الرئيسية › منتديات › مجلس أخبار ومقالات › صنع في أمريكا .. بن لادن !!
- This topic has رديّن, مشارك واحد, and was last updated قبل 23 سنة، 11 شهر by
خالد.
-
الكاتبالمشاركات
-
22 سبتمبر، 2001 الساعة 5:27 ص #343281
خالد
مشاركمن سيرة أسامة بن لادن
ولد أسامة بن لادن سنة 1377 هجرية 1957 ميلادية لأم سورية دمشقية من وكان ترتيبه بين إخوته وأخواته الثالث والأربعين وترتيبه بين الذكور الحادي والعشرين من أبناء المقاول المشهور محمد عوض بن لادن.
والده
كان والد أسامة محمد عوض بن لادن قد وصل إلى جدة من حضرموت في حدود سنة 1930 ميلادية، ويذكر عنه من عرفه أنه كان قمة في المثابرة و العصامية و الاعتماد على النفس و لذلك لم تمض سنين قليلة حتى تحول محمد بن لادن من مجرد حمال في مرفأ جدة البسيط إلى اكبر مقاول إنشاءات في المملكة. إضافة إلى مثابرته فقد كان جريئا ومستعدا للمجازفة حيث تمكن من خلال هذه الجرأة من إقناع الملك سعود أنه الأقدر على المشاريع الصعبة وذات طابع التحدي و تمكن خلال فترة الملك من بناء علاقة جيدة مع كبار العائلة الحاكمة بما فيهم فيصل الذي كان أميرا آنذاك. وعندما حصل الخلاف المشهور بين فيصل و سعود كان من ضمن من أقنع الملك سعود بالتنحي لصالح فيصل.
لم يقف فضل محمد بن لادن على فيصل عند دوره في تنحي سعود بل إن بن لادن أمن رواتب كل موظفي الدولة تقريبا لمدة تقترب من ستة أشهر بعد مغادرة سعود حين كانت الخزينة فارغة تماما. ولرد الجميل أصدر الملك فيصل مرسوما بتحويل كل عقود الإنشاءات على محمد بن لادن وكلفه عمليا بوزارة الإنشاءات.
وفي سنة 1969 ميلادية تكفل محمد بن لادن بإعادة بناء المسجد الأقصى بعد الحريق الذي تعرض له و كان قد ساهم في التوسعة السعودية الأولى للحرمين و لذلك يقول آل بن لادن أنهم تشرفوا ببناء المساجد الثلاثة.
كان محمد بن لادن رجلا متدينا كريما متواضعا رغم ما آل إليه حاله من يسر وغنى، وكان قد احتفظ بالكيس “القفة” التي كان يستخدمها عندما كان حمالا وعلقها في مجلس منزله للافتخار بمثابرته و لتذكير نفسه وأبناءه أنه كان أمرءا بسيطا قبل أن يصبح أكبر مقاول في المنطقة. وتوفي محمد بن لادن سنة 1970 ميلادية في حادث سقوط طائرة يقال أنه كان يتفقد فيها مشروع طريق الهدا المشهور.
كانت شخصية محمد بن لادن شخصية قوية وكان يبقي جميع أبنائه في سكن واحد وكان شديدا في الحرص على انضباطهم والتزامهم من الناحية الشرعية و الأخلاقية.
توفي محمد بن لادن عندما كان عمر أسامة تسع سنين ونصف، وكان أقوى شخص في العائلة بعد الأب هو الابن الأكبر سالم من لادن والذي كان ذو شخصية قوية كذلك و هيبة و يقال أن الملك فهد لم يتمكن من إجبار العائلة على إدخاله شريكا إلا بعد وفاة سالم في حادث سقوط طائرة كذلك حيث لم يتمكن بكر بن لادن من ملئ الفراغ الذي تركه سالم.
دراسته و زواجه
نشا أسامة نشأة صالحة و كان متدينا منذ صغره و تزوج عندما كان سنه سبعة عشر عاما زواجه الأول من أخواله من الشام. كانت دراسته الابتدائية و الثانوية و الجامعية في جدة. وكانت دراسته في الجامعة في علم الإدارة العامة. وخلال دراسته اطلع على أنشطة التيارات الإسلامية المشهورة وتعرف على كثير من الشخصيات الإسلامية ولم يكن هناك أمر متميز خلال دراسته.
وخلافا لما تزعم بعض الصحف العربية و الغربية فلم يسافر أسامة لأي بلد غير دول الجزيرة العربية و باكستان و أفغانستان و سوريا والسودان. وكل ما يقال عن رحلات لسويسرة و لندن و الفليبين ليس لها أساس من الصحة. و لا تصح كذلك المزاعم بأن أسامة لم يتدين إلا بعد مرحلة من الانحراف فهذه المزاعم ليس لها اصل.
كيف تشكلت عقلية بن لادن؟
بالإضافة إلى الجو المحافظ الذي نشأ فيه أسامة كان محمد بن لادن والد أسامة يستضيف أعدادا كبيرة من الحجاج كل عام بعضهم من الشخصيات الإسلامية المعروفة، و قد استمرت هذه العادة على يد إخوان أسامة بعد وفاة والده مما ساعد في استمرار توفر الفرصة له للاستفادة من بعض الشخصيات المتميزة بين أؤلئك الضيوف.
لكن في الجامعة كان هناك شخصيتين كان لهما أثر متميز في حياته هما الأستاذ محمد قطب و الشيخ عبد الله عزام، حيث كانت مادة الثقافة الإسلامية إجبارية لطلاب الجامعة.
بن لادن يبدأ الجهاد
بدأت علاقة أسامة مع أفغانستان منذ الأسابيع الأولى للغزو الروسي لذلك البلد، فلقد صدمه خبر احتلال بلد مسلم وتشريد أهله بهذه الطريقة من قبل الملحدين الشيوعيين. أحب أسامة في وقت مبكر أن يطلع على الوضع بنفسه فرتب مع الجماعة الإسلامية رحلة إلى باكستان حيث أصطحب من كراتشي إلى بيشاور من قبل الجماعة و هناك قابل مجموعة من قيادات المجاهدين أمثال سياف و رباني ممن لم تكن أسماؤهم غريبة عليه حيث أن بعضهم كان ممن يحضر إلى مضافة والده في الحج و المواسم . حرص أسامة أن يبقي أمر تلك الرحلة في البداية طي الكتمان لأنه لم يكن يعلم توجه الدولة كما حرص أن يعطيها طابعا استكشافيا قبل أن يتخذ قرارا بخصوص ذلك الموضوع. استغرقت الرحلة شهرا وأقتنع من خلالها أن القضية تستحق أن تعطى جل اهتمامه.
بعد عودته إلى المملكة واطمئنانه إلى إمكانية البوح بخبر الرحلة بدأ يتحدث مع إخوانه و أقاربه و زملائه في الدراسة حول مشاهداته و تمكن من تنفيذ حملة علاقات عامة لصالح المجاهدين. كانت نتيجة تلك الحملة كمية هائلة من التبرعات المالية و العينية للمجاهدين. حمل أسامة تلك التبرعات وذهب في رحلة أخرى إلى باكستان مصطحبا معه عددا كبيرا من الباكستانيين و الأفغان الذين يعملون في مؤسسة بن لادن. بقي أسامة هناك لمدة شهر مرة أخرى. كرر أسامة هذه الرحلات حاملا معه التبرعات و مصطحبا عددا من الناس من جنسيات مختلفة مكتفيا بمناطق المعسكرات والمخيمات دون الدخول على أفغانستان. إلى عام 1982 ميلادية.
في عام 1982 قرر أسامة اجتياز الحدود و الدخول إلى أفغانستان و المشاركة في الجهاد. رأى أسامة الطبيعة الجبلية الصعبة لأفغانستان فقرر الاستفادة من تجربته في المقاولات و جلب عددا هائلا من المعدات و الجرارات والحفارات لمساعدة المجاهدين على تمهيد الجبال و شق الطرق وإنشاء المعسكرات. وتكررت زيارة أسامة إلى أفغانستان و إشرافه على نقل الأموال والسلاح والمعدات ومساهمته بعض الأحيان في بعض المعارك لكن بشكل غير منتظم. و كان بعض أهل الجزيرة قد تأثروا بزيارات أسامة و بدأوا يتقاطرون على أفغانستان لكن بأعداد قليلة حيث لم تتحول القضية بعد إلى حملة شعبية وتنتظم في مؤسسات و مكاتب و معسكرات.
في عام 1984 ظهر أول نموذج لعمل مؤسسي لجهاد العرب في أفغانستان و هو بيت الأنصار في بيشاور. أسس بيت الأنصار كمحطة نزل أولي أو استقبال مؤقت للقادمين للجهاد قبل توجههم للتدريب و من ثم للمساهمة في الجهاد. ورغم تأسيس بيت الأنصار فلم يكن عند أسامة جهازه الخاص أو بنية تحتية من معسكرات ومخازن وإمداد واتصال، ولم تكن له جبهة خاصة به، بل كان يرسل الشباب القادمين إلى أحد الأحزاب المقاتلة مثل حكمتيار وسياف أورباني.
تزامن تأسيس بيت الأنصار مع تأسيس مكتب الخدمات في بيشاور من قبل الشيخ عبد الله عزام رحمه الله. وقد أدى تأسيس المكتب إلى نوع من التكامل مع بيت الأنصار حيث يؤدي المكتب المهمة الإعلامية وجمع التبرعات وحث المسلمين وخاصة العرب على الجهاد بالنفس والمال ويؤدي البيت المهمة العملية في استقبال وتوجيه الراغبين في الجهاد أو الاطلاع على أوضاع الأفغان. وخلال تلك الفترة توثقت علاقة الشيخ عبد الله بأسامة لكن رأى الاثنان أنه ليس من المصلحة دمج عملهما ومن الأفضل تعدد الواجهات مع التنسيق الجيد.
في سنة 1986 قرر أسامة أن يتوسع في تنظيم العملية الجهادية و يكون له معسكراته و خطوط إمداده. وفعلا تمكن أسامة من تشييد ستة معسكرات وتمكن من خلال خبرته في الإنشاءات من تحريكها و نقلها أكثر من مرة تبعا لظروف الحرب. وبعد تجربة المعسكرات و بعد تمكن أسامة من تبني المجاهدين العرب منذ وصولهم إلى تدريبهم إلى إشراكهم في المعارك أصبحت فكرة المشاركة في الجهاد ذات جاذبية شديدة لأن الشباب أصبحوا يتناقلون أخبار بساطة الفكرة وتقليل هيبة المشاركة في الجهاد كون الذي يستقبل ويدرب ويقود كلهم من العرب.
وفي تلك الفترة تقاطر على بيت الأنصار و المعسكرات عدد هائل من المجاهدين العرب كان من بينهم طالب الثانوية والطالب الجامعي أو ربما الأمي أو التائب من بعض الكبائر وكان من بينهم المهندس والطبيب بل والضابط القدير المتمرس في القتال.
شارك المجاهدون العرب في مناوشات عديدة و قتال محدود في البداية ثم دخلوا في معارك طاحنة كان أشهرها معركة جاجي في نهاية ذلك العام والتي هزم على يد المجاهدين العرب فيها وحدات من أفضل الروس تدريبا وأفضلهم تسليحا وقتل فيها عدد من ذروة رجال الكوماندس الروس.
ومنذ عام 1986 إلى عام 1989 دخل المجاهدون العرب في خمسة معارك كبرى مع الروس ومئات من المواجهات والمناوشات الصغيرة. وكانت تلك الفترة من أجمل الفترات للمجاهدين بسبب توفر الفرصة للقيام بالجهاد دون مضايقات من حكام المملكة أو الحكومة الباكستانية. وخلال تلك الفترة لم يكن أسامة يعود للملكة إلا قليلا ويقضي معظم أيام السنة في أفغانستان جهادا وتدريبا وإشرافاً على المجاهدين، ومع ذلك فقد بارك الله في الشركة رغم بعده وانشغاله عنها.
الـقـــــــــاعدة
في نهاية الثمانينات وبالتحديد في سنة 1988 لاحظ أسامة إن حركة المجاهدين العرب قدوما وذهابا والتحاقا بالجبهات بل وحتى كثرة الإصابات والاستشهاد قد ازدادت دون أن يكون لديه سجل عن هذه الحركة رغم أهميتها وكونها من ألف باء الترتيب العسكري. وكان نقص هذه المعلومات سببا لإحراج أسامة في أحايين كثيرة مع بعض العوائل التي تسأل عن أبنائها بالهاتف أو حتى من خلال إرسال مندوب عنها للتعرف على مصير عضو العائلة الذي التحق بأسامة، حيث أحس أسامة أن نقص هذه المعلومات أمر مخجل فضلا عن إنه خطأ إداري مبدئي. من هنا قرر أسامة ترتيب سجلات للأخوة المجاهدين العرب.
ووسعت فكرة السجلات لتشمل تفاصيل كاملة عن كل من وصل أفغانستان بترتيب من مجموعة الشيخ. ورتبت السجلات بحيث تتضمن تاريخ وصول الشخص والتحاقه ببيت الأنصار ثم تفاصيل التحاقه بمعسكرات التدريب ومن ثم التحاقه بالجبهة. وأصبحت السجلات مثل الإدارة المستقلة وكان لا بد من إطلاق اسم عليها لتعريفها داخليا، وهنا اتفق أسامة مع معاونيه أن يسمونها سجل القاعدة، على أساس أن القاعدة تتضمن كل التركيبة المؤلفة من بيت الأنصار ومعسكرات التدريب و الجبهات.
هذه هي القاعدة إذن، فالقاعدة ليست ذلك البعبع الذي صوره الأمريكان بطريقة أقرب إلى أفلام هوليود. بالطبع استمر استعمال كلمة القاعدة من قبل المجموعة التي استمر ارتباطها بأسامة وهنا خرج الأمريكان -وغيرهم من الجهلة بطريقة عمل الجماعات الجهادية- بانطباع أنها اسم للتنظيم الإرهابي.
عــــــودة إلــــــــى المملــــكة
في عام 1989 ميلادية وبالتحديد بعد انسحاب الاتحاد السوفيتي من أفغانستان عاد أسامة إلى المملكة معتبرا هذه العودة واحدة من السفرات التي يتوجه فيها للملكة ويعود فور إنهاء بعض الأمور هناك. لكن هذه المرة لم تكن مثل السابقات، فقد علم أسامة بعد فترة من وصوله أنه ممنوع من السفر. ظن أسامة أن السبب هو الانسحاب الروسي وتفاهم القوى العظمى والمملكة تبعا لها، وهذا لا شك كان عاملا لاشك لكن أسامة فوجئ حين تعرف إلى السبب الرئيسي الذي لم يخطر بباله.
لقد بدأ أسامة يخطط لجبهة ضد اليمن الجنوبي وبحركة جهادية تنطلق من المملكة واليمن الشمالي. لم يكن حكام المملكة مهتمين فقط بالإحراج الدبلوماسي لأمر من هذا القبيل لكن الذي همهم هو أن هذا التوجه من قبل أسامة كان دليلا على أن الرجل استأنس مسألة الجهاد لذات الجهاد وليس لمجرد استغلال فرصة تقاطع مصالح مع الحكومات والقوى العظمى. هذا هو السبب الرئيسي في منعه من السفر تلك المرة والله أعلم.
ينذر بخطر النظام العراقي
كانت تصرفات أسامة في تلك الفترة تدل على إن الرجل بدأ يتصرف تصرف المسؤول الذي يحمل هم قضية، وتضايق الحكام بشكل كبير حين تكلم علنا عن خطورة النظام العراقي وتنبأ بأنه سيغزو الخليج في محاضرات معلنة ومسجلة في وقت كان النظام العراقي من أقوى أصدقاء المملكة والملك فهد لم يعد من زيارة للعراق إلا قبل فترة بسيطة.
نصيحة سرية للدولة
عندها لم تكتف وزارة الداخلية بمنعه من السفر بل وجه إليه تحذير بعدم ممارسة أي نشاط علني وإنه ربما يعتقل أو يوضع تحت الإقامة الجبرية إن لم ينصاع للتوجيهات. ورغم التوجه العدائي من قبل الدولة تجاهه فقد بادر أسامة بكتابة نصيحة للدولة سلمت عن طريق أحد إخوانه للأمير أحمد بن عبد العزيز. تضمنت الرسالة نصائح عامة وخاصة. العامة عن المطالبة بإصلاح شامل والخاصة كانت تكرارا لتوقعاته بأطماع صدام حسين في المنطقة وضرورة الاستعداد لها. وكان الأمير نايف قد حرص على مقابلة أسامة حين بلغه تقرير عن محاضرته حول أطماع صدام.
بعد غزو الكويت
ما أن سمع أسامة بغزو الكويت في الأخبار حتى تصرف بطريقة تدل على أنه يشعر بجزء كبير من المسؤولية حيث بادر بكتابة رسالة أخرى إلى الدولة يعرض فيها وجهة نظره حول الطريقة المثلى لحماية البلد من الخطر العراقي بمجموعة اقتراحات حول السبيل الأمثل لتعبئة الأمة ضد هذا الخطر ومن ثم السبيل الامثل عمليا لمواجهته. وأضاف لهذه الاقتراحات عرضا بجلب كل المجاهدين العرب الذين يستمعون له للمساهمة في عملية الدفاع هذه. سلمت الرسالة بنفس الطريقة التي سلمت فيها الرسالة الأولى وكان رد فعل الدولة هو وعد بالنظر بالأمر.
ورغم توجسه من موقف النظام من القضايا الدينية والوطنية فقد كان يتوقع نوعا من الطلب بشيء من المساهمة بعملية الدفاع عن البلد ظنا منه أن النظام رغم مخالفاته الشرعية يبقى عنده غيرة على البلد ورغبة في حمايته. لكن بدلا من أن تستعين الدولة بالعرض الذي قدمه أسامة بادرت بقرار كان السبب في أكبر تحول في حياة أسامة وهو إعلان استدعاء القوات الأمريكية. ويتحدث أسامة واصفا لحظة سماعه خبر قرار استدعاء القوات الأمريكية بأنها أكبر صدمة في حياته، لأنها بتقديره المرة الأولى منذ البعثة النبوية التي يهيمن فيها الكفار على جزيرة العرب بقواتهم العسكرية. وصدم كذلك لأن القوات الأمريكية لم تدخل باحتلال أو رغم أنف الحكام بل دخلت بطلب منهم بعد أن هرعوا مستنجدين بالأمريكان. كان شعوره بعد ذلك شعور الإحباط والقلق على مستقبل الجزيرة بعد هذا التطور الخطير. بعدها أيقن أسامة أن مخاطبة المسؤولين بالخطابات والمذكرات أسلوب عديم الجدوى ولا بد أن يفكر بأسلوب بديل.
تحرك أسامة باتجاهين، الأول تجاه استخراج فتوى بوجوب الاستعداد للقتال على كل مسلم وخاصة أهل الجزيرة وأفتى الشيخ بن عثيمين فعلا بتلك الفتوى فاستخدمها أسامة في تشجيع الشباب من جديد في الذهاب لأفغانستان والتدرب هناك، واستجاب لدعواه تلك عدد من كبير من الشباب توجهو فعلا لأفغانستان. الاتجاه الثاني كان محاولة جمع أكبر عدد من العلماء في مؤسسة شرعية مستقلة غير مؤسسة هيئة كبار العلماء حتى تكون مرجعا للناس بعد أن تحولت الهيئة في نظره لمجرد أداة بيد الدولة بعد فتيا استدعاء القوات.
ورغم أن حركة أسامة كانت مقيدة في وضع يشبه الإقامة الجبرية ألا أنه استطاع إنجاز شيء مما أراد إنجازه وخاصة الاتجاه الأول. لكن محاولاته في جمع العلماء بتجمع مستقل لم يحالفها النجاح أولا لصعوبة حركته بسبب القيود التي عليه وثانيا لأن العلماء بما فيهم علماء الشباب لم يستوعبوا بعد فكرة المؤسسات المستقلة.
أسامة يتعرض للارهاب من قبل السلطة
ولم يكن أسامة ملتزما بالتقييد المفروض عليه حيث ألقى عددا من المحاضرات وعقد عددا كبيرا من الاجتماعات مع العلماء والدعاة والناشطين في مجال الدعوة. لم يكن ذلك مقبولا لدى السلطات ولذلك استدعي أكثر من مرة ووجهت له تحذيرات شديدة بوجوب الالتزام بتجميد نشاطه. ومن اجل تخويفه أرسلت السلطة مفرزة من الحرس الوطني في جدة لاقتحام مزرعته الواقعة في ضواحي جدة وتفتيشها بشكل فجائي حيث لم يكن نفسه موجودا فيها لحظة الاقتحام. وقامت المفرزة باعتقال بعض العمال في المزرعة (أطلقوا بعد ذلك) وكتابة محضر عما وجدته فيها وتصوير كامل المزرعة ومخازنها ومرافقها بالفيديو. عندما أخبر أسامة بالحادث غضب غضبا شديدا وكتب رسالة احتجاج شديدة للأمير عبد الله. واستغرب أسامة حين ورده رد من الأمير عبد الله ينفي فيه علمه بالحادث ويعد بمعاقبة المسؤول عنه.
خارج البلد مرة أخرى
كان تراكم هذه الأحداث سواء على مستوى البلد أو عليه هو شخصيا سبب لأسامة في التفكير جديا بمغادرة البلد لكن أنى له ذلك وهو ممنوع من السفر وكل تحركاته تحت المجهر. لكن بن لادن استطاع أن يخرج من البلد بسهولة وبطريقة معلنة.
كيف خرج من المملكة ؟
مضت الأيام على أسامة في ذلك الوضع الذي لا يحتمله، فلقد تعود على النشاط والجهاد والحركة وإذا به يجد نفسه في وضع الإقامة الجبرية. أمر آخر لم يكن يتحمله هو هذه القوات المقيمة في جزيرة العرب وظن أنه يتناقض مع نفسه إن زعم أنه جاهد الكفار في أفغانستان لاحتلالهم بلدا مسلما بينما هاهم في جزيرة العرب التي لها حرمة إضافية على باقي الأرض.
تحمل أسامة بمرارة فترة الحرب “عاصفة الصحراء” ثم وصل إلى قناعة أنه لا يمكن أن يكون صادقا مع نفسه إذا استمر في المملكة. لم يكن هروبه أمرا سهلا فهو شخصية معروفة وبيته تحت الحراسة الدائمة. ولذلك فكر أسامة بطريقة أقرب للأسلوب الطبيعي وهو ما حصل بنجاح.
كان أحد أخوته مقربا من الأمير أحمد بن عبد لعزيز نائب وزير الداخلية. تحدث أسامة مع أخيه شارحا له أن لديه التزامات مالية كثيرة في باكستان ومناطق أخرى وحقوقا ينبغي أن تدفع لأصحابها وحقوقا له ينبغي استخلاصها وأنه لا يمكن أن يحل هذه الاشكالات وكيل لأن بعضها قائم على الثقة والعلاقة الشخصية جدا.
اقتنع أخوه بالفكرة ووعد بشرح ذلك للأمير أحمد. كان الأمير نايف على وشك أخذ إجازة فانتظر أخوه إجازة نايف وتحدث مع الأمير أحمد فعلا واستطاع إقناعه بإعادة الجواز والسماح بالسفر. وافق الأمير أحمد وسمح له بسفرة واحدة وكلف الجهات الأمنية بمتابعته. وهكذا استغنى أسامة عن أسلوب الهرب والتخفي وتمكن من مغادرة البلد بشكل طبيعي.
حينما وصل إلى الباكستان كان أول عمل قام به هو كتابة رسالة اعتذار رقيقة لأخيه يخبره أنه لا يخطط للعودة وأنه سيسبب حرجا له أمام الأمير نايف واعتذر له أن الثمن غال يستحق اللجوء لمثل هذا الأسلوب.
إلى أفغانستان مرة أخرى
بعد ذلك علم أن وجوده في باكستان لن يكون آمنا بسبب التعاون الأمني السعودي الباكستاني فعجل بالدخول إلى أفغانستان مرة أخرى. صادف وجوده هناك انهيار النظام الشيوعي وسقوط كابل وبداية التناحر بين الفصائل الأفغانية.
أول إجراء اتخذه للتعامل مع القضية هو إصدار توجيه للشباب العرب بعدم التورط في الصراع الدائر وكف أيديهم عن الدماء ورفض الميل لأي جهة من الجهات. واستمر مصرا على هذا الموقف إلى أن دخل الطالبان كابل حيث قرر حينها الوقوف مع الطالبان.
الإجراء الثاني الذي اتخذه هو الدخول بقوة في محاولة إصلاح بين الفصائل لكن جهوده مع الأسف لم تحرز نتيجة تذكر.
وخلال بقائه في أفغانستان كانت مخابرات بلده بقيادة الأمير المعروف تتعاون مع المخابرات الباكستانية لقتله أو اختطافه لكن كل المحاولات فشلت لأن المتعاطفين معه من جهاز الأمن الباكستاني والدولة الأخرى كانوا يعجلون بتسريب المعلومة له فيأخذ حذره.
بقي في أفغانستان عدة أشهر مستمرا في محاولاته حل الخلاف ووصل بعد فشل متكرر إلى أنه وصل إلى طريق مسدود. شعر أسامة أن وجوده في أفغانستان عديم الفائدة خاصة وأن المتربصين به كثير وسيستمرون بمحاولات خطفه أو اغتياله. وبعد تدارس الوضع مع عدد من المقربين له قرر البحث عن مكان آخر يقدم فيه نفعا للإسلام بدلا من أفغانستان.
إلى السودان
كان التوجه إلى السودان أحد الخيارات المطروحة لأسامة ليس لأنها ستكون قاعدة جديدة لمشروع جديد ولكن لأنه سمع الكثير عن هذه الدولة الجديدة التي بدأ الإسلاميون يتحدثون عن حماسها للإسلام و المسلمين وحرصها على تطبيق مشروع إسلامي. وظن أسامة أنه يستطيع أن يقدم شيئا لهذه الدولة من خلال قدراته التجارية والإنشائية وعلاقاته في المملكة والخليج فضلا عن إنه يؤمن ملاذا له بديلا عن أفغانستان.
توجه أسامه فعلا إلى السودان بطيارة خاصة وبرحلة سرية وذلك في نهاية سنة 1991 ميلادية. وفي تلك الرحلة اصطحب معه عددا من رفاقه إلى السودان والتحق به آخرون بطرق أخرى.
في السودان أحسنت الحكومة السودانية وفادته و لكنه في تلك المرحلة لم يكن بحاجة لأي دعم مادي لأن أمواله لا تزال تحت سيطرته وتمكن بشكل طبيعي من نقل جزء من أرصدته ومعداته من المملكة إلى السودان.
لم يساهم أسامة في السودان بأي عمل عسكري لكنه ساهم بقوة في مشاريع طرق وإنشاءات ومزارع وغيرها وكان أشهرها طريق التحدي من الخرطوم إلى بور سودان.
رغم نه خرج من المملكة بالطريقة المذكورة ورغم أنه تعرض للاختطاف والقتل في أفغانستان من قبله ألا أنه لا يعلن موقفا معاديا للحكم ويحتفظ بالموقف لنفسه رغبة في أن لا ينقطع عن الشخصيات الدعوية والتجارية وبعض أهل النفوذ في المملكة. وكانت تلك السياسة نافعة فعلا حيث نجح أسامة في إقناع عدد كبير منهم بالتحرك لدعم السودان والاستثمار فيه. وخلال تلك الفكرة عرض عليه أكثر من مرة العودة للبلد وأعطي ضمانات ولكنه لم يرحب بالفكرة أبدا.
بدأ الاهتمام يزداد به بشكل ملحوظ نهاية سنة 1992 حين صدر أمر بتجميد أمواله. بعدها تحولت قضية أسامة إلى قضية ساخنة على جدول أعمال المخابرات الأمريكية وأصبحت تثار بشكل منتظم بين الأمريكان والسلطات السعودية. إزدادت الضغوط على أسامة بالعودة وحاولت السلطة إحراجه من خلال الضغط على أهله وابتزازه بهم دون نتيجة.
وحين أيست الحكومة السعودية من إعادته أصدر الملك فهد قرار بسحب جنسيته بداية عام 1994 ميلادية. و يقال أن أسامة ألقى دفتر النفوس في حضن أحد الذين أرسلتهم السلطات لإقناعه بالعودة قبل أن تسحب جنسيته قائلاً : “لا تتعاملوا معي تعامل التابع وخذوها إن كان بقاؤها يلزمني بشيء” . تزامنت هذه التطورات التي جاءت قصية سحب الجنسية في نهايتها مع تطورات داخل المملكة كان يتابعها أسامة بعناية وهي تتابع عدد من المذكرات مطالب الإصلاح من قبل التيار الإسلامي والتي كان آخرها وكان متزامنا مع سحب الجنسية تداعيات قضية لجنة الدفاع عن الحقوق الشرعية وحملة الاعتقالات على مؤسسيها والمتعاطفين معها وذلك قبل أن تبدأ اللجنة العمل من لندن. هذه التطورات دفعت أسامة لأن يأخذ أول مبادرة معلنة ضد الحكومة السعودية وذلك في أوائل سنة 1994 حين أصدر بيانا شخصيا يرد فيه على قرار سحب الجنسية .
بعد هذا البيان قرر أسامة أن يتحرك علنا بالتعاون مع آخرين فأدى ذلك إلى ظهور هيئة النصيحة و الإصلاح.
هيئة النصيحة والإصلاح:
حين رأى أسامة وعدد من المتعاونين معه الحملة التي شنتها الدولة ضد لجنة الدفاع واعتقال عدد من مؤسسيها وآخرين من دائرتهم أشار عليه بعضهم بتكوين هيئة بديلة سماها “هيئة النصيحة والدفاع عن الحقوق الشرعية” كتعويض عن اللجنة بعد أن قمعت. ولم يكن أسامة يعلم أن اللجنة على وشك أن تظهر في لندن مرة أخرى لاستئناف أعمالها.
وظهرت اللجنة في لندن فعلا فأشار عليه المتعاونون معه أن يتراجع عن ذلك الاسم و يختار اسما آخر لأن اللجنة أولى باسمها ولا بد من تغيير الاسم بالكامل فتغير الاسم إلى “هيئة النصيحة و الإصلاح”. وبدأت تلك المجموعة بإصدار بيانات مختلفة باسم المجموعة وليس باسم أسامة شخصيا وافتتحت هذه المجموعة مكتبا في لندن عين له الأستاذ خالد الفواز مسؤولا. ومن العدل نقول أن بيانات تلك المجموعة كانت لها لغة مختلفة عن بيانات بن لادن الأخيرة.
نعود إلى إقامته في السودان حيث كان أسامة مدة إقامته في السودان مقصدا لكثير من رواد الحركة الإسلامية من جميع أنحاء العالم والصحفيين وكذلك لرجال المخابرات وعملاء أمريكا وبعض الدول العربية. وكان أسامة في تلك الفترة على صلة بالعلماء والدعاة والتجار داخل المملكة كما كان على صلة بكثير من زملائه القدامى في الجهاد سواء من بقي منهم في باكستان وأفغانستان أو من عاد إلى الدول العربية.
وخلال إقامته في السودان حصل تطوران هامان ربطا بأسامة . الأول : أحداث الصومال واليمن . والثاني : انفجار الرياض .
أما أحداث الصومال فمشهورة ومعروفة وكان هناك فصيل صغير يقوده مجموعة ممن سبق أن تدربوا في أفغانستان وكان لهم دور في العمليات النوعية ضد الأمريكان. أما في اليمن فقد تكتمت اليمن وأمريكا على الأحداث التي قتل فيها عدة أمريكان في أحد الفنادق في عدن. أسامة يفتخر بهذه العمليات لكنه لا ينسبها مباشرة لنفسه وإنما يعتبرها من دائرته العامة.
أما انفجار الرياض فالدلائل تشير بقوة إلى أن المجموعة التي تقف خلفه على علاقة بأسامة ولم ينكر أسامة العلاقة ولم ينكر تأييده للعمل لكنه كان دقيقا في أنه لم ينسبه لنفسه في أي حديث أو مناسبة بشكل مباشر.
بعد أحداث الصومال وانفجار الرياض بدأت تصبح إقامته في السودان بعد 1994 تسبب حرجا شديدا للحكومة السودانية وتعرضت الحكومة السودانية لضغط شديد من أمريكا ودول عربية لإخراجه أو لتسليمه. وتحمل السودانيون الضغوط لأمد لكن كان يبدو جليا أن السودانيين ليس عندهم استعداد للصبر طويلا حيث بدأ السودانيون يضغطون على الأفغان العرب للخروج من السودان. وكان أسامة على علم بالضغط الذي تعرضت له السودان لأن السودانيين كانوا يحيطونه علما بذلك بل ربما صارحوه في مرة من المرات أنه يجب أن يفكر بالخروج.
عندما أحس أسامه أن السودانيين لم يعودوا يحتملوا بقاءه ويخجلون من مصارحته بذلك بادر من تلقاء نفسه بترتيب عملية الخروج من السودان. وللإعداد لعملية الخروج اتصل أسامة بأصحابه القدامى من المجاهدين الأفغان واختار منهم الشيخ يونس خالص والشيخ جلال الدين حقاني الذين كان لهما نفوذ قوي في منطقة جلال آباد وكان ذلك قبل أن يمتد نفوذ طالبان خارج قندهار حين كانت مناطق أفغانستان موزعة بين الفصائل الأفغانية.
وبعد أن أمن أسامة موقعا له في جلال آباد أعد العدة لمغادرة السودان في عملية غاية في السرية . ومن أجل ذلك أعد طائرة خاصة حملته مع عدد من أنصاره إلى أفغانستان حيث استقبل هناك من قبل الشيخين يونس خالص وحقاني . وبعد وصوله هناك أرسل رسالة إلى الفصائل الأفغانية يخبرهم أنه لا يزال على التزامه بعدم الدخول في خلافاتهم وصراعاتهم . وكان ذلك قبل أن يستولي الطالبان على جلال آباد ومن ثم على كابل.
ومنذ أن وصل هناك بدأت الأحداث تتتابع مرة أخرى بشكل دراماتيكي من انفجار الخبر إلى استيلاء الطالبان على جلال آباد إلى محاولة خطف لأسامة إلى بيان الجهاد ضد الامريكان الذي أصدره في نوفمبر 1996.
في يونيو من عام 1996 هز مدينة الخبر انفجار كبير أودى بحياة عشرين من العسكريين الأمريكان وجرح مئات آخرين.
لم يعلن أسامة أي مسؤولية له عن انفجار الخبر لكنه استخدم أسلوبا شبيها بتعليقه على انفجار الرياض فهو يؤيد الانفجار دون أن يتبناه. في المقابل حرصت السلطات السعودية على تركيب المسؤولية على عناصر شيعية مدعومة من إيران وذلك في محاولة لمنع إضفاء مصداقية لابن لادن. وبقيت السلطات السعودية تتفادى نسبة المسؤولية لابن لادن إلى أن فلت من أحد المسؤولين تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية بعد أحداث كينيا وتنزانيا قائلا إن سبب قطع العلاقة مع الطالبان هو إيواءها للمطلوبين في انفجار الخبر من المجموعة المصاحبة لابن لادن ولم يتكرر ذلك التصريح أوتصريح شبيه به بل بالعكس حاول السعوديون تضخيم قضية هاني الصايغ لتحقيق نفس الغرض.
بعد انفجار الخبر بفترة بسيطة أصدر أسامة بيانه الأول بعنوان “إعلان الجهاد لإخراج الكفار من جزيرة العرب”. ولم يصدر البيان هذه المرة من هيئة النصيحة والإصلاح بل صدر منه بشكل شخصي وباسمه . جاء البيان في اثني عشر صفحة معتبرا وضع الجزيرة بوجود القوات الكافرة فيه أنه وضع لم يمر على الجزيرة منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم. وزع البيان بالفاكس وعلى شكل كتيب كما حظي باهتمام من قبل بعض الصحف ووكالات الانباء.
في تلك المرحلة حاول السفير السعودي في إسلام آباد الضغط على يونس خالص وحقاني لتسليم أسامة وحاول اغرائهما بعروض معينة لكن رد يونس خالص كان حاسما. قال يونس خالص لو لجأ إلينا عنز أو حيوان لحميناه فكيف برجل باع نفسه وماله في سبيل الله والجهاد في أفغانستان.
بعد ذلك اجتاحت طالبان المنطقة التي كان أسامة مقيما فيها وكان أسامة قد عرف شيئا عنهم لأن يونس خالص وحقاني كانا قد انضما إلى طالبان واعتبرا أنفسهما من جيش طالبان لكن لم يكن أسامة على علم بما سيصبح وضعه بعد أن أصبح في المنطقة التي تحت سيطرتهم. لم يدم انتظار أسامة طويلا حتى أرسل ملا عمر زعيم طالبان وفدا لمقابلة أسامة وطمأنته واعتباره ضيف موروث من الذين قبله وتعهد له بالحماية ، لكنه طلب منه على شكل رجاء التوقف عن أي نشاط إعلامي لان أسامة كان قد قابل محطة سي إن إن ومحطة القناة الرابعة البريطانية في تلك الفترة.
التطور الآخر الذي حصل بعد ذلك والذي اضطر أسامة للانتقال إلى قندهار هو محاولة الإختطاف التي تسرب خبرها لأسامة وأجهضت قبل أن تنفذ، حيث تم تمويل مرتزقة من القبائل على الحدود الباكستانية الأفغانية لتنفيذ هجوم سريع على المنطقة التي يقيم فيها أسامة وخطفه أوقتله وساهمت باكستان ودول أخرى معروفة بترتيب العملية. تسرب خبر العملية بسرعة لأسامة فرتب أمره على وجه السرعة للانتقال إلى قندهار حيث أكثر أمنا حيث معقل الطالبان.
وجها لوجه مع ملا عمر
بينما كان أسامة في جلال آباد حصل تطور هام في مسيرة الطالبان وهي دخولهم كابل بلا معارك تقريبا. وقد حول دخول كابل في سلطة طالبان الأوضاع لصالح طالبان ، حيث أصبحت طالبان هي القوة الأكبر في أفغانستان رغم الاعتراف المحدود بها. بينما كان ذلك يحصل كان أسامة يخطط للانتقال إلى قندهار ليكون في مأمن من محاولة الاختطاف التي ذكرناها سابقاً. جاء هذا التطور ليسهل مهمة انتقال أسامة إلى قندهار لأنه انتقل خلال كابل حيث ذهب إلى كابل بالسيارة ومن كابل إلى قندهار بالطائرة. بعد أن توجه أسامة إلى قندهار حرص على أن يقابل أمير الطالبان ملا عمر شخصيا لأنه إلى حد تلك اللحظة لم يقابل ملا عمر رغم المراسلات الكثيرة بينهما . تمت المقابلة فعلا وكان جوها وديا جدا حيث إنها حصلت قبل أن يختلف أسامة مع ملا عمر الخلافات الأخيرة. رحب ملا عمر بأسامة وعبر له عن سروره باستضافته وتشرفه تشرف طالبان بالدفاع عنه أولا كضيف عربي كريم وثانيا كمجاهد قاتل معهم في حرب أفغانستان. في نفس اللقاء تحدث ملا عمر عن التحديات الخطيرة التي تواجه الطالبان بعد دخول كابل وخاصة مواجهة قوات دوستم وقال لأسامة إنه قد يكون من الأولى تخفيف الحملة الإعلامية وأن ذلك مجرد طلب وليس أمرا ولا إلزاما. رد عليه أسامة بأنه قرر التخفيف أو التجميد الكامل للنشاط الإعلامي لفترة حتى قبل أن يطلب منه فارتاح ملا عمر لذلك.
اعتراف سعودي
في تلك الأثناء كانت الحكومة السعودية قد اعترفت بطالبان فيما يعتقد أنه محاولة إحراج لطالبان للتعاون معها في قضية أسامة. ذهبت الحكومة السعودية شوطا أبعد حين أرسلت تدعو كل أعضاء حكومة طالبان والملا عمر شخصيا للحج و العمرة وتستضيفهم كضيوف رسميين. بل إن أحد الشخصيات الرئيسية في حكومة طالبان وهو محمد رباني رئيس الوزراء زار المملكة فعلا لآداء الحج لكن يبدوا أن “حسن الضيافة” لم تغير من مواقفه ولا مواقف حكومته. لم يتغير موقف طالبان من أسامة وردت بأدب عدة وفود أرسلتها الحكومة السعودية تفاوتت بين دبلوماسين ورجال أعمال وأقارب أسامة وشخصيات استخباراتية.
أسامة طرف في الحرب الأفغانية
تطور آخر حصل في تلك الأيام أدى إلى رفع أسهم أسامة عند الطالبان وهو تغييره موقف الحياد الذي التزم به في خلافات الفصائل الأفغانية واتخاذه قرارا بالدخول بقوة مع الطالبان ضد دوستم ووجه أوامر لرجاله بالقتال مع طالبان. وبعد أن أصر شاه مسعود أن يدخل طرفا في الحرب استصدر أسامة فتوى من طلبة العلم المرافقين له فتوى بأن قتال مسعود جهاد شرعي. كان لهذا القرار دور مهم في مساعدة الطالبان حيث إن طالبان لم يكونوا رتبوا أنفسهم بعد ، وكل انتصاراتهم الأولى حصلت تقريبا دون قتال بسبب حرص الناس عليهم وتنازل القواد الميدانيين لهم ، أما دوستم ومسعود فقواتهم أكثر تماسكا لأنهم أقنعوا أتباعهم أن الحرب عرقية وليست دينية وساعد على تماسكهم اعتماد دوستم على الاوزبك ومسعود على الطاجيك وسعى مسعود ودوستم إلى إقناع أتباعهما أن طالبان ليسوا إلا بشتون يريدون السيطرة عليهم. أضف إلى ذلك أن العالم الغربي لم يشعر بخطورة طالبان إلا بعد سقوط كابل وحمايتهم لأسامة ودعا ذلك إلى أن يحظى مسعود ودوستم بدعم سخي من روسيا وأمريكا وتركيا وإيران وجهات أخرى. كاد الطالبان أن ينهارون بعد أن واجهوا هذه القوات المنظمة المدعومة والمتماسكة وفي مرتين على الأقل كانت الكتائب التابعة لأسامة هي التي ردت تلك القوات عن كابل فحفظها له الطالبان وارتفع سهمه عندهم.
قضية أخرى رفعت أسهمه عندهم هو تفريغه عدد من الشباب المتخصصين لمساعدة الطالبان في قضايا التخطيط والإدارة والتنمية للدولة الجديدة ، حيث إنه رغم تواضع المجموعة التي مع أسامة ألا أنها بالنسبة لطالبان كانت فريقا من أساتذة الجامعات.
محاولة اختطاف أخرى
لم ييأس الامريكان وحلفائهم من محاولة الإمساك بأسامة. وبعد أن تبين أن إقناع الطالبان مستحيل فكر الأمريكان مع الباكستانيين والدولة الثالثة بإعداد خطة لخطف أسامة عن طريق عملية كوماندز منطلقة من الأراضي الباكستانية.
بدأ التدريب على العملية في نهاية ربيع عام 1997 على أن يتم التنفيذ في بداية الصيف وتم التكتم على العملية بشكل شديد لكن بسبب دخول باكستان طرفا فقد كان حفظ السر مستحيلا لأن المخابرات العسكرية الباكستانية فيها تعاطف كبير مع أسامة. تسرب الخبر لأسامة وجهات عربية أخرى فبادرت بتسريبه للصحافة فانفضحت الخطة الأمريكية وألغيت. الأمريكان لم يعترفوا بالقصة ابتداء ولكن اعترفوا بها بعد ذلك وأوعزوا إلغاء الفكرة إلى الخوف من وفيات في صفوف الأمريكان.
علماء طالبان مع بن لادن
في نهاية عام 1997 وبداية 1998 قرر أسامة أن يستعيد نشاطه فبدأ أولا مع علماء طالبان وباكستان. نجح أسامة في استصدار فتوى من حوالي أربعين عالما من علماء أفغانستان وباكستان تؤيد بيانه لإخراج القوات الكافرة من جزيرة العرب. وزعت الفتوى على نطاق واسع في باكستان وأفغانستان وسربت للصحافة حيث نشرت مقاطع منها جريدة القدس العربي.
كان أسامة يهدف لشيئين من هذا البيان ، الأول : مشروع إسلامي شامل لتجييش لعلماء المسلمين ضد الوجود الأمريكي في جزيرة العرب على أساس أن هذه التوقيعات ستجمع من جهات وبلاد أخرى ، والثاني : الحصول على غطاء أدبي وشرعي له داخل أفغانستان لأنه قرر إعادة التحرك إعلاميا ولا يريد أن يصبح في موقف الضعيف مع ملا عمر.
الجبهة الإسلامية العالمية
صادف هذا التطور -أو ربما كان من أسبابه أو من نتائجه و الله أعلم- تجمع عدد من قيادات الجماعات الإسلامية وخاصة جماعة الجهاد المصرية في أفغانستان وتقاطر عدد كبير من الوفود من باكستان وكشمير على أسامة. أحد هذه القيادات تمكن من إقناع أسامة بتوسيع مفهوم الحرب مع أمريكا إلى قتال لها في كل مكان. وتوسعت القناعة لتشمل بدلا من مقاتلة أمريكا قتل كل أمريكي في سن القتال في كل زمان ومكان ومعهم اليهود. الذين أقنعوا أسامة بالفكرة وضعوا لها مبررين شرعي وسياسي.
مبررهم أو المخرج الشرعي هو أن الأمريكان يحتلون بلاد الحرمين ولذلك فإن كل أمريكي يعتبر داعم لاحتلال الجزيرة العربية، وبما أن الأمريكان واليهود يقاتلون المسلمين في كل مكان وزمان ويستبيحون دم المدنيين من المسلمين فإن قتل الأمريكان واليهود مشروع أيا كان الزمان والمكان.
المبرر السياسي هو أن أمريكا أصبحت العدو الأول للإسلام وصارت تتربص بالمسلمين والجماعات الإسلامية الدوائر ولم يعد هناك قوة تنافسها ولذا فإن من الضروري أن يشعر المسلمون أنهم أعداء لأمريكا وأن تتحول هذه القضية لقضية إسلامية أولى في كافة أنحاء العالم الإسلامي.
تحولت القناعة إلى عمل وذلك من خلال إصدار بيان الجبهة الإسلامية العالمية في فبراير عام 1998 الذي يدعو إلى قتل الأمريكان واليهود في كل مكان وزمان. وقع البيان مع بن لادن عن جماعة الجهاد المصرية الدكتور أيمن الظواهري ورفاعي طه أحد مسئولي الجماعة الإسلامية المصرية كما وقعه رئيس أحد الفصائل الكشميرية وأحد القيادات الباكستانية المشهورة. وزع البيان و نشرته الصحافة وكان علامة تحول كبيرة بالنسبة لأسامة من عدة نواحي.
أولاً : مثل هذا البيان القفز إلى مشروع عالمي بدلا من التركيز على قضية القوات الأمريكية في جزيرة العرب.
ثانياً : مثل هذا البيان ما اعتبره البعض تخليا عن الحذر الذي كان يحرص عليه أسامة في الموقف الشرعي والإصرار على توسيع دائرة إباحة الدم.
ثالثاً : دخول أسامة لأول مرة كطرف في ما يشبه تحالف إسلامي من الجماعات الجهادية بعد أن كان يعمل مع مجموعته ويرفض التحالفات المعلنة مع إقراره لفكرة التعاون والتنسيق دون حلف معلن.
خلاف مع ملا عمر
لم يكن ملا عمر راضيا عن هذه النشاطات واعتبرها خرقا للالتزام الأدبي الذي كان بينه وبين أسامة في لقائهما المذكور. أرسل الملا عمر لأسامة يستفسر عن الذي حصل فكان رد أسامة أن الظروف التي كانت سببا للهدوء الإعلامي قد انتهت ولا داعي للاستمرار في الصمت واستخدم أسامة ورقة العلماء لتقوية موقفه وذلك لأن العلماء لدى طالبان لا يرد كلامهم رغم احترامهم جميعا للملا عمر. غضب الملا عمر لكن كظم غيظه وحاول الاستمرار في إقناع أسامة بالصمت. بدلا من الصمت اتخذ أسامة موقفا تصعيديا ودعا إلى مؤتمر صحفي في حدود شهر مايو 1998 رتب له سراً في منطقة قرب الحدود مع باكستان في ضواحي خوست ودعي له عدد محدود من الصحفيين. إضافة لذلك فقد كان أسامة أعطى مقابلة مطولة لمحطة ِABC الأمريكية قبيل المؤتمر بأيام. في المؤتمر وفي المقابلة أشار أسامة إشارة إلى احتمال حصول حوادث ضد الأمريكان خلال فترة قصيرة ولم يحدد أين.
أرسل الملا عمر إلى أسامة مرة أخرى يعترض على ما حصل و يطلب منه تفسيرا. لم يكن لدى أسامة أي أسلوب يقنع به الملا عمر إلا العلماء وفعلا رد عليه إنه يقبل بتحكيم العلماء. رفض الملا عمر الفكرة ليس عدم اعتبار للعلماء لكن منعا لفتح هذا الباب بحيث كل ما بدا لشخص أن يتمرد يقول نحتكم للعلماء. توترت العلاقات بين الرجلين لكن الملا عمر الذي كان يستطيع منع أسامة من النشاط الإعلامي فضل التحمل والاعتماد على الإقناع إلى أجل مسمى.
السفارات الأمريكية تتفجر
بعد تصريحات بن لادن بأنه سيضرب خلال أسابيع بقي الأمريكان في حالة ترقب وقد استعدوا في حالة تأهب قصوى ضد أي هجمات ولكن كل استعداداتهم كانت في المنطقة العربية والخليج و إلى حد ما القرن الأفريقي. وبينما الأمريكان في كامل التأهب أتتهم الضربة في الموقع الذي لم يتحسبوا له، سفاراتهم في كينيا وتنزانيا وذلك حين نسفت السفارتين شاحنتين ممتلئتين بالمتفجرات يوم السابع من أغسطس 1998 .
ولربما يكون من الأهم التعليق على التناول الغربي للقضية سواء من خلال جهات مسؤولة أو من خلال الإعلام ومراكز البحوث، بدلا من محاولة الغوص في حقيقة الانفجار، لأن آثار هذا الحدث سياسيا وأمنيا واستراتيجيا أهم من نفس الحدث، ويبدو أن انعكاسات مثل هذه الأحداث أهم من ذات الأحداث نفسها لما لها من تأثير خاص وطبيعة خاصة. رغم الحذر الذي ورد على لسان الناطقين الرسميين الأمريكان في وقتها عن اتهام جهات محدودة فإن الجهات الإعلامية والخبراء السياسيين والمصادر الرسمية التي ترفض ذكر اسمها تبرعت بكمية كبيرة من التعليقات والمعلومات والتحليلات التي تساعد في دراسة انعكاسات هذا الحدث. وعند تأمل ما صدر عن تلك الجهات تأملا عميقا يلاحظ الآتي:
أولا: كانت الحركات الإسلامية أو ما يسمى في الغرب بالأصولية الإسلامية في مقدمة المتهمين، بل إن كل الجهات الأخرى مثل إيران والعراق وليبيا استبعدت بسهولة وتحدثت جهات كثيرة عن الشيخ بن لادن وجماعة الجهاد المصرية، وأشير بشكل كثيف إلى تهديدات بن لادن في مقابلة مع محطة ABC الأمريكية بضربة خلال أسابيع، كما أشير إلى بيان جماعة الجهاد الذي نشر في جريدة الحياة قبل يومين من الانفجار، وربط بين بن لادن والجهاد المصرية من خلال بيان الجبهة الإسلامية العالمية لقتال اليهود والصليبيين الذي كانت تلك الجهتين من بين الموقعين عليه.
ثانيا: أعادت تلك التفجيرات فتح ملف انفجار الخبر ولم يعلن عن المسؤولين عنه لحد ذلك التأريخ. ولوحظ للمرة الأولى في الصحافة الأمريكية بالنسبة لمسؤولين أمريكان أن أمريكا تعتبر بن لادن مسؤولا عن انفجار الخبر بل وحتى عن انفجار الرياض. وكانت المصادر الأمريكية في السابق تكتفي بالتشكيك بالرواية السعودية عن تورط شيعة وإيران، وتشير إلى احتمالية وجود معارضة داخلية مسؤولة عن انفجار الخبر.
ثالثا: لوحظ في التعليقات الصحفية والدراسية أن الحادثين ربطا بالوجود الأمريكي في المنطقة عموما وفي المملكة خصوصا وربطا بسياستها مع إسرائيل والعراق ودعمها للحكومات في المنطقة وتعاونها في القبض على مطلوبين من الإسلاميين وتشجيع اعتقال آخرين. من جهة ثانية بدا لهذه القضية أهمية من خلال إحراج الأنظمة العربية المتعاونة مع أمريكا في سياستها ضد الإسلام، حيث ساد شعور لدى تلك الأنظمة أن هؤلاء الجهاديون تجاوزوهم إلى أسيادهم الأمريكان، بمعنى أن لديهم من القدرات اللوجستية أكبر من مجرد مواجهة تلك الأنظمة، وهذا فيه درجة عالية من الإحراج.
ومع كثرة القرائن على مسؤولية جهات إسلامية معينة عن الحادث إلا أن الجهات المعروفة لم تعلن مسؤوليتها عن الحادث، ولم يخرج رسميا إلى العلن إلا بيان ما يسمى “بالجيش الإسلامي لتحرير المقدسات”، وهو اسم غير معروف من قبل، لكن محتوى البيان يربط مباشرة بالجماعات التي اجتمعت حولها القرائن. فالبيان هاجم السياسة الأمريكية وطالب بمغادرة القوات الأمريكية لجزيرة العرب وطالب بإطلاق سراح الشيخ عمر عبد الرحمن وذهب البيان أبعد من ذلك في تحديد هوية من أصدره بالمطالبة بإطلاق سراح المشايخ المعتقلين في سجون المملكة من أمثال الشيخين آنذاك سلمان وسفر. ولربما تكون الجماعات التي تنفذ مثل هذه الأعمال فهمت آنذاك أن الرسالة يمكن إيصالها دون تبني العمل علنا، فالأمريكان والأنظمة العربية عرفوا من خلا ل القراءة المخابراتية للبيان من يقف خلف القضية، وأما الجمهور فيكفيه أن يقرأ المطالب في البيان دون معرفة الجهة، وإذا كان هناك ما لا تريد هذه الجماعات أن يربط بها من آثار سلبية للحادث فإنها تكون قد تخلصت منه من خلال عدم تبني الحادث بشكل صريح ومعلن.
الاستنتاج الأخير الذي لابد من الإشارة إليه أن الجهات الإسلامية التي يعتقد أنها خلف الحادثين قد أثبتت من خلال الحادثين أن لديها القدرة اللوجستية والفنية والبشرية على تنفيذ الحادث، وأنها استطاعت استغلال عنصر المفاجأة إلى أقصاه، وأنها استطاعت كذلك التنسيق بين الحادثين وبكمية تدمير هائلة.
الأمريكان يردون
لم يتحدث بن لادن علنا بل نقل عنه –نقلا- نفي مسؤوليته عن الانفجار. لكن يبدو أن الأمريكان كان لديهم استنتاج آخر توصلوا إليه منذ الأسبوع الأول بعد الانفجار وهو أن بن لادن مسؤول مائة بالمائة عن الانفجارين سواء اعترف أم لم يعترف. وبناء على تلك المعلومات المزعومة قام الأمريكان بعمليتهم المشهورة في ضرب السودان وأفغانستان. حيث انهالت على السودان وأفغانستان عشرات صواريخ كروز موجهة لضرب هدفين محددين في السودان وأفغانستان. لكن هل كان الرد الأمريكي ذكيا؟
نظرة ثاقبة في القضية تظهر أن أمريكا أصبحت تنفذ دون أن تشعر أجزاء من فقرات برامج الجماعات الجهادية، ولعل من تقدير الله أن تضاعفت فضائح كلينتون في تلك الفترة حتى يتدخل هذا العامل في توقيت الضربة الأمريكية، ومن ثم تتحول الضربة الأمريكية إلى عامل من عوامل تنامي الغضب والعداء ضد أمريكا في العالم الإسلامي، وهو عين ما تريده الجماعات الجهادية.
مثل ما استدرجت أمريكا صدام لاحتلال الكويت، وأعطت إشارات سياسية وعسكرية تشجع صدام على دخول الكويت من أجل أن تبرر إنزال وبقاء قواتها وهيم10 أكتوبر، 2001 الساعة 5:24 ص #344527خالد
مشاركالسلام عليكم ..
هذا هو اللقاء التلفزيوني الذي أجرته قناة الجزيرة مع بن لادن و يمكن لكم ايضا مشاهدته على هذه الوصلة .. أضغط هنا ..
بالمناسبة في هذا اللقاء ينفي بن لادن صلته بكل الاعمال العسكرية التي تمت ضد الامريكان ولكن يعلن مباركته لها ..—————————
أسامة بن لادن يتحدثضيف الحلقة – أسامة بن لادن، زعيم تنظيم القاعدة في أفغانستان
تاريخ الحلقة 20/09/2001– أسامة بن لادن.. من هو؟ وماذا يريد؟
– موقفه من الهجوم الأميركي على الدول العربية والإسلامية
– علاقته بتفجير السفارات الأميركية في شرق أفريقيا
– تأثير الحصار الاقتصادي والمالي على أسامة بن لادن
– علاقته بحركة طالبان وحقيقة علاقته بالمخابرات الأميركية
– علاقته بالتنظيمات الإسلامية في الوطن العربي والعالم الإسلامي
– أهداف أسامة بن لادنأسامة بن لادن
أسامة بن لادن المليونير الذي حمل السلاح وأصبح المطلوب الأول لدى أميركا، كانت قناة (الجزيرة) قد أجرت معه لقاء في أواخر عام 1998م، الآن وبعد أن أصبح العالم كله يترقب أخباره، قناة (الجزيرة) تمنح مشاهديها فرصة الاستماع إلى ذلك اللقاء الذي بث من قبل في محاولة لفهم كيف يفكر الرجل الذي حوَّله الغرب إلى أسطورة، ها هو أسامة بن لادن يتحدث.أسامة بن لادن.. من هو؟ وماذا يريد؟
أسامة بن لادن: أسامة بن محمد بن عوض بن لادن، مَنَّ الله –سبحانه وتعالى- عليه أن وُلِد من أبوين مسلمين في جزيرة العرب، في الرياض، في حي الملز، عام 1377 هجرية، ثم مَنَّ الله –سبحانه وتعالى- علينا أن ذهبنا إلى المدينة المنورة بعد الولادة بستة أشهر، ومكثت باقي عمري في الحجاز ما بين مكة وجدة والمدينة، أبي الشيخ محمد بن عوض بن لادن هو من مواليد حضرموت، كما هو معلوم، وذهب للعمل في الحجاز منذ وقتٍ مبكر جداً، منذ أكثر من 70 سنة، ثم فتح الله –سبحانه وتعالى- عليه بأن شرف بما لم يشرف به أحداً من البنائين ببناء المسجد الحرام حيث الكعبة المشرفة، وفي نفس الوقت بفضل الله -سبحانه وتعالى- عليه قام ببناء المسجد النبوي، على نبينا أفضل الصلاة والسلام، ثم لما علم أن حكومة الأردن قد أنزلت مناقصة لترميم مسجد قبة الصخرة، فجمع المهندسين وطلب منهم أن يضعوا سعر التكلفة فقط، بدون أرباح، فقالوا له يعني نحن -إن شاء الله- نضمن المشروع مع ربح، قالوا إنتوا ضعوا فقط سعر التكلفة، فلما وضعوا سعر التكلفة تفاجؤوا أنه -رحمه الله- خفض السعر عن سعر التكلفة حتى يضمن خدمة البناء لمساجد الله ولهذا المسجد، فأرسي عليه المشروع، ومن فضل الله عليه كان يصلي أحياناً في اليوم الواحد في المساجد الثلاثة –عليه رحمة الله- ولا يخفى أنه كان أحد المؤسسين للبنية التحتية في المملكة العربية السعودية، وبعد ذلك درست في الحجاز ودرست الاقتصاد في جامعة جدة، أو ما يسمى بجامعة الملك عبد العزيز، وعملت مبكراً في الطرق، في شركة الوالد -عليه رحمة الله- مع العلم أن الوالد -عليه رحمة الله- توفي وكان عمري عشر سنوات، هذا باختصار عن أسامة بن لادن.
أما ماذا يريد؟ فالذي نريده ونطالب به هو حق لأي كائن حي، نحن نطالب بأن تحرر أرضنا من الأعداء، أن تحرر أرضنا من الأميركان، فهذه الكائنات الحية قد زودها الله –سبحانه وتعالى- بغيرة فطرية، ترفض أن يدخل عليها داخل، فهذه –أعزكم الله- الدواجن.. لو أن الدجاجة دخل عليها مسلح.. عسكري يريد أن يعتدي على بيتها، فهي تقاتله وهي دجاجة، فنحن نطالب بحق هو لجميع الكائنات الحية فضلاً عن الكائنات الإنسانية البشرية، فضلاً عن المسلمين، فالذي حصل على بلاد الإسلام من اعتداء –وخاصة للمقدسات- ابتداءً بالمسجد الأقصى حيث قبلة النبي –عليه الصلاة والسلام- الأولى، ثم استمر العدوان من التحالف الصليبي اليهودي تتزعمه أميركا وإسرائيل حتى أخذوا بلاد الحرمين –ولا حول ولا قوة إلا بالله- فنحن نسعى لتحريض الأمة كي تقوم لتحرير أرضها والجهاد في سبيل الله –سبحانه وتعالى- لتحكم الشرع ولتكون كلمة الله هي العليا.
موقفه من الهجوم الأميركي على الدول العربية والإسلامية
المحاور: لكن حدث مؤخراً هجوم أميركي -بريطاني مشترك على العراق، وأولاً كيف تقيمون مثل هذا الهجوم؟ وثانياً ردود الفعل الشعبية الإسلامية والعربية وردود الفعل الرسمية حتى الآن لم تكن –كما يقال- بالمستوى المطلوب لمقاومة مثل هذا الهجوم أو لم تكن كما يتطلع شعب العراق للرد على هذا الهجوم، ما موقفكم من هذه الـ..؟
أسامة بن لادن: الحمد لله.. الهجوم الأخير الذي حصل قبل بضعة أيام على العراق قادته أميركا وبريطانيا أكد معاني كثيرة مهمة وخطيرة، ونحن لا نتحدث هنا عن الخسائر المادية أو البشرية ممن قتل من إخواننا المسلمين في العراق وإنما نتحدث عن دلائل هذا الهجوم، فالعراق تتهمه أميركا بأنه استخدم الغازات السامة ضد الأكراد، ضد شعبه، وتتهمه أنه استخدم أيضاً أسلحة فتاكة ضد إيران، ولكن الملفت للنظر الذي ينبغي أن يتوقف الناس عنده أنها لم تتحدث عنه في تلك المرحلة بهذا الكلام بل كانت تؤيده عبر وسطاء لها وعملاء في المنطقة، ولكن لما أصبح العراق قوة يعمل لها حساب في المنطقة، بل أصبحت أكبر قوة عربية في المنطقة تهدد الأمن اليهودي والأمن الإسرائيلي المحتل لمسرى نبينا، عليه الصلاة والسلام، من هنا بدأت تنبش هذه الأشياء وتدعي أنها تحاسبه عليها وتقول: “صحيح أن هناك أسلحة فتاكة وأسلحة دمار شامل كما في إسرائيل، ولكن إسرائيل لا تستخدمها، وإنما العراق استخدمها” فهذا كلام باهت مردود، أميركا هي تمتلك هذا السلاح، وهي التي ضربت شعوباً في أقصى المشرق، في (نجازاكي) و(هيروشيما) بعد أن سلمت اليابان، وبدأت الحرب العالمية تنتهي ومع ذلك أصرت على ضرب الشعوب عن بكرة أبيها، بأطفالهم ونسائهم وشيوخهم وكبارهم، فالحقيقة هنا ينبغي أن نستشعر أي هجوم اليوم على دولة في العالم الإسلامي إنما الهاجم الحقيقي هو إسرائيل، ولكن خشية أن يستيقظ الناس، وتبدأ حركات شعبية ضخمة تسقط الأنظمة العميلة التي تواطأت من أجل كراسيها عن نصرة الإسلام والمسلمين، فـ.. وقد خدرت مشاعر هذه الشعوب إلى حد ما بالنسبة لأميركا، فاستطاع اليهود أن يوظفوا النصارى من أميركان وبريطانيين للقيام بالواجب في ضرب العراق، وتدعي أميركا أنها تحاسبه وتحاكمه، ولكن الصواب أن السلطة الإسرائيلية، والسلطة اليهودية التي تنفذت في داخل البيت الأبيض، كما هو أصبح واضح على الملأ، وزير الدفاع يهودي، وزيرة الخارجية يهودي، مسؤولي الـ C.I.A والأمن القومي، كبار المسؤولين يهود، فهم ساقوا النصارى لتقصيص أجنحة العالم الإسلامي، والمستهدف في الحقيقة هو ليس صدام حسين، وإنما المستهدف هي القوة الناشئة في العالم الإسلامي والعربي سواءً ضربوا الشعب العراقي، أو كما زعموا من قبل في محاصرة ليبيا بسبب أن يوجد لديها مصنع كيماوي، أو عندما ضربوا المصنع، مصنع الشفاء في السودان، وهو مصنع أدوية، فينبغي الانتباه إلى ذلك، مسألة أخرى من دلالات هذا الحدث الظاهر أكدت بشكلٍ.. بشكلٍ واضح جلي ما ينبغي لمسلم ولا عاقل بعده أن يذهب إلى الأمم المتحدة، وأما المسلمون فشرعاً لا يجوز أن يتحاكموا إلى هذه الأنظمة الكفرية الوضعية، ولكن نقول عن العقلاء من غير المسلمين أيضاً هم لا يذهبون، فهذه كوريا الشمالية مثلاً.. هل يوجد عاقل –ولو كان كافراً- يذهب إلى محكمة القاضي فيها إن كان الحكم علينا ضربنا ضرباً شديداً موجعاً تحت ما يسمى زوراً وبهتاناً بالشرعية الدولية، وإن كان الحق لنا تستخدم أميركا حق الفيتو، فلا يذهب إلى هناك مسلم أصلاً لأن هذا يتنافى مع الإيمان، ولا يذهب عاقل ولو كان كافراً، والذين يكثرون من الحديث عن الأمم المتحدة، وقرارات الأمم المتحدة إما هم لا يفقهون دينهم أو هم يريدون أن يخذلوا ويخدروا الأمة بتعليق آمالهم على سرابٍ وهوان.. وأوهام ولا حول ولا قوة إلا بالله.
المحاور: هذا الهجوم الأميركي البريطاني على العراق، هل ترون أنه يزيد من شعبية وتأييد الجماعات المناهضة لأميركا أم أنه سيعمل على إرهابها وإخضاعها ويجعلها تخشى أن تقوم بأي عمل من الأعمال العسكرية أو غير العسكرية حتى ضد الولايات المتحدة ومصالحها؟
أسامة بن لادن: الذي ينبني على ما سبق وعلى هذا السؤال آن الأوان للشعوب المسلمة أن تدرك بعد هذه الهجمات أن دول المنطقة هي دول ليست ذات سيادة، فأعداؤنا يسرحون ويمرحون في بحارنا وفي أراضينا وفي أجوائنا، يضربون دون أن يستأذنوا أحداً، وخاصة في هذه المرة لم تستطع أميركا والولايات.. وبريطانيا أن يحشدوا معهم أحداً في هذه المؤامرة الفاضحة المكشوفة، ولم يعد هناك في أيديهم قدرة، الأنظمة الموجودة إما هي متواطأة أو فقدت القدرة على القيام بأي عمل ضد هذا الاحتلال السافر، فينبغي على المسلمين، وبخاصة أهل الحل والعقد وأهل الرأي من العلماء الصادقين والتجار المخلصين وشيوخ القبائل أن يهاجروا في سبيل الله ويجدوا لهم مكاناً يرفعوا فيه رايه الجهاد ويعبؤوا الأمة للمحافظة على دينهم وعلى دنياهم وإلا سيذهب عليهم كل شيء، فإذا لم يعتبروا مما أصاب إخواننا في فلسطين، بعد أن كان الشعب الفلسطيني مشهور بنشاطه وزراعته التي يصدرها وحمضياته وصناعة النسيج، وصناعة الصابون، أصبح ذلك الشعب –وهم إخواننا- مشردين، مطرودين في كل أرض، وأصبحوا في الأخير أُجراء عند اليهودي هذا المستعمر، متى شاؤوا أدخلوهم، ومتى شاؤوا منعوهم بأزهد الأسعار، فالأمر خطير، وإذا لم نتحرك وقد أعتدي على البيت العتيق، على قبلة 1200 مليون مسلم، فمتى يتحرك الناس؟! هذا أمرٌ عظيم ينبغي السعي فيه، وأما من يظن أن هذا الضرب يرهب الحركات الإسلامية فهو واهم، فنحن كمسلمين نعتقد أن الآجال معلومة، محدودة، لا تتقدم ولا تتأخر، منذ أن كنا في بطون أمهاتنا، وأن الأرزاق هي بيد الله –سبحانه وتعالى- وهذه الأنفس الله –سبحانه وتعالى- هو خلقها، والأموال هو رزقها، ثم اشتراها بالجنة، فعلام يتأخر الناس عن نصرة الدين؟!
المحاور: بعد الهجوم الأميركي الأول على أفغانستان في الصيف الماضي ورد في وكالات الأنباء أو في تصريحات لكم أو لمندوبيكم أنكم ستردون على هذا الهجوم، لكن حتى الآن لم يقع أي رد أو لم نسمع بأي رد، في حال حصول هجوم أميركي جديد على أفغانستان، هل نتوقع هناك رد فعل عملي تجاههم وماذا سيكون هذا الرد؟
أسامة بن لادن: نحن واجبنا –والذي قمنا به- أن نحرض الأمة على الجهاد في سبيل الله ضد أميركا وإسرائيل وأعوانهم، وما زلنا في هذا الخط نحرض الناس، وما حصل بفضل الله –سبحانه وتعالى- من تحرك شعبي في هذه الشهور الأخيرة مبشر في الاتجاه الصحيح لإخراج الأميركان من بلاد المسلمين، نحن نظراً لكثير من الظروف التي تحيط بنا وعدم القدرة على الحركة خارج أفغانستان لمزوالة الأعمال من قرب، ما تيسر لنا، لكن بفضل الله كنا شكلنا مع عدد كبير من إخواننا (الجبهة الإسلامية العالمية لجهاد اليهود والصليبيين) فأنا أعتقد أن كثير من هؤلاء أمورهم تسير بشكلٍ جيد ولديهم حركة واسعة نرجو الله أن يفتح عليهم في نصرة الدين، والانتقام من اليهود والأميركان.
المحاور: هذه الجبهة الإسلامية العالمية مضى على تشكيلها قرابة سبعة أشهر أو ثمانية أشهر تقريباً أو الإعلان عن تشكيلها هذا الوقت حتى الآن لم يسمع لها أي صوت غير البيان الذي أشرتم إليه أو المؤتمر الصحفي الذي عقدتموه في مدينة (خوست) في الصيف الماضي هل تعتبر هذه الجبهة مجمدة الآن عملياً؟
مقاتلون تابعون لتنظيم القاعدة أثناء التدريب في منطقة مجهولة بأفغانستان
أسامة بن لادن: هي غير مجمدة، وأفرادها من جنسيات متعددة جداً وعندهم هامش واسع في الحركة، وليس بالضرورة أن يعلنوا عن أي عملٍ قاموا به، مع العلم أن هذه الأشهر لا تعتبر كثيرة في سبيل إنهاض الأمة ومقاومة أكبر عدو في العالم.المحاور: الولايات المتحدة الأميركية حذرت رعاياها في دول الخليج وفي المنطقة بشكل عام من عمليات ستقومون بها أنتم وأنصاركم خاصة في شهر رمضان الحالي.
أولاً: ما مدى جدية مثل هذه التحذيرات بالنسبة للرعايا الأميركان، وهل تستهدفون الرعايا الأميركان بشكلٍ عام أم القوات الأميركية المتواجدة في الخليج وفي بعض المناطق الإسلامية الأخرى؟
أسامة بن لادن: سمعت هذا الخبر قبل أيام في الإذاعات وأدخل السرور على قلبي وهو مبشر لنهوض الأمة بفضل الله، سبحانه وتعالى، ولكن مدى جدية هذا التهديد، إذا عرفت المهدد أستطيع أن أقول، لم أعرف للأسف إلى الآن من الذي قام بهذا الجهد المبارك، لكننا ندعو الله –سبحانه وتعالى- أن يوفقهم وأن يفتح عليهم وأن يمنحهم أكتاف الكافرين والأميركان وغيرهم، وأما الفتوى السابقة كانت تحدثت على أنه عندنا في ديننا هناك تقسيم مختلف عما يدعيه الكفار، وإن كان هم يدعون دعاوى ويمشون بخلافها، نحن نفرق بين الرجل وبين المرأة والطفل والشيخ الهرم، أما الرجل هو مقاتل سواء حمل السلاح أو أعان على قتالنا بدفعه للضرائب وبجمع المعلومات فهو مقاتل، أما ما ينشر بين المسلمين أنه فلان.. أسامة يهدد قتل المدنيين، فهم ماذا يقتلون في فلسطين؟ يقتلون الأطفال ليس المدنيين فقط، بل الأطفال، فأميركا استأثرت بالجانب الإعلامي، وتمكنت من قوى إعلامية ضخمة، فتكيل بمكاييل مختلفة في أوقات حسب ما يناسبها، فالمستهدف –إذا يسر الله سبحانه وتعالى للمسلمين- كل رجلٍ أميركي هو عدو لنا من الذين يقاتلوننا قتال مباشر أو يدفعون الضرائب، ولعلكم سمعتم في هذه الأيام أن نسبة الذين يؤيدون (كلينتون) في ضرب العراق، تقريباً ¾ الشعب الأميركي، فشعب ترتفع أسهم رئيسه عندما يقتل الأبرياء، شعب عندما يرتكب رئيسه الفواحش العظيمة، الكبائر تزيد شعبية هذا الرئيس، شعب منحط لا يفهم معنى للقيم أبداً.
المحاور: البنتاجون الأميركي نشر تقارير عن صحتكم وذكر أن هذه التقارير منسوبة لجهات استخبارية باكستانية تفيد أنكم تعانون من مرضٍ عضال وقد لا تعمرون طويلاً، حسب هذه التقارير قيل أنكم قد لا تعمرون سوى خمسة إلى ستة أشهر على أكتر تقدير، أولاً: ما مدى صحة هذه التقارير؟ ثانياً: ما الهدف من نشر مثل هذه التقارير في هذه الظروف وبعد نشر التحذيرات للرعايا للأميركان من إمكانية قيامكم بعمليات أنتم وأنصاركم؟
أسامة بن لادن: الحمد لله.. أما من ناحية الصحة فلله الحمد والمنة، نشكره دائماً، فأنا أتمتع بصحة جيدة جداً بفضل الله، وكما ترى نحن في الجبال يعني نتحمل هذا البرد القارص، ونتحمل أيضاً في الصيف حرارة المنطقة، وبفضل الله مازلت يعني هوايتي المفضلة ركوب الخيل وإلى الآن –بفضل الله- أستطيع أن أسير على الخيل مسافة 70 كيلو بدون توقف، بفضل الله سبحانه وتعالى، فهذه إشاعات مغرضة لعل الغرض منها يعني محاولة تحبيط لبعض معنويات المسلمين المتعاطفين معنا، ولعل الغرض منها تهدئة روع الأميركان من أن أسامة ممكن ما يفعل شيء، ولكن الصواب أن الأمر ليس متعلق بأسامة، هذه أمة من 1200 مليون مسلم لا يمكن قطعاً حتماً أن تدع بيت الله العتيق لهؤلاء المناجيس المناكيد من اليهود والنصارى، فالأمة –بإذن الله- مواصلة ونحن مطمئنون إلى أنهم سيواصلون الجهاد والضرب المؤلم لأميركا وأعوانها بإذن الله.
المحاور: يوم العشرين من شهر 8 الماضي، شهر أغسطس الماضي، حينما تم القصف الأميركي على أفغانستان قيل أنكم كنتم تحضرون اجتماع في منطقة (خوست) التي تعرضت للقصف الأميركي الصاروخي وأن القصف الصاروخي تم توقيته بحيث تكونون في ذلك الاجتماع، أولاً: هل كنتم في ذلك الاجتماع أو هل كان هناك اجتماع؟
والمسألة الأخرى أنه قيل أن رسالة وصلتكم من دولة مجاورة – ويقصد بها باكستان- تطلب منكم الخروج من ذلك المكان مباشرة لإمكانية تعرضه للقصف، ما مدى علاقاتكم مع باكستان وكيف تقيمون موقفها منكم؟ وهل تظنون أن باكستان يمكن أن تتعاون مع الولايات المتحدة في توجيه الضربة لكم؟
أسامة بن لادن: الحمد لله.. المعلومة التي كانت عند الأميركان.. ظاهر –بفضل الله- أنها كانت معلومات خاطئة، لم أكن في (خوست) أصلاً في كل ولاية (باكتيا) لم أكن موجود فيها، بل كنت على بعد يعني بضع مئات من الكيلو مترات عن ذلك المكان، و أما ما قيل عن معلومات وصلتنا، فنحن –بفضل الله سبحانه وتعالى- وجدنا شعباً متعاطفاً، معطاءً في باكستان فاق جميع حساباتنا من تعاطفهم –نرجو الله أن يتقبل منهم- وتصلنا معلومات من أحبابنا ومن أنصار الجهاد في سبيل الله ضد الأميركان، والشعب والناس في باكستان أعطوا معيار واضح لمدى البغض والكره للغطرسة الأميركية على العالم الإسلامي، وأما ما ذكرته بالنسبة لباكستان فهناك أجنحة متعاطفة مع الإسلام ومتعاطفة مع الجهاد ضد الأميركان، وهناك أجنحة قليلة هي –بفضل الله- لكن للأسف مازالت تتعاون مع أعداء الأمة من هؤلاء الأميركان.
المحاور: على الصعيد الرسمي تقصدون؟
أسامة بن لادن: أقصد الحكومة يعني فيه أجنحة في داخل الحكومة.
المحاور: نشر في بعض الصحف العربية والأجنبية أيضاً مواضيع حول سعيكم لامتلاك سلاح نووي أو كيماوي أو بيولوجي خاصة عن طريق بعض التجار من دول وسط آسيا أو بقايا الاتحاد السوفيتي، ما صحة هذه المعلومات خاصة وأن الإدارة الأميركية في سجل الاتهامات الذي اتهمتكم به -والبالغ 235 اتهاماً –سجلت هذه الاتهامات وأنكم تسعون جادين لامتلاك مثل هذه الأسلحة؟
أسامة بن لادن: نحن –كما ذكرت- نطالب بحقوقنا، بإخراجهم من بلاد العالم الإسلامي وعدم سيطرتهم علينا، ونعتقد أن هذا حق الدفاع عن النفس هو حق لكل البشر، ففي وقتٍ تختزن إسرائيل فيه مئات الرؤوس النووية والقنابل النووية ويسيطر فيه الغرب الصليبي على هذا السلاح بنسبة كبيرة، فلا نعتبر هذا تهمة، بل هو حق ولا نقبل من أحد أن يوجه تهمة علينا بذلك، يعني كما تتهم رجل، كيف أن يكون فارساً شجاعاً مقاتلاً تقول أنت لماذا ذلك؟! لا يتهمه بذلك إلا رجل مختل، غير عاقل، وإنما هذا حق نحن أيدنا وهنأنا الشعب الباكستاني عندما فتح الله عليهم وامتلكوا هذا السلاح النووي، ونعتبر أنه حق من حقوقنا ومن حقوق المسلمين، ما نلتفت لهذه التهم المهترئة من أميركا.
المحاور: يعني هل هذا تأكيد للاتهامات أنكم تسعون للحصول على هذا السلاح؟
أسامة بن لادن: نحن نقول هذا ليس تهمة، يعني هذا واجب على المسلمين أن.. أن يملكوه، وأميركا تعلم اليوم أن المسلمين يملكون هذا السلاح، بفضل الله سبحانه وتعالى.
المحاور: الاتهامات التي وجهتها لكم الإدارة الأميركية أو المتعلقة بقضايا -كما يقولون -أنها تتعلق بالإرهاب ودعم جماعات إرهابية وغيرها وكذا، هل أنتم على استعداد لمواجهة مثل هذه الاتهامات والمحاكمة في دولة أخرى وفي محكمة محايدة؟
أسامة بن لادن: أقول هناك طرفان في الصراع: الصليبية العالمية بالتحالف مع اليهودية الصهيونية تتزعمهم أميركا وبريطانيا وإسرائيل، والطرف الآخر العالم الإسلامي، فمن غير المقبول في مثل هذا الصراع هو يعتدي ويدخل على أرضي ومقدساتي وينهب بترول المسلمين ثم عندما يجد أي مقاومة من المسلمين يقول هؤلاء هم إرهابيون!! هذا يعني حماقة أو بيستحمق الآخرين، فنحن نعتقد من واجبنا شرعاً أن نقاوم هذا الاحتلال بكل ما أوتينا من قوة ونعاقبه بنفس الطرق التي هو يستخدمها ضدنا.
المحاور: لكن حكومة طالبان أعلنت أنها مستعدة أو أنها ستسعى لمحاكمتكم في حال وجود أو ورود أي أدلة من.. قطعية من أي دولة ومن أي جهة لها حول الاتهامات التي وجهت إليكم من قبل هذه الدول، هل تقبلون بمحاكمة وفق القوانين التي تطبقها طالبان والشريعة الإسلامية؟
أسامة بن لادن: نحن خرجنا من بلادنا جهاداً في سبيل الله، سبحانه وتعالى، مَنَّ الله –سبحانه وتعالى- علينا بهذه الهجرة المباركة، رغبةً في السعي لتحكيم الشريعة والتحاكم إلى الشريعة فهذا مطلبنا ونحن خرجنا من أجله، فأي محكمة شرعية تطبق الشريعة الإسلامية بعيداً عن الضغوط التي يمارسها أهل الأهواء، هذا هو هدفنا ومطلبنا، ونحن مستعدون في أي وقت لأي محكمة شرعية يقف فيها المدعي والمدعى عليه.
أما إذا كان المدعي هو الولايات المتحدة الأميركية فنحن أيضاً في نفس الوقت نكون أيضاً ندعي عليها بأشياء كثيرة، بعظائم الأمور التي ارتكبتها في بلاد المسلمين، لكن الأميركان –قاتلهم الله- عندما طلبوني من الطلبة، رفضوا التحاكم إلى الشريعة وقالوا نحن نطلب شيء واحد أن تسلموا أسامة بن لادن فقط، يتعاملون مع الناس كأنهم عندهم عبيد أو غلمان من كبرياءهم، نرجو الله أن يذلهم.
علاقته بتفجير السفارات الأميركية في شرق إفريقيا
المحاور: التفجيرات التي حدثت ضد السفارات الأميركية في شرق إفريقيا، في نيروبي وفي دار السلام، هناك اتهامات وجهت لكم من خلال الاعترافات التي نشرت عن طريق بعض الصحف الباكستانية والعالمية منسوبة لمحمد صادق هويده الذي اعتقل في باكستان وسلِّم للولايات المتحدة والسلطات الكينية، ادعى هو عليكم أنكم أنتم أعطيتموه أوامر وطلبتم منه تنفيذ هذه التفجيرات، ما حقيقة موقفكم من هذه التفجيرات؟ وما علاقتكم بمحمد صادق هويده؟
أسامة بن لادن: هو بفضل الله –سبحانه وتعالى- أدخلت السرور على المسلمين في العالم الإسلامي، والمتابع للصحافة أو للإعلام العالمي وجد مدى التعاطف في العالم الإسلامي لضرب الأميركان، وإن كان الناس قد أسفوا لمقتل بعض الأبرياء من أهل تلك البلاد، لكن الواضح هو الموجة العارمة من الفرح والسرور التي عمت العالم الإسلامي لأنهم يعتقدون أن اليهود وأميركا قد بالغوا في التعسف وفي احتقار المسلمين، وعجزت الشعوب عن أن تحرك الدول الإسلامية لأن تدافع عنها أو أن تثأر لدينها، فلذلك هذه الأفعال هي ردود أفعال شعبية بحتة من شباب قدموا رؤوسهم على أكفهم يبتغون رضوان الله، سبحانه وتعالى، فأنا أنظر بإجلال كبير واحترام إلى هؤلاء الرجال العظام على أنهم رفعوا الهوان عن جبين أمتنا سواء الذين فجروا في الرياض أو تفجيرات الخبر أو تفجيرات شرق إفريقيا وما شابه ذلك، أو إلى إخواننا الأشبال في فلسطين الذين يلقنون اليهود دروساً عظيمة في كيف يكون الإيمان وكيف تكون عزة المؤمن، ولكن للأسف بعد تلك العمليات الجريئة في فلسطين اجتمع الكفر العالمي، والمحزن أن يجتمعوا على أرض الكنانة في مصر، وجاؤوا بعملائهم من حكام المنطقة، من حكام العرب، بعد أن ضحكوا على الأمة أكثر من نصف قرن وكلما اجتمع ملك مع رئيس قالوا: “بحثوا القضية الفلسطينية” وبعد مرور نصف قرن تتضح الصورة جلية أنهم جاؤوا لا ليخذلوا المجاهدين في فلسطين وإنما جاؤوا ليدينوا أولئك الأشبال الذين قتل آبائهم وقتل إخوانهم، وسجنوا، وعذبوا، واضطهدوا، يدافعون عن دينهم، يريدون أن يجلوا الكفار منهم، فكما يُقال “من المعضلات توضيح الواضحات”، فلا أدري ماذا ينتظر الناس بعد هذه العمالة الواضحة البينة والاستخزاء الذي يمارسه الحكام العرب لصالح اليهود أو أميركا، لعله جزء من السؤال ما أجبت عليه من طوله.. أتذكر.
المحاور: نعم، لكن الولايات المتحدة تقول أنها على قناعة ولديها أدلة بتورطكم بهذه العمليات، وحتى الآن لم تكشف هي عن هذه الأدلة غير أنه في التحقيقات يقال أن شخص كان من جماعتكم أو من أنصاركم اعترف للمخابرات الأميركية بأشياء كثيرة عن تنظيمكم وعن علاقتكم بعمليات حتى مركز.. تفجير مركز التجارة الدولي.
أسامة بن لادن: ادعاءات أميركا كثيرة، ولكنها -على افتراض صحتها- لا تعنينا في شيء، هؤلاء يقاومون الكفر العالمي الذي احتل بلادنا، فما الذي يغضب.. يغضب أميركا عندما تعتدي على الناس والناس يقاومونها! لكن ادعاءاتها أيضاً مع ذلك باطلة، إلا إذا قصدت أنني لي صلة بتحريضهم فهذا واضح وأعترف به في كل وقت وحين أنني كنت أحد الذين وقعوا على الفتوى لتحريض الأمة للجهاد، وحرضنا منذ بضع سنين، وقد استجاب كثير من الناس –بفضل الله – كان منهم الإخوة الذين نحسبهم شهداء، الأخ عبد العزيز المعزم الذي قتل في الرياض، ولا حول ولا قوة إلا بالله، والأخ مصلح الشمراني، والأخ رياض الهاجري، نرجو الله –سبحانه وتعالى- أن يتقلب.. يتقبلهم جميعاً، والأخ خالد السعيد، فهؤلاء اعترفوا أثناء التحقيق أنهم تأثروا ببعض الإصدارات والبيانات التي ذكرناها للناس، نقلنا فيها فتاوى أهل العلم في وجوب الجهاد ضد هؤلاء الأميركان المحتلين، فكما ذكرت من قبل ما الخطأ في أن تقاوم المعتدي عليك؟ جميع الملل هذا جزء من كيانها، هؤلاء البوذيون، هؤلاء الكوريون الشماليون، هؤلاء الفيتناميون قاتلوا الأميركان، هذا حق مشروع، فبأي حق الإعلام العربي والإسلامي يطارد المجاهدين الذين اقتدوا واهتدوا بسيد الأنام محمد –صلى الله عليه وسلم- الذي جاء عنه في الصحيح “والذي نفس محمد بيده لوددت أن أغزو فأقتل، ثم أغزو فأقتل، ثم أغزو فأقتل”، فهذه أمنية لنا أن نجاهد في سبيل الله، وقد ذكرت من قبل مع بعض الجهات الإعلامية الغربية أنه شرف عظيم فاتنا أن لم نكن قد ساهمنا في قتل الأميركان في الرياض، فهذه تهم باطلة جملة وتفصيلاً، إلا إذا قصدوا الصلة بالتحريض فهذا صحيح، أنا حرَّضت الأمة على الجهاد مع كثير من إخواني ومن علماء المسلمين.
المحاور: محمد صادق هويده ادَّعى أنه تدرَّب في معسكراتكم، وأنه كان على علاقة شخصية بكم، ما مدى صحة ادِّعاءاته، أو الأقوال المنسوبة إليه في بعض وسائل الإعلام؟
أسامة بن لادن: الذي أعرفه أنه في معسكرات الجهاد في أفغانستان التي منَّ الله –سبحانه وتعالى- علينا أن ساهمنا في فتحها أيام الجهاد ضد الاتحاد السوفيتي قد تدرَّب في تلك المعسكرات أكثر من خمسة عشر ألف شاب –بفضل الله سبحانه وتعالى- معظمهم من بلاد العرب، وبعضهم من إخواننا من العالم الإسلامي، فأما ما يقال أني كلفته بالقيام بهذا التفجير فأعتقد جازماً أن هذا وهم مغالطة تفتعلها الحكومة الأميركية، وليس عندها أي دليل، وعلى افتراض أن الأخ هويده قال هذا الكلام فيكون تحت التعذيب أخذ منه اعترافات، كما لا يخفى أساليب التعذيب في باكستان أو في شرق أفريقيا.
المحاور: لكن أيضاً محمد صادق هويده ادَّعى عليكم أنكم أنتم أعطيتم أوامر باغتيال الشيخ عبد الله عزَّام في (بيشاور) في عام 1989م، وأنه كان هناك صراع على قيادة العرب أو الأفغان العرب ما يسمونهم المجاهدين العرب في أفغانستان بينكم وبين الشيخ عبد الله عزام، الذي كان يرأس مكتب الخدمات، ما مدى صحة هذه الادِّعاءات، وما موقفكم منها؟ وكيف يمكن أن تصفوا علاقتكم مع الشيخ عبد الله لحين مقتله؟
أسامة بن لادن: الشيخ عبد الله عزام –عليه رحمة الله- هو رجل بأمة، وأظهر بوضوح بعد أن اغتيل –رحمه الله- مدى العقم الذي أصاب نساء المسلمين من عدم إنجاب رجل مثل الشيخ عبد الله –عليه رحمة الله- فأهل الجهاد الذين حضروا الساحة وعاشوا تلك المرحلة يعلمون أن الجهاد الإسلامي في أفغانستان لم يستفد من أحد كما استفاد من الشيخ عبد الله عزام، حيث أنه حرَّض الأمة من أقصى المشرق لأقصى المغرب، والشيخ عبد الله عزام –رحمه الله- في فترة من ذلك الجهاد المبارك زاد نشاطه مع إخواننا المجاهدين في فلسطين وبالذات حماس، وبدأت كتب الشيخ تدخل إلى.. داخل.. داخل فلسطين، وفي تحريض الأمة على الجهاد ضد اليهود، وخاصة كتاب “آيات الرحمن”، وبدأ ينطلق.. ينطلق الشيخ من الجو الذي ألفه الإسلاميون والمشايخ من جو القوقعة الضيق والإقليمي وأحياناً يكون داخل مدينته، انفتح إلى العالم الإسلامي لتحريض العالم الإسلامي، فعند ذلك وكنا وهو في مركب واحد كما لا يخفى عليكم مع أخينا وائل جليدان، فعملت مؤامرة لاغتيال الجميع، وكنا نحرص كثيراً على ألا نكون دائماً مع بعضنا، وكنت كثيراً ما أطلب من الشيخ –عليه رحمة الله- أن يبقى بعيداً عن (بيشاور) في (صدى)، نظراً لزيادة المؤامرات وخاصة اكتشف في المسجد قبل أسبوع.. أسبوعين قنبلة، المسجد الذي يخطب فيه الشيخ في (سبع الليل) فاليهود كانوا أكثر المتضررين من تحرك الشيخ عبد الله، فالمعتقد أن إسرائيل مع بعض عملائها من العرب هم الذين قاموا باغتيال الشيخ، وأما هذه التهمة نعتقد يروجها اليوم اليهود والأميركان وبعض عملائهم، ولكن هذه أدنى من أن ترد، يعني لا يعقل أن الإنسان يقطع رأسه، ومن عاشوا الساحة يعلموا مدى الصلة القوية بيني وبين الشيخ عبد الله عزام، وترهات.. يعني يذكرها بعض الناس لا أساس لها من الصحة، ولم يكن هناك تنافس، فالشيخ عبد الله –عليه رحمة الله- كان مجاله في باب الدعوة والتحريض، ونحن كنا في جبال (باكتيا) في الداخل، وهو يرسل إلينا الشباب، نأخذ توجيهاته في ما يأمرنا به عليه رحمة الله، ونرجو الله –سبحانه وتعالى- أن يتقبله شهيداً وابنيه محمد وإبراهيم، وأن يعوِّض الأمة من يقوم بالواجب الذي كان يقوم به.
تأثير الحصار الاقتصادي والمالي على أسامة بن لادن
المحاور: بعد القصف الصاروخي الأميركي على أفغانستان أمر الرئيس الأميركي بحرب اقتصادية أو مالية ضدكم، وضد المؤسسات التجارية أو المالية التي تديرونها أو تتعاملون معها، وقيل أن بدأت مرحلة تجفيف الينابيع والمصادر المالية لكم، هذا الأمر ألا يمكن أن يضع مواردكم المالية في أضيق حدودها، ويمكن أن يسبب لكم متاعب مالية وأن يسبب انفضاض أنصاركم عنكم في مرحلة قادمة؟
أسامة بن لادن: اللَّهم صلِّي وسلِّم وبارك عليه، الحرب سجال، يوم لنا ويوم علينا، فأميركا مارست ضغوط شديدة جداً على نشاطاتنا منذ وقت مبكر، وأثَّر ذلك علينا، وقد استجابت بعض الدول التي لنا فيها أملاك وأموال وأمرتنا بالكف عن العداء لأميركا، ولكن اعتقادنا أن هذا واجب علينا في تحريض الأمة، فاستمرينا في التحريض، وبفضل الله –سبحانه وتعالى- واصلنا، ونحن الآن لنا بضع سنين من الضغط الأميركي، لم يبدأ -في الحقيقة- مع القصف الأخير، ولكن بعض الدول العربية مارست علينا ضغوط اقتصادية منعتنا من حقوقنا، وضيَّقت علينا، ومنعت حتى أهلنا أن يدفعوا إلينا أموالنا، وهم في ذلك يقتدون بعبد الله بن أُبيّ بن سلول زعيم المنافقين، ويقتدون بالمنافقين، الذين قال الله –سبحانه وتعالى- فيهم: (هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا، ولله خزائن السموات والأرض، ولكن المنافقين لا يفقهون)، فعاقبهم الله سبحانه وتعالى، والآن هم يعيشون في تضييق أشد من تضييقهم علينا، وأما نحن، فكما صح عن نبينا عليه الصلاة والسلام: “من بات آمناً في سربه، معافاً في بدنه، حائزاً قوت يومه، فقد جمعت له الدنيا بحذافيرها”، فوالله الذي لا إله إلا هو نشعر أن الدنيا بحذافيرها معنا، والمال ظلٌ زائل، لكننا نخاطب المسلمين أن يبذلوا أموالهم في الجهاد مع الحركات الجهادية، التي خاصة تفرغت لقتال اليهود والصليبيين.
المحاور: أعلنتم الدعوة للجهاد ضد الصليبيين واليهود، وخاصة ضد الأميركان في شهر شباط الماضي في الفتوى التي صدرت وذكرت، لكن هذا الإعلان بدأ وتزامن مع توجه عديد من الحركات الإسلامية التي مارست العمل المسلح إلى العودة عن هذا العمل المسلح، كما نسمع حالياً في مصر أو في الجزائر، وكما شاهدنا في كثير من الدول العربية من حركات إسلامية بدأت تتجه للتعاطي مع البرلمانات وما يسمى باللعبة الديمقراطية، ألا ترون أنكم بالدعوة للجهاد في هذا الوقت أنكم تسيرون ضد التيار الذي تسير فيه الحركات الإسلامية الأخرى؟
أسامة بن لادن: الحمد لله، نعتقد أن الجهاد فرض عين اليوم على الأمة، ولكن ينبغي التفريق بين الحكم وبين القدرة على القيام به، ففي أي بلدٍ توفرت المقومات اللازمة من العدد والعدة وما يلزم لأركان الجهاد أن تقوم، فعند ذلك يجب على المسلمين في ذلك المكان أن يشرعوا بالجهاد ضد الكفر الأكبر المستبين، ولكن في بعض البلدان قد يكون ظهر لبعض الناس أن المقومات قد اكتملت، وبعد فترة من الزمن أخذوا خبرة وتجربة، وظهر لهم أن المقومات لم تكتمل فعندئذٍ هم مأمورون في مثل هذه الحالة بالعفو والصفح، لكن هنا (سؤال) من الذي يحدد هذه المقومات؟ هل هم الذين ركنوا إلى الدنيا، أم هم الذين لم يأخذوا بحظٍ من العلم الشرعي؟ وإذا ما تيسر لهم أيضاً أن يأخذوا بحظٍ من العلم العسكري، فالصواب في هذه المسألة أن الجهاد طالما إنه فرض عين، قد يسقط أحياناً للعجز، لكن لا يسقط الإعداد الحقيقي من استكمال العدد والعدة، أما ما انتشر بين المسلمين اليوم من القول أن الجهاد ليس وقته الآن، فهذا كلام –إذا لم يقيَّد- غير صحيح، كثيراً من طلبة العلم يقولون إن الجهاد ليس وقته الآن، وهذا في الحقيقة مغالطة شديدة إذا لم يقيد.. لم يقيد، أما إذا قال إن هو فرض عين اليوم، ويجب علينا أن نسعى بكل ما أوتينا من قوة لاستكمال العدد والعدة والمقومات اللازمة، فالكلام هنا يستقيم، وشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في هذا الموطن يبين أن الذي يفتي في أمور الجهاد هو الذي له علم بالدين الشرعي، وله علم بالجهاد وأحوال الجهاد، أي يكون مارس الجهاد، لكن لمَّا غاب الجهاد عن الأمة زمناً طويلاً نشأ لدينا جيل من طلبة العلم لم يخوضوا معامع الجهاد، وتأثروا بالغزو الإعلامي الأميركي الذي غزا بلاد المسلمين، فهو دون أن يخوض حرباً عسكرية قد أصيب بهزيمة نفسية، ويقول لك: لا نستطيع، صحيح الجهاد لازم، لكن لا نستطيع، لكن الصواب أن الذين منَّ الله –سبحانه وتعالى- عليهم بالجهاد كما حصل في أفغانستان، أو في البوسنة، أو الشيشان، ونحن منَّ الله علينا بذلك، فنحن على يقين أن الأمة اليوم تستطيع –بإذن الله سبحانه وتعالى- أن تجاهد ضد أعداء الإسلام، وبخاصة ضد العدو الأكبر الخارجي التحالف الصليبي اليهودي.
وأشير هنا.. أشير هنا إلى مسألة أن بعض الشباب –نرجو الله أن يحفظهم ويبارك فيهم- يتأثرون بقعود بعض الكبار، ويظنون أن هؤلاء الكبار الذين يشار إليهم بالبنان ما قعدوا إلا لأنهم يعلمون المصلحة، وعند التحقيق الأمر ليس كذلك قطعاً، وليس بالضرورة أن يكون تأخر الذي يشار إليه بالبنان ناتج عن معرفته بالمصلحة، فعند تدبر كتاب الله -سبحانه وتعالى- نجد أن الخيار –رضي الله عنهم وأرضاهم- قد عاتبهم الله –سبحانه وتعالى- على التأخر، فإذا كان الخيار الأبرار الأطهار –رضي الله عنهم- أصابهم هذا الداء، داء التأخر عن الجهاد، فكيف نزعم لخيارنا اليوم أنهم يتأخرون للمصلحة؟ فالله –سبحانه وتعالى- في سورة الأنفال قال مخاطباً نبيه –صلى الله عليه وسلم- وأهل بدر، وهم خير الناس رضي الله عنهم: (كما أخرجَك ربُّك من بيتك بالحق وإن فريقاً من المؤمنين لكارهون يجادلونك في الحق بعد ما تبين كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون)، هذا الوصف جاء على خيار الناس –رضي الله عنهم-، أهل بدر، فمن الطبيعي أن يصيبنا نحن، هذا كعب بن مالك –رضي الله عنه- كما.. حديثه في الصحيحين في البخاري ومسلم الحديث الطويل يقول يوم تبوك: “تخلفت وما كنت أيسر مني حالاً قط مني يوم ذاك، وما ملكت راحلتين إلا في تلك الغزوة، وقلت اليوم أتجهز، فيمضي اليوم ولم أجهز من أمري شيئاً” ويقول: “نادى رسول الله –صلى الله عليه وسلم- بالجهاد عندما أينعت الثمار، وكنت إليها أصعر” أي أميل وأميل إلى الثمار.
فالإنسان بشر تتجاذبه أثقال الأرض، وهو من هو -رضي الله عنه- من السابقين، بل أحد الذين عقدوا بيعة العقبة الكبرى المباركة التي منها انطلقت دولة الإسلام في المدينة المنورة، تأخَّر بغير عذر، ومما جاء في حديثه الطويل أنهم كانوا ثلاثة كما في كتاب الله: (وعلى الثلاثة الذين خُلِّفوا)، والروايات في السيرة أن الذين خرجوا إلى تبوك ثلاثون ألفاً، كم يعد ثلاثة من ثلاثين ألفاً؟ رقم لا يذكر اليوم، لو سألنا أي عسكري أو قائد في الجيش، نقول له: إذا تخلف عندك ثلاثة من ثلاثين ألف، رقم لا يذكر، لكن لعظيم الذنب أنزل الله –سبحانه وتعالى- من فوق سبع سماوات قرآناً يتلى إلى يوم القيامة في حساب هؤلاء، فيقول كعب رضي الله عنه: فلما ضاقت عليَّ الأرض بما رحبت تسورت حائطاً لابن عمي أبي قتادة وكان أحبَّ الناس إلي، فقلت: يا أبا قتادة، أنشدك بالله هل تعلم أني أحب الله ورسوله”، أمر خطير جداً، أراد أن يطمئن على أعظم ما يملك في الوجود، حب الله والرسول عليه الصلاة والسلام، وإلا لا معنى لوجودنا بغير حبهما، حب الله ورسوله عليه الصلاة والسلام، “قال: فلم يجبني، قال: فناشدته الثانية، قال: فلم يجبني، قال: فناشدته الثالثة” فلم يستطع أبو قتادة –رضي الله عنه- أن يثبت له محبته لله والرسول، كيف يثبتها وهو قاعد مع الخوالف، وهذا دين الله، قد جاءت الأخبار أن الروم يريدون أن يعتدوا عليه في تبوك، وهذا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- خرج في الضح والحرور يريد نصرة الدين، وأنت جالس عن نصرته، كيف يثبت لك؟ فلم يثبت له محبة الله ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولم ينفها عنه، ولكن قال: “الله ورسوله أعلم، فيقول كعب: فتوليت وفاضت عيناي” وحُقَّ له، أحب الناس إليه لم يستطع أن يثبت له هذا الأمر العظيم، فالشاهد من قولنا أن هذا الجهاد اليوم هو متعيِّن على الأمة وقد يسقط للعجز، لكننا نحن نعتقد أن الذين خاضوا الجهاد في أفغانستان أكثر ما يتوجب عليهم، لأنهم علموا أن بإمكانيات ضعيفة، بعدد قليل من الـ RBJ، عدد قليل من ألغام الدبابات، عدد قليل من الكلاشينات تحطَّمت أكبر أسطورة بشرية عرفتها.. عرفتها البشرية، وتحطَّمت أكبر آلة عسكرية، وزال من أذهاننا مايسمى بالدول العظمى، ونحن نعتقد أن أميركا أضعف بكثير من روسيا، ومما بلغنا من أخبار إخواننا الذين جاهدوا في الصومال، وجدوا العجب العجاب من ضعف الجندي الأميركي ومن هزالة الجندي الأميركي ومن جبن الجندي الأميركي، ما قتل منهم إلا ثمانون فروا في ليل أظلم لا ينوون على شيء بعد ضجيج ملأ الدنيا عن النظام العالمي الجديد، فهذا اعتقادنا.. يسع الناس -إذا اتقوا الله- الذي يعلم إنه باستطاعته يجاهد، والذي يعلم أن الظرف الآن مازال يحتاج إلى استكمال يعمل في استكمال المقومات والله أعلم.
المحاور: المبلغ الذي رصدته الإدارة الأميركية للقبض عليكم أو للإدلاء بمعلومات تفيد في القبض عليكم واعتقالكم وهو خمسة ملايين دولار، البعض يظن أن هذا المبلغ قد يكون مغرٍ للبعض من أنصاركم، وربما يدفعه لأن يدلي بمعلومات حولكم أو يخونكم، ألا تخشون من خيانة من أي طرف؟
أسامة بن لادن: الحمد لله، يعني أنت أتيت وترى ما عندنا، هؤلاء الشباب نرجو الله أن يتقبلهم ويتقبَّل من قُتل منهم شهيداً طيلة هذا الجهاد المبارك، هم تركوا الدنيا، وجاؤوا إلى هذه الجبال وإلى هذه الأرض، تركوا أهلهم، تركوا آباءهم وأمهاتِهم، وتركوا جامعاتهم، وجاؤوا هنا تحت القصف وتحت متابعات كروز وصواريخ الأميركان، وقد قتل بعضهم كما علمتم من إخواننا، ستة من الإخوان العرب، وأحد إخواننا من الترك، نرجو الله أن يتقبلهم جميعاً شهداء، كان منهم أخونا الصدِّيق من مصر، وأخونا حمدي من مصر، وثلاثة من إخواننا من اليمن منهم أخونا بشير كان مشهور باسم سراقة، وأخونا أبو جهاد أيضاً، وكذلك أخونا من المدينة المنورة زيد صلاح مطبقاني، فهؤلاء تركوا الدنيا، وجاؤوا إلى الجهاد، فأميركا لأن هي تعبد المال، تظن أن الناس هنا على هذه الشاكلة، والله ما غيرنا رجلاً من مكانه بعد هذه الدعايات، لأن لا نشك في إخواننا، نحسبهم على خير، نحسبهم كذلك، والله حسيبهم.
علاقته بحركة طالبان وحقيقة علاقته بالمخابرات الأميركية
المحاور: بالنسبة للعلاقة التي تربطكم بالحكومة الأفغانية أو حركة طالبان، ما هي طبيعة هذه الحركة؟ وهل أنتم تبع لها وجزء منها، أم أنكم تعملون باستقلالية، لكن في أرض أفغانية؟
أسامة بن لادن: حركة طالبان بارك الله –سبحانه وتعالى- في هذا التحرك بعد مرور أربعة عشر سنة من بدء الجهاد الذي قام به المجاهدون السابقون، وكان للطلاب أيضاً دور فيه، ووفقهم الله –سبحانه وتعالى- في تلك المرحلة لهزيمة الاتحاد السوفيتي، فالذين رفعوا راية الجهاد في تلك المرحلة المبكرة قد فتح الله عليهم في هزيمة أكبر دولة في العالم، وأكبر دولة عسكرية، ولكن للأسف بعد ذلك لم يكملوا الطريق ودخل بعض الخلاف تدخلت فيه أميركا وبعض الدول العربية ذات الصلة القوية بالعمالة لأميركا قاموا بعمل فتنة بين المجاهدين، وحصل القتال الذي أسف له الجميع، مما عانى وزاد من معاناة الشعب المسلم في أفغانستان، المؤسف هنا أن كثيراً من المحسنين أوقفوا دعمهم لأفغانستان بحجة الاقتتال الداخلي، وهذا في الحقيقة تصرف لم يحالفه صواب، لأن الأرامل والأيتام الذين قتل أزواجهم أو آباؤهم هؤلاء زادت عليهم المعاناة، وكان ينبغي على المحسنين من المسلمين أن يأتوا هنا لكفالة هؤلاء الأيتام وكفالة هؤلاء الأرامل، ولكن الشيطان زيَّن لهم أن يتركوا نصرة المسلمين الذين ذادوا عن الإسلام هنا، كما أنهم ذادوا عن العالم الإسلامي أجمع، وبخاصة عن دول الخليج، فالمتتبع على الخريطة يعلم أن أفغانستان لم تكن هدفاً لذاتها، وإنما كانت معبر للقوات الروسية السوفيتية بعد أن حققت مكاسب كبيرة في العالم في تلك المرحلة، ففكر الروس أن يعطوا الغرب الضربة القاضية وأن يأخذوا مضيق هرمز ويحتلوا دول الخليج قاطبة، ويستولوا على أكبر احتياطي بترولي في العالم، فمن هنا كان سر اندفاع بعض دول الخليج، بل قل كل دول الخليج في دعم الجهاد الأفغاني هو دفاعاً عن نفسها، فهم شركاء في هذه المعركة، فبعد أن انكسر الروس قلبوا لهم ظهر المجن، وبدأ إعلام هذه الدول –للأسف الشديد- يشنع على الجهاد وعلى المجاهدين، فضلاً عن تواطؤ بعضهم في زرع الفتنة في داخل المجاهدين، مَنَّ الله على المسلمين بمجيء حكومة طالبان، وكان هناك.. ليست قوة دفع من الخارج كما يصورها الإعلام الغربي الصليبي، وإنما قوة سحب من الداخل، الناس ملَّت من قطاعين الطريق ومن أخذ الإتاوات والمكوس، فأي قبيلة لها طلبة علم لهم صلة بالطالبان فكانوا هم يذهبون يطلبون من الطلبة أن يأتوا إلى هذه الولاية وتلك، ولذلك نرى أن المهندس (حكمتيار) مكث أربع سنوات على حدود (كابول) وبدعم علني من باكستان حتى يتقدم أمتار لأخذ كابول لم يستطع، ومعلوم أن الحزب الإسلامي برئاسة (حكمتيار) هو أفضل الأحزاب الأفغانية من حيث القوة والترتيب، والتنظيم، والانتشار في داخل أفغانستان، ولم يستطع أن يتقدم، وفي المقابل معلوم أن الطلبة هم صغار سن في الجملة، وكثير من صغارهم لم يشاركوا في قتال، ولكن بسبب السحب الداخلي من الشعب بعد أن وصل إلى درجة من اليأس من الأعمال السابقة فتح الله عليهم، فنحن ننصح المسلمين في داخل أفغانستان وفي خارج أفغانستان أن ينصروا هذه الطلبة، وننصح المسلمين في الخارج أن كثيراً من الجهد الذي يقوم بعيداً عن وجود دولة للإسلام لا يأتي بالثمرة الكبيرة المرجوة، فهذا نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- مكث ثلاثة عشر سنة يدعو في مكة، وكانت المحصلة بضع مئات من المهاجرين رضي الله عنهم، فلما وجدت دولة المدينة على صغرها في خضم دولة الفرس والروم وفي خضم عبس، وذبيان، وغطفان، وقبائل العرب المجاورة، والأعراب التي تنهش هذه الدويلة، ومع ذلك قام الخير، فنحن ندعو المسلمين أن ينصروا هذه الدولة بكل ما أوتوا من قوة بإمكانياتهم، وبأفكارهم، وبزكاواتهم وأموالهم، فهي -بإذن الله- اليوم تمثل راية الإسلام، وإن أي اعتداء من أميركا اليوم على أفغانستان هو ليس على أفغانستان لذاتها، وإنما على أفغانستان رافعة راية الإسلام في العالم الإسلامي، الإسلام الصحيح المجاهد في سبيل الله، فعلاقتنا -بفضل الله- معهم قوية جداً ووطيدة، وهي علاقة عقدية قائمة على معتقد وليس مواقف سياسية أو تجارية، ساهمت كثير من الدول وحاولت أن تضغط على الطلبة ترغيباً وترهيباً، ولكن الله -سبحانه وتعالى- ثبتهم.
المحاور: لكن ما هي صحة الأنباء التي تحدثت عن استعداد أو إمكانية أن تقوم حركة طالبان أو حكومة طالبان بتسليمكم لأي دولة في حال توجيه اتهامات رسمية و.. مع وجود أدلة؟
أسامة بن لادن: فيما سمعت أن الطلبة نفوا مثل هذا الكلام، وهو كلام غير صحيح فيما نعلم، والله أعلم.
المحاور: تحدثتم قبل قليل عن مشاركتكم في الجهاد الأفغاني وأن بعض الدول خاصة دول الخليج شجعت المجاهدين، بل دعمتهم وقدمت لهم، ومن الدول الأخرى التي قدمت دعم للمجاهدين، في ذلك الوقت ضد الاتحاد السوفيتي، الولايات المتحدة الأميركية، وسائل الإعلام الغربية والعالمية تتحدث عن وجود صلة لكم مع الإدارة الأميركية أو المخابرات الأميركية أثناء الجهاد ضد الاتحاد السوفيتي، ما هي حقيقة هذه
-
الكاتبالمشاركات
- يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.