الرئيسية منتديات مجلس الفقه والإيمان مســــــــــــــــيرة عـــــــــــــــــالـــــــــــــــم

مشاهدة 15 مشاركة - 91 إلى 105 (من مجموع 107)
  • الكاتب
    المشاركات
  • #1438886

    زيد بن ثابت رضي الله عنه

    نسبه

    زيد بن ثابت بن الضحّاك الأنصاري من المدينة النبوية، يوم قدم نبي الإسلام محمد بن عبد الله للمدينـة كان يتيمـاً (والده توفي يوم بُعاث) وسنه لا يتجاوز إحدى عشرة سنة، وأسلـم مع أهلـه وباركه الرسول محمد بالدعاء.

    الجهاد

    صحبه آباؤه معهم إلى غزوة بدر، لكن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم رده لصغر سنه وجسمه، وفي غزوة أحد ذهب مع جماعة من أترابه إلى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم يرجون أن يضمهم للمجاهدين وأهلهم كانوا يرجون أكثر منهم، ونظر إليهم الرسول صلى الله عليه وسلم شاكرا وكأنه يريد الاعتذار، ولكن (رافع بن خديج) وهو أحدهم تقدم إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يحمل حربة ويستعرض بها قائلا: (إني كما ترى، أجيد الرمي فأذن لي)… فأذن الرسول له، وتقدم (سمرة بن جندب) وقال بعض أهله للرسول: (إن سمرة يصرع رافعا)… فحياه الرسول وأذن له.

    وبقي ستة من الأشبال منهم زيد بن ثابت وعبد الله بن عمر، وبذلوا جهدهم بالرجاء والدمع واستعراض العضلات، لكن أعمارهم صغيرة، وأجسامهم غضة، فوعدهم الرسول بالغزوة المقبلة، وهكذا بدأ زيد مع إخوانه دوره، كما هو مسمى في الإسلام، كمقاتل في سبيل الله بدءا من غزوة الخندق، سنة خمس من الهجرة.

    وكانت مع زيد راية بني النجار يوم تبوك، وكانت أولاً مع عُمارة بن حزم، فأخذها النبي محمد صلى الله عليه وسلم منه فدفعها لزيد بن ثابت فقال عُمارة: (يا رسول الله ! بلغكَ عنّي شيءٌ ؟)… قال الرسول: (لا، ولكن القرآن مقدَّم).

    العلم

    كان زيد مثقف متنوع المزايا، يتابع القرآن حفظا، ويكتب الوحي لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم، ويتفوق في العلم والحكمة، وحين بدأ الرسول في إبلاغ دعوته للعالم الخارجي، وإرسال كتبه لملوك الأرض وقياصرتها، أمر زيدا أن يتعلم بعض لغاتهم فتعلمها في وقت وجيز… يقول زيـد: (أُتيَ بيَ النبـي عليه السلام مَقْدَمه المدينة، فقيل: (هذا من بني النجار، وقد قرأ سبع عشرة سورة)… فقرأت عليه فأعجبه ذلك، فقال: (تعلّمْ كتاب يهـود، فإنّي ما آمنهم على كتابي)… ففعلتُ، فما مضى لي نصف شهـر حتى حَذِقْتُـهُ، فكنت أكتب له إليهم، وإذا كتبوا إليه قرأتُ له).

    حفظه للقرآن

    حسب الكتب والايمان الإسلامي، منذ بدأ الدعوة وخلال إحدى وعشرين سنة تقريبا كان الوحي يتنزل، والرسول محمد صلى الله عليه وسلم يتلو، وكان هناك ثلة مباركة تحفظ ما تستطيع، والبعض الآخر ممن يجيدون الكتابة، يحتفظون بالآيات مسطورة، وكان منهم علي بن أبي طالب، وأبي بن كعب، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عباس، وزيد بن ثابت. وبعد أن تم النزول كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقرؤه على المسلمين مرتبا سوره وآياته.

    وقد قرأ زيد على رسول الإسلام في العام الذي توفي فيه مرتين، وإنما سميت هذه القراءة قراءة زيد بن ثابت لأنه كتبها لرسول الإسلام وقرأها عليه، وشَهِدَ العرضة الأخيرة، وكان يُقرئ الناس بها حتى مات…

    بداية جمع القرآن

    بعد وفاة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم شغل المسلمون بحروب الردة، وفي معركة اليمامة كان عدد الشهداء من حفظة القرآن كبيرا، فما أن هدأت نار الفتنة حتى فزع عمر بن الخطاب إلى الخليفة أبو بكر الصديق راغبا في أن يجمع القرآن قبل أن يدرك الموت والشهادة بقية القراء والحفاظ… واستخار الخليفة ربه، وشاور صحبه ثم دعا زيد بن ثابت وقال له: (إنك شاب عاقل لا نتهمك)… وأمره أن يبدأ جمع القرآن مستعينا بذوي الخبرة.

    ونهض زيد بالمهمة وأبلى بلاء عظيما فيها، يقابل ويعارض ويتحرى حتى جمع القرآن مرتبا منسقا… وقال زيد في عظم المسئولية: (والله لو كلفوني نقل جبل من مكانه، لكان أهون علي مما أمروني به من جمع القرآن)… كما قال: (فكنتُ أتبع القرآن أجمعه من الرّقاع والأكتاف والعُسُب وصدور الرجال) وأنجز المهمة وجمع القرآن في أكثر من مصحف.

    فضله

    تألقت شخصية زيد وتبوأ في المجتمع مكانا عاليا، وصار موضع احترام المسلمين وتوقيرهم فقد ذهب زيد ليركب، فأمسك ابن عباس بالركاب، فقال له زيد: (تنح يا بن عم رسول الله) فأجابه ابن عباس : (لا، فهكذا نصنع بعلمائنا) كما قال ثابت بن عبيد عن زيد بن ثابت: (ما رأيت رجلا أفكه في بيته، ولا أوقر في مجلسه من زيد).

    وكان عمر بن الخطاب يستخلفه إذا حجّ على المدينة، وزيد هو الذي تولى قسمة الغنائم يوم اليرموك، وهو أحد أصحاب الفَتْوى الستة: عمر وعلي وابن مسعود وأبيّ وأبو موسى وزيد بن ثابت، فما كان عمر ولا عثمان يقدّمان على زيد أحداً في القضاء والفتوى والفرائض والقراءة، وقد استعمله عمر على القضاء وفرض له رزقاً.

    قال ابن سيرين: (غلب زيد بن ثابت الناس بخصلتين، بالقرآن والفرائض).

    وفاته

    توفي زيد بن ثابت سنة 45 هـ في عهد معاوية.

    #1438887

    معاذ بن جبل رضي الله عنه

    نسبه وإسلامه

    هو أبو عبد الرحمن معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس، يكنى أبا عبد الرحمن، وأسلم وهو ابن ثماني عشرة سنة، شهد بدرًا والمشاهد كلها مع رسول الله، وأردفه رسول الله وراءه، وبعثه إلى اليمن بعد غزوة تبوك وشيعه ماشيًا في مخرجه وهو راكب، وكان له من الولد عبد الرحمن وأم عبد الله وولد آخر لم يذكر اسمه…

    صفته

    عن أبي بحرية يزيد بن قطيب السكونى قال: دخلت مسجد حمص فإذا أنا بفتى حوله الناس، جعد قطط، فإذا تكلم كأنما يخرج من فيه نور ولؤلؤ، فقلت من هذا قالوا معاذ بن جبل. وعن أبي مسلم الخولاني قال: أتيت مسجد دمشق فإذا حلقة فيها كهول من أصحاب محمد وإذا شاب فيهم أكحل العين براق الثنايا كلما اختلفوا في شيء ردوه إلى الفتى قال: قلت لجليس لي من هذا؟ قالوا هذا معاذ بن جبل. وعن الواقدي عن أشياخ له قالوا: كان معاذ رجلا طَوَالا أبيض حسن الشعر عظيم العينين مجموع الحاجبين جعدا قططا.

    ثناء رسول الله على معاذ

    عن أنس قال: قال رسول الله: [أعلم أمتي بالحلال والحرام معاذ بن جبل] رواه الإمام أحمد. وعن عاصم بن حميد عن معاذ بن جبل قال: لما بعثه رسول الله إلى اليمن خرج معه رسول الله يوصيه ومعاذ راكب ورسول الله يمشي تحت راحلته، فلما فرغ قال: يا معاذ، إنك عسى ألا تلقاني بعد عامي هذا، ولعلك تمر بمسجدي هذا وقبري، فبكى معاذ خشعًا لفراق رسول الله، ثم التفت فأقبل بوجهه نحو المدينة فقال: إن أولى الناس بي المتقون من كانوا وحيث كانوا.

    قابله النبي ذات يوم، وقال له: (يا معاذ، إني لأحبك في الله) قال معاذ: وأنا والله يا رسول الله، أحبك في الله. فقال (: (أفلا أعلمك كلمات تقولهن دبر كل صلاة: رب أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك). [أبو داود والنسائي والحاكم]. حتى قال عنه النبي : (استقرئوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة، وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل) [متفق عليه].

    زهده

    عن مالك الداري أن عمر بن الخطاب أخذ أربعمائة دينار فجعلها في صرة فقال للغلام اذهب بها إلى أبي عبيدة بن الجراح ثم تَلَهَّ ساعةً في البيت حتى تنظر ما يصنع، فذهب الغلام قال: يقول لك أمير المؤمنين اجعل هذه في بعض حاجتك، قال: وصله الله ورحمه، ثم قال: الله يا جارية اذهبي بهذه السبعة إلى فلان، وبهذه الخمسة إلى فلان، وبهذه الخمسة إلى فلان حتى أنفذها، فرجع الغلام إلى عمر فأخبره فوجده قد أعد مثلها لمعاذ بن جبل فقال: اذهب بها إلى معاذ بن جبل وتَلَهَّ في البيت ساعة حتى تنظر ما يصنع، فذهب بها إليه، قال: يقول لك أمير المؤمنين اجعل هذه في بعض حاجتك، فقال: ووصله، الله يا جارية اذهبي إلى بيت فلان بكذا، اذهبي إلى بيت فلان بكذا، فاطلعت امرأته فقالت: ونحن والله مساكين فأعطنا، ولم يبق في الخرقة إلا ديناران فدحا (فدفع) بهما إليها، فرجع الغلام إلى عمر فأخبره بذلك فقال: إنهم إخوة بعضهم من بعض..

    مواعظه وكلامه

    عن أبي إدريس الخولاني أن معاذ بن جبل قال إن من ورائكم فتنا يكثر فيها المال ويفتح فيها القرآن حتى يقرأه المؤمن والمنافق والصغير والكبير والأحمر والأسود فيوشك قائل أن يقول ما لي أقرأ على الناس القرآن فلا يتبعوني عليه فما أظنهم يتبعوني عليه حتى أبتدع لهم غيره إياكم وإياكم وما ابتدع، فإن ما ابتدع ضلالة وأحذركم زيغة الحكيم فإن الشيطان يقول علي في الحكيم كلمة الضلالة، وقد يقول المنافق كلمة الحق فاقبلوا الحق فإن على الحق نورًا، قالوا: وما يدرينا رحمك الله أن الحكيم قد يقول كلمة الضلالة؟ قال هي كلمة تنكرونها منه وتقولون ما هذه فلا يثنكم فإنه يوشك أن يفيء ويراجع بعض ما تعرفون.

    عن عبد الله بن سلمة قال: قال رجل لمعاذ بن جبل: علمني، قال وهل أنت مطيعي قال: إني على طاعتك لحريص قال: صم وأفطر، وصل ونم، واكتسب ولا تأثم، ولا تموتن إلا وأنت مسلم، وإياك ودعوة المظلوم. وعن معاوية بن قرة قال: قال معاذ بن جبل لابنه: يا بني، إذا صليت فصل صلاة مودع لا تظن أنك تعود إليها أبدًا واعلم يا بني أن المؤمن يموت بين حسنتين: حسنة قدمها وحسنة أخرها. وعن أبي إدريس الخولاني قال: قال معاذ: إنك تجالس قومًا لا محالة يخوضون في الحديث، فإذا رأيتهم غفلوا فارغب إلى ربك عند ذلك رغبات. رواهما الإمام أحمد. وعن محمد بن سيرين قال: أتى رجل معاذ بن جبل ومعه أصحابه يسلمون عليه ويودعونه فقال: إني موصيك بأمرين إن حفظتهما حُفِظْتَ إنه لا غنى بك عن نصيبك من الدنيا وأنت إلى نصيبك من الآخرة أفقر، فآثر من الآخرة على نصيبك من الدنيا حتى ينتظمه لك انتظاما فتزول به معك أينما زلت. عن الأسود بن هلال قال: كنا نمشي مع معاذ فقال: اجلسوا بنا نؤمن ساعة.

    وعن أشعث بن سليم قال: سمعت رجاء بن حيوة عن معاذ بن جبل قال: ابتليتم بفتنة الضراء فصبرتم، وستبتلون بفتنة السراء، وأخوف ما أخاف عليكم فتنة النساء إذا تسورن الذهب ولبسن رياط الشام وعصب اليمن فأتعبن الغني وكلفن الفقير ما لا يجد

    مرضه ووفاته

    عن عبد الله بن رافع قال لما أصيب أبو عبيدة في طاعون عمواس استخلف على الناس معاذ بن جبل واشتد الوجع فقال الناس لمعاذ ادع الله أن يرفع عنا هذا الرجز فقال إنه ليس برجز ولكنه دعوة نبيكم، وموت الصالحين قبلكم وشهادة يختص الله بها من يشاء من عباده منكم، أيها الناس أربع خلال من استطاع منكم أن لا يدركه شيء منها فلا يدركه شيء منها، قالوا وما هن قال يأتي زمان يظهر فيه الباطل ويصبح الرجل على دين ويمسي على آخر، ويقول الرجل والله لا أدري علام أنا؟ لا يعيش على بصيرة ولا يموت على بصيرة، ويعطى الرجل من المال مال الله على أن يتكلم بكلام الزور الذي يسخط الله، اللهم آت آل معاذ نصيبهم الأوفى من هذه الرحمة، فطعن ابناه فقال: كيف تجدانكما؟ قالا: يا أبانا {الحق من ربك فلا تكونن من الممترين} قال: وأنا ستجداني إن شاء الله من الصابرين، ثم طعنت امرأتاه فهلكتا وطعن هو في إبهامه فجعل يمسها بفيه ويقول: اللهم إنها صغيرة فبارك فيها فإنك تبارك في الصغيرة حتى هلك.

    اتفق أهل التاريخ أن معاذًا مات في طاعون عمواس بناحية الأردن من الشام سنة ثماني عشرة، واختلفوا في عمره على قولين: أحدهما: ثمان وثلاثون سنة، والثاني: ثلاث وثلاثون.

    #1438888

    الزبير بن العوام رضي الله عنه

    نسبه

    الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد، أبو عبد الله(594م-*)،. ولد سنة 28 قبل الهجرة، وأسلم وعمره خمس عشرة سنة، كان ممن هاجر إلى الحبشة، وهاجر إلى المدينة، تزوج أسماء بنت أبي بكر. كان خفيف اللحية أسمر اللون، كثير الشعر، طويلاً. كان من السبعة الأوائل في الإسلام. أمه صفية بنت عبد المطلب بن عبد مناف، عمة رسول الإسلام. عمته السيدة خديجة أم المؤمنين.

    شهد بدراً وجميع غزوات الرسول مع الرسول وكان ممن بعثهم عمر بن الخطاب بمدد إلى عمرو بن العاص في فتح مصر وقد ساعد ذلك المسلمين كثيراً لما في شخصيته من الشجاعة والحزم. ولما مات عمر بن الخطاب على يد أبي لؤلؤة كان الزبير من الستة أصحاب الشورى الذين عهد عمر إلى أحدهم بشئون الخلافة من بعده.

    أبوه : العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة عامر بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. والعوام هذا أخو أم المؤمنين خديجة بنت خويلد.

    أمه الصحابية الجليلة : صفية بنت عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة عامر بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. وهي عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وشقيقة سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب.

    جهاده

    بدات معركة أحد وكان وقودها الأول حملة لواء اهل مكة بني عبدالدار، فخرج طلحة بن اب طلحة وكان شديد الباس قوي البنية، فتقدم على جمل وسط الميدان ونادى للمبارزه، فلم يخرج أحد وساد صمت شديد، فوثب له الزبير بن العوام قبل أن ينيخ جمله حتى صار معه على الجمل ثم اسقطه ارضا وذبحه من رقبته، فكبر وكبر معه الرسول والمسلمون.

    تبارز في خيبر مع ياسر اليهودي أخو مرحب الذي صرعه علي لما قتل علي بن ابي طالب مرحب بطل خيبر من يهود، خرج اخوه ياسر للمبارزة فخرج له الزبير فقالت أمه صفية عمة الرسول: إذ يُقتل الزبير ابني، فقال الرسول: بل ابنك يقتله، وفعلا صرع الزبيرُ ياسرا.

    حدثت فتنة بين الزبير بن العوام وعلي بن أبى طالب وكان بجانبه طلحة بن عبيد الله وعائشة بنت أبي بكر ولما ذكره علي بن ابي طالب قائلا يا زبير اتذكر يوم مررت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بني غنم فنظر إلي فضحك وضحكت اليه، فقلت ك لا يدع ابن ابي طالب زهوه، فقال لك رسول الله: صه، انه ليس به زهو ولتقاتلنه وأنت ظالم له

    قتله غدرا رجل يدعى عمرو بن جرموز، وقد توعد النبي قاتله بالنار. وقد دفن الزبير في أطراف البصرة في موضع يسمى اليوم باسمه.

    أبناؤه

    كان يسمي أبناءه بأسماء الشهداء وهم: عبد الله، جعفر، عبيدة، عمرو، خالد، عروة، المنذر،مصعب، عاصم، حمزة

    #1438891
    سعيد بن المسيب رضي الله عنه

    حياته في عبارات موجزة :-

    أما أبو محمد سعيد بن المسيب بن حزن المخزومي؛ كان من الممتحنين، امتحن فلم تأخذه في الله لومة لائم، صاحب عبادة وجماعة وعفة وقناعة، وكان كاسمه بالطاعات سعيداً، ومن المعاصي والجهالات بعيداً.

    مفهومه للعبادة :-

    عن بكر بن خنيس، قال: قلت لسعيد بن المسيب وقد رأيت أقواماً يصلون ويتعبدون: يا أبا محمد ألا تتعبد مع هؤلاء القوم? فقال لي: يا ابن أخي إنها ليست بعبادة، قلت له: فما التعبد يا أبا محمد? قال: التفكر في أمر الله والورع عن محارم الله وأداء فرائض الله تعالى.
    عن صالح بن محمد بن زائدة: أن فتية من بني ليث كانوا عباداً وكانوا يروحون بالهاجرة إلى المسجد ولا يزالون يصلون حتى يصلي العصر، فقال صالح لسعيد: هذه هي العبادة لو نقوى على ما يقوى عليه هؤلاء الفتيان، فقال سعيد: ما هذه العبادة ولكن العبادة التفقه بالدين والتفكر في أمر الله تعالى

    حرصه على الصلاة في جماعة :-.

    عن سعيد بن المسيب، قال: من حافظ على الصلوات الخمس في جماعة فقد ملأ البر والبحر عبادة.
    عن سعيد بن المسيب: أنه اشتكى عينيه فقيل له: يا أبا محمد، لو خرجت إلى العقيق فنظرت إلى الخضرة فوجدت ريح البرية لنفع ذلك بصرك، فقال سعيد: فكيف أصنع بشهود العتمة والصبح?.
    عن سعيد بن المسيب أنه قال: ما فاتتني الصلاة في الجماعة منذ أربعين سنة.
    حدثنا سفيان بن أبي سهل وهو عثمان بن أبي حكيم قال: سمعت سعيد بن المسيب، يقول: ما أذن المؤذن منذ ثلاثين سنة إلا وأنا في المسجد.
    عن ميمون بن مهران: أن سعيد بن المسيب مكث أربعين سنة لم يلق القوم قد خرجوا من المسجد وفرغوا من الصلاة.
    عن برد مولى بن المسيب، قال: ما نودي للصلاة منذ أربعين سنة إلا وسعيد في المسجد.
    عن إسماعيل بن أمية، عن سعيد بن المسيب، قال: ما دخل على وقت صلاة إلا وقد أخذت أهبتها، ولا دخل على قضاء فرض إلا وأنا إليه مشتاق.
    عن قتادة، قال: قال سعيد بن المسيب ذات يوم: ما نظرت في أقفاء قوم سبقوني بالصلاة منذ عشرين سنة.
    عن الأوزاعي، قال: كانت لسعيد بن المسيب فضيلة لا نعلمها كان لأحد من التابعين، لم تفته الصلاة في جماعة أربعين سنة عشرين منها لم ينظر في أقفية الناس.
    حدثنا عبد المنعم بن إدريس، عن أبيه، قال: صلى سعيد بن المسيب الغداة بوضوء العتمة خمسين سنة. وقال سعيد بن المسيب: ما فاتتني التكبيرة الأولى منذ خمسين سنة، وما نظرت في قفا رجل في الصلاة منذ خمسين سنة.
    حدثنا خالد بن داود يعني بن أبي هند عن سعيد بن المسيب، قال: وسألته ما يقطع الصلاة? قال: الفجور ويسترها التقوى

    حرصه على الصوم :-.

    حدثنا يزيد بن أبي حازم: أن سعيد بن المسيب كان يسرد الصوم.

    حرصه على الحج :-

    عن ابن حرملة، قال: سمعت سعيد بن المسيب يقول: لقد حججن أربعين حجة

    نظرته إلى النفس :-.

    حدثنا عمران بن عبد الله بن طلحة الخزاعي، قال: أن نفس سعيد بن المسيب كانت أهون عليه في ذات الله من نفس ذباب. أعطاهم حدثنا الحسن بن عبد الله بن سعيد، قال: حدثنا محمد بن عمرو بن سعيد البصري، قال: حدثنا محمد بن زكريا، قال: حدثنا عبد الله بن محمد،، قال: حدثنا سعيد بن المسيب، قال: ما أكرمت العباد أنفسها بمثل طاعة الله عز وجل، ولا أهانت أنفسها بمثل معصية الله، وكفى بالمؤمن نصرة من الله أن يرى عدوه يعمل بمعصية الله.
    حدثنا ابن وهب، قال: أخبرني ابن جريج أن عبيد الله بن عبد الرحمن أخبره، أنه سمع سعيد بن المسيب، يقول: يد الله فوق عباده فمن رفع نفسه وضعه الله، ومن وضعها رفعه الله. الناس تحت كنفه يعملون أعمالهم فإذا أراد الله فضيحة عبد أخرجه من تحت كنفه فبدت للناس عورته

    خشيته من الله :-.

    عن يحيى بن سعيد: أن سعيد بن المسيب كان يكثر أن يقول في مجلسه اللهم سلم سلم.

    حرصه على قراءة القرآن :-

    عن ابن حرملة، قال: حفظت صلاة ابن المسيب وعمله بالنهار، فسألت مولاه عن عمله بالليل، فأخبرني فقال: وكان لا يدع أن يقرأ بصاد والقرآن كل ليلة، فسألته عن ذلك فأخبرني فقال: أن رجلاً من الأنصار صلى إلى شجرة فقرأ بصاد فلما مر بالسجدة سجد وسجدت الشجرة معه فسمعها تقول: اللهم أعطني بهذه السجدة أجراً، وضع عني بها وزراً، وارزقني بها شكراً، وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود.

    حرصه على الدعوة إلى الله :-.

    أخبرنا علي بن زيد بن جدعان، قال: قيل لسعيد بن المسيب: ما شأن الحجاج لا يبعث إليك ولا يهيجك ولا يؤذيك، قال: والله لا أدري غير أنه صلى ذات يوم مع أبيه صلاة فجعل لا يتم ركوعها ولا سجودها فأخذت كفاً من حصباء فصحبته بها. قال الحجاج: فما زلت أحسن الصلاة

    تفسيره للقرآن الكريم :-.

    عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب أنه كان للأوابين غفوراً، قال: الذي يذنب ثم يتوب ثم يذنب ثم يتوب ولا يعود في شيء قصداً. .

    خوفه من فتنة النساء :-.

    عن علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب، أنه قال: قد بلغت ثمانين سنة وما شيء أخوف عندي من النساء.
    عن ابن زيد، عن سعيد بن المسيب أنه قال: قد بلغت ثمانين سنة ولا شيء أخوف عندي من النساء وكان بصره قد ذهب.
    عن علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب قال: ما أيس من الشيطان من شيء إلا أتاه من قبل النساء، وقال: أخبرنا سعيد وهو ابن أربع وثمانين وقد ذهبت إحدى عينيه وهو يعشو بالأخرى: ما شيء أخوف عندي من النساء.

    نظرته للزواج والمهر :-.

    عن إبراهيم ابن عبد الله الكتاني، أن سعيد بن المسيب زوج ابنته بدرهمين.
    عن ابن أبي وداعة، قال: كنت أجالس سعيد بن المسيب ففقدني أياماً فلما جئته قال: أين كنت? قال: توفيت أهلي فاشتغلت بها، فقال: ألا أخبرتنا فشهدناها، قال: ثم أردت أن أقوم فقال: هل استحدثت امرأة، فقلت: يرحمك الله ومن يزوجني وما أملك إلا درهمين أو ثلاثة، فقال: أنا، فقلت: أو تفعل، قال: نعم، ثم حمد الله تعالى وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم وزوجني على درهمين أو قال: ثلاثة قال: فقمت ولا أدري ما أصنع من الفرح فصرت إلى منزلي وجعلت أتفكر ممن آخذ وممن أستدين فصليت المغرب وانصرفت إلى منزلي واسترحت وكنت وحدي صائماً فقدمت عشائي أفطر كان خبزاً وزيتاً، فإذا بآت يقرع، فقلت: من هذا? قال: سعيد، قال: فتفكرت في كل إنسان اسمه سعيد إلا سعيد بن المسيب فإنه لم ير أربعين سنة إلا بين بيته والمسجد فقمت فخرجت فإذا سعيد بن المسيب فظننت أنه بدا له، فقلت: يا أبا محمد إلا أرسلت إلي فآتيك، قال: لأنت أحق أن يؤتى، قال: قلت: فما تأمر، قال: إنك كنت رجلاً عزباً فتزوجت فكرهت أن تبيت الليلة وحدك وهذا امرأتك فإذا هي قائمة من خلفه في طوله، ثم أخذها بيدها فدفعها بالباب ورد بالباب فسقطت المرأة من الحياء فاستوثقت من الباب ثم قدمتها إلى القصة التي فيها الزيت والخبز فوضعتها في ظل السراج لكي لا تراه ثم صعدت إلى السطح فرميت الجيران، فجاءوني فقالوا: ما شأنك? قلت: ويحكم زوجني سعيد بن المسيب ابنته اليوم وقد جاء بها على غفلة، فقالوا: سعيد بن المسيب زوجك? قلت: نعم، وهاهي في الدار، قال: فنزلوا هم إليها وبلغ أمي فجاءت، وقالت: وجهي من وجهك حرام إن مسستها قبل أن أصلحها إلى ثلاثة أيام، قال: فأقمت ثلاثة أيام ثم دخلت بها فإذا هي من أجمل الناس، وإذا هي من أحفظ الناس لكتاب الله وأعلمهم لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعرفهم بحق الزوج، قال: فمكثت شهراً لا يأتيني سعيد ولا آتيه، فلما كان قرب الشهر أتيت سعيداً وهو في حلقته فسلمت عليه فرد علي السلام ولم يكلمني حتى تقوض أهل المجلس فلما لم يبق غيري، قال: ما حال ذلك الإنسان، قلت: خيراً يا أبا محمد على ما يحب الصديق ويكره العدو، قال: إن رابك شيء فالعصا فانصرفت إلى منزلي فوجه إلي بعشرين ألف درهم، قال عبد الله بن سليمان: وكانت بنت سعيد بن المسيب خطبها عبد الملك بن مروان لابنه الوليد بن عبد الملك حين ولاه العهد فأبى سعيد أن يزوجه فلم يزل عبد الملك يحتال على سعيد حتى ضربه مائة سوط في يوم بارد وصب عليه جرة ماء وألبسه جبة صوف. قال عبد الله: وابن أبي وداعة هذا هو كثير بن عبد المطلب بن أبي وداعة

    هو والدعاء :-.

    حدثنا الهيثم بن علي، قال: حدثنا يحيى بن سعيد بن المسيب، قال سعيد: دخلت المسجد ليلة أضحيان، قال: وأظن أن قد أصبحت فإذا الليل على حاله فقمت أصلي فجلست أدعو فإذا هاتف يهتف من خلفي يا عبد الله قل، ما أقول? قال: قل: اللهم إني أسألك بأنك مالك الملك وأنك على كل شيء قدير وما تشأ من أمر يكن . قال سعيد: فما دعوت بها قط بشيء إلا رأيت نجحه

    أدبه مع رسول الله :-.

    حدثنا يعقوب بن المسيب، قال: دخل المطلب بن حنظب على سعيد بن المسيب في مرضه وهو مضطجع فسأله عن حديث، فقال: أقعدوني فأقعدوه، قال: إني أكره أن أحدث حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مضطجع

    هو والحاكم في عصره :-

    عن ميمون بن مهران: أن عبد الملك بن مروان قدم المدينة فاستيقظ من قائلته فقال لحاجبه: انظر هل ترى في المسجد أحداً من حداثي فلم يرى فيه إلا سعيد بن المسيب، فأشار إليه بإصبعه فلم يتحرك سعيد، ثم أتاه الحاجب فقال: ألم ترى أني أشير إليك? قال: وما حاجتك? فقال: استيقظ أمير المؤمنين، فقال: انظر هل ترى في المسجد أحداً من حداثي، فقال إليه سعيد، لست من حداثه، فخرج الحاجب فقال: ما وجدت في المسجد إلا شيخاً أشرت إليه فلم يقم، قلت له: إن أمير المؤمنين استيقظ وقال لي انظر هل ترى أحداً من حداثي، قال: إني لست من حداث أمير المؤمنين. قال عبد الملك بن مروان: ذلك سعيد بن المسيب دعه
    حدثنا عمران بن عبد الله، قال: دعي سعيد بن المسيب للبيعة للوليد وسليمان بعد عبد الملك بن مروان، قال: فقال: لا أبايع اثنين ما اختلف الليل والنهار، قال: فقيل: أدخل من الباب وأخرج من الباب الآخر، قال: والله لا يقتدي بي أحد من الناس، قال: فجلده مائة وألبسه المسوح
    عن أبي عيسى الخراساتي، عن سعيد بن المسيب، قال: لا تملئوا أعينكم من أعوان الظلمة إلا بإنكار من قلوبكم لكي لا تحبط أعمالكم الصالحة.
    .
    حدثنا رجاء بن جميل الأيلي، قال: قال عبد الرحمن بن عبد القارئ لسعيد بن المسيب حين قدمت البيعة للوليد وسليمان بالمدينة بعد موت أبيهما: إني مشير عليك بخصال ثلاث، قال: وما هي? قال: تغير مقامك فإنك هو وحيث يراك هشام بن إسماعيل، قال: ما كنت لأغير مقاماً قمته منذ أربعين سنة، قال: تخرج معتمراً، قال: ما كنت لأنفق مالي وأجهد بدني في شيء ليس له فيه نية، قال: فما الثالثة? قال: تبايع، قال: أرأيت إن كان الله أعمى قلبك كما أعمى بصرك فما علي? قال وكان أعمى، قال رجاء: فدعاه هشام إلى البيعة فأبى فكتب فيه إلى عبد الملك فكتب إليه عبد الملك: مالك ولسعيد ما كان علينا منه شيء نكرهه فأما إذ فعلت فاضربه ثلاثين سوطاً وألبسه تبان شعر وأوقفه للناس لئلا يقتدي به الناس. فدعاه هشام فأبى وقال: لا أبايع لاثنين، قال: فضربه ثلاثين سوطاً وألبسه تبان شعر وأوقفه للناس، قال رجاء: حدثني الأيليون الذين كانوا في الشرط بالمدينة، قالوا: علمنا أنه لا يلبس التبان طائعاً، قلنا: يا أبا محمد إنه القتل فاستر عورتك، قال: فلبسه، فلما ضرب قلنا له: إنا خدعناك، قال: يا معجلة أهل أيلة لولا أني ظننت أنه القتل ما لبسته. لفظ الحسن بن عبد العزيز.
    عن هشام بن زيد، قال: رأيت سعيد بن المسيب حين ضرب في تبان من شعر.
    عن قتادة، قال: أتيت سعيد بن المسيب وقد ألبس تبان شعر وأقيم في الشمس، فقلت لقائدي: أدنني منه فأدناني منه فجعلت أسأله خوفاً من أن يفوتني وهو يحييني حسبة والناس يتعجبون.
    عن يحيى بن سعيد، قال: كتب والي المدينة إلى عبد الملك بن مروان أن أهل المدينة قد أطبقوا على البيعة للوليد وسليمان إلا سعيد بن المسيب، فكتب أن أعرضه عن السيف فإن مضى وإلا فاجلده خمسين جلدة وطف به أسواق المدينة فلما قدم الكتاب على الوالي دخل سليمان بن يسار وعروة بن الزبير وسالم بن عبد الله على سعيد بن المسيب، فقالوا: إنا قد جئناك في أمر قد قدم فيك كتاب من عبد الملك بن مروان إن لم تبايع ضربت عنقك، ونحن نعرض عليك خصالاً ثلاثاً فأعطنا إحداهن فإن الوالي قد قبل منك أن يقرأ عليك الكتاب فلا تقل لا ولا نعم، قال: فيقول الناس بايع سعيد بن المسيب. ما أنا بفاعل، قال: وكان إذا قال لا لم يطيقوا عليه أن يقول نعم، قال: مضت واحدة وبقيت اثنتان قالوا: فتجلس في بيتك فلا تخرج إلى الصلاة أياماً فإنه يقبل منك إذا طلبت في مجلسك فلم يجدك، قال: وأنا أسمع الأذان فوق أذني حي على الصلاة حي على الفلاح ما أنا بفاعل، قالوا مضت اثنتان وبقيت واحدة قالوا: فانتقل من مجلسك إلى غيره فإنه يرسل إلى مجلسك فإن لم يجدك أمسك عنك، قال: فرقا لمخلوق ما أنا بمتقدم لذلك شبراً، ولا متأخر شبراً، فخرجوا وخرج إلى الصلاة صلاة الظهر فجلس في مجلسه الذي كان يجلس فيه فلما صلى الوالي بعث إليه فأتى به فقال: إن أمير المؤمنين كتب يأمرنا إن لم تبايع ضربنا عنقك، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيعتين. فلما رآه لا يجيب أخرج إلى السدة فمدت عنقه وسلت عليه السيوف فلما رآه قد مضى أمر به فجرد فإذا عليه تبان شعر، فقال: لو علمت أني لا أقتل ما اشتهرت بهذا التبان فضربه به خمسين سوطاً ثم طاف به أسواق المدينة فلما رده والناس منصرفون من صلاة العصر، قال: إن هذه لوجوه ما نظرت إليها منذ أربعين سنة قال محمد بن القاسم: وسمعت شيخنا يزيد في حديث سعيد بإسناد لا أحفظه أن سعيداً لما جرد ليضرب، قالت له امرأة: لما جرد ليضرب إن هذا لمقام الخزي، فقال لها سعيد: من مقام الخزي فررنا.
    عن عبد الله بن القاسم، قال: جلست إلى سعيد بن المسيب فقال إنه قد نهي عن مجالستي، قال: قلت: إني رجل غريب، قال: إنما أحببت أن أعلمك
    عن عبد الرحمن بن حرملة، قال: ما كان إنسان يجترئ على سعيد بن المسيب يسأله عن شيء حتى يستأذنه كما يستأذن الأمير.

    نظرته إلى الدنيا والمال :-.

    حدثنا سفيان بن عيينة، قال: قال سعيد بن المسيب: أن الدنيا نذلة، وهي إلى كل نذل أميل، وأنذل منها من أخذها بغير حقها، وطلبها بغير وجهها، ووضعها في غير سبيلها.
    حدثني يحيى بن سعيد، قال: سمعت سعيد بن المسيب، يقول: لا خير فيمن لا يريد جمع المال من حله يعطي منه حقه ويكف به وجه عن الناس.
    عن يحيى ابن سعيد، عن سعيد بن المسيب، قال: لا خير فيمن لا يحب هذا المال يصل به رحمه ويؤدي به أمانته ويستغني به عن خلق ربه.
    عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب: أنه مات وترك ألفين أو ثلاثة آلاف دينار وقال: ما تركتها إلا لأصون بها ديني وحسبي.
    رواه الثوري عن يحيى بن سعيد، عن سعيد، وقال: ترك مائة دينار، وقال: أصون بها ديني وحسبي.
    عن محمد بن عبد الله بن أخي الزهري، عن عمه، عن سعيد المسيب، قال: من استغنى بالله افتقر الناس إليه.
    حدثنا علي بن زيد، قال: رآني سعيد بن المسيب وعلي جبة خز، فقال: إنك لجيد الجبة، قلت: وما تغني عني وقد أفسدها علي سالم، فقال سعيد: أصلح قلبك والبس ما شئت.

    ومن مسانيد حديثه:

    عن سعيد بن المسيب، قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه على هذا المنبر يعني منبر المدينة إني أعلم أقواماً سيكذبون بالرجم، ويقولون: ليس في القرآن ولو لا أني أكره أن أزيد في القرآن لكتبت في آخر ورقة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رجم ورجم أبو بكر وأنا رجمت، رواه يحيى بن سعيد، عن سعيد مثله.
    أخبرنا يحيى بن سعيد أنه سمع سعيد بن المسيب يذكر أن عمر، قال: إياكم أن تهلكوا عن آية الرجم فذكر نحوه.
    عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أول ما يرفع من الأمة الأمانة وآخر ما يبقى الصلاة ورب مصل لا خير فيه .
    حدثنا عبد الله بن عبد الله الأموي، قال: حدثنا الحسن بن الحر، قال: سمعت يعقوب بن عتبة بن الأخنس، يقول: سمعت سعيد بن المسيب، يقول: سمعت عمر بن الخطاب، يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: من اعتز بالعبيد أزله الله .
    عن ابن شهاب الزهري، عن أحمد بن المسيب، عن عثمان بن عفان، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: إذا سمعتم النداء فقوموا فإنها عزمة من الله .
    عن علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب، عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، أنه قال لفاطمة رضي الله تعالى عنها: ما خير للنساء? قالت: أن لا يرين الرجال ولا يروهن، فذكره للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: إنما فاطمة بضعة مني .
    عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: من اتقى الله عاش قوياً وسار في بلاده آمناً .
    عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أدخل فرساً بين فرسين وهو لا يأمن أن يسبق فهو قمار .
    عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن عمار بن ياسر، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: حسن الخلق خلق الله الأعظم .
    عن الزهري، عن سعيد ابن المسيب، عن أبي بن كعب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال لي جبريل لبيك الإسلام على موت عمر رضي الله تعالى عنه .
    حدثنا الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن عائشة رضي الله تعالى عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن لكل شيء شرفاً يتباهون به وإن بهاء أمتي وشرفها القرآن .

    #1438892
    عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه

    نسبه

    عبد الرحمن بن عوف الزهري القرشي، الصحابي الشهير، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، وخؤولة رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولد بعد عام الفيل بعشر سنين فهو أصغر من النبي صلى الله عليه وسلم بعشر سنين. وكان ابن عوف سيّد ماله ولم يكن عبده، ولقد بلغ من سعة عطائه وعونه أنه كان يقال:أهل المدينة جميعا شركاء لابن عوف في ماله، ثلث يقرضهم، وثلث يقضي عنهم ديونهم، وثلث يصلهم ويعطيهم.

    قصته

    كان عبد الرحمن بن عوف من المسلمين الذين هاجروا إلى الحبشة ثم هاجر إلى المدينة
    عن إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ، قال :

    كُنَّا نَسِيْرُ مَعَ عُثْمَانَ فِي طَرِيْقِ مَكَّةَ، إِذْ رَأَى عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ عَوْفٍ، فَقَالَ عُثْمَانُ: مَا يَسْتَطِيْعُ أَحَدٌ أَنْ يَعْتَدَّ عَلَى هَذَا الشَّيْخِ فَضْلاً فِي الهِجْرَتَيْنِ جَمِيْعاً.

    وَلَمَّا هَاجَرَ إِلَى المَدِيْنَةِ كَانَ فَقِيْراً لاَ شَيْءَ لَهُ، فَآخَى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بنِ الرَّبِيْعِ، أَحَدِ النُّقَبَاءِ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ أَنْ يُشَاطِرَهُ نِعْمَتَهُ، وَأَنْ يُطَلِّقَ

    لَهُ أَحْسَنَ زَوْجَتَيْهِ.

    كَثُرَ مَال عبد الرحمن بن عوف حَتَّى قَدِمَتْ لَهُ سَبْعُ مَائَةِ رَاحِلَةٍ تَحْمِلُ البُرَّ وَالدَّقِيْقَ وَالطَّعَامَ، فَلَمَّا دَخَلَتْ سُمِعَ لأَهْلِ المَدِيْنَةِ رَجَّةٌ، فَبَلَغَ عَائِشَةَ، فَقَالَتْ:

    سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (عَبْدُ الرَّحْمَنِ لاَ يَدْخُلُ الجَنَّةَ إِلاَّ حَبْواً == حديث ضعيف لأن راوي الحديث عمارة هذا هو ابن زادان أبو سلمة الصيدلاني ضعيف الحديث. قال أحمد يروي عن ثابت عن أنس أحاديث مناكير وضعفه غير واحد من الأئمة. قال الدارقطني : ضعيف، وقال : أبو داود : ليس بذاك = وفي سند القصة أيضاً علي بن يزيد الألهاني، وهو ضعيف.

    منزلته عند النبي محمد صلى الله عليه وسلم

    كان عبد الرحمن كغيره من الصحابة السابقين الأولين الذين لم يدهشهم الغنى ذا منزلة عظيمة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    روى أحمد في مسنده عن أنس أنه كان بين خالد بن الوليد وعبد الرحمن كلام، فقال خالد: أتستطيلون علينا بأيام سبقتمونا بها!، فقال النبي محمد صلى الله عليه وسلم : دعوا لي أصحابي

    وذكر ابن سعد في الطبقات: (قال عبد الرحمن بن عوف: قطع لي رسول الله صلى الله عليه وسلم أرضاً بالشام يُقال لها السليل، فتوفي النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكتب لي بها كتابا، وإنما قال:إذا فتح الله علينا بالشام فهي لك

    منزلته عند الصحابة

    كان عمر بن الخطاب يرجع إليه في أمور كثيرة، ومما روي منها دخول البلد التي نزل بها الطاعون، وأخذ الجزية من المجوس، وكان عمر يقول: ((عبد الرحمن سيد من سادات المسلمين))، وكان عبد الرحمن أحد الستة الذين اختارهم عمر لخلافته، وأرتضاه الصحابة جميعاً حكماً بينهم لاختيار خليفة لعمر.

    روى ابن سعد في الطبقات بسنده عن المسور بن مخرمة (صحابي وابن أخت عبد الرحمن): بينما أنا أسير في ركب بين عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف، وعبد الرحمن قدامي عليه خميصة سوداء، فقال عثمان: من صاحب الخميصة السوداء؟ قالوا: عبد الرحمن بن عوف، فناداني عثمان يا مسور، قلت : لبيك أمير المؤمنين، فقال: ((من زعم أنه خير من خالك في الهجرة الأولى وفي الهجرة الثانية الآخرة فقد كذب)).

    أزواجه وأولاده

    كان له من الولد سالم الأكبر ومات في الجاهلية وأم القاسم وأمهم أم كلثوم بنت عتبة بن ربيعة.

    ومحمد وإبراهيم وإسماعيل وحميد وزيد وحميدة وأمة الرحمن الكبرى وأمهم أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط.

    ومعن وعمر وأمة الرحمن الصغرى أمهما سهلة بنت عاصم بن عدي.

    وعبد الله أمه بنت أبي الخشخاش.

    وعثمان وأمه غزال بنت كسرى.

    وأم يحيى أمها زينب بنت الصباح.

    وجويرية أمها بادنة بنت غيلان.

    وعروة الأكبر أمه بحرية بنت هانئ.

    وعبد الرحمن أمه أسماء بنت سلامة.

    وسالم الأصغر أبو سلمة الفقيه أمه تماضر بنت الأصبغ.

    سُهيل بن عبد الرحمن أمه مجد بنت يزيد.

    ومصعب وأمية ومريم وأمهم أم حريث من سبي بهراء.

    وأبو بكر أمه أم حكيم بنت قارظ.

    وعروة الأصغر ويحيى وبلال لأمهات أولاد.

    وفاته

    توفي عبد الرحمن سنة ثلاث وثلاثين للهجرة في بلاد الشام، وصلى عليه أمير المؤمنين الخليفة عثمان بن عفان، وأرادت أم المؤمنين أن تخُصَّه بشرف لم تخصّ به سواه، فعرضت عليه قبل وفاته أن يُدفن في حجرتها إلى جوار الرسول وأبي بكر وعمر، لكنه استحى أن يرفع نفسه إلى هذا الجوار، وطلب دفنه بجوار عثمان بن مظعون إذ تواثقا يوما أيهما مات بعد الآخر يدفن إلى جوار صاحبه.

    #1438893
    طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه

    نسبه ووصفه

    طلحة بن عُبيد الله بن عثمان القُرشي التَّيمي المكي ، تلا فيه الرسول صلي الله عليهم وسلم هذة الأية الكريمة من المؤمنين رجال صدقوا ماعاهدوا الله علية فمنهم من قضي نحبة ، ومنهم من ينتظر، وما بدلوا تبديلا، ثم استقبل وجوه الصحابة ، وقال وهو يشير الي طلحة : من اراد أن ينظر إلى شهيد يمشي على رجليه فلينظر إلى طلحة بن عبيدالله وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة.

    أبوه : عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة عامر بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.

    أمه : الصعبة بنت الحضرمي بن عبدة بن ضماد بن مالك من بني الصدف بن أسلم بن زيد بن مالك بن زيد بن حضرموت بن قحطان. وهي أخت الصحابي الجليل العلاء بن الحضرمي.

    قال أبوعبدالله بن منده كان رجلا آدم كثير الشعر ليس بالجعد القطط ولا بالسبط حسن الوجه إذا مشى أسرع ولا يغير شعره. وعن موسى بن طلحة قال كان أبي أبيض يضرب إلى الحمرة مربوعا إلى القصر هو أقرب رحب الصدر بعيد ما بين المنكبين ضخم القدمين إذا التفت التفت جميعا.

    إسلامه

    كان طلحه رضي الله عنه في تجاره بأرض البصرى حين لقي راهبا من خيار رهبانها ، وأنبأه ان النبي الذي سيخرج في مكة ، والذي تنبأ به الأنبياء الصالحون قد هل عصرة وأشرقت ايامة. ولم يرد طلحه ان بفوته هذ الموكب ، فإنه موكب الهدي والرحمه والإخلاص … وحين عاد طلحة الي بلدة مكة بعد شهور قضاها في بُصرَى وفي السفر ، فكل ما يلتقي بأحد أو بجماعه منهم يسمعهم يتحدثون عن محمد الأمين .. وعن الوحي الذي يأتيه .. وعن الرساله التي يحملها الي العرب خاصه ، والي الناس كافه.. وسال طلحة أول ما سأل عن أبو بكر الصديق فعلم انه عاد مع قافلته وتجارنه من وقت قريب ، وانه يقف الي جوار محمد صلي الله عليه وسلم مؤمنا اوابا … وحدث طلحة نفسه : محمد ، وابو بكر ….؟؟ تالله لا يجتمع الإثنان علي ضلاله أبدا ولقد بلغ محمد الأربعين من عمرة ، وما عهدنا عليه خللا هذا العمر كذبة واحده .. أفيكذب اليوم علي الله ، ويقول : إنة أرسلني وأرسل إلي وحيا …؟؟ هذا هو الذي يصعب تصديقه .. واسرع طلحه الخطي الي دار ابي بكر ..ولم يطل بينهم الحديث ، فقد كان شوقه الي لقاء الرسول صلي الله عليه وسلم ومبياعته أسرع من دقات قلبه … فصحبة أبو بكر الي الرسول عليه الصلاة والسلام ، حيث اسلم واخذ مكانه في القافله المباركه … وهكذاكان طلحة من المسلمين المبكرين …

    كنيته

    اعطاه رسول الله محمد صلي الله عليه وسلم عدة أسماء:

    في معركة أحد كناه بطلحة الخير.

    في غزوة ذي العشيرة كناه بطلحة الفياض.

    في غزوة خيبر كناه بطلحة الجود.

    وفاته

    روي عن علقمة بن وقاص الليثي قال: لما خرج طلحة والزبير وعائشة للطلب بدم عثمان عرجوا عن منصرفهم بذات عرق فاستصغروا عروة بن الزبير وأبا بكر بن عبد الرحمن فردوهما قال ورأيت طلحة وأحب المجالس إليه أخلاها وهو ضارب بلحيته على زوره فقلت يا أبا محمد إني أراك وأحب المجالس إليك أخلاها إن كنت تكره هذا الأمر فدعه فقال يا علقمة لا تلمني كنا أمس يدا واحدة على من سوانا فأصبحنا اليوم جبلين من حديد يزحف أحدنا إلى صاحبه ولكنه كان مني شيء في أمر عثمان مما لا أرى كفارته إلا سفك دمي وطلب دمه. قلت الذي كان منه في حق عثمان تأليب فعله باجتهاد ثم تغير عندما شاهد مصرع عثمان فندم على ترك نصرته رضي الله عنهما، وكان طلحة أول من بايع عليا أرهقه قتلة عثمان وأحضروه حتى بايع، قال البخاري حدثنا موسى بن أعين حدثنا أبو عوانة عن حصين في حديث عمرو بن جاوان قال التقى القوم يوم الجمل فقام كعب بن سور معه المصحف فنشره بين الفريقين وناشدهم الله والإسلام في دمائهم فما زال حتى قتل وكان طلحة أول قتيل وذهب الزبير ليلحق ببنيه فقتل.

    وروي عن يحيى القطان عن عوف حدثني أبو رجاء قال رأيت طلحة على دابته وهو يقول أيها الناس أنصتوا فجعلوا يركبونه ولا ينصتون فقال أف فراش النار وذباب طمع.

    قال ابن سعد أخبرني من سمع إسماعيل بن أبي خالد عن حكيم بن جابر قال: قال طلحة إنا داهنا في أمر عثمان فلا نجد اليوم أمثل من أن نبذل دماءنا فيه اللهم خذ لعثمان مني اليوم حتى ترضى.

    وروي عن وكيع حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن قيس قال رأيت مروان بن الحكم حين رمى طلحة يومئذ بسهم فوقع في ركبته فما زال ينسح حتى مات.

    وروي عن عبد الله بن إدريس عن ليث عن طلحة بن مصرف أن عليا انتهى إلى طلحة وقد مات فنزل عن دابته وأجلسه ومسح الغبار عن وجهه ولحيته وهو يترحم عليه وقال ليتني مت قبل هذا اليوم بعشرين سنة.

    وروى زيد بن أبي أنيسة عن محمد بن عبد الله من الأنصار عن أبيه أن عليا قال بشروا قاتل طلحة بالنار.

    وروي عن عن أبي حبيبة مولى لطلحة قال دخلت على علي مع عمران بن طلحة بعد وقعة الجمل فرحب به وأدناه ثم قال إني لأرجو أن يجعلني الله وأباك ممن قال فيهم ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين (الحجر:15) فقال رجلان جالسان أحدهما الحارث الأعور الله أعدل من ذلك أن يقبلهم ويكونوا إخواننا في الجنة قال قوما أبعد أرض وأسحقها فمن هو إذا لم أكن أنا وطلحة يا ابن أخي إذا كانت لك حاجة فائتنا.

    وروي عن اسحاق بن يحيى عن جدته سعدى بنت عوف قالت قتل طلحة وفي يد خازنه ألف ألف درهم ومائتا ألف درهم وقومت أصوله وعقاره ثلاثين ألف ألف درهم.

    وكان قتله في سنة ست وثلاثين في جمادي الآخرة وقيل في رجب وهو ابن ثنتين وستين سنة أو نحوها وقبره بظاهر البصرة.

    قال يحيى بن بكير وخليفة بن خياط وأبو نصر الكلاباذي إن الذي قتل طلحة مروان بن الحكم ولطلحة أولاد نجباء أفضلهم محمد السجاد كان شابا خيرا عابدا قانتا لله ولد في حياة النبي (صلى الله عليه وسلم) قتل يوم الجمل أيضا فحزن عليه علي وقال صرعه بره بأبيه.

    #1438894

    عبد الله بن الزبير رضي الله عنه

    نسبه

    عبد الله بن الزبير هو عبد الله بن الزبير بن العوام بن خويلد الأسدي القرشي (2 هـ- 73هـ)، وأبوه الصحابي الزبير بن العوام، وأمه أسماء بنت أبي بكر الصديق ، وكنيته أبو بكر وأبو خبيب.

    أبوه: الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة عامر بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. والزبير هو حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    أمه: أسماء بنت عبد الله بن أبي قحافة عثمان بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم القرشي، أبوها أبو بكر بن أبي قحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. وهي بنت خير الخلق بعد الأنبياء أبي بكر الصديق وأخت أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر.

    نشأته

    ولد ابن الزبير في قباء في السنة الثانية من الهجرة وهو أول مولود من المهاجرين في المدينة. يعد من صغار الصحابة، وله ذكر في كتب الحديث الشريف، حيث روى في مسنده ثلاثة وثلاثين حديثاً. وكان ممن روى عنهم والده وجده لأمه وخالته السيدة عائشة أم المؤمنين ا ووالدته وغيرهم، وروى عنه أبناؤه وأحفاده وجماعة من التابعين. فرح المسلمون بمولده لأنه أبطل مزاعم اليهود القاطنين بالمدينة، فقد زعموا أنهم سحروا للمسلمين حتي لا يولد لهم أي مولود ذكرا ابدا.

    حياته ومآثره

    كان عالماً زاهداً روي عنه أنه قسم الدهر إلى ثلاث ليال: ليلة هو قائم حتى الصباح وليلة هو راكع حتى الصباح وليلة هو ساجد حتى الصباح، وعن مجاهد: أن عبد الله بن العباس ما قال عنه: «’قارئ لكتاب الله عفيف في الإسلام، وجده أبو بكر، وعمته خديجة، وخالته عائشة وجدته صفية، والله إني لأحاسب نفسي محاسبة لم أحاسب به لأبي بكر وعمر’» وقال عنه مجاهد: ما كان باب من العبادة يعجز عنه الناس إلا تكفله ابن الزبير وكان يسمى حمامة المسجد، وعائذ بيت الله.

    كان فارس قريش في زمانه، شهد معركة اليرموك وهو مراهق، كما شهد فتح أفريقيا والمغرب وغزو القسطنطينية، ويوم الجمل مع خالته السيدة عائشة وكان يضرب المثل بشجاعته، وكانت عائشة تكنى به فيقال لها أم عبد الله، وقيل عنه أنه لم يكن أحد أحب إليها بعد رسول الله من أبيها أبي بكر وبعده ابن الزبير.

    #1438895

    سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه

    نسبه

    سعد بن أبي وقاص من أوائل من دخلوا في الإسلام وكان سابعة عشر من عمره, ولم يسبقه في الإسلام إلا أبو بكر وعلي وزيد وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة.

    أبوه ابن سيد بني زهرة: مالك بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة عامر بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. ومالك هذا هو ابن عم آمنة بنت وهب أم رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاً وخال حمزة وصفية ابنا عبد المطلب.

    أمه: حمنة بنت سفيان بن أمية الأكبر بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة عامر بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. وهي ابنة عم الصحابي الجليل أبي سفيان لحاً.

    مولده ونشأته

    ولد في مكة سنة 23 قبل الهجرة. نشأ سعد في قريش، سادة العرب وأعزهم، واشتغل في بري السهام وصناعة القسي، وهذا عمل يؤهل صاحبه للائتلاف مع الرمي، وحياة الصيد والغزو، وكان يمضي وقته وهو يخالط شباب قريش وساداتهم ويتعرف على الدنيا من خلال معرفة الحجيج الوافد إلى مكة المكرمة في أيام الحج ومواسمها، المتباينة الأهداف والمتنوعة الغايات.

    إسلامه

    سعد بن أبي وقاص دخل الإسلام وهو ابن سبع عشرة سنة, وكان إسلامه مبكرا, ويتحدث عن نفسه فيقول: «.. ولقد أتى عليّ يوم, واني لثلث الإسلام..!!»، يعني أنه كان ثالث أول ثلاثة سارعوا إلى الإسلام، وقد أعلن إسلامه مع الذين أعلنوه بإقناع أبي بكر الصديق إياهم, وهم عثمان بن عفان, والزبير بن العوّام, وعبد الرحمن بن عوف, وطلحة بن عبيد الله.

    مكانته عند رسول الله

    عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، عَنْ سَعْدٍ، قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! مَنْ أَنَا؟ قَالَ: (سَعْدُ بنُ مَالِكِ بنِ وُهَيْبِ بنِ عَبْدِ مَنَافِ بنِ زُهْرَةَ، مَنْ قَالَ غَيْرَ هَذَا فَعَلَيْهِ لَعنَةُ اللهِ). عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: أَرِقَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَاتَ لَيْلَةٍ فَقَالَ: (لَيْتَ رَجُلاً صَالِحاً مِنْ أَصْحَابِي يَحْرُسُنِي اللَّيْلَةَ). قَالَتْ: فَسَمِعْنَا صَوْتَ السِّلاَحِ. فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ: (مَنْ هَذَا؟). قَالَ سَعْدُ بنُ أَبِي وَقَّاصٍ: أَنَا يَا رَسُوْلَ اللهِ! جِئْتُ أَحْرُسُكَ. فَنَامَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى سَمِعْتُ غَطِيْطَهُ. عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذْ أَقْبَلَ سَعْدُ بنُ مَالِكٍ. فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (هَذَا خَالِي، فَلْيُرِنِي امْرُؤٌ خَالَهُ). قُلْتُ: لأَنَّ أُمَّ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زُهْرِيَّةٌ، وَهِيَ: آمِنَةُ بِنْتُ وَهْبِ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ، ابْنَةُ عَمِّ أَبِي وَقَّاصٍ. قَالَ سَعْدٌ بن ابى وقاص: اشْتَكَيْتُ بِمَكَّةَ، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَعُوْدُنِي، فَمَسَحَ وَجْهِي وَصَدْرِي وَبَطْنِي، وَقَالَ: (اللَّهُمَّ اشْفِ سَعْداً). فَمَا زِلْتُ يُخَيَّلُ إِلَيَّ أَنِّي أَجِدُ بَرْدَ يَدِهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى كَبِدِي حَتَّى السَّاعَةَ.

    الرامي الأول

    يعتبر أول من رمى بسهم في سبيل الله, وأول من رمي أيضا، وأنه الوحيد الذي افتداه الرسول بأبويه فقال له يوم أحد: « ارم سعد فداك أبي وأمي..»، ويقول علي ابن أبي طالب:« ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفدي أحدا بأبويه الا سعدا, فاني سمعته يوم أحد يقول: ارم سعد.. فداك أبي وأمي». كان سعد يعدّ من أشجع فرسان العرب والمسلمين, وكان له سلاحان رمحه ودعاؤه. وكان مجاهداً في معركة بدر وفي معركة أحد.

    أحد المبشرين بالجنة

    كان الرسول عليه السلام يجلس بين نفر من أصحابه، فرنا ببصره إلى الأفق في إصغاء من يتلقى همسا وسرا، ثم نظر في وجوه أصحابه وقال لهم يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة وأخذ الصحاب يتلفتون ليروا هذا السعيد، فإذا سعد بن أبي وقاص آت وقد سأله عبد الله بن عمرو بن العاص أن يدله على ما يتقرب به إلى الله من عبادة وعمل فقال له لا شيء أكثر مما نعمل جميعا ونعبد، غير أني لا أحمل لأحد من المسلمين ضغنا ولا سوء

    محاولات رده عن الإسلام

    أخفقت جميع محاولات رده وصده عن الإسلام، فلجأت أمه إلى وسيلة لم يكن أحد يشك في أنها ستهزم روح سعد وترد عزمه إلى وثنية أهله وذويه. لقد أعلنت أمه صومها عن الطعام والشراب, حتى يعود سعد إلى دين آبائه وقومه, ومضت في تصميم مستميت تواصل إضرابها عن الطعام والشراب حتى وصلت على الهلاك. وحين كانت تشرف على الموت, أخذه بعض أهله إليها ليلقي عليها نظرة وداع مؤملين أن يرق قلبه حين يراها في سكرة الموت. وذهب سعد ورأى مشهد أمه وهي تتعذب ولكن إيمانه بالله ورسوله كان قد تفوّق على كل شيء, وقال لها: « تعلمين والله يا أمّه.. لو كانت لك مائة نفس, فخرجت نفسا نفسا ما تركت ديني هذا لشيء. فكلي ان شئت أو لا تأكلي.» وعدلت أمه عن صومها، ونزل الوحي يحيي موقف سعد, ويؤيده فيقول:

    وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ{15}(سورة لقمان)

    الدعوة المجابة

    كان سعد بن أبي وقاص إذا رمى عدوا أصابه وإذا دعا الله دعاء أجابه، وكان الصحابة يردون ذلك لدعوة الرسول له اللهم سدد رميته، وأجب دعوته ويروى أنه رأى رجلا يسب طلحة وعلي والزبير فنهاه فلم ينته فقال له إذن أدعو عليك فقال الرجل أراك تتهددني كأنك نبي !فانصرف سعد وتوضأ وصلى ركعتين ثم رفع يديه قائلا للهم إن كنت تعلم أن هذا الرجل قد سب أقواما سبقت لهم منك الحسنى، وأنه قد أسخطك سبه إياهم، فاجعله آية وعبرة فلم يمض غير وقت قصير حتى خرجت من إحدى الدور ناقة نادّة لا يردها شيء، حتى دخلت في زحام الناس ثم اقتحمت الرجل فأخذته بين قوائمها، وما زالت تتخبطه حتى مات

    وفاته وقبره

    عمر سعد بن أبي وقاص كثيرا وأفاء الله عليه من المال الخير الكثير لكنه حين أدركته الوفاة دعا بجبة من صوف بالية وقال كفنوني بها فإني لقيت بها المشركين يوم بدر وإني أريد أن ألقى بها الله عز وجل أيضا وكان رأسه بحجر ابنه الباكي فقال له ما يبكيك يا بني ؟ إن الله لا يعذبني أبدا، وإني من أهل الجنة فقد كان إيمانه بصدق بشارة رسول الله كبيرا وكانت وفاته سنة خمس وخمسين من الهجرة النبوية وكان آخر المهاجرين وفاة، ودفن في البقيع

    #1438896

    أبو عبيدة ابن الجراح رضي الله عنه

    نسبه

    أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ، عَامِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ ابْنِ الجَرَّاحِ بنِ هِلاَلِ بنِ أُهَيْبِ بنِ ضَبَّةَ بنِ الحَارِثِ بنِ فِهْرِ بنِ مَالِكِ القُرَشِيُّ، الفِهْرِيُّ، المَكِّيُّ.

    يَجْتَمِعُ فِي النَّسَبِ هُوَ وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي فِهْرٍ.

    شَهِدَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالجَنَّةِ، وَسَمَّاهُ: أَمِيْنَ الأُمَّةِ.

    اسلامه

    كان من أول من أسلم

    عَنْ يَزِيْدَ بنِ رُوْمَانَ، قَالَ:

    انْطَلَقَ ابْنُ مَظْعُوْنٍ، وَعُبَيْدَةُ بنُ الحَارِثِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ، وَأَبُو سَلَمَةَ بنُ عَبْدِ الأَسَدِ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ حَتَّى أَتَوْا رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَعَرَضَ عَلَيْهِمُ الإِسْلاَمَ، وَأَنْبَأَهُمْ بِشَرَائِعِهِ، فَأَسْلَمُوا فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ، وَذَلِكَ قَبْلَ دُخُوْلِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَارَ الأَرْقَمِ.

    أمين الأمة

    عَنْ أَنَسٍ:أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِيْناً، وَأَمِيْنُ هَذِهِ الأُمَّةِ: أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ).

    عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ:

    أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُسْقُفَا نَجْرَانَ: العَاقِبُ وَالسَّيِّدُ، فَقَالاَ: ابْعَثْ مَعَنَا أَمِيْناً حَقَّ أَمِيْنٍ.

    فَقَالَ: (لأَبْعَثَنَّ مَعَكُم رَجُلاً أَمِيْناً حَقَّ أَمِيْنٍ).

    فَاسْتَشْرَفَ لَهَا النَّاسُ، فَقَالَ: (قُمْ يَا أَبَا عُبَيْدَةَ).

    فَأَرْسَلَهُ مَعَهُم.

    لَمَّا وصل عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ إلى سَرْغ َ، قالوا له أَنَّ بِالشَّامِ وَبَاءً شَدِيْداً، فَقَالَ:

    إِنْ أَدْرَكَنِي أَجَلِي، وَأَبُو عُبَيْدَةَ حَيٌّ، اسْتَخْلَفْتُهُ، فَإِنْ سَأَلَنِي اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: لِمَ اسْتَخْلَفْتَهُ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ؟

    قُلْتُ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِيْناً، وَأَمِيْنُ هَذِهِ الأُمَّةِ: أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ).

    قَالَ: فَأَنْكَرَ القَوْمُ ذَلِكَ، وَقَالُوا: مَا بَالُ عَلْيَاءِ قُرَيْشٍ؟

    ثُمَّ قَالَ: وَإِنْ أَدْرَكَنِي أَجَلِي، وَقَدْ تُوُفِّيَ أَبُو عُبَيْدَةَ، أَسْتَخْلِفْ مُعَاذَ بنَ جَبَلٍ، فَإِنْ سَأَلَنِي رَبِّي قُلْتُ:

    إِنِّي سَمِعْتُ نَبِيَّكَ يَقُوْلُ: (إِنَّهُ يُحْشَرُ يَوْمَ القِيَامَةِ بَيْنَ يَدَي العُلَمَاءِ بِرَتْوَةٍ).

    عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:

    سَأَلْتُ عَائِشَةَ: أَيُّ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ أَحَبَّ إِلَيْهِ؟

    قَالَتْ: أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ، ثُمَّ أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ.

    عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ:

    كُنْتُ فِي الجَيْشِ الَّذِيْنَ مَعَ خَالِدٍ، الَّذِيْنَ أَمَدَّ بِهِم أَبَا عُبَيْدَةَ وَهُوَ مُحَاصِرٌ دِمَشْقَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَيْهِم قَالَ لِخَالِدٍ: تَقَدَّمْ، فَصَلِّ، فَأَنْتَ أَحَقُّ بِالإِمَامَةِ؛ لأَنَّكَ جِئْتَ تَمُدُّنِي.

    فَقَالَ خَالِدٌ: مَا كُنْتُ لأَتَقَدَّمَ رَجُلاً سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِيْنٌ، وَأَمِيْنُ هَذِهِ الأُمَّةِ: أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ).

    حسن خلقه

    عَنِ الحَسَنِ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ لَوْ شِئْتُ لأَخَذْتُ عَلَيْهِ بَعْضَ خُلُقِهِ، إِلاَّ أَبَا عُبَيْدَةَ).

    وَكَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَوْصُوْفاً بِحُسْنِ الخُلُقِ، وَبِالحِلْمِ الزَائِدِ، وَالتَّوَاضُعِ.

    قَالَ عُمَرُ لِجُلَسَائِهِ: تَمَنُّوْا.

    فَتَمَنَّوْا، فَقَالَ عُمَرُ: لَكِنِّي أَتَمَنَّى بَيْتاً مُمْتَلِئاً رِجَالاً مِثْلَ أَبِي عُبَيْدَةَ بنِ الجَرَّاحِ.

    قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَا مِنْ أَصْحَابِي أَحَدٌ إِلاَّ لَوْ شِئْتُ أَخَذْتُ عَليْهِ، إِلاَّ أَبَا عُبَيْدَةَ).

    قَالَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ: أَخِلاَّئِي مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثَلاَثَةٌ: أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ.

    زهده و ورعه

    دَخَلَ رجل على أبى عبيدة فَوَجَدَهُ يَبْكِي، فَقَالَ: مَا يُبْكِيْكَ يَا أَبَا عُبَيْدَةَ؟

    قَالَ: يُبْكِيْنِي أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَكَرَ يَوْماً مَا يَفْتَحُ اللهُ عَلَى المُسْلِمِيْنَ، حَتَّى ذَكَرَ الشَّامَ، فَقَالَ: (إِنْ نَسَأَ اللهُ فِي أَجَلِكَ، فَحَسْبُكَ مِنَ الخَدَمِ ثَلاَثَةٌ: خَادِمٌ يَخْدُمُكَ، وَخَادِمٌ يُسَافِرُ مَعَكَ، وَخَادِمٌ يَخْدمُ أَهْلَكَ، وَحَسْبُكَ مِنَ الدَّوَابِّ ثَلاَثَةٌ: دَابَّةٌ لِرَحْلِكَ، وَدَابَّةٌ لِثِقَلِكَ، وَدَابَّةٌ لِغُلاَمِكَ).

    ثُمَّ هَا أَنَذَا أَنْظُرُ إِلَى بَيْتِي قَدِ امْتَلأَ رَقِيْقاً، وَإِلَى مَرْبَطِي قَدِ امْتَلأَ خَيْلاً، فَكَيْفَ أَلْقَى رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعْدَهَا؟ وَقَدْ أَوْصَانَا: (إِنَّ أَحَبَّكُم إِلَيَّ، وَأَقْرَبَكُمْ مِنِّي، مَنْ لَقِيَنِي عَلَى مِثْلِ الحَالِ الَّتِي فَارَقْتُكُمْ عَلَيْهَا).

    قَدِمَ عُمَرُ الشَّامَ، فَتَلَقَّاهُ الأُمَرَاءُ وَالعُظَمَاءُ.

    فَقَالَ: أَيْنَ أَخِي أَبُو عُبَيْدَةَ؟

    قَالُوا: يَأْتِيْكَ الآنَ.

    قَالَ: فَجَاءَ عَلَى نَاقَةٍ مَخْطُوْمَةٍ بِحَبْلٍ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ لِلنَّاسِ: انْصَرِفُوا عَنَّا.

    فَسَارَ مَعَهُ حَتَّى أَتَى مَنْزِلَهُ، فَنَزَلَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرَ فِي بَيْتِهِ إِلاَّ سَيْفَهُ وَتُرْسَهُ وَرَحْلَهُ.

    فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: لَوِ اتَّخَذْتَ مَتَاعاً، أَو شَيْئاً.

    فَقَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! إِنَّ هَذَا سَيُبَلِّغُنَا المَقِيْلَ

    عَنِ ابْنِ عُمَرَ:

    أَنَّ عُمَرَ حِيْنَ قَدِمَ الشَّامَ، قَالَ لأَبِي عُبَيْدَةَ: اذْهَبْ بِنَا إِلَى مَنْزِلِكَ.

    قَالَ: وَمَا تَصْنَعُ عِنْدِي؟ مَا تُرِيْدُ إِلاَّ أَنْ تُعَصِّرَ عَيْنَيْكَ عَلَيَّ.

    قَالَ: فَدَخَلَ، فَلَمْ يَرَ شَيْئاً، قَالَ: أَيْنَ مَتَاعُكَ؟ لاَ أَرَى إِلاَّ لِبْداً وَصَحْفَةً وَشَنّاً، وَأَنْتَ أَمِيْرٌ، أَعِنْدَكَ طَعَامٌ؟

    فَقَامَ أَبُو عُبَيْدَةَ إِلَى جَوْنَةٍ، فَأَخَذَ مِنْهَا كُسَيْرَاتٍ، فَبَكَى عُمَرُ،

    فَقَالَ لَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ: قَدْ قُلْتُ لَكَ: إِنَّكَ سَتَعْصِرُ عَيْنَيْكَ عَلَيَّ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، يَكْفِيْكَ مَا يُبَلِّغُكَ المَقِيْل.

    قَالَ عُمَرُ: غَيَّرَتْنَا الدُّنْيَا كُلَّنَا، غَيْرَكَ يَا أَبَا عُبَيْدَةَ.

    و روى أَنَّ عُمَرَ أَرْسَلَ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بِأَرْبَعَةِ آلاَفٍ، أَوْ بِأَرْبَعِ مَائَةِ دِيْنَارٍ، وَقَالَ لِلرَّسُوْلِ: انْظُرْ مَا يَصْنَعُ بِهَا.

    قَالَ: فَقَسَّمَهَا أَبُو عُبَيْدَةَ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى مُعَاذٍ بِمِثْلِهَا.

    قَالَ: فَقَسَّمَهَا، إِلاَّ شَيْئاً قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ نَحْتَاجُ إِلَيْهِ، فَلَمَّا أَخْبَرَ الرَّسُوْلُ عُمَرَ، قَالَ: الحَمْدُ للهِ الَّذِي جَعَلَ فِي الإِسْلاَمِ مَنْ يَصْنَعُ هَذَا.

    و روى أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ كَانَ يَسِيْرُ فِي العَسْكَرِ، فَيَقُوْلُ: أَلاَ رُبَّ مُبَيِّضٍ لِثِيَابِهِ، مُدَنِّسٍ لِدِيْنِهِ! أَلاَ رُبَّ مُكْرِمٍ لِنَفْسِهِ وَهُوَ لَهَا مُهِيْنٌ! بَادِرُوا السَّيِّئَاتِ القَدِيْمَاتِ بِالحَسَنَاتِ الحَدِيْثَاتِ.

    قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ:

    يَا أَيُّهَا النَّاسُ! إِنِّي امْرُؤٌ مِنْ قُرَيْشٍ، وَمَا مِنْكُم مِنْ أَحْمَرَ وَلاَ أَسْوَدَ يَفْضُلُنِي بِتَقْوَى، إِلاَّ وَدِدْتُ أَنِّي فِي مِسْلاَخِهِ

    و معنى وددت أنى فى مسلاخه : أى أكون مثله

    أبو عبيدة فى الشام

    كَانَ أَبُو بَكْرٍ وَلَّى أَبَا عُبَيْدَةَ بَيْتَ المَالِ.

    ثُمَّ وَجَّهَهُ أَبُو بَكْرٍ إِلَى الشَّامِ سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ

    وفي أثناء قيادة خالد -رضي الله عنه- معركة اليرموك التي هزمت فيها الامبراطورية الرومانية توفي أبوبكر الصديق -رضي الله عنه- ، وتولى الخلافة بعده عمر -رضي الله عنه- ، وقد ولى عمر قيادة جيش اليرموك لأبي عبيدة بن الجراح أمين هذه الأمة وعزل خالد

    وصل الخطاب الى أبىعبيدة فأخفاه حتى انتهت المعركة ، ثم أخبر خالدا بالأمر ، فسأله خالد : يرحمك الله أباعبيدة ، ما منعك أن تخبرني حين جاءك الكتاب ؟

    فأجاب أبوعبيدة : اني كرهت أن أكسر عليك حربك ، وما سلطان الدنيا نريد ، ولا للدنيا نعمل ، كلنا في الله أخوة وأصبح أبوعبيدة أمير الأمراء بالشام0

    بَلَغَ عُمَرَ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ حُصِرَ بِالشَّامِ، وَنَالَ مِنْهُ العَدُوُّ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّهُ مَا نَزَلَ بِعَبْدٍ مُؤْمِنٍ شِدَّةٌ، إِلاَّ جَعَلَ اللهُ بَعْدَهَا فَرَجاً، وَإِنَّهُ لاَ يَغْلِبُ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا}، الآيَةَ

    فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَبُو عُبَيْدَةَ:

    أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ اللهَ يَقُوْلُ: {أَنَّمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ}، إِلَى قَوْلِهِ: {مَتَاعُ الغُرُوْرِ}

    فَخَرَجَ عُمَرُ بِكِتَابِهِ، فَقَرَأَهُ عَلَى المِنْبَرِ، فَقَالَ:

    يَا أَهْلَ المَدِيْنَةِ! إِنَّمَا يُعَرِّضُ بِكُم أَبُو عُبَيْدَةَ أَوْ بِي، ارْغَبُوا فِي الجِهَادِ.

    وفاته

    روى أَنَّ عُمَرَ كَتَبَ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ فِي الطَّاعُوْنِ: إِنَّهُ قَدْ عَرَضَتْ لِي حَاجَةٌ، وَلاَ غِنَى بِي عَنْكَ فِيْهَا، فَعَجِّلْ إِلَيَّ.

    فَلَمَّا قَرَأَ الكِتَابَ، قَالَ: عَرَفْتُ حَاجَةَ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ، إِنَّهُ يُرِيْدُ أَنْ يَسْتَبْقِيَ مَنْ لَيْسَ بِبَاقٍ.

    فَكَتَبَ: إِنِّي قَدْ عَرَفْتُ حَاجَتَكَ، فَحَلِّلْنِي مِنْ عَزِيْمَتك، فَإِنِّي فِي جُنْدٍ مِنْ أَجْنَادِ المُسْلِمِيْنَ، لاَ أَرْغَبُ بِنَفْسِي عَنْهُم.

    فَلَمَّا قَرَأَ عُمَرُ الكِتَابَ، بَكَى، فَقِيْلَ لَهُ: مَاتَ أَبُو عُبَيْدَةَ؟

    قَالَ: لاَ، وَكَأَنْ قَدْ.

    قَالَ: فَتُوُفِّيَ أَبُو عُبَيْدَةَ، وَانْكَشَفَ الطَّاعُوْنُ.

    عَنْ عِيَاضِ بنِ غُطَيْفٍ، قَالَ:

    دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بنِ الجَرَّاحِ فِي مَرَضِهِ، وَامْرَأَتُهُ تُحَيْفَةُ جَالِسَةٌ عِنْدَ رَأْسِهِ، وَهُوَ مُقْبِلٌ بِوَجْهِهِ عَلَى الجِدَارِ، فَقُلْتُ: كَيْفَ بَاتَ أَبُو عُبَيْدَةَ؟

    قَالَتْ: بَاتَ بِأَجْرٍ.

    فَقَالَ: إِنِّي -وَاللهِ- مَا بِتُّ بِأَجْرٍ!

    فَكَأَنَّ القَوْمَ سَاءهُمْ، فَقَالَ: أَلاَ تَسْأَلُوْنِي عَمَّا قُلْتُ؟

    قَالُوا: إِنَّا لَمْ يُعْجِبْنَا مَا قُلْتَ، فَكَيْفَ نَسْأَلُكَ؟

    قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يَقُوْلُ: (مَنْ أَنْفَقَ نَفَقَةً فَاضِلَةً فِي سَبِيْلِ اللهِ، فَبِسَبْعِ مَائَةٍ، وَمَنْ أَنْفَقَ عَلَى عِيَالِهِ، أَوْ عَادَ مَرِيْضاً، أَوْ مَاز أَذَىً، فَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، وَالصَّوْمُ جُنَّةٌ مَا لَمْ يَخْرِقْهَا، وَمَنِ ابْتَلاَهُ اللهُ بِبَلاَءٍ فِي جَسَدِهِ، فَهُوَ لَهُ حِطَّةٌ).

    وَعَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ: أَنَّ وَجَعَ عَمَوَاسَ كَانَ مُعَافَىً مِنْهُ أَبُو عُبَيْدَةَ وَأَهْلُهُ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ نَصِيْبَكَ فِي آلِ أَبِي عُبَيْدَةَ!

    قَالَ: فَخَرَجْتُ بِأَبِي عُبَيْدَةَ، فِي خَنْصَرِهِ بَثْرَةٌ، فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَيْهَا، فَقِيْلَ لَهُ: إِنَّهَا لَيْسَتْ بِشَيْءٍ.

    فَقَالَ: أَرْجُو أَنْ يُبَارِكَ اللهُ فِيْهَا، فَإِنَّهُ إِذَا بَارَكَ فِي القَلِيْلِ، كَانَ كَثِيْراً.

    انْطَلَقَ أَبُو عُبَيْدَةَ مِنَ الجَابِيَةِ إِلَى بَيْتَ المَقْدِسِ لِلصَّلاَةِ، فَاسْتَخْلَفَ عَلَى النَّاسِ مُعَاذَ بنَ جَبَلٍ.

    فَأَدْرَكَهُ أَجَلُهُ بِفِحْلٍ، فَتُوُفِّيَ بِهَا بِقُرْبِ بَيْسَانَ.

    طَاعُوْنُ عَمَوَاسَ: مَنْسُوْبٌ إِلَى قَرْيَةِ عَمَوَاسَ، وَهِيَ بَيْنَ الرَّمْلَةِ وَبَيْنَ بَيْتِ المَقْدِسِ.

    #1438900
    الشيخة العالمة /عائشة الريامية

    نسبها

    عائشة بنت راشد بن خُصَيْب الريامية البُهْلَوِيّة : سيدة فاضلة ، وعالِمَة جليلة ، وفقيهة مُفْتية ، نَدَرَ مِثْلُها في النساء العُمانيات ، وفاقت رجالات عصرها في العلم والفضل ، وضَرَبَت أروع الأمثلة في الزهد والتقوى ، وضُرِبَتْ إليها أكبَادُ الإبل للفتوى ، وشَهِدَ كلُّ مَنْ تَرْجَمَ لَهَا بتفَقُّهِها في الدين .

    اسمُها :

    عائشة بنت راشد بن خُصَيْب الرِّيَاميَّة البُهْلَوِيَّة ، هذا هو المشهور ، وهو الذي اتفقت عليه المصادر ، وانفرد مصدرٌ واحدٌ بزيادة « ابن أبِي الْخَفِير » في آخر النسب , بينما وَرَدَ اسمُ جَدّها «خصيب» مُصَحَّفًا في مصدرٍ آخر إلى «حبيب» .

    مولدها ونشأتها :

    لا تُحَدّد لنا المصادر تاريخَ ولادتِها ، وفي تقديري أنَّها وُلِدت في النصف الثانِي من القرن الْحَادي عشر (1050- 1099هـ ) ولعله يكون في العِقْد الأخير منه .
    والذي يظهر مِنْ نَسَبِها أنَّهَا مِنْ ولاية بُهْلا ، إحدى مُدن المنطقة الداخلية بعُمَان ، تلك المدينة التي زخرت بالعلم والعلماء من أول التاريخ الإسلامي إلى يومنا هذا . وكانت الشيخة عائشة تسكن حارة « الغَاف » شَرْقَ مسجد الْحَارة كما هو مشهور عند أهالي بُهْلا .

    طلبها للعلم :

    كثيرًا ما كانت مرحلة الأخذ والتلقّي في حياة العظماء مَجْهولة ، وهذا هو الشأن مع المُتَرْجَم لَهَا ، ويبدو – حسب ما يَظْهر من أجوبتها – أنّ لَهَا اتصالاً بعُلماء نَزْوَى ، كالشيخ سعيد بن بَشِير الصُّبْحي ، والشيخ حبيب بن سالم أمبوسعيدي ، لكنَّ هذا الاتصالَ في حقيقته أكثرُ ما يكون اتصالَ الأقرانِ بعضِهم ببعضٍ ، لا اتصالَ التلميذ بشيخه .

    صفاتها :

    ليس ثَمَّةَ شيءٌ يُزاد على ما حَفِظه لنا الشاعرُ الغَشْرِي من خصالٍ حَميدةٍ للشيخةِ الرياميةِ قي مرثيّته لَهَا ، وفي ما سَبَقَ ذِكْرُهُ على أَلْسِنَةِ النُّسَّاخ ما يُغني عن الإعادة ، ويبقى أنْ نُشير إلى أنَّ الشيخةَ عائشة كانت عَمْياء ، حسبما هو شائعٌ لدى عامّة الناس إلى يومنا هذا ، وهو ما أكّده الغشريُّ في قصيدته ، على أنّ عَمَاها لَمْ يَكُنْ لِيَحُول بينها وبين تَسَنُّمِ الذُّرَى والرُّقِيِّ في مدارج الكمال ، ولئن ضَرَبَ الرجالُ – عَبْرَ التاريخ – أروعَ الأمثلة في ذلك فللنساءِ نصيبٌ مُعْتَبَرٌ منه .

    آثارُها :

    أشارتْ بعضُ الكتابات المعاصرة إلى وجود مؤلَّفاتٍ للشيخة عائشة لكنها تلاشَتْ ، وأنَّها كانت مَحْفوظةً في مكتبات بُهلا ؛ كمكتبة آل مَعَدّ ومكتبة آل مُفَرَّج ومكتبة الشيخ سالم بن راشد بن ربيعة العوفي . ووَرَدَ في «دليل أعلام عُمَان» أنّ الشيخة عائشة « خَلّفَتْ أجوبةً فقهية في مُجلّدين مَخطوطين » ، وصرَّحَ الشيخُ الخصيبي بأنَّ لَهَا كتابًا في الفتوى اسْمُه « جوابات الشيخة عائشة » .
    هذا مُجْمَلُ ما ذَكَرَتْهُ الْمَراجِعُ الحديثة ، مع شدة البحث وكثرة السؤال عن آثارها في المكتبات العامة والخاصة , وسَمِعْتُ أنَّها مَحفوظةٌ عند بعض الأهالِي الذين يُصِرُّون على عدم إظهارها ، والذي يُمكن أنْ أقولَه : إنه ليس هناك ما يؤكّد وجودَ مؤلفاتٍ لَهَا في المصادر المتقدمة ، فلا نَجِدُ فيها نقلاً عن كُتُبٍ أو مؤلَّفاتٍ تُنْسَبُ إليها ، سوى ما تَنَاثَرَ في ثناياها من أجوبةٍ فقهيةٍ أُخِذَ عنها بعضُها بطريق الْمُشافهة ، وسَكَتَ المُصَنّفون في معظمها عن ذكر مصادرهم التي اسْتَقَوْا منها تلك الأجوبة ، ولقد حَفِظَتْ لنا الموسوعاتُ العِلْمِيَّةُ والكتبُ الفقهيةُ المؤلَّفَةُ في ذلك العهد وبعدَه قدرًا لا بأس به من فتاواها ، تُظْهِر مَنْزلتها العِلْمِيَّة ومكانَتَها بين عُلماء عَصْرها ، وتَشْهَدُ لَهَا بِسَعَة الاطلاع وطول الباع في مَجَال الفقه ، ومِنْ أهمّ مصادر أجوبتها :

    1- «المنثور الواضح» للشيخ ناصر ابن مُحَمَّد بن بشير العَمْري الريامي الإزكوي . هذا الكتاب لَم أُوَفَّقْ إلى الوقوف عليه إلى الآن ، ونَقَلَ الشيخُ العَبَّاديُّ مسألةً عنه في الصراط المستقيم ( انظر الملحق ) مع أنَّه لَمْ يُسَمِّه واكتفى بذكر مؤلِّفه ، ورأيتُ في بعض قوائم المكتبات أنه مَخطوطٌ مَحفوظٌ بِمَكتبة الإمام السالِمِيّ برقم 198/6 منسوخٌ سنة 1131هـ ، فإنْ صَحَّ ذلك يَكُنْ أقربَ المصادر من الشيخة عائشة .

    2- أجوبة الشيخ العلامة سعيد بن بشير الصُّبْحِي ( ت1150هـ ) ، تُوجَد منها نُسَخٌ مَخطوطة كثيرة ، تَبَايَنَتْ مُحتوياتُها لِتَبايُنِ جامعيها ، واعتمدْتُ هنا على ما رَتَّبَه الشيخُ سالِم بن حَمَد الحارثي – أبقاه الله – وسَمَّاه : « الجامع الكبير من أجوبة الشيخ سعيد بن بشير » .

    3- تَتِمَّة كتاب « جامع الجواهر » المنسوب للشيخ جُمعة بن علي بن سالِم الصائغي الْمَنَحِي ( ت 1207 هـ ) ، وهي من زيادة الشيخ علي ابن سعيد بن خَميس بن عبدالله البراشدي ( حيٌّ 1172هـ ) وبِهَا جوابٌ واحد فقط للشيخة عائشة .

    4- « لُبَابُ الآثارِ الواردةِ على الأولينَ والْمُتَأخرينَ الأخيار» للشيخ سالِم بن سعيد بن علي الصائغي المنحي ( ق13هـ ) ، وهُوَ أوفَى مصدرٍ ذَكَرَ أجوبتها ، فقد حوى أربعة وعشرين جوابًا لَهَا موزَّعَةً بين أجزائه الأربعة عشر المطبوعة .

    5- « الصراط المستقيم » للشيخ عامر بن علي بن مسعود العبَّادي (حي1264هـ) ، وهو كتابٌ لا يزال مَخطوطًا ، وقد تضمَّنَ جوابًا واحدًا نَقَلَه من « حاشيةِ كتابٍ ألَّفَهُ الشيخُ ناصر بن مُحمد بن بشير العَمْري الريامي الإزكوي » – على حَدّ تعبيره – .

    6- « قاموس الشريعة » للشيخ جُمَيِّل بن خَميس بن لافي السعدي (حيٌّ1276هـ) ، وفي المطبوعِ منه أجوبةٌ معدودةٌ ، ولا شك أنّ في المخطوط أجوبةً كثيرة ، ولَمْ يَتَيَسَّرْ لي تَتَبُّعُه .

    7- «خزائن الآثار ومعادن الأسرار» للشيخ موسى بن عيسى ابن سعيد البَشَرِيّ ( ق13هـ ) ، وهو كتابٌ مُهِمٌّ في هذا الباب ، حافلٌ بأجوبةٍ شتّى لعُلماء ذلك العصر ، ولا يزال مَخطوطًا في عدة مُجلّداتٍ ضخامٍ ، أكثرُ أجزائِهِ بِمَكتبة النور السَّالِمِي ، اطلعتُ على بعضها ونَقَلْتُ منها ما تَيَسَّر .

    8- « مكنون الخزائن » ، للشيخ موسى بن عيسى البَشَري أيضًا ، تضَمَّنَ قدرًا ضئيلاً من أجوبتها ، وهو مُختَصرٌ من الكتاب الْمُطوَّل الآنفِ الذكر .

    9- «غاية الأوطار من معاني الآثار» للشيخ منصور بن ناصر بن مُحَمّد الفارسي ( ت1396هـ ) ، وهو كتابٌ مَخطوط رأيتُ فيه جوابًا واحدًا لَهَا ذَكَرَ المؤلفُ أنه مِمَّا قَيَّدَهُ حِفْظًا عنها .

    10- بعض مَخْطوطات « بيان الشرع » التي قُرِأَتْ على الشيخة عائشة فعَلَّقَتْ عليها بِمَا تَيَسَّر ، كعادةِ كثيرٍ من العلماء .

    11- كتبٌ في الفقه مَجهولةُ الاسم والمؤلّف ، وأوراقٌ مبَعْثَرَة تتضمَّن أجوبةً فقهيةً مُختلفة .

    مكانتها العلمية :

    لقد تَبَوَّأَت الشيخةُ عائشة مكانةً عِلْميّةً ساميةً ، وشَهِدَ لَهَا بالفقهِ والفضلِ كُلُّ مَنْ ذَكَرَها ، ويتَّضِحُ ذلك مِنْ نَعْتِها بالشيخة والعالِمَة والفقيهة ، وقد أَوْرَدَ الشيخُ السَّعْدي في كتابه «قاموس الشريعة» قائمةً بأسْمَاءِ العُلماء الْمُتأخّرين ، مُفْرِدًا علماءَ كلِّ بلدةٍ على حِدَةٍ ، فعَدَّدَ علماءَ نزوى وعلماءَ مَنَح ، ثُمَّ قال : « والشيخة بنت راشد بن خصيب ومَنْ شايَعَها منْ بُهلا » . وقريبٌ مِنْ ذلك عبارةٌ وَرَدَتْ في «الجامع الكبير» قال فيها السائلُ : « أَسْأَلُ الشيخةَ العالِمَةَ الرَّضِيَّةَ عُوَيِّش بنت راشد بن خصيب وإخوانَهَا من بُهلا » .

    وهنا نكتةٌ لطيفةٌ ينبغي للمتأمِّل أن يَقِفَ عندها ، وهي أنَّ بُهلا – تلك الْمَدينة التي غَصَّتْ بالعلماءِ عَبْرَ أدوار التاريخ – كان مَرْجِعُها في ذلك الوقت امرأةً ، أمَّا غَيْرُهَا فيُذْكَرُ تَبَعًا لَهَا . وحَسْبُنا قولُ الشاعر الغشري :
    هي امرأةٌ عَمْيا ولكنْ بفضلها
    تُوَازِنُ ألفًا مِنْ رجالٍ ضَرَاغِمِ

    وفاتها :

    تُوُفّيَتْ في آخر النصف الأول من القرن الثانِي عشر (1100- 1149هـ ) أو أنَّها أَدْرَكَتْ أوائِلَ النصف الثانِي فتوفّيَتْ فيه ، وأَقْصَى ما وجدْتُه من تاريخٍ ما قُيِّد على الصفحة الأخيرة من كتاب «المُصَنَّف» المنسوخِ لَهَا بتاريخ الأربعاء 3 شوال1140هـ . ويَذْكر الشيخ الخصيبي أنّ « قَبْرَها موجودٌ بِبُهلا بالقرب من مساجد العُبّاد ، عليه لوحٌ من الرَّباب مكتوبٌ فيه اسْمُها ». وتُشير عبارتُه هذه إلى أنه وَقَفَ على القبر وعايَنَه ، لكنَّا لا نَجِدُ أثرًا لِلَّوْح الموضوعِ على قبرها الآن .

    #1440407
    تحيا مصر
    مشارك

    هو الشيخ عبد الحميد بن عبد العزيز كشك، من علماء الأزهر الشريف ، وهو من ابرز و أكثر الدعاة والخطباء شعبية في الربع الأخير من القرن العشرين.

    وقد وصلت شعبيته إلى درجة أن المسجد الذي كان يخطب فيه خطب الجمعة حمل اسمه ، وكذلك الشارع الذي كان يقطن فيه بحي حدائق القبة .

    ودخلت الشرائط المسجل عليها خطبه العديد من بيوت المسلمين جميع أنحاء العالم.

    المـــــــــــــــولد:

    كان مولد الشيخ كشك رحمه الله بمصر في 10/03/1933م، حفظ القرآن وهو صغير ، فقد بصره بسبب المرض ،

    تخرج من جامعة الأزهر، بدأ الخطابة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في أوائل الستينات، وقد تعرّض للاعتقال والسجن

    عدة مرات إلى أن أوقف عن الخطابة عام 1981م، فتفرغ للتأليف وتفسير القران الكريم، توفي وهو ساجد لله قبيل صلاة الجمعة في 6/ 12/1996.

    ولد فضيلته في (شبراخيت) بمحافظة (البحيرة) بجمهورية مصر ، وكان مولده في العاشر من مارس 1933 م

    (ثلاثة وثلاثين وتسعمائة و ألف من الميلاد). ولد في أسرة اقل من المتوسطة تتكون من والد و أم وست اخوة (أربعة من الذكور وبنتان).

    في سن السادسة من العمر فقد بصر عينه اليسرى، أو كما كان يقول: أكرمني الله بفقد عيني، ثم فقد بصره من العين الأخرى

    وهو في سن السابعة عشرة من عمره . فكان يحمد لله تعالى على نعمة العمى بقوله : الحمد لله الذي انعم علي بنعمة العمى

    حتى لا أرى ما يغضب الله تعالى. ولقد عوضه الله تعالى عن نور البصر بذكاء القلب والبصيرة، فكان يردد قول ابن عباس رضي الله عنهما :

    إن اذهب الله من عيني نورهما ففي فؤادي وقلبي منهما نور…

    عقلي ذكي وقلبي ما حوى دخلا وفي فمي صارم كالسيف مشهور…

    العــــــــــــــلم:

    حفظ فضيلته القران الكريم وهو دون العاشر من عمره، ثم التحق بالمعهد الديني بالاسكندرية،

    وفي السنة الثانية من المرحلة الثانوية حصل على تقدير 100 % وكذلك في الشهادة الثانوية الازهرية وكان ترتيبة الاول على الجمهورية.

    التحق فضيلته بعد ذلك بكلية أصول الدين بجامعة الازهر، وكان ترتيبه الاول على الكلية طوال سنوات الدراسة،

    وكان اثناء الدراسة الجامعية يقوم مقام الاساتذة بشرح المواد الدراسية في محاضرات عامة للطلاب بتكليف من أساتذته

    الذين كان الكثير منهم يعرض مادته العلمية عليه قبل شرحها للطلاب خاصة علوم النحو والصّرف. تخرج فضيلته في كلية أصول الدين

    وعين معيدا بها عام 1957م، وبعد تخرجه حصل على اجازة التدريس بامتياز، ومثّل الازهر الشريف في عيد العلم عام 1961.

    لم يستمر فضيلته في مهنة التدريس بالجامعة، وبعدها رغب عن العمل بالجامعة حيث كانت روحة معلقة بالمنابر التي كان يرتقيها من سن الثانية عشرة.

    كان الشيخ الجليل احد الثقاة المعدودين في علوم اللغة والاصول والفقة وعلوم الحديث، فما رجع اليه أحد في معضلة الا

    وجده بحرا زاخرا من العلم الاصيل العميق الدافق، فقد كان – رحمه الله – يفتي في مسائل الميراث شفويا،

    وكان يحلّ اعتى مشكلات الفقة والاصول وكأنه يسكب ماء زلالا.

    الخطـــــــــابة:

    تناول الخطابة في سن مبكرة، فكان يصعد المنابر ليأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، متمثلا لقول الله تعالى:

    {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ}، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم :

    ( لتامرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ، والا ليسلطن الله عليكم شراركم فيدعوا خياركم فلا يستجاب لكم).

    ففي اوائل الستينيات عين خطيبا في مسجد ألطبي التابع لوزارة الاوقاف بحي السيدة بالقاهرة، و عمل فضيلته اماما وخطيبا بمسجد (الطّحان)

    بمنطقة الشّرابية بالقاهرة، ثم انتقل الى مسجد (المنوفي) بالشرابية أيضا، وفي عام 1962م (اثنين وستين وتسعمائة والف من الميلاد)

    تولّى الامامة والخطابة بمسجد (عين الحياة) بشارع مصر والسودان بمنطقة حدائق القبة بالقاهرة، ذلك المسجد الذي ظل عينا للحياة قرابة

    عشرين عاما هي عمر الشيخ الجليل على منبره الى ان تمّ منعه نهائيا من الدعوة والخطابة عام 1981م.

    وفاتــــــــــــــــه:

    كان الشيخ رحمه الله في حياته يدعو الله قائلا: اللهم احشرني وأنا ساجد بين يديك يا ربّ العالمين. لقد صدق الله فصدقه الله.

    فقد فاضت روحه الى الله تعالى وهو ساجد بين يديه. و المرء يبعث على ما مات عليه يوم القيامة.

    كانت نهاية الشيخ – رحمه الله – بحق هي حسن الختام، فقد توضأ في بيته لصلاة الجمعة، وكعادته كان يتنفّل بركعات قبل الذهاب الى المسجد،

    فدخل في الصلاة وصلى ركعة، وفي الركعة الثانية سجد السجدة الأولى ورفع منها ثم سجد السجدة الثانية وفيها أسلم الروح الى بارئه متوضأ مصليا ساجدا.

    وكانت وفاة الشيخ يوم الجمعة الموافق الخامس والعشرين من شهر رجب لعام 1417 هـ (ألف وأربعمائة وسبعة عشر من الهجرة)

    السادس من ديسمبر لعام 1996 م (ألف وتسعمائة وستة وتسعين من الميلاد)، وهو في الثالثة والستين من عمره رحمه الله رحمة واسعة.

    مــــــاذا تـــرك؟

    للشيخ الجليل ثمانية أبناء خمسة من الذكور وثلاثة من الاناث، وجميع أبناء الشيخ كشك يحفظون القران الكريم

    حيث كان – رحمه الله – يحفظهم القران بنفسه رغم كثرة شواغله وهمومه.

    ترك الشيخ – رحمه الله – تراثا عظيما، حتى بلغت مؤلفاته 115 مؤلفا، تناول فيه كافة مناهج العمل والتربية الاسلامية،

    وكان في هذه الكتابات ميسرة لعلوم القران والسنة مراعيا لمصالح الناس وفقة واقعهم بذكاء وعمق وبصيرة، كما توّج جهوده العلمية

    بمؤلّفه الضخم في عشرة مجلدات (في رحاب التفسير) الذي قام فيه بتفسير القران الكريم كاملا، وقد ركّز فيه الشيخ على الجوانب الدعوية

    في القران الكريم، وله ايضا كتاب في الفتاوي، واخر عن قصص الانبياء

    وقد ترك الشيخ – رحمه الله – تراثا عظيما اخر وهو التراث الصوتي المتمثل في الاشرطة التي تضم خطبه ودروسه والتي كتب لها

    الذيوع والانتشار في شتى أنحاء الارض وكانت من أهم روافد التربية الاسلامية خلال العشرين سنة الماضية، وقد وصلت الى 425

    (أربعمائة وخمس وعشرين) خطبة وأكثر من 3000 (ثلاثة الاف) درس.

    ولقد دخل المئات بل الالاف الى اللاسلام، وعاد الالاف من العاصي الى الله تعالى بعد سماعهم لتلك التسجيلات، بفضل الله وكرمه.

    شخصيته -رحمه الله-:

    كان لشخصية الشيخ عدة مفاتيح هي:

    أولا: الاخلاص العميق في كل علم وعمل، نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحد.

    ثانيا: الصدق والثبات والشجاعة الى اقصى حدّ.

    ثالثا: الذكاء الحاد وخفة الظل التي قرّبت مفاهيم الدعوة للناس.

    رابعا: المواهب الشخصية التي حباه الله بها كالذاكرة الذهبية واللباقة والفصاحة التي لا مثيل لها.

    خامسا: الابداع بالعلم واللغة، حيث كان مدرسة فريدة من نوعها. قام كثيرون بتقليده ومحاكاته.

    ومن اقواله التى اعجبتنى منه

    ((الدنيا إذا ما حلت أوحلت وإذا ما كست أوكست وإذا أينعت نعت))

    وكان يقول : ((لكل ملك علامات فلما علا (مات)))

    رحم الله شيخنا الجليل و علماؤنا لتعلو كلمة الله0

    #1445114
    السيدة العالمة/ شمساء الخليلية

    نسبها :

    شمساء بنت سعيد بن خلفان بن احمد بن صالح الخليلية

    عالمة جليلة واديبة فقيهة والدها العلامة المحقق الرباني الكبير الشيخ سعيد بن خلفان الخليلي صاحب كتاب التمهيد لقواعد الايمان رحمة الله نعالى احد افذاذ الاباضيه في القرن الثالث عشر الهجري

    اما امها فهي بنت الشيخ سليمان بن ماجد الخروصي

    ولادتها :

    ولدت في بلدة بوشر التي كانت موطنا لابيها العلامة المحقق قبل ان ينتقل الى سمائل واتخاذه اياها وطنا له سنه (1267 هجريه ) تقريبا ( عمرها تقريبا 86- 88 سنه والله اعلم ) وكانت اكبر اخوتها
    وفي هذا البيت الكريم نشأت شمساء وتعلمت القران الكريم وتفقهت في امور الدين ونهلت من معين والدها

    حياتها:

    وقد تزوجها الامام عزان بن قيس بن عزان بن قيس البوسعيدي بعد ان عقدت عليه البيعه من قبل والدها العلامه الخليلي ورجالات الاباضيه في ذلك العصر سنه (1285 هجريه )
    وعاشت مع زوجها حياة طيبه شاطرته فيها بطولاته وتضحياته في سبيل اعلاء كلمة الحق ورفع رايته
    فهي لم تنجب من زوجها الامام لانها عاشت معه فترة قصيرة من 1285 ـ 1287هـ.
    لقد استشهد زوجها الامام عزان عام (1287 هـجريه) وترك السيدة شمساء شابة يافعة في مقتبل عمرها ولم تنجب منه أي ذريه مع ذلك اثرت العيش بعده بدون زواج وقالت قولتها المشهورة ( لا رجل بعد عزان)

    آثارها :

    ـ كانت رحمها الله ـ مرجعا لاهل عصرها في العلم يقصدها الناس من كل حدب وصوب .
    كما كانت سندا قويا لابن اخيها الامام محمد بن عبدالله بن سعيد الخليلي تعينه في امور دولته وتنفق الاموال لمناصرته ودعمه ويقال ان لها يدا في علم السر ولها آثار ادبية وفقهية طيبة

    وفاتها :

    وعاشت ستا وستين سنة صابرة محتسبة حتى انتقلت الى رحمها الله تعالى عام 1353هـ وذلك في بلدة العلاية بولاية سمائل ودفنت فيها وذلك في عهد الامام ابن اخيها الامام محمد بن عبدالله الخليلي ـ رحمه الله تعالى

    #1482875

    فضيلة الشيخ علام نصـار

    مولده ونشـأته:
    ولد بقرية «ميت العز» مركز قويسنا محافظة المنوفية في 20 فبراير سنة 1891م. دخل كُتَّاب القرية فتعلم القراءة والكتابة، ثم حفظ القرآن الكريم وجوَّده، ثم التحق بالجامع الأحمدي في طنطا حيث تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي، وبعد ذلك اتجه إلى مدرسة القضاء الشرعي وواصل دراسته بها، وكان من شيوخه فيها فضيلة الإمام الأكبر الشيخ إبراهيم حمروش -رحمه الله- وقد تخرج منها في سنة 1917م.
    المناصب التي تقلدها: عُيِّن فور تخرجه موظفًا قضائيًّا بالمحاكم الشرعية، ثم قاضيًا شرعيًّا. وقد ضرب المثل الأعلى في النزاهة والعفة والعدالة. وظل يترقى في سلك القضاء الشرعي حتى حصل على معظم المناصب القضائية، وفي سنة 1947م عُيِّن رئيسًا للتفتيش القضائي الشرعي، ثم عُيِّن عضوًا بالمحكمة الشرعية العليا، وبجانب عمله بالقضاء كان يقوم بتدريس مواد التنظيم القضائي الشرعي والسياسة الشرعية لقسم تخصص القضاء الشرعي بكلية الشريعة.
    وظل يمارس عمله بالقضاء والتدريس بقسم القضاء الشرعي إلى أن تم اختياره مُفتيًا للديار المصرية في 25 من رجب سنة 1369هـ الموافق 12 مايو سنة 1950م ومكث يشغل هذا المنصب حتى 27 من جمادى الأولى سنة 1371هـ الموافق 23 من فبراير سنة 1952م. وأصدر خلال تلك الفترة حوالي 2189 فتوى.
    مؤلفاته:
    كرس -رحمه الله- كل وقته وجهده للقضاء والفتوى والتدريس، وقد أصدر خلال فترة توليه الإفتاء 2189 فتوى، وكذا كانت له أبحاث عدة في بعض المجالات الفقهية إلا أنها لم تطبع حتى الآن.
    أما عن محاضراته التي ألقاها في قسم تخصص القضاء الشرعي بكلية الشريعة؛ فقد طبعت ووزعت على الطلبة الدارسين فاستفادوا منها.
    وفـاته:
    وقد انتقل إلى رحمة الله تعالى في أكتوبر سنة 1966م.

    #1507863
    تجليآت
    مشارك
    عبد الرحمن بن مهدي

    ابن حسان ، بن عبد الرحمن ، الإمام الناقد المجود ، سيد الحفاظ أبو سعيد العنبري ، وقيل : الأزدي ، مولاهم البصري اللؤلؤي .

    ولد سنة خمس وثلاثين ومائة قاله أحمد بن حنبل .

    وطلب هذا الشأن ، وهو ابن بضع عشرة سنة .

    سمع أيمن بن نابل ، وعمر بن أبي زائدة ، ومعاوية بن صالح الحضرمي ، وهشام بن أبي عبد الله الدستوائي ، وإسماعيل بن مسلم العبدي قاضي جزيرة قيس ، وأبا خلدة خالد بن دينار ، وسفيان ، وشعبة ، والمسعودي ، وعبد الله بن بديل بن ورقاء ، وأبا يعلى عبد الله بن عبد الرحمن الثقفي ، وعبد الجليل بن عطية البصري ، وعكرمة بن عمار ، وعلي بن مسعدة الباهلي ، وعمران القطان ، والمثنى بن سعيد الضبعي ، ويونس بن أبي إسحـاق ، وأبا حرة واصل بن عبد الرحمن ، وحماد بن سلمة ، وأبان بن يزيد ، ومالك بن أنس ، وعبد العزيز بن الماجشون ، وأمما سواهم .

    حدث عنه : ابن المبارك ، وابن وهب -وهما من شيوخه- وعلي ، ويحيى ، وأحمد ، وإسحاق ، وابن أبي شيبة ، وبندار ، وأبو خيثمة ، وأحمد بن سنان ، والقواريري ، وأبو عبيد ، وأبو ثور ، وعبد الله بن هاشم ، وعبد الرحمن بن عمر : رستة ، ومحمد بن يحيى ، وهارون بن سليمان الأصبهاني ، وعبد الرحمن بن محمد الحارثي كربزان ، ومحمد بن ماهان زنبقة ، وخلق يتعذر حصرهم .

    وكان إماما حجة ، قدوة في العلم والعمل .

    قال الخليلي : قال الشافعي : لا أعرف له نظيرا في هذا الشأن .

    قال أحمد بن حنبل : عبد الرحمن أفقه من يحيى القطان وقال : إذا اختلف عبد الرحمن ووكيع ، فعبد الرحمن أثبت ، لأنه أقرب عهدا بالكتاب ، واختلفا في نحو من خمسين حديثا للثوري قال : فنظرنا ، فإذا عامة الصواب في يد عبد الرحمن .

    قال أيوب بن المتوكل : كنا إذا أردنا أن ننظر إلى الدين والدنيا ، ذهبنا إلى دار عبد الرحمن بن مهدي .

    إسماعيل القاضي : سمعت ابن المديني يقول : أعلم الناس بالحديث عبد الرحمن بن مهدي . قلت له : قد كتبت حديث الأعمش ، وكنت عند نفسي أنني قد بلغت فيها ، فقلت : ومن يفيدني عن الأعمش ؟ فقال لي : من يفيدك عن الأعمش ؟ قلت : نعم . فأطرق ، ثم ذكر ثلاثين حديثا ليست عندي ، يتبع أحاديث الشيوخ الذين لم ألقهم أنا ولم أكتب حديثهم نازلا . قال إسماعيل : أحفظ من ذلك منصور بن أبي الأسود .

    قال محمد بن أبي بكر المقدمي : ما رأيت أحدا أتقن لما سمع ولما لم يسمع ولحديث الناس من عبد الرحمن بن مهدي إمام ثبت ، أثبت من يحيى بن سعيد ، وأتقن من وكيع ، كان عرض حديثه على سفيان .

    قال عبيد الله بن عمر القواريري : أملى علي عبد الرحمن عشرين ألف حديث حفظا .

    وقال عبيد الله بن سعيد : سمعت ابن مهدي يقول : لا يجوز أن يكون الرجل إماما حتى يعلم ما يصح مما لا يصح .

    قال علي بن المديني : كان علم عبد الرحمن في الحديث كالسحر .

    وقال أبو عبيد : سمعت عبد الرحمن يقول : ما تركت حديث رجل إلا دعوت الله له وأسميه .

    قال إبراهيم بن زياد سبلان قلت لعبد الرحمن بن مهدي : ما تقول فيمن يقول : القرآن مخلوق ؟ فقال : لو كان لي سلطان ، لقمت على الجسر ، فلا يمر بي أحد إلا سألته ، فإذا قال : مخلوق ، ضربت عنقه ، وألقيته في الماء .

    قال أبو داود السجستاني : التقى وكيع وعبد الرحمن في الحرم بعد العشاء ، فتواقفا ، حتى سمعا أذان الصبح . وروي عن ابن مهدي قال : لولا أني أكره أن يعصى الله ، لتمنيت أن لا يبقى أحد في المصر إلا اغتابني ! أي شيء أهنأ من حسنة يجدها الرجل في صحيفته لم يعمل بها ؟ ! .

    وعنه قال : كنت أجلس يوم الجمعة ، فإذا كثر الناس ، فرحت ، وإذا قلوا ، حزنت ، فسألت بشر بن منصور ، فقال : هذا مجلس سوء ، فلا تعد إليه ، فما عدت إليه .

    قال عبد الرحمن رسته : حدثنا يحيى بن عبد الرحمن بن مهدي ، أن أباه قام ليلة ، وكان يحيي الليل كله ، قال : فلما طلع الفجر رمى بنفسه على الفراش حتى طلعت الشمس ، ولم يصل الصبح ، فجعل على نفسه أن لا يجعل بينه وبين الأرض شيئا شهرين ، فقرح فخذاه جميعا .

    وقال رسته : سمعت ابن مهدي يقول لفتى من ولد الأمير جعفر بن سليمان : بلغني أنك تتكلم في الرب ، وتصفه وتشبهه . قال : نعم ، نظرنا ، فلم نر من خلق الله شيئا أحسن من الإنسان ، فأخذ يتكلم في الصفة ، والقامة . فقال له : رويدك يا بني حتى نتكلم أول شيء في المخلوق ، فإن عجزنا عنه ، فنحن عن الخالق أعجز ، أخبرني عما حدثني شعبة ، عن الشيباني ، عن سعيد بن جبير ، عن عبد الله: لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى قال : رأى جبريل له ست مائة جناح فبقي الغلام ينظر . فقال : أنا أهون عليك صف لي خلقا له ثلاثة أجنحة ، وركب الجناح الثالث منه موضعا حتى أعلم . قال : يا أبا سعيد ، عجزنا عن صفة المخلوق ، فأشهدك أني قد عجزت ، ورجعت .

    قال أبو حاتم الرازي : سئل أحمد بن حنبل عن يحيى وابن مهدي ، فقال : ابن مهدي أكثر حديثا .

    قال أحمد العجلي : شرب عبد الرحمن بن مهدي البلاذر وكذا الطيالسي ، فبرص عبد الرحمن ، وجذم الآخر . قال : وقيل لعبد الرحمن : أيما أحب إليك ، يغفر لك ذنبا ، أو تحفظ حديثا ؟ قال : أحفظ حديثا .

    أبو الربيع الزهراني : سمعت جريرا الرازي يقول : ما رأيت مثل عبد الرحمن بن مهدي . ووصف حفظه وبصره بالحديث .

    قال نعيم بن حماد : قلت لعبد الرحمن بن مهدي : كيف تعرف الكذاب ؟ قال : كما يعرف الطبيب المجنون .

    قال محمد بن أبي صفوان : سمعت علي بن المديني يقول : لو أخذت ، فحلفت بين الركن والمقام ، لحلفت بالله أني لم أر أحدا قط أعلم بالحديث من عبد الرحمن بن مهدي . سمعه أبو حاتم الرازي منه .

    أخبرنا محمد بن قيماز ، وغيره ، قالوا : أخبرنا عبد الله بن اللتي ، أخبرنا أبو الوقت ، أخبرنا عبد الله بن محمد الأنصاري ، أخبرنا عبد الجبار الجراحي ، أخبرنا ابن محبوب ، حدثنا أبو عيسى الترمذي ، سمعت محمد بن عمرو بن نبهان بن صفوان الثقفي ، سمعت علي بن المديني يقول : لو حلفت بين الركن والمقام ، لحلفت أني لم أر أحدا أعلم من عبد الرحمن بن مهدي .

    وبه إلى الترمذي : حدثنا أحمد بن الحسن ، قال أحمد بن حنبل : ما رأيت بعيني مثل يحيى بن سعيد ، وعبد الرحمن بن مهدي إمام .

    وقال زياد بن أيوب الطوسي : قمنا من مجلس هشيم ، فأخذ أحمد وابن معين وأصحابه بيد فتى ، فأدخلوه مسجدا ، وكتبنا عنه ، فإذا الفتى عبد الرحمن بن مهدي .

    محمد بن عيسى الطرسوسي : سمعت عبد الرحمن رسته يقول : كانت لعبد الرحمن بن مهدي جارية ، فطلبها منه رجل ، فكان منه شبه العدة ، فلما عاد إليه ، قيل لعبد الرحمن : هذا صاحب الخصومات . فقال له عبد الرحمن : بلغني أنك تخاصم في الدين . فقال : يا أبا سعيد ، إنا نضع عليهم لنحاجهم بها فقال : أتدفع الباطل بالباطل ، إنما تدفع كلاما بكلام ، قم عني ، والله لا بعتك جاريتي أبدا .

    قال ابن المديني : قال عبد الرحمن : اترك من كان رأسا في بدعة يدعو إليها .

    وقال ابن المديني : دخل على امرأة عبد الرحمن بن مهدي ، وكنت أزورها بعد موته ، فرأيت سوادا في القبلة ، فقلت : ما هذا ؟ قالت : موضع استراحة عبد الرحمن ، كان يصلي بالليل ، فإذا غلبه النوم ، وضع جبهته عليه .

    ويروى عن ابن مهدي قال : من طلب العربية ، فآخره مؤدب ، ومن طلب الشعر ، فآخره شاعر ، يهجو أو يمدح بالباطل ، ومن طلب الكلام ، فآخر أمره الزندقة ، ومن طلب الحديث ، فإن قام به ، كان إماما ، وإن فرط ، ثم أناب يوما ، يرجع إليه ، وقد عتقت وجادت .

    قال يحيى بن يحيى : كنت أسأل عبد الرحمن عن المشايخ بالبصرة.

    ونقل غير واحد عن عبد الرحمن بن مهدي قال : إن الجهمية أرادوا أن ينفوا أن يكون الله كلم موسى ، وأن يكون استوى على العرش ، أرى أن يستتابوا ، فإن تابوا ، وإلا ضربت أعناقهم .

    قال ابن المديني : ثم كان بعد مالك بن أنس عبد الرحمن بن مهدي ، يذهب مذهب تابعي أهل المدينة ، ويقتدي بطريقتهم .

    وقال : نظرت ، فإذا الإسناد يدور على ستة ، ثم صار علمهم إلى اثني عشر نفسا ، ثم صار علمهم إلى يحيى بن سعيد ، ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، وابن المبارك ، ووكيع ، وعبد الرحمن بن مهدي ، ويحيى بن آدم .

    قال علي : وأوثق أصحاب سفيان يحيى القطان وعبد الرحمن .

    قال أحمد بن حنبل : عبد الرحمن ثقة خيار صالح مسلم ، من معادن الصدق .

    قال ابن مهدي : كان أبو الأسود يتيم عروة أخا لهشام بن عروة من الرضاعة ، وقد قال هشام : حدثنا أخي محمد بن عبد الرحمن بن نوفل ، عن أبي ، قال : لم يزل أمر بني إسرائيل معتدلا ، حتى نشأ فيهم أبناء سبايا الأمم ، فقالوا فيهم بالرأي ، فضلوا وأضلوا .

    قال أيوب بن المتوكل : كان حماد بن زيد إذا نظر إلى عبد الرحمن بن مهدي في مجلسه ، تهلل وجهه .

    وقال صدقة بن الفضل المروزي الحافظ : أتيت يحيى بن سعيد أسأله ، فقال لي : إلزم عبد الرحمن بن مهدي ، وأفادني عنه أحاديث ، فسألت عبد الرحمن عنها ، فحدثني بها .

    قال أحمد بن سنان القطان : سمعت مهدي بن حسان يقول : كان عبد الرحمن يكون عند سفيان عشرة أيام ، خمسة عشر يوما بالليل والنهار ، فإذا جاءنا ساعة ، جاء رسول سفيان في أثره يطلبه ، فيدعنا ، ويذهب إليه .

    قال أحمد بن سنان : وسمعت عبد الرحمن يقول : أفتى سفيان في مسألة ، فرآني كأني أنكرت فتياه ، فقال : أنت ما تقول ؟ قلت : كذا وكذا ، خلاف قوله ، فسكت .

    قال ابن المديني : حدثنا عبد الرحمن ، قال لي سفيان : لو أن عندي كتبي ، لأفدتك علما .

    قال أحمد بن سنان : كان لا يتحدث في مجلس عبد الرحمن ، ولا يبرى قلم ، ولا يتبسم أحد ، ولا يقوم أحد قائما ، كان على رءوسهم الطير ، أو كأنهم في صلاة ، فإذا رأى أحدا منهم تبسم أو تحدث ، لبس نعله ، وخرج .

    قال أحمد بن سنان : سمعت عبد الرحمن يقول : عندي عن المغيرة بن شعبة في المسح على الخفين ثلاثة عشر حديثا -يعني الطرق .

    قال بندار : سمعت عبد الرحمن يقول : لو استقبلت من أمري ما استدبرت ، لكتبت تفسير الحديث إلى جنبه ، ولأتيت المدينة حتى أنظر في كتب قوم سمعت منهم .

    قال محمد بن عبد الرحيم صاعقة : سمعت عليا يقول : -وذكر الفقهاء السبعة- فقال : كان أعلم الناس بقولهم وحديثهم ابن شهاب ، ثم بعده مالك ، ثم بعده عبد الرحمن بن مهدي .

    وقال أحمد بن حنبل : إذا حدث عبد الرحمن عن رجل ، فهو ثقة .

    وقال علي : كان ورد عبد الرحمن كل ليلة نصف القرآن .

    وقال محمد بن يحيى الذهلي : ما رأيت في يد عبد الرحمن بن مهدي كتابا قط -يعني كان يحدث حفظا .

    وقال رسته : سمعت عبد الرحمن يقول : كان يقال : إذا لقي الرجل الرجل فوقه في العلم ، فهو يوم غنيمته ، وإذا لقي من هو مثله ، دارسه ، وتعلم منه ، وإذا لقي من هو دونه ، تواضع له ، وعلمه ، ولا يكون إماما في العلم من حدث بكل ما سمع ، ولا يكون إماما من حدث عن كل أحد ، ولا من يحدث بالشاذ ، والحفظ للإتقان .

    وقال ابن نمير : قال عبد الرحمن بن مهدي : معرفة الحديث إلهام .

    قال يوسف بن ضحاك : سمعت القواريري يقول : كان ابن مهدي يعرف حديثه وحديث غيره ، وكان يحيى القطان يعرف حديثه ، فسمعت حماد بن زيد يقول : لئن عاش عبد الرحمن بن مهدي ، لنخرجن رجل أهل البصرة .

    قال أبو بكر بن أبي الأسود : سمعت ابن مهدي يقول بحضرة يحيى القطان ، وذكر الجهمية ، فقال : ما كنت لأناكحهم ، ولا عُلَيَّة أصلي خلفهم .

    قال عبد الرحمن بن عمر رسته : سمعت عبد الرحمن يقول : الجهمية يريدون أن ينفوا الكلام عن الله ، وأن يكون القرآن كلام الله ، وأن يكون كلم موسى ، وقد وكده الله تعالى فقال : وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا .

    قال عبد الرحمن رسته : سألت ابن مهدي عن الرجل يبني بأهله ، أيترك الجماعة أياما ؟ قال : لا ، ولا صلاة واحدة . وحضرته صبيحة بني على ابنته ، فخرج ، فأذن ، ثم مشى إلى بابهما ، فقال للجارية : قولي لهما : يخرجان إلى الصلاة ، فخرج النساء والجواري ، فقلن : سبحان الله ! أي شيء هذا ؟ فقال : لا أبرح حتى يخرجا إلى الصلاة ، فخرجا بعدما صلى ، فبعث بهما إلى مسجد خارج من الدرب .

    قلت : هكذا كان السلف في الحرص على الخير .

    قال رسته : وكان عبد الرحمن يحج كل عام ، فمات أخوه ، وأوصى إليه ، فأقام على أيتامه ، فسمعته يقول : قد ابتليت بهؤلاء الأيتام ، فاستقرضت من يحيى بن سعيد أربع مائة دينار احتجت إليها في مصلحة أرضهم .

    ذكر أبو نعيم الحافظ لابن مهدي في الحلية ترجمة طويلة جدا ، فروى فيها من حديثه مائتين وثمانين حديثا وقد لحق صغار التابعين كأيمن بن نابل ، وصالح بن درهم ، ويزيد بن أبي صالح ، وجرير بن حازم ، وكان قد ارتحل في آخر عمره من البصرة ، فحدث بأصبهان .

    قال بندار : سمعت عبد الرحمن يقول : ما نعرف كتابا في الإسلام بعد كتاب الله أصح من موطأ مالك .

    وقال رسته : سمعت عبد الرحمن يقول : أئمة الناس في زمانهم : سفيان بالكوفة ، وحماد بن زيد بالبصرة ، ومالك بالحجاز ، والأوزاعي بالشام .

    أبو حاتم بن حبان : حدثنا عمر بن محمد الهمداني ، حدثنا عمرو بن علي ، سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول : حدثنا أبو خلدة ، فقال له رجل : أكان ثقة ؟ فقال : كان صدوقا ، وكان خيارا ، وكان مأمونا ، الثقة سفيان وشعبة .

    ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن سنان ، سمعت ابن مهدي يقول : لزمت مالكا حتى ملني ، فقلت يوما : قد غبت عن أهلي هذه الغيبة الطويلة ، ولا أعلم ما حدث بهم بعدي قال : يا بني ، وأنا بالقرب من أهلي ، ولا أدري ما حدث بهم منذ خرجت .

    قال ابن حبان في صدر كتابه في الضعفاء : إلا أن من أكثرهم : تنقيرا عن شأن المحدثين وأتركهم للضعفاء والمتروكين حتى يجعله لهذا الشأن صناعة لهم لم يتعودها -مع لزوم الدين ، والورع الشديد ، والتفقه في السنن- رجلين يحيى بن سعيد القطان ، وعبد الرحمن بن مهدي .

    قال سهل بن صالح : سمعت يزيد بن هارون يقول : وقعت بين أسدين : عبد الرحمن بن مهدي ويحيى القطان .

    قلت : توفي ابن مهدي بالبصرة في جمادى الآخرة سنة ثمان وتسعين ومائة .

    وعاش أبوه بعده ، وكان شيخا عاميا ، ربما كان يمزح بجهل ، ويشير إلى الجماعة إلى ابنه ، ويشير إلى متاعه ، فيقول : هذا خرج من هذا .

    وقال عبد الرحمن بن محمد بن سلم : سمعت عبد الرحمن بن عمر ، سمعت ابن مهدي يقول : فتنة الحديث أشد من فتنة المال والولد .

    قال أبو قدامة : سمعت ابن مهدي يقول : لَأَنْ أعرف علة حديث أحب إلي من أن أستفيد عشرة أحاديث .

    قال عبد الله أخو رسته : سمعت ابن مهدي يقول : محرم على الرجل أن يفتي إلا في شيء سمعه من ثقة .

    وعن عبد الرحمن أنه كان يكره الجلوس إلى ذي هوى أو ذي رأي .

    وقال رسته : قام ابن مهدي من المجلس ، وتبعه الناس ، فقال : يا قوم ، لا تطؤن عقبي ، ولا تمشن خلفي ، حدثنا أبو الأشهب ، عن الحسن ، قال عمران : خفق النعال خلف الأحمق قل ما يبقي من دينه .

    قال رسته : سألت ابن مهدي عن الرجل يتمنى الموت مخافة الفتنة على دينه ، قال : ما أرها بذلك بأسا ، لكن لا يتمناه مِن ضُرٍّ به ، أو فاقةٍ ، تمنى الموت أبو بكر وعمر ومن دونهما .

    وسمعت ابن مهدي يقول : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : دع ما يَريبُك إلى ما لا يَريبُك فقلت : الآمر رجل ، فقال : خذ بما لا يريبك حتى لا يصيبك ما يريبك -يعني الحيل .

    وبلغنا عن ابن مهدي قال : ما هو -يعني الغرام بطلب الحديث- إلا مثل لعب الحمام ونطاح الكباش .

    قلت : صدق والله إلا لمن أراد به الله ، وقليل ما هم .

    أخبرنا أبو حفص عمر بن عبد المنعم أخبرنا القاضي جمال الدين عبد الصمد بن محمد ، أخبرنا علي بن المسلم ، أخبرنا أبو نصر بن طلاب ، أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد بن جميع بصيدا ، حدثنا عبد الملك بن أحمد ببغداد ، حدثنا حفص بن عمرو الربالي حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن إسرائيل ، عن عبد الكريم ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن النفخ في الطعام والشراب .

    قال أبو عبيد الآجري : سمعت أبا داود يقول : قال أحمد بن سنان : سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول : لو كان لي عليه سلطان -على من يقرأ قراءة حمزة- لأوجعت ظهره وبطنه .

    قلت : جاء نحو هذا عن جماعة وإنما ذلك عائد إلى ما فيها من قبيل الأداء ، والله أعلم ، وقد استقر اليوم الإجماع على تلقي قراءة حمزة بالقبول .

    #1517803
    تجليآت
    مشارك

    عبدالله بن المبارك

    الإمام الكبير عبد الله بن المبارك من أعيان أئمة الإسلام وجهابذة الحفاظ، ترجمته حافلة بالمآثر والفضائل وانظر ترجمته في السير للذهبي فإنه أطال فيها وأطاب ـ رحمه الله ـ قال ابن كثير في البداية: وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَرْوَزِيُّ، كَانَ أَبُوهُ تُرْكِيًّا وكانت أمه خوارزمية، وُلِدَ سَنَةَ ثَمَانِ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ، وَسَمِعَ إِسْمَاعِيلَ بْنَ أَبِي خَالِدٍ، وَالْأَعْمَشَ، وَهِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ، وَحُمَيْدًا الطَّوِيلَ، وَغَيْرَهُمْ مِنْ أَئِمَّةِ التَّابِعِينَ، وَحَدَّثَ عَنْهُ خَلَائِقُ مِنَ النَّاسِ، وَكَانَ مَوْصُوفًا بِالْحِفْظِ وَالْفِقْهِ وَالْعَرَبِيَّةِ وَالزُّهْدِ وَالْكَرَمِ وَالشَّجَاعَةِ، وَلَهُ التَّصَانِيفُ الْحِسَانُ وَالشِّعْرُ الْمُتَضَمِّنُ حِكَمًا جَمَّةً، وَكَانَ كَثِيرَ الْغَزْوِ وَالْحَجِّ، وَكَانَ لَهُ رَأْسُ مَالٍ نَحْوُ أَرْبَعِمِائَةِ أَلْفٍ يَدُورُ يَتَّجِرُ بِهِ فِي الْبُلْدَانِ، فَحَيْثُ اجْتَمَعَ بِعَالِمِ بَلْدَةٍ أَحْسَنَ إِلَيْهِ، وَكَانَ يَرْبُو كَسْبُهُ فِي كُلِّ سَنَةٍ عَلَى مِائَةِ أَلْفٍ، يُنْفِقُهَا كُلَّهَا فِي أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْعِبَادَةِ، وَرُبَّمَا أَنْفَقَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: نَظَرْتُ فِي أَمْرِهِ وَأَمْرِ الصَّحَابَةِ، فَمَا رَأَيْتُهُمْ يَفْضُلُونَ عَلَيْهِ إِلَّا بِصُحْبَتِهِمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ: مَا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مِثْلُهُ، وَمَا أَعْلَمُ خَصْلَةً مِنَ الْخَيْرِ إِلَّا وَقَدْ جَعَلَهَا اللَّهُ فِي ابْنِ الْمُبَارَكِ ـ ثم ذكر طرفا من أخباره ثم قال: وَفَضَائِلُهُ وَمَنَاقِبُهُ وَمَآثِرُهُ كَثِيرَةٌ جِدًّا، قَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى قَبُولِهِ وَجَلَالَتِهِ وَإِمَامَتِهِ وَعَدْلِهِ، تُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ بِهَيْتَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ ـ يعني سنة إحدى وثمانين ومائة ـ فِي رمضانها عن ثلاث وستين سنة. انتهى
مشاهدة 15 مشاركة - 91 إلى 105 (من مجموع 107)
  • يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.

يستخدم موقع مجالسنا ملفات تعريف الارتباط الكوكيز لتحسين تجربتك في التصفح. سنفترض أنك موافق على هذا الإجراء، وفي حالة إنك لا ترغب في الوصول إلى تلك البيانات ، يمكنك إلغاء الاشتراك وترك الموقع فوراً . موافق إقرأ المزيد