السلام على السيد ملعقة

اجتهاد جميل في مقالتك هذه ، ولكن لدي تعقيب بالموضوع وهو أن في المقالة ربط بين الجهاد وبين الانتحار ومساواتهما ، بالرغم أن هناك فرق بين المصطلحين ، وحتى أن الإسلام فرق بينهما في الإحكام ولم يساويهما .

فيجب أولا معرفة معنى الجهاد ، ومعنى الانتحار .

فيعرف الجهاد أن كل شخص يسعى في سبيل الله لطلب الرزق أو العلم أو لغزو العدو أو أي عمل يقصد به ابتغاء مرضاة الله ، فهو مجاهد في سبيل الله ، وإذا لحقه أذى أو وافته المنية وهو يسعى في سبيل الله فيعتبر شهيدا ويأخذ حكم الشهداء في الإسلام ، وأيضا من يجاهد في سبيل الله لا يعاقب .
أما معنى الانتحار فهو كل شخص يريد أن يزهق روحه لأي سبب بغير حق ، وما إن فعل ذلك فهو منتحر ويأخذ حكم الانتحار في الإسلام وعقوبته أنه في النار والعياذ بالله ، وفي حالة نجاة المنتحر سوف ينال العقاب حسب القوانين الجزائية الوضعية .

إذا نستخلص من هذا التوضيح أن هناك فرق بين الجهاد وبين الانتحار .

وأيضا يجب أن نفرق بين العمليات الإستشهادية وبين العمليات الانتحارية ، فالعمليات الإستشهادية هي تلك العمليات التي يقوم بها فرد أو أفراد من المسلمين ( بحكم أننا مسلمون ) للنيل من العدو الذي يحمل سلاحا ويستخدمه في إيذاء المسلمين ، وهذه العمليات بهذه الصورة لا تعتبر عمليات انتحارية ، لأن الهدف من وراء هذه العمليات هو نصرة الإسلام والمسلمين من اعتداءات أعدائهم ، ووفقا للمعاير التي وضعها الإسلام ، وأمثلتها كثيرة وهي التي يقومون بها الفدائيون الفلسطينيون في الأراضي المحتلة .
أما العمليات الانتحارية فهي خلاف المفهوم الأول ، وتهدف إلى قتل الناس الأبرياء لا ذنب لهم وهذا الجانب يدخل ضمن مفهوم الإرهاب الذي ليس إلا لتحقيق غايات دنيوية ومصالح شخصية .

ثانيا ينبغي أن نعرف معنى الإرهاب ، فالإرهاب هو الخوف بشكل عام ، وهو كلمة مشتقة من الرهبة أي الخوف ، وقد جاءت هذه الكلمة في القرآن الكريم حيث قال الله تعالى في كتابه العزيز (( واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم )) الآية .
السؤال الذي يطرح نفسه ، هل هذا يدل على العمليات الإرهابية كما جاء في المقالة ؟
بالطبع لا ، ليس هذا المقصود ، فالإسلام دين السلام .
إذا ما المقصود من كلمة (( ترهبون )) في الآية ؟
لو قراءنا هذه الآية من بدايتها نجد أنها لا تدعو إلى الإرهاب كما جاء في الموضوع ، بل هذه الآية تدعو المسلمين إلى إعداد القوة ما استطاعوا وهذه القوة هي القوة العسكرية والقوة الاقتصادية والقوة العلمية . و . و … إلى آخر المجال من المجالات الحيوية بحيث يستغنون عن أعدائهم في كل شيء وفي كل المجالات ، وبهذه وحدها قوة ، وكذلك لو أن المسلمين أخذوا بهذه التوصية الإلهية الحكيمة لشكلوا قوة لا تستهان ، وهذه القوة هي وحدها ترهب عدو الله وعدو المسلمين الذي يريد النيل منهم أو يفكر في الاعتداء على بلادهم ، لذلك أراد الله للمسلمين من هذه التوصية أن يكونوا دائما في حالة الاستعداد وفي حالة القوة للدفاع عن أنفسهم ، وليس للاعتداء على غيرهم بهذه القوة التي لا شك فيها أنها ترهب العدو ويتجنب اللعب بالنار ، وهذا هو المقصود من كلمة (( ترهبون به )) في القرآن الكريم .

ومن جانب آخر يختلف مفهوم كلمة الإرهاب الذي يطلقون عليها الغربيين في الوقت الحاضر عن مفهومها الذي جاء في القرآن الكريم ، حيث الفرق بين المفهومين كفرق بين السماء والأرض .

ونترك مجال المناقشة للآخرين ليدلوا بدلوهم ،،،،