الرئيسية › منتديات › مجلس القصص والروايات › الكتابة من خلف حجاب سميك
- This topic has 3 ردود, مشارك واحد, and was last updated قبل 23 سنة، شهر by
بحبوح.
-
الكاتبالمشاركات
-
10 نوفمبر، 2002 الساعة 10:51 ص #382487
بحبوح
مشارككلما فقدت حريتي أدركت ضرورتها
كتبت نوال السعداوي في مقال لها بمجلة فصول خريف 1992 م يحظي الرجل الأديب بزوجة تطبخ طعامه وتغسل سراويله وتقدم له الشاي وهو جالس يكتب قصة حبه لامرأة أخري
‘وتحظي المرأة الأديبة بزوج يعكنن عليها حياتها، ويؤنبها طوال الوقت لأنها لم تطبخ ولم تغسل ولم تكنس أو تركت العيال يصيحون وهو نائم
يحظي الرجل المبدع بزوجة تفرح بنجاحه، ويزداد فرحها بازدياد نجاحه. وتحظي المرأة المبدعة بزوج يكتئب اذا نجحت’ عمليا فإن المرأة تبدع في ظل ظروف صعبة وكأن الابداع فعلا غير مشروع تحتال المرأة لكي تنجزه في لحظة تستطيع التخلص فيها من حالة إلغاء الذات لصالح الآخر.. ثم بعد ذلك ينهكها التعب فتجلس متأملة الاوراق الخاوية وتشعر بأنها انتهت تتفاني في واجبات الزواج الخدمية وكأنها تستفز الكائن الاخير الحر بداخلها وتثبت له أنه ضعيف متخاذل وغير قادر علي المقاومة.
منذ طفولتي لم تكن الحرية مطلبا بارزا فعليا أو حتي واضحا، لكن شيئا ما كان يملأني بالراحة والفرح حين تتحقق مصادفة وأجدني اسلك مثل الاولاد، فكان السؤال يتنامي في وعيي لماذا يقال دائما أن حواء أخرجت آدم من الجنة مع انه لا يوجد في النص القرآني أو الاحاديث النبوية ما يشير إلي هذا الامر، لماذا يلقي باللوم كله علي المرأة وحدها مع أنهما اقترفا الخطأ ذاته وأكلا من الشجرة معا.. وهبطا إلي الارض معا وحين دارت الحرب وأغلقت مدينتي ونحن بخارجها شعرت للمرة الأولي بأني فقدت حريتي فكنت أبكي وألح علي أبي للعودة إلي مدينتنا وشوارعها الفسيحة وسمائها العالية الممتدة، كان يردد.. ليس بعد حتي استطاع تهريبنا إلي المدينة رغم أنها كانت مغلقة وبداخل الصندوق المغلق للعربة الكبيرة، شعرت بحريتي تعود إلي.. أول شعور عارم بالحرية، حتي ونحن نكتم أنفاسنا عند نقاط التفتيش .
تقول لطيفة الزيات:
‘المهم أن يصدر الانسان عن فعل حر بمكتمل ارادته الحرة سواء أكان هذا الفعل هادفا أو لم يكن.
لذلك فإن حرية المرأة المبدعة تحديدا ليست هبة تمنح ولكنها ابداع خاص لا يتعارض مع الشعور بقيمة المسئولية المستمدة من الواقع الاجتماعي المحكوم بالاخلاقيات والعادات التاريخية الحميدة.
ولكن ممارسة الحرية الكاملة للمبدعة تحديدا أمر يغدو غير مقبول نظرا للمحيط الاجتماعي الضيق الأفكار والمحدود الخيال خاصة في ظل انعدام مناخ ثوري حقيقي تتطلبه المرحلة، فاذا مارست أنا حريتي كاملة فقدت وبسرعة كل مقومات حياتي.. قبولي الاجتماعي.. عملي.. وربما حياتي ويمتد الأمر إلي مستقبل ابنتيٌ.
فالآخر دوما يمنحني حريتي بالقدر الذي لا يتعارض مع مصالحه، فإن حدث وتعارضت.. يتم رجمي ولأن الحرية الممنوحة دائما مشروطة فإنني أبدع حريتي في ظروف يكتنفها الخطر لأن المرأة التي اكتسبت قهرها من نساء مقهورات تقع في العديد من الاخطاء التي تضيع عليها وقتا طويلا حتي تكون قادرة علي الوقوف علي معني الحرية وكيفية النضال لأجلها، فالوعي المبدع هو المحرض الدائم علي الانعتاق من هذا الإرث.
حين أشرع في الكتابة أنطلق بحرية تاركة الرقيب في موضع بعيد عن فعلي مدركة أنني اختار الكتابة علي أنها اعادة لانتاج الواقع بما هو كائن وليس كالمعلن، وحين انتهي اترك ما كتبت بكامل ارادتي لأول رقيب يتلقاها ويعبث بها كي يهذبها ويكبح جموحها.. دون أدني مقاومة مني لأنه بمجرد انتهائي من كتابتي تنتهي مصالحتي مع حريتي الذاتية.
الكتابة هي الحالة الوحيدة التي امارس فيها حريتي، بيد أنها تبدو منقوصة فكأنما من يمارس تلك الحرية كائن آخر هو ليس أنا، لذلك يظل قدر من الخوف يثقل علي صدري وأنا أعيد قراءة ما كتبت.
أقول لنفسي وأنا أكتب أن الحرية والكذب ضدان لا يمكن الجمع بينهما، فأسعي لأن امنح العالم حريته كاملة بأن أجليه وأظهر حقيقته وان كانت منفرة مزعجة، فتظهر شخصياتي ‘كالسائرون نياما’ لا توجد قوة تدفعهم أو تمنعهم لا يمارسون حرياتهم وإنما يعيشون أقدارهم، عابثين غير ثائرين لا يتداولون ‘الحرية’ كفكرة أو حتي كمفردة فينتهي بهم الأمر إما بالموت أو الانهزام. الحرية حرب شاملة ضد الكذب والخداع ضد البريق الآلي للشعارات المتعفنة. الحرية ثورة انسانية ضد الثورات المؤسساتية المفتعلة..
ويبقي الابداع كتابة ذلك السلم الممتد حتي السماء العاشرة بعد الألف هي ذلك العالم الذي لا يدركني في رحابته الأب أو الزوج أو أيٌ من المحيطين المكبلين بالسلطة والأكاذيب والادعاءات اليومية.
أفكر كثيرا ‘بايسادورا’ الراقصة الشهيرة التي اقترنت عبقريتها لفينة بممارستها الكاملة لحريتها ووعيها الصارخ بتميزها واتساءل عن أسماء كاتبات عربيات تميزن بالعبقرية.. فلا أجد رغم ان الحكي أصله المرأة.. إلا ذكورا صنعوا كما من الاعمال الادبية البارزة ودونما حسد أو حسرة أؤكد أن المناخ يعول كثيرا علي المرأة شرط أن تبدع حريتها أولا. ولا تسعي إلي سجنها بكامل طاقتها!10 نوفمبر، 2002 الساعة 10:52 ص #382488بحبوح
مشاركالدخول لدائرة الشك
الناس في بلادي تتحول نظراتهم بالتوجه إلي المرأة، أي امرأة إلي سهام مسنونة، ثاقبة، كوني امرأة فهذا كاف كي اتهم، كي أصير محورا لحلقات البحث والتحري، تثقب نظراتهم المسنونة محتواي، كي ينسال مني ما أود الاحتفاظ به: يجب أن يحتفظ المرء بشيء ما، ثمة سعادة تنبعث من إحساس الشخص سواء كان رجلا أو امرأة من سر صغير يمت للبراءة بصلة، أشياء الأنثي كما قال نزار قباني، علي عندئذ أن اختار أما أن أفرغ ما في جعبتي أمام الجميع، كي يتحقق الجميع أني عادية، خالية من مرض الاختلاف مختومة بخاتم العادة ومتشحة بوسام التقليد، كي تتحلل نظرات شكهم وتزول، واما أن أحافظ علي أشيائي من البعثرة، من النظرات الثاقبة، عندها أدخل دائرة الشك، تتساقط علي الألفاظ التي لم أكن أصدق يوما أنها ضمن قاموس قائلها، ‘تشكشكني’ إبر التوبيخ، هذا كله والمرأة هنا تنتفي منها ؟المبدعة، فماذا يكون الحال والمرأة المبدعة أنا؟؟ مس الابداع مني، المرأة المبدعة لغز، شيطان الأدب يصاحبها، الابداع طفل غير شرعي، أبوه مجهول ، ظروف ولادته عسرة، مجتمع ذكوري يري في تفوق المرأة خطرا عليها، دوما ما يخلط الشخص بين المرأة وإبداعها، يصبح الهمس صوتا عاليا بل موضوعا لحلقات السمر.
أصير في لحظة بطلة قصتي، بل أصبح كل بطلات قصصي في آن، أصبح المرأة التي…..، والتي……..، من الممكن أن أقدم لمحاكمة علي فعل قامت به بطلتي، لا انكر أن المبدع لا ينفصل عن واقعه تماما، لكن تجارب الآخرين، القراءة، هلال الخيال الخصيب، عوامل مؤثرة.
اتساءل أحيانا: هل سأظل دوما ادقق في اختيار ثياب بطلات قصصي؟؟ هل دوما سأختارهن مرضي عنهن؟؟ هل سأهرب دوما للكتابة في أطر التاريخ. في النأي بنفسي عن كتابة واقع معاصر مباح ولوجه خفية، مجتمع يكيل بمكاييل متعددة أقلها سعة هو مكيال كيل المرأة، التعامل مع المرأة ينقسم قسمين، تعامل يتسم باحترام علي السطح وتعامل آخر يصعب خوضي فيه في القاع.
واتساءل: متي يحن الوقت كي أخرج مجموعتي القصصية واسعي لنشرها.؟
كذا موضوع التفرغ والانشغال اعتاد الناس النظر إلي أني لا أهتم بشئون بيتي نظرا لتفرغي للأدب، وللكتابة، دوما يصدمني تساؤلهم كاتهام، وأين تجدين الوقت؟؟ لابد أن الكتابة علي حساب الأولاد، الاهتمام بمظهرهم والعناية باستذكارهم، أو علي حساب الزوج الذي تكوم ‘من وجهة نظرهم’ في هامش الصفحة. لا يدركون أبدا أن الانجاز في عمل يحقق سعادة، وأن هذه السعادة أحيلها كلها إليهم، أن الأدب واقع جميل، كون منمق، يزدهر ساكنه فيه.10 نوفمبر، 2002 الساعة 10:54 ص #382489بحبوح
مشاركوضع غير عادل
أعتقد أن الرجل في مجتمعنا له حرية الحركة أكثر بكثير من المرأة وبالتالي فإن الخبرة الحياتية لديه أكبر بكثير من خبرة المرأة، وبما أن الكتابة تحتاج إلي تأمل الحياة والاشخاص فان الرجل متاح له ذلك بعكس المرأة فهو يستطيع أن يكتب عن وجوه عدة قابلها وهو حين يكتب يستحضر ‘بروفيلز’ لوجوه معينة قابلها وعلقت بذاكرته و’كاراكترز’ عديدة كان قد خزنها بداخله، يستحضر أيها ويحييها من جديد علي الورق لحظة الكتابة أما الكتابة فهي معظم الاحيان لا يتشكل لديها سوي المخزون الخاص بألبوم العائلة والعالم الضيق من حولها والمحدود من جيران وأصدقاء دراسة وزملاء عمل ولا تجارب لديها سوي تلك التجارب النفسية الخاصة بنشأتها كأنثي واتصور أن الناس في محيط العائلة أو الجيران يعاملون المرأة بنفس الوجه فهي حتي لا تعرف خباياهم ولا ماذا وراء الاقنعة إلا بمحض الصدفة.. فأنا مثلا في مجتمع كمجتمعي لا استطيع أن اجلس علي قهوة لأراقب أحدهم.. كيف يصحك.. كيف يتكلم!
أعتقد أني لو كنت رجلا لكان عندي وقت أكبر للكتابة فالرجل غالبا لديه وقت أكثر ممالدي فوقتي: موزع بين عملي خارج المنزل وعملي بداخله كما أن تواجدي فترات طويلة بالمنزل يجعلني أسيرة مشاكل أفراد الأسرة مما يؤثر سلبيا في نفسي ويشوش تفكيري وينعكس ذلك بالطبع علي انتاجي الكتابي أعتقد أني لو كنت رجلا لكتبت بشكل أفضل لكن رغم كل هذا أنا فخورة جدا بنفسي وبكوني ‘أنثي’ وما حققته حتي الآن في ظل هذا الوضع غير العادل ورغم رفضي لطريقة تفكير مجتمع يتطفل بالنظر تحت ملابس الانسان ليري إن كان رجلا أم امرأة قبل ان يقرر أن كان سيدعمه أم لا رغم هذا فأنا مصرة علي المثابرة حتي يرد لي مجتمعي حقوقي باسما منحنيا معترفا بهزيمته أمام احترامي لذاتي واقتناعي الواثق بها وإلا فسوف انتزعها منه انتزاعا.***
منذ عشر سنوات وحين كنت بالجامعة خاف أهلي من أن انشغالي بالكتابة سيؤثر علي دراستي لكني لم اتراجع وعندما ظهر اسمي فوق كل قصة قصيرة اكتبها في جريدة أو مجلة رأي أهلي أنني جادة واقتنعوا بل وسعدوا بذلك.. أيضا هم لم يتقبلوا في البداية فكرة ترددي مساء مرة في الاسبوع علي نادي الادب لكنهم رأوا جديتي فاقتنعوا بهذا بل وأنا أشكرهم أيضا لانهم سمحوا لي بحضور أية ندوة أو مؤتمر يقام نهارا بمدينة أخري تكون داخل المحافظة!
ورغم أنني دعيت لحضور مؤتمر أدباء الاقاليم عدة مرات ورغم أنني لم استطع الذهاب لأن أهلي لا يتقبلون ذلك، إلا أنني في الحقيقة لا أضيق بذلك لكني حين انظر له من الزاوية الاولي وهي احساسي بان العكوف علي القراءة والكتابة أفضل من حضور مؤتمر أو مهرجان لاسيما وأني ولله الحمد تغلبت علي هذه المسألة بمراسلة عدد من الجرائد والمجلات فنشرت فيما يقرب من عشر اصدارات مختلفة ما يزيد عن 40 قصة حتي الآن.
هذا من زاوية لكني حين أنظر للأمر من الزاوية الاخري اغتاظ جدا حيث أنني احرم من حق يحصل عليه زميلي الكاتب الرجل أو زميلتي الكاتبة في مجتمع آخر بكل سهولة. الامر الثاني وهو أني حين حرمت من حقي في اختيار الزوج شعرت بأن حريتي أهينت وأن روحي ليست ملكي فتوقفت فترة عن الكتابة إذ كيف أكتب عن الحرية وأنا لم احصل عليها بعد. كيف ادافع عن جوهرة نعم هي من حقي لكني لم امتلكها والآن حين أقرر أن أعود لأكتب فأنا أكتب نضالا من أجل أن استعيد هذه الجوهرة الغالية ثم بعد ذلك سأعود مجددا لاكتب دفاعا عنها وعن حرية كل انسان ولا أقول كل أنثي! -
الكاتبالمشاركات
- يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.