الرئيسية منتديات مجلس القانون والقضايا والتشريعات أهلية الإنسان في نظر القانون

مشاهدة مشاركاتين - 1 إلى 2 (من مجموع 2)
  • الكاتب
    المشاركات
  • #389235
    مجد العرب
    مشارك

    عوارض الأهلية

    رأينا فيما مضى من الكلام والعبارات والنقاط توضح أهلية الإنسان التي تخوله القيام بإجراء التصرفات القانونية ، وتفرض عليه الالتزامات في ذمته . وكيف أن عامل السن يلعب دورا مهما في تمتع الإنسان بأهليته من حيث التأثير على الوقوف بمدى نفاذ التصرف الذي قام به أو بطلانه أو إجازته بالإجازة اللاحقة .

    ورأينا أن العقل جوهر الإنسان الذي من خلاله يدرك التصرف الذي يجريه ومدى خطورته على ذمته المالية ، إذا لم يكن قد أحاط به بنوع من أنواع عوارض الأهلية التي تشوب وتفسد عامل التمييز والإدراك .

    فليس صحيحا كل شخص بلغ سن الرشد أي أصبح كاملا الأهلية ، يستطيع مباشرة جميع الحقوق الممنوحة له قانونا إذا ما أراد القيام بإجراء أي نوع من التصرفات القانونية الملزمة له والمرتبة عليه .

    فقد يصاب العقل بعارض من عوارض الأهلية ، فيفسد قدرته على التمييز والإدراك ، فيجعله عديم الأهلية ، أو ناقص الأهلية ، مما يثقل على كاهل ذمته بالالتزامات المفقرة للذمة المالية هو في غنى عنها ، أو تسول نفوس الآخرين بسوء النية إلحاق الضرر بالشخص المصاب بعارض من عوارض الأهلية .

    وبهذا تدعونا المناسبة للتعرض على هذه العوارض ونلقي بعض الضوء عليها للبيان والتوضيح ، وأيضا التطرق بشيء من الأحكام القانونية التي وضعها المشرع لحماية حقوق هؤلاء الأشخاص للتعرض عليها ومن عبث العابثين ، والحفاظ عليها في حدود مصلحتهم .

    ومن هذه العوارض التي تصيب عقل الإنسان ( الجنون والعته ، والسفه والغفلة ) .

    أولا : الجنون والعته .

     يعرف الجنون أنه مرض يصيب عقل الإنسان فيذهب به ويفقده القدرة على التمييز . أما العته فهو مرض آخر لا يذهب بالعقل تماما ، إنما يجعل به مشوش الفكر غير قادر على تدبير أموره على نحو يقربه من عديم التمييز[1] .

    فكل من المجنون والمعتوه فرض لهما المشرع المدني أحكاما خاصا تحمي حقوقهما ، وذلك بجعل أي نوع من التصرف القانوني الذي يقوما به سواء كان نافعا نفعا محضا ، أم ضارا ضررا محضا ، أم الدائرة بين النفع والضرر فحكمه باطل بطلانا مطلقا ، أي لا يرتب على التصرف أي أثر قانوني ، فمثلا إن كان بيعا فعقد البيع ينقل ملكية المبيع إلى المشتري ، فيعد نقل الملكية للمشتري هنا أثرا قانونيا . وفي مثالنا هنا تطبق الحالة على المجنون وعلى المعتوه إن كنا بائعا أو مشتريا .

     والجنون نوعان كما ميزه فقهاء الشريعة الإسلامية ، وأطلق عليهما الأول بالجنون المطبق أي لا يفيق منه المصاب أبدا ، فتصرفاته تكون باطلة بطلانا مطلقا . والنوع الآخر بالجنون غير المطبق أي المصاب يفيق من المرض برهة ثم يعود عليه برهة أخرى وهكذا . ففي هذه الحالة فرق الفقهاء في الحكم بين بطلان التصرف وبين النفاذ أو الإجازة ، فيكون التصرف باطلا في حالة عدم الإفاقة ، وصحيحا في حالة الإفاقة .

     ويأخذ نفس الحكم إذا قام الشخص بالتصرفات القانونية قبل إصابته بمرض الجنون أو العته ، فتكون صحيحة ، وباطلة إذا أجراها بعد إصابته بالمرض .

    والحكمة من جعل المجنون والمعتوه في حكم عديم الأهلية لعدم قدرتهما على التمييز والإدراك .

    ثانيا : السفه والغفلة.

     أما السفه فيقصد به خفة تحمل على الإسراف في الإنفاق على غير ما يقضي به العقل . وأما الغفلة فيقصد بها سلامة النية أو السذاجة التي تؤدي بالشخص على سهولة الوقوع في الغبن[2] .

    فالسفيه وذو الغفلة يأخذ حكم ناقص الأهلية ، بمعنى أن التصرفات التي يعود النفع عليهما نفعا محضا تكون صحيحة ، وباطلة إذا كانت ضارة ضرر محض ، وقابلة للإبطال لمصلحتهما ، أو موقوفة لحين إجازتها بالإجازة اللاحقة إذا كانت دائرة بين النفع والضرر .

     والحكمة من جعل السفيه وذي الغفلة في حكم ناقص الأهلية ليس لعدم قدرتهما على التمييز والإدراك ، بل لعدم حسن التصرف أو التقدير .

     

    وبعد المعطيات التي رأيناها في الموضوع ، نلاحظ أن الحماية القانونية لهذه الفئة من المجتمع جاءت في محلها لتبقى هذه الطبقة تتمتع بحقوقها بعدالة وعدم مساسها بدون وجه حق ، وأيضا نكسر شوكة العبث العابثين .

    وبهذه المناسبة لا ينبغي أن نتبع القول الذي يقضي أن القانون لا يحمي المغفلين ، والذي سبق أن طرحنا الموضوع في هذا المنتدى .



    [1]  . النظرية العامة للقانون للدكتور مصطفى محمد الجمال و الدكتور عبدالحميد محمد الجمال . صفحة 456 .

    [2]  . نفس المرجع السابق صفحة 457 .

    #527395

    شكرن علا الموضوع الحلوووو

مشاهدة مشاركاتين - 1 إلى 2 (من مجموع 2)
  • يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.

يستخدم موقع مجالسنا ملفات تعريف الارتباط الكوكيز لتحسين تجربتك في التصفح. سنفترض أنك موافق على هذا الإجراء، وفي حالة إنك لا ترغب في الوصول إلى تلك البيانات ، يمكنك إلغاء الاشتراك وترك الموقع فوراً . موافق إقرأ المزيد