ماض حافـل بصور فـرح وضحكات وحزن ودموع وأمل ويأس وشوق , هي
صور فرح تزور بالي لتداعـب خاطـري فأبتسم مسترجية ألا ليـتها تعـود …
صور حزن ودموع تقـتحم سكينتي فأشهـق فـازعة لم تعـد صوري فاحتفـظ بها يا
نـسيان …وصور أمـل تتسلل بخفـة لتحاكي نفـسي بلغة هي أشبـه بترانيم عـذبة
تسري النـور ليجـد ضالته المستترة فأطرق مدندنة أيـا نور أقبل …فأنت لي خير
سكان …وصور أخرى ليأس واستسلام وخضوع تمتثل شاخـصة وتعصف بـي
لتقض مضجعي وتعكر صفـو خلوتي فأردد صارخة أيا يأس كـف عـني فـلـن
تجـد لك بالداخل مكان …
صور فراق أليم رمادية ماتت بها الروح وذبحت في محرابها الحيـاة , هم أخلاء
النفـس ورفـقاء الروح ومؤنسي الوحـدة وأشقاء الفؤاد , أحببناهم وتعلقـت جوانبنا بهم
كنا بملقاهم كقـطرات الندى عندما تقـبل شفاه الأزهار , كالنجوم المنقـوشة على بساط
السماء تنـام غافـية تزورها الأحلام وتفـر منها الكـآبة …
أحببناهم حتى عانقـت أرواحنا أرواحهم , وحياتنا صارت رهينة بقائهم …كانوا لنا
كالنـار المضيئة لا المحـرقة , تشتعل لتنير الدروب المظلمة …
كم ضحكنا حتى سئم الضحك ثغـرنا , وحتى صار صدى ضحكاتنا نغمات موسيقـية
تنسكب بلطف لتتوشى أيامنا مزيدا من الهناءة والسرور , بدلـوا وحشة أيامنا بالأنس
وسكينة ليالينـا بالأنغـام …

ولكن لم ندر أن الفـراق قابع خلف أبوابنا المغـلقة , يطرق بكفـه الحديدية لينتزع من
نحـب , ولم نكن نعلم أن الفـراق المرير بوشاحه الأسود على بعد خطوات يتربص
ليقـبض على من هم لنا كالـدم في العروق , فان ذهبوا جفـت عروقنا ويبست أوصالنا

هو الفـراق القـدر المحتوم سلب منا أحبتنا حتى صاروا مجرد خيالات تعبر مارة بين
الفـينة والأخرى , لتوجعنا فـتزيد حسرتنا …فارقـونا مودعـين حتى تركوا القـلب ضائقا
بأسراره , والأجفـان متقـرحة من حرارة دموعها المتسارعة في خطوط منتظـمة ,
برحيلهم قد زرعـوا بذور آلام خفـية خرساء تقـطن القـلب وتثور في جوانبه …أجـل كم
نشتاق اليهم ونأمل رجوعهم …ونبقى منتصبين على ممر الحياة علهم يمرون , لعـل
النسيـم القـادم يحـمل أنفاسهم …