لذلك ……. عمان تكبر
——————————–
بقلم / حمود بن سالم السيابي
——————————–
وحيدا في بساطك … ومعك المصباح والخارطة .
وكان ليل الزمايم باردا ككل ليال الشتاء ، والريح تعوي ومعها ذرات الرمل اللاسعة كأسنة من ثلج .
وبدلا من أن تتدثر بالخيمة وتوصد فتحاتها عليك ، تحرضك الخارطة لتبسطها على بساطك ولتتبع خطوط الطول والعرض ، ولتقيم المكاسب والإستحقاقات بطول الطول وعرض العرض .
لعل بين تقاطعات الخطوط من يحتاج للدفئ فتلملم بعثرته ببيت وقوده الأماني الكبار .
ولعل في الخارطة قرية معلقة في الذرى القريبة من الشمس ، ولم تتخضب بالإسفلت لتكاسل وزارة المواصلات عن الصعود إليها لتدلق على دروبها قوارير الكحل .
ولعل كهلا سيذرع الوهاد مشيا ، لأن وزارة الصحة لم تقرأ الوصفة الصحيحة لعمره ووجعه .
ولعل شابا يتوسد ليلة قدره فينتظرك تحت سمرة عطشى بأمنية الوظيفة والغد الأخصر .
ولعل طفلا يحلم بالطبشور وعلبة الألوان فتناسته وزارة التربية والتعليم بحجة الموازنة والمخصصات والإعتمادات .
ولعل سجينا يئن في زنزانته لأن عوزه حال دون الوفاء بحقوق الآخرين عليه . وكنت كما أنت دوما الأمل والحلم والبلسم والرجاء .
لقد نامت عيون المخيم وبردت فتائل القناديل ، وسبح الراقدون في ديم الأحلام ، لشعورهم أنهم استكملوا تكليفاتهم الوظيفية فناموا ، ووحدك في هذا الهزيع الأخير من الليل تسامر قنديلك ولم تنم، ، لأن تكليفك الوطني يبدأ ولا بنتهي ، وقنديلك يحفز فتيلته لتغطس عميقا في خزين الزيت لتشع ولا تبرد .
ووحدك تسرج صهوات هممك لتفرج عن همومنا ، وتعاف اجفانك النوم قبل أن تطمئن على بلوغ قاطرة عطاياك كل المحطات في نفس الوقت ، وتتأكد من أن كل المنتظرين في كل المرافئ نالوا حصصهم بالتساوي وفي نفس الوقت .
وحيث يشيرإصبعك في الخارطة تجدنا هناك بطلباتنا التي لا تنتهي ، ونجدك هناك بسخائك الذي لا ينتهي .
وحيث تتجه بعينيك في الخارطة نكون هناك بأمانينا ، وتكون قبلنا هناك وانت أكبر من كل أمانينا .
لذلك عمان تكبر تكبر وتكبر ، لأنك أنت تسهر وتسهر وتسهر .
وتبقى وحيدا على بساطك المغزول بالتقشف والزهد ، ومعك المصباح والخارطة ، يا مصباح العمر وزينة المكان والخارطة .
——————–
صفحة من دفتر ذكرياتي بالسيوح السلطانية .