مشاهدة مشاركة واحدة (من مجموع 1)
  • الكاتب
    المشاركات
  • #448324
    مجد العرب
    مشارك

    وبهذا العرض السريع كما رأينا عن أركان وشروط وخصائص وآثار عقد البيع ، يدعونا الأمر إلى السير بخطى متأنية للوصول إلى محطة الشكلية في عقد البيع .

    فإذا ما أردتُ تعريف الشكلية في عقد البيع من أجل بيان معناه وتوضيح مقصده ، فإن ذلك يمكن لي الإنطلاق من نقطة مقاصد القانون ، وليس من المقاصد المتداولة عند العامة ــ عامة الناس ــ باعتبار أن ذلك يغير المعنى والمقصد المراد به عند تطبيق القانون إذا ما اعتبرنا مقاصد عامة الناس مأخوذة بالحسبان ، إلا أن ذلك لا يحول بين الأخذ بها إذا كانت توافق مقاصد المشرع التي يبتغيها عند سن القوانين .

    والآن مع تعريف الشكلية في عقد البيع

    معنى الشكلية في عقد البيع فيراد به الإجراءات القانونية الواجب إتباعها عند انعقاد العقد الذي يتطلب شكلية معينة والتي بموجبها تنتقل ملكية المبيع من مالكه القديم إلى المالك الجديد ، وأن إهمال هذه الشكلية سواء بقصد أو دون قصد ، فإنه يرتب أو يؤدي إلى بطلان العقد وما يلي البطلان من حيث عدم ترتب أي آثار قانونية المعروف عنها في العقد الباطل .

    إذا عندما يتطلب القانون في عقد البيع إتباع شكلية معينة ، فيجب مراعاة هذه الشكلية ، أو بمعنى آخر ينبغي الأخذ في الإعتبار هذه الشكلية لجواز العقد ونفاذه ، فذلك يعد شرطا لصحة هذا العقد ليكون نافذا على طرفيه ، ومنتجا لآثاره .

    والسؤال المفترض الذي قد يبدر في ذهن القارئ أين يمكن أن نجد الشكلية في عقد البيع ؟

    وللإجابة على هذا التساؤل يتطلب منا الرجوع إلى أركان العقد ، وقد لاحظنا أن للعقد ثلاثة أركان وهي : ركن الرضا ، وركن المحل ، وركن السبب . والمعروف في القانون على أن أي عقد يفقد ركن من أركانه يعتبر العقد باطل .

    فإذا أتينا إلى ركن الرضا فلن نجد الشكلية التي هي موضع البحث ، ذلك أن الرضا عبارة عن توافق الإيجاب والقبول ، وتدخل فيه عيوب الرضا كالإكراه والتغرير والتدليس والغُبن .

    وإذا أتينا إلى ركن السبب فلن نجد أيضا الشكلية فيه ، ذلك أن السبب عبارة عن الغاية من العقد .

    أما ركن المحل ، فسوف نجد الشكلية في هذا الركن ، ذلك أن المحل عبارة عن الشيء المعقود عليه ، ويطلق عليه بمصطلح محل العقد .

    فلا نتصور وجود عقد قائم من دون وجود الشيء المعقود عليه ، فالعقد في هذه الحالة لا يتم أبدا . مثلا لا يمكن أن تشتري سيارة من شخص وتسلمه ثمنها دون وجود السيارة ذاتها ، فهنا لا يوجد عقد .

    إذا محل العقد ضروري وجوده الذي يعتبر ركن من أركان العقد ، وانتفاؤه يعني انتفاء العقد .

    فحين ننظر إلى محل العقد سنجده ينقسم إلى نوعين :

    النوع الأول : سنجده عبارة عن منقولات ، مثل فواكه وخضروات ، أدوات مدرسية ، سيارات ، وأي شيء يمكن نقله من مكان إلى مكان ، كله أو جزء منه .

    أما النوع الثاني : سنجده عبارة عن عقارات ، مثل منازل ثابتة ، أراضي خالية من بنيان ، أراضي زراعية ، وأي شيء لا يمكن نقله من مكان إلى مكان ، كله أو جزء منه ، ويدخل ضمن الحكم عقارات بتخصيص وهي منقولات ، ولكن خصصت لخدمة العقار ، مثل نوافذ وأبواب ، آلات زراعية إلى آخره .

    فإذا جئنا بالشكلية في العقد بالنسبة للنوع الأول ، سنجد أن الشكلية ينعدم وجودها في المنقولات ، يستثنى من هذا السيارات والمركبات التي تتطلب التسجيل لدى سلطات التسجيل أو التراخيص .

    فالعقد في المنقولات يتم ويكون صحيحا بتوافر أركانه وشروطه دون وجود ولزوم الشكلية فيه ، باستثناء ما يتطلب من المنقولات وجوب القيام بالإجراءات القانونية التي تطلبها القانون كتسجيل المركبات الآلية لدى سلطات التراخيص ، وكذلك الحال يأخذ في نفس الحكم بالنسبة للطائرات والسفن .

    أما بالنسبة للنوع الثاني ، سنجد أن الشكلية من الأساسيات لصحة العقد ، ويوجب قانونا إتباعها .

    فالعقد في العقارات لا يتم ولا يكون صحيحا ولو توافر أركانه وشروطه ، ما لم تراعَ الشكلية في عقد بيع العقارات .

    فلو قام زيد وباع سيارته لعمر ، واتفقا على السعر ، وشاهد عمر السيارة محل العقد ورضي بها ، وأبرما عقد بيع السيارة ، ولم يذهبا إلى دائرة التراخيص لنقل الملكية .

    فإن هذا البيع بالرغم من توافر أركانه وشروطه ، إلا أنهما لم يقوما بالإجراءات الشكلية التي يتطلبها القانون ، وهي أن يذهب البائع والمشتري أو من ينوب عنهما بوكالة شرعية خاصة إلى دائرة التراخيص ليشاهد الموظف المختص واقعة البيع أمامه .
    فيعد هذا العقد صحيح في نظر أطرافه ، نظرا لتوافر أركانه وشروطه ، إلا أنه يعد باطلا في نظر القانون لتخلف الشرط اللازم لتمام العقد وهو الشكلية ، ويترتب على هذا أي البطلان بقاء الآثار القانونية منتجة على مالك السيارة القديم .

    فيكون مالك السيارة القديم مسؤولا أمام القانون في كل ما يتعلق بهذه السيارة ، وتبقى هذه السيارة مسجلة باسمه ، ويتحمل ما يجب تحمله مما يترتب عليها السيارة من رسوم التسجيل والغرامات في حالة وجودها ، ولا يستطيع الدفع بعدم مسؤوليته علي هذه السيارة بحجة أنه باعها على عمر .

    وما يسري في الحكم على المنقولات التي تحتاج إلى إجراءات التسجيل ( الشكلية ) ، يسري على العقارات أيضا .

    فيا أخي القارئ العزيز لا تقع في خطأ بنسبة لهذه الأمور ، والذي قد يكلفك الكثير من الوقت المال .

مشاهدة مشاركة واحدة (من مجموع 1)
  • يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.

يستخدم موقع مجالسنا ملفات تعريف الارتباط الكوكيز لتحسين تجربتك في التصفح. سنفترض أنك موافق على هذا الإجراء، وفي حالة إنك لا ترغب في الوصول إلى تلك البيانات ، يمكنك إلغاء الاشتراك وترك الموقع فوراً . موافق إقرأ المزيد