بقلم: عمـاد عريـان

حتي وإن حمل المستقبل القريب أو البعيد مزيدا من التطور المذهل في عالم الاتصال الالكتروني‏,‏ فلا شك في أن العالم يعيش في الوقت الراهن بالفعل ثورة غير مسبوقة في هذا المجال‏,‏ لدرجة أن التطورات المتلاحقة تنسخ ماقبلها أو سبقها بأيام محدودة‏,‏ ومن دلائل ذلك القريبة جدا مسألة وثائق ويكيليكس الخاصة بالحرب الأمريكية في أفغانستان‏,‏ ثم تلك القضية المتفاعلة المتعلقة بجهاز البلاك بيري الذي تحول الي صداع في رأس عدد من حكومات الدول لكونه يغرد منفردا خارج السرب الأمني ويصعب مراقبة بعض خواصه ومزاياه في مجال الا

وتمنح ديمقراطية المعرفة الالكترونية للقارئ أو الانسان بشكل عام ميزة فريدة من نوعها عندما تلغي الحلقات الوسطية بينه وبين الوثيقة الأصلية أو المصدر الأول للمعلومة أو الحدث‏,‏ فيصل اليه دون تشويه أو تلوين‏,‏ وهو ما أزعج الإدارة الأمريكية علي سبيل المثال في قضية تسريب الوثائق الأخيرة الخاصة بالحرب الافغانية‏,‏ وتلك حالة من الديمقراطية غير مسبوقة في تاريخ الاعلام وما كان لها أن تتحقق دون هذا التطور المذهل علي الشبكة الالكترونية وظهور مواقع أقوي تأثيرا وأسرع وصولا من الوسائل التقليدية‏.‏ وغني عن الذكر هنا مواقع تويتر والفيس بوك واليوتيوب‏,‏ ومئات وربما آلاف المدونات الشخصية التي جعلت من توقعات طرحت قبل أعوام عدة عن ظهور أنماط جديدة من الصحافة حقيقة واقعة وعلي رأسها صحافة الناس التي يكون رجل الشارع العادي طرفا ومشاركا رئيسيا في صنعها وليس مجرد مستهلك لها‏.‏
ومن الطبيعي أن تمثل تلك الوقائع وهذه التطورات خطرا كبيرا علي الأوضاع الأمنية في كثير من الدول‏,‏ بل قد تؤدي الي كثير من الاضطرابات وزعزعة الاستقرار وربما تهديد السلم الاجتماعي في بعض الدول إذا ما أسيء استخدامها وخرجت عن الحد المعقول‏,‏ فضلا عن الهاجس الأمني الفطري لدي كثير من الحكومات مما دفعها علي سبيل المثال الي حظر استخدامات البلاك بيري لانه خارج السيطرة الأمنية‏,‏ وبذلك فإن معركة المستقبل في مجال الاعلام قد تنحصر في هذا القطاع بين من يسعون الي تكريس ديمقراطية المعرفة الالكترونية وبين من يحاولون فرض المنطق الأمني حتي لا يتحول الفضاء الالكتروني الي فوضي الكترونية أو ديمقراطية اعلامية يصعب السيطرة عليها‏.‏