة إلى القارب مسندم الذي حقق به البحار محسن البوسعيدي انجازه العماني والعربي فإنه لا مكان للراحة على ظهر القارب كما أن محسن ورفاقه لم يتناولوا أي طعام طازج لأكثر من 48 يوما فهم يتناولون الأطعمة المجمدة الجافة ثلاث مرات يومياً ويشربون الماء المصفى من أملاح البحر بفضل مصفاة خاصة مثبتة في القارب. وهم ينامون نوماً متقطعاً ثلاث ساعات في كل مرة أما النوم الطويل الهانئ فلا زال لا يلوح في الأفق لفترة طويلة من الآن حتى عودتهم إلى اليابسة. كما لا يوجد مرحاض بالقارب الذي يتحرك باستمرار ولذا لا يمكن لمحسن وأفراد الطاقم أخذ قسط من الراحة لأن القارب يبحر على مدار الساعة.

أبحر محسن على متن أحد أسرع قوارب الإبحار الشراعي في العالم ويبلغ طول هذا القارب 75 قدما (أي بطول شاحنة تقريباً) ويمكن أن يبحر بسرعة 55 كم في الساعة. وعادة ما يتعين على الطاقم تغيير الأشرعة وفي ظل وجود الرياح الخفيفة يتعين عليهم إيجاد مساحة أكبر من الأشرعة بحيث تكون كافية لجعل القارب يبحر بسرعة ولكن عند وجود رياح نشطة وقوية يتعين عليهم سحب الأشرعة حتى لا ينقلب القارب رأساً على عقب.

محسن البوسعيدي من مواليد 13 نوفمبر 1975 ويقطن في منطقة الخوض بولاية السيب ويعمل كضابط صف برتبة رقيب في البحرية السلطانية العمانية وهو مدرب مؤهل على القوارب الشراعية الصغيرة (دنجي)، يكن محسن الكثير من الحب لأخوته الأربعة ويشعر بسعادة بالغة عندما يقضي وقته معهم. محسن متمرس في الإبحار بالقوارب الصغيرة (دنجي) ويطمح أن يصبح مدرباً على هذه القوارب لكي يلهم ويعلم صغار البحارة العمانيين فنون الإبحار بهذه القوارب بعد عودته من مغامرة الدوران حول العالم.

سعداء كثيرا بنجاح مهمة القارب مسندم
قالت معالي الدكتورة راجحة بنت عبدالأمير ـ وزيرة السياحة بعد حضورها حفل الاستقبال بميناء السلطان قابوس : إننا سعداء بعودة القارب وطاقمه سالمين معافين كما أن نجاح محسن في هذه الرحلة ودخول سجلات الأرقام القياسية العالمية على جانب كبير من الأهمية وإنني على يقين بأنه سيلهم الكثير من الشباب العماني ليحذو حذوه، وتجدد هذه المناسبة في السلطنة روح الإبحار والأمجاد البحرية العريقة لعمان ليثبت الشباب العمانيون للعالم بأنهم قادرون على المنافسة في هذا المجال على مستوى العالم ويجدر بالذكر أن وزارة السياحة هي الداعم الرئيسي لمشروع عمان للإبحار وتقدم للشركة الإسناد والتوجيه اللامحدود.

وكان البوسعيدي والطاقم المكون من الفرنسيين لوك جالون وتيري دو فورسنت والبريطانيين تشالرز داربيشر نك هوتشن انطلقوا من مسقط يوم 8 يناير الماضي واضعاً نصب عينيه هدفا واحدا فقط هو أن يصبح أول عربي ينجح في الإبحار حول العالم بدون توقف من أجل إحياء التراث البحري العماني العريق، وبعد مضي 76 يوماً عاد محسن ورفاقه لمسقط من رحلة مضنية جابهوا خلالها أمواجاً عاتية ولم يشاهدوا خلالها أية بقعة من اليابسة سوى مرتين فقط أحدهما عند رأس كوك بالقرب من شواطئ نيوزلندا والثانية عند رأس القرن بالقرب من أمريكا الجنوبية ولكن أقدامهم لم تطأ اليابسة ولم يقابلوا أي شخص آخر طيلة رحلتهم.
وقد تم تسمية القارب مسندم بعد وصوله السلطنة وتمت إعادة طلائه بالألوان العمانية الزاهية مع شعار السلطنة الذي يعتلي الأشرعة وهو عبارة عن السيفين المتقاطعين والخنجر. ولم يتحقق حلم الدوران حول العالم الذي راود البحارة على مر العصور إلا قبل 15 عاماً فقط عندما تمكن أول قارب شراعي من إكمال مغامرة الدوران حول العالم بدون توقف.