الرئيسية منتديات مجلس الثقافة الأدبية والشعر لقاضي والأديب محمد بن راشد الخصيبي

مشاهدة 5 مشاركات - 1 إلى 5 (من مجموع 5)
  • الكاتب
    المشاركات
  • #130165
    العرين…
    مشارك
    نهل الباحثون من مآثره الأدبية واعتمدوا عليها في بحوثهم وكتاباتهم
    مرشد الخصيبي في حديث لـ(أشرعة) عن والده :
    القاضي والأديب محمد بن راشد الخصيبي .. عادل في حياته وبعد وفاته
    صاحب الوهب الفائض .. شقائق النعمان .. الزمرد الفائق ..
    البلبل الصداح .. اللؤلؤ والمرجان

    حاوره ـ إيهاب مباشر:ولد بولاية سمائل (فيحاء عمان) .. ثم انتقل مع والده والأسرة إلى مسقط عندما عين والده محمد بن راشد الخصيبي قاضيا بالمحكمة الشرعية بها .. تلقى تعليمه الأول في المدرسة السعيدية .. ومن ثم انتقل إلى معهد الخير لينال حظه من العلوم الشرعية والعربية .. له أربعة عشر إصدارا ما بين دواوين شعرية وكتب نثرية ..
    والآن يعكف على إعداد ومراجعة كتابه المعروف (عمان أيام زمان) تمهيدا للطبعة الثانية في حلة تختلف عن سابقتها بالإضافة إلى الإعداد لإصدار ديوان شعر جديد
    .. حصل على مجموعة من شهادات التقدير عن مشاركات مختلفة خصوصا على المستوى المحلي .. كما حصل على وسام السلطان قابوس للثقافة والعلوم والفنون من الدرجة الأولى عام 2001م .. إنه الأديب مرشد الخصيبي .. التقته (أشرعة) فكان حديثه عن والده القاضي والأديب محمد بن راشد الخصيبي ـ رحمه الله تعالى ـ .. في الحوار التالي ..
    * نريد التعرف عن قرب على نشأة الوالد ـ رحمه الله تعالى ـ مع إطلالة على فترات طفولته وصباه .
    ** والدي محمد بن راشد بن عزيز الخصيبي، ولد في مسقط عام 1336هـ أيام كان والده، جدي راشد بن عزيز يعيش فيها متقلدا وزارة الشئون الشرعية ورئاسة المحكمة الشرعية، وهنا أذكر ما حظي به الجد من حفاوة وتكريم لدى السلاطين السابقين حتى تبوأ المكانة الرفيعة عندهم، وكان هو بدوره مخلصا وفيا لهم حتى آخر حياته، وكان السلطان فيصل يصطحبه معه في أسفاره وتنقلاته مما حدا بالبعض إلى الاستغراب ووصل ذلك إلى السلطان فيصل فتعمد السلطان ألا يصطحب الجد مرة، وعندما حط السلطان رحاله للاستراحة كعادته في أسفاره، احتاج إلى أمر فلم يجده في كل مرافقيه، فقال لهم السلطان فيصل حينها: هذا الذي يجعلني أصطحب الشيخ راشد فسكتوا بعدها. كما كانت لجدنا كذلك مدرسة معروفة بمسقط ومذكورة بالتاريخ. وقد عاش والدي محمد بن راشد فترة من فترات طفولته في سمائل (فيحاء عمان) وتربى فيها واختلف على شيوخ العلم والدين، وكان ممن أخذ العلم عنهم، الشيخ النحوي حمدان بن خميس اليوسفي الذي سماه الوالد بـ(سيبويه الثاني) وفي ذاك الأوان لم تكن هناك مدارس تعنى بالعلوم العصرية، وكانت عبارة عن كتاتيب ومجالس لشيوخ العلم والدين، وكان المتعطش لطلب العلم يقصد هذه الكتاتيب، ويترقى بعد ذلك ويقصد مجالس شيوخ العلم، فوالدي درس علوم العربية على يد الشيخ حمدان بن خميس اليوسفي ودرس بعد ذلك على يد الشيخ حمد بن عبيد السليمي وهو أحد شيوخ العلم في سمائل، ثم بعد ذلك أكثر ما أخذ من العلم على يد الشيخ خلفان بن جميل السيابي وهو أحد علماء (فيحاء عمان) المعروفين وكان والدي وأخوه العم رشيد والذي صار هو الآخر قاضيا فيما بعد، كانا ملازمين وكاتبين للشيخ خلفان بن جميل في حله وترحاله، كما لازم والدي وتردد على الإمام محمد بن عبد الله الخليلي سواء كان في إقامته في نزوى أو عندما كان يأتي الإمام إلى سمائل فكان يلازمه، وأذكر هنا بالمناسبة لماذا يحرص العمانيون على تلقي علوم العربية في بداية حياتهم وخاصة علم النحو الذي يعتبرونه مفتاح العلوم، وكما يقال إن الكتابة والقراءة مفتاح العلم، فإن دراسة علوم العربية تعتبر أساس العلوم، فإنه بطبيعة الحال عندما تكون متمرسا في علوم العربية تستطيع أن تشق طريقك في باقي علوم التفسير والشريعة والحديث لأنه وكما هم معلوم فإن في القرآن الكريم، العام والخاص والمطلق والمقيد والناسخ والمنسوخ والمحكم والمتشابه، وهذه تتأتى معرفتها بمعرفة علوم العربية، فالوالد سار على هذا النهج في دراسته، حيث بدأ بعلوم العربية ثم عرج إلى العلوم الشرعية .
    * وماذا عن اشتغال الوالد بالعلم والتدريس ؟
    ** بعدما أخذ الوالد ما أخذ من العلوم والمعرفة وسار على علم ودراية بها، عينه الإمام محمد بن عبد الله الخليلي معلما، وهنا التحول من كونه طالب علم إلى معلم، فقد كون الوالد في هذا الوقت مدرسة ودرس فيها طلاب العلم في سمائل وتخرج على يديه في ذاك الوقت مجموعة من طلبة العلم الذين تبوأوا مراكز متقدمة في السلطنة ومنهم من صار قاضيا فيما بعد .
    * كيف كانت علاقة والدك بجدك وكيف انتقل من التدريس إلى القضاء ؟
    ** أذكر أن والدي عندما ولد في مسقط كان إبان وجود والده وهو جدي العلامة الشيخ راشد بن عزيز الخصيبي، وكان مقربا من الحكومة العمانية وقد عاصر جدي ثلاثة سلاطين وهم السلطان تركي والسلطان فيصل والسلطان تيمور، وقد ترقى جدي إلى أن وصل إلى درجة وزير للشئون الشرعية وأيضا رئيسا للمحكمة الشرعية بمسقط كما أسلفت، ولذلك تربى والدي في حضن والده وإن كان قد توفي عنه وهو في ريعان شبابه تقريبا، كان والدي وقتها يناهز الخمسة عشر عاما، بعد ذلك بقي فترة أستاذا لعلوم العربية والمواد الشرعية في سمائل، بعدها عينه الإمام محمد بن عبد الله الخليلي واليا وقاضيا في بدبد وبقي فيها ما بقي حتى توفي الإمام وطلبه السلطان سعيد بن تيمور ليكون قاضيا في المحكمة الشرعية بمسقط، وكان في ذاك الأوان مع جملة من المشايخ أمثال الشيخ هاشم بن عيسى بن صالح الطائي والشيخ إبراهيم بن سعيد العبري والشيخ إبراهيم بن سيف الكندي (قاضي شعبة الأجانب) والشيخ سعيد بن أحمد الكندي، وهؤلاء كانوا من القضاة السابقين بالمحكمة الشرعية السابقة بمسقط.
    طلاب العلم بسمائل
    * هل كان للوالد طلبة علم أثناء وجوده بسمائل ؟
    ** نعم كثيرون .. ومن تلامذة الوالد في ذاك الأوان عندما كان معلما في سمائل في الفترة من عام 1365ـ1370هـ الشيخ عبد الله بن سالم بن سلمان الهاشمي الذي كان معلما ثم مديرا للمعهد الإسلامي بسمائل والشيخ الأديب موسى بن عيسى بن ثاني البكري الذي تولى هو الآخر مهمة التدريس في المعهد الإسلامي بسمائل والشيخ هلال بن سعود بن محمد الجبري وهو أحد شيوخ القبائل المعروفين والشيخ الأديب علي بن جبر بن سعود الجبري والشيخ القاضي غسان بن سليمان المزروعي، والمشايخ عبد الله وسليمان وحمود أبناء أحمد بن حمد الخروصي ومحمد بن خميس العزري وسالم بن سيف النبهاني وناصر بن سلوم بن سالم السيابي وسيف بن سعيد بن عبد الله الهاشمي وسليمان بن سيف الجابري، وأغلب هؤلاء توفوا إلى رحمة الله تعالى، منهم من سبق والدي ومنهم من لحق به .
    * هل من مهام أخرى أسندت إلى الوالد أثناء اشتغاله بالقضاء ؟
    ** عندما انتقل والدي إلى مسقط وصار قاضيا في زمن السلطان سعيد بن تيمور، بقي قاضيا فترة طويلة بالمحكمة الشرعية بمسقط، وكان مقربا من السيد أحمد بن إبراهيم البوسعيدي، ناظر الداخلية في ذلك العهد، بل صديقا حميما له، وإلى جانب توليه القضاء كانت تسند إليه مهام كثيرة ومن بين هذه المهام أن السيد أحمد بن إبراهيم البوسعيدي كان يرسل أبي في مهام رسمية إلى كثير من الولايات، خاصة فيما يتعلق بقضايا الاستئناف، إذا حكم قاضي الولاية في قضية معينة ولم يقتنع الخصوم بالحكم، فكانت تحال القضية إلى المحكمة الشرعية بمسقط التي تعتبر المرجع فهي المحكمة العليا، فيما يخص أمور القصاص والإعدام وكذلك قضايا الاستئناف، فوالدي كان من بين القضاة المصطفين لهذه المهمة .
    * ما طبيعة علاقة الوالد بزملائه القضاة ؟
    ** أثناء تلك الفترة كان والدي مع بقية المشايخ والقضاة وكان تجمهم طبيعة العمل، لكن الحياة بمسقط في ذلك الوقت بها شيء من البساطة، فكان معظم زملاء والدي في مهنة القضاء، يقتلون الوقت بالزيارات وتبادل الأخبار فيما بينهم وكنت شاهد عيان على اجتماعاتهم ورحلاتهم وزياراتهم وملاطفاتهم لبعضهم البعض، وكانوا يتعازمون ويتضايفون فكان الوالد يستضيفهم وهم كانوا يستضيفونه، وكنت أحضر هذه المجالس أنا وأخي وكنا نستفيد علما من هذه الضيافات، إذ أنهم لابد أن يتداولوا فيما بينهم أمر بعض القضايا فيبدي كل واحد رأيه فيها، كما كانوا أيضا يوردون بعض الطرف والحكايا من باب الترويح عن النفس وأذكر أن الشيخ هاشم زميل الوالد كانت لديه روح دعابة، فكان أحيانا يأتي ببعض الحكايات والقصص الأدبية في جلوسهم ومسامراتهم، وإن كان لا يحضرني شيء بالتحديد في هذا الموقف، لكن كانت تغلب على جلسته روح الدعابة والملاطفة، والشيخ هاشم بن عيسى الطائي رحمه الله ، كان ممن يألف ويؤلف .
    * كيف انتقل الوالد من القضاء إلى التدريس بمعهد القضاء الشرعي ؟
    ** استمر والدي في القضاء حتى عهد النهضة المباركة، وكنا نعيش في مسقط بحلة (الرقعة) وهي الحلة التي يحيط بها الباب الكبير والباب الصغير وباب المثاعيب، وكانت الإمكانيات محدودة في ذلك الوقت ولم يكن هناك بديل عنه، والناس كانوا متراضين وعلى قناعة بهذه الحالة، فالقليل توجه إلى خارج البلاد ورأى الحياة العصرية والتمدن، وكان أهل مسقط في ذاك الوقت أحسن حظا من أهل عمان الداخل. وبعد أن تولى جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ مقاليد الحكم، بقي الوالد في حدود الثلاث سنوات وقبلها كان قد أصيب بداء السكري فبدأ المرض يثقل عليه وتشتد وطأته وأحيل إلى التقاعد لسنوات وكان هذا تقريبا عام 1972 أو عام 1973، وفي عام 1976 جاء الأمر السامي من لدن جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ بتعيين الوالد بمعهد القضاء الشرعي هو والشيخ هاشم بن عيسى بن صالح الطائي، وكان زميله وهو مازال على سلك القضاء، فجاء تعيينهما ليكونا في معهد القضاء وقد قاما بهذه المهمة خير قيام وقد عهد إليهما بمهمة تدريس العلوم الشرعية وما يتعلق بها في هذا المعهد، والأشخاص الآخرون للعلوم الأخرى. وقد تخرج على يديهما إبان وجودهما الكثير من المشايخ والقضاة ولا زالوا على رأس عملهم في منصب القضاء حتى اليوم .
    طلبة معهد القضاء الشرعي
    * ومن تخرج على يدي الوالد من معهد القضاء الشرعي ؟
    ** أذكر منهم الشيخ القاضي عبد الله بن راشد بن عزيز السيابي، والشيخ القاضي حمود بن علي المسكري، والشيخ القاضي صالح بن حمد بن سالم الراشدي، والشيخ القاضي مسعود بن محمد بن علي الراشدي، والشيخ القاضي زهران بن ناصر بن سالم البراشدي، والشيخ القاضي سالم بن محمد بن سالم البراشدي، والشيخ القاضي راشد بن ناصر بن علي الحجري وغيرهم ويعذرني البقية إن لم أذكرهم .
    * ما ترتيب الوالد بين أخوته ؟
    ** الوالد يعتبر أصغر إخوته، ولكن كما يقال إنه لابد وأن يبرز واحد من الأبناء أحيانا يشتهر ويكون مقربا من والده، فكان والدي هو ذاك، صحيح أنه كان لوالدي أخ أكبر واسمه رشيد وكان أيضا أحد القضاة السابقين وقد عاش مع أبي في بيئة واحدة، لكن الوالد برز بشكل أكبر عن عمي رشيد، وكان لأبي إخوة آخرون كثر فقد كان له أخ اسمه رشيد وآخر اسمه عبد الله وثالث اسمه سعيد ورابع اسمه محفوظ وخامس اسمه خليفة، وكان أشهرهم بالنسبة للعلم والدي والعم رشيد، ومن ضمن الأسباب التي ساعدت على ذلك وجوده في مسقط، والكل يعلم أن العواصم بها كثير من مناهل العلم، وكان الوالد يتصف بالحلم وعنده شيء من السماحة والكرم، وكان الجد راشد بن عزيز معروفا بالكرم والسياسة والدهاء، ولذلك كما قلت قربه الحكام، كما أن السيد فيصل على وجه الخصوص كان يصطحبه معه في أسفاره وما كان يخرج إلى مكان إلا وجدنا معه كما سبق وأن أشرت، وهذا من كثر ما كان يوده فصار مقربا عنده .
    * كيف تصف لنا بنيته ؟
    ** بالنسبة لبنيته فهو متوسط القامة، وقبل أن يصاب بمرض السكري كان معتدل الجسم، يميل إلى البدانة ولكن إصابته بمرض السكري أصابته بالضعف إلى درجة الهزال، وبالنسبة للوالد وكعادة الناس في ذلك الأوان وبالنسبة للمشايخ لا يقتنعون بزوجة واحدة، فالوالد تزوج أكثر من امرأة منهن من توفاهن الله ، ومنهن من طلقهن وبالتالي توفي عن امرأة واحدة، ورزق من الأولاد ثلاثة عشر ابنا بين ذكور وإناث .
    * .. ومجالس العلم التي كان يحضرها الوالد ؟
    ** المجالس التي كان يحضرها والدي ومنها مجالس العلم كان أغلبها في سمائل عندما كان يختلف على شيوخ العلم، وكان من المجالس الموجودة في ذلك الوقت ـ ونحن عهدنا شيئا منها ـ مجلس الشيخ خلفان بن جميل السيابي، الموجود في غيل الدك في سمائل، ومجلس الشيخ حمد بن عبيد وكان والدي يختلف عليه أيضا، وكان من مجالس الأدب أننا عندما كنا نذهب لقضاء عطلة الصيف، وكان الوالد يستضاف في بعض المجالس وكانت عبارة عن عزومات وفي نفس الوقت تكون أيضا مجالس للعلم والأدب، تقرأ فيها بعض المطارحات الأدبية والفقهية، فكانت المجالس تجمع بين الفقه والأدب، وكانت تقرأ قصيدة لسائل ما في شيء من علوم العربية أو العلوم الفقهية أو الشرعية، فتكون الإجابة عن الأسئلة نظما وخلال الجلسة الواحدة كان يتخللها أكثر من سؤال وجواب ومطارحات ومذاكرات لشتى فنون العلم .
    * أتذكر لنا مواقف صادفت الوالد وعلقت بالذاكرة ؟
    ** من المواقف التي حصلت لوالدي كما أخبرنا، أنه بعد وفاة والده ذهب إلى البرزة التي كان والده يحضرها مع السلطان تيمور، فذهب الوالد للبرزة وبعد أن صافح الحاضرين بمن فيهم السلطان تيمور، أراد الوالد أن يجلس في الكرسي الذي كان مخصصا لوالده بجانب السلطان، فنهره أحد الحاضرين وأبعده عن ذلك، وما كان من حسن أخلاق السلطان تيمور إلا أن نادى الوالد وأجلسه معه، ومن القصص التي وقعت للوالد أن شيخه خلفان بن جميل السيابي كان قد أرسله من سمائل إلى الإمام الخليلي في نزوى حيث مقر الإمامة، وقد كان الشيخ خلفان مقصودا في سمائل يؤمه طلاب العلم، ومن يأتون للفتيا ومن يجيئون مسلمين عليه، وفي جميع المقاصد المعروفة التي يقصد فيها رجال العلم والدين، سلم الوالد الرسالة إلى الإمام الخليلي، وانتظر الرد عليها ثلاثة أيام، وكان الوالد استبطأ رد الإمام فكلمه، وكان رد الإمام بأن الشيخ خلفان له عندنا مكانة عظيمة ولا نريد أن نعامله كغيره من الناس الذين يتقدمون بطلباتهم، وإنما ننظر في هذا الأمر فيما بعد بتقدير منا، وهذا كله يعود إلى احترام الإمام لمكانة الشيخ خلفان وقدره، فارجع إليه وقل له ما تراه، وبهذا كان الوالد في موقف صعب لكنه استطاع أن يكلم الشيخ خلفان كلاما يرضيه، وبالفعل عاد فطمأن شيخه بأنه سيأتيه الرد في وقت لاحق كما وعد الإمام خيرا، وبالفعل بعد فترة من الزمن وكاد الشيخ خلفان ينسى هذا الموضوع فجاء الرد من الإمام إلى الشيخ خلفان بما يستحق، ومن المواقف الطريفة التي حصلت عندنا هنا في مسقط وأثناء تواجد الأسرة فيها وكان وقتها لا توجد الفنادق والاستراحات لمن كانوا يأتون لزيارتنا من خارج مسقط، فكل من يأتي من داخل عمان ولديه أحد المعروفين يقصده، ويقضي ما شاء الله ، يومين أو ثلاثة عنده حتى يقضي حوائجه، وهذه ضمن المواقف الطريفة التي حدثت أن جاءنا ضيوف من خارج مسقط، وكان الوقت في رمضان وبالتحديد قرب أذان المغرب وكانوا مجموعة، وكما يعرف الجميع أن إعداد طعام البيت يكون بقدر الحاجة وعدد أفراد المنزل، لأن ذلك بطبيعة الحال يختلف عن إعداده للولائم والضيوف، فما كان من مجال لإعداد طعام آخر لأن الوقت كما ذكرت كان قريبا من أذان المغرب، وبعد الأذان قدم لهم الطعام، ويبدو أنهم كانوا ضيوفا أكولين، فأكلوا علينا إفطارنا وكنا وقتها صغار السن فبقينا في حالة يرثى لها حتى جهز لنا طعام آخر، وكانت العادة تقديم الطعام كله للضيف، وهو من باب الإكرام وحتى أنه كان يقال للضيف هذا نصيبك، وإن لم يوجد غيره في البيت حتى لا يكون الضيف في حرج من تناول طعامه براحته، لكن وكما نعلم فإن بعض الضيوف يراعون أهل البيت فلا يأكلون كل الطعام حتى ولو كانوا في رغبة للأكل والزيادة منه فيبقون لأهل البيت ما يحتاجونه وهم بذلك يراعون أهل البيت لكن هذا يحدث من بعض الضيوف، وهي من المواقف الطريفة التي حدثت أثناء إقامتنا في مسقط .
    معلموه
    * هلا أخبرتنا عمن تأثر بهم والدك المرحوم ومن أخذ عنهم من العلم والصفات ؟
    ** كما سبق وأن ذكرت أن الوالد درس على يد الشيخ حمدان بن خميس اليوسفي ، والشيخ حمد بن عبيد السليمي، والشيخ خلفان بن جميل السيابي، وتردد على الإمام الخليلي في نزوى وسمائل، وكان هؤلاء الشيوخ يمثلون الرعيل الأول في التمسك بأهداب الدين وتمثل الأخلاق الإسلامية، وقد تأثر الوالد بشخصهم أيما تأثر، وكان يحكي لنا بعض المواقف عن هؤلاء الشيوخ، ويذكر لنا من كرمهم ومن سماحتهم وأخلاقهم وسعة صدرهم الشيء الكثير خصوصا الإمام الخليلي، وكان يتمثل هو أيضا في شخصه مثل هذه الصفات، وهو ما لاحظناه عليه سواء كان في سعة الصدر أو في الحلم والكرم والسماحة أو شيء من هذه الأمور من الأخلاق المعروفة عند العرب، فالأستاذ والشيخ قدوة حسنة لطلابه بالطبع .
    آثاره العلمية
    * .. والآثار العلمية للوالد ؟
    ** من الآثار العلمية للوالد والمؤلفات، أول كتاب ظهر إلى حيز الوجود وهو (الوهب الفائض على يتيمة الفرائض) وهو كتاب يعنى بالميراث، وهو ما يسمى عند العمانيين بالفرائض، وهو كان في الأصل أرجوزة نظمية للوالد، وبعد ذلك تناولها بالشرح، ولا أذكر بالضبط كم من الوقت استغرق، لكن من المؤكد أنه لن يقل عن سنتين أو ثلاث من الأرجوزة إلى الشرح وقد ظهر هذا الكتاب عام 1982م وقامت بطباعته وزارة التراث والثقافة.
    شقائق النعمان
    ومن الآثار العلمية للوالد كتاب (شقائق النعمان على سموط الجمان في أسماء شعراء عمان) وهو كما يقرأ من عنوانه فهو كتاب في شعراء عمان من الأولين والآخرين وهذا الكتاب ليس فقط رصد لهؤلاء الأدباء والشعراء العمانيين ولكنه تناول القضايا التاريخية لهم والناحية الاجتماعية لهؤلاء ومن يتعلق بهم من أفراد قبيلتهم والمشهورين منهم بعلم أو دين أو كرم، وغيرها مما يشتهرون به من أمور أخرى، ولذلك فالكتاب لا يعنى فقط بالناحية الأدبية، ولكنه تطرق إلى غيرها من النواحي الأخرى، وأصل حكاية هذا الكتاب أن الوالد كان قد دخل في مسابقة شعرية تقيمها وزارة التراث القومي والثقافة (في ذاك الأوان) وقد ألف قصيدة شعرية بذكر أسماء شعراء عمان المعروفين، وفيما بعد أشار عليه بعض المشايخ بالتوسع فيه على أساس أن ما كل ما يتأتى بالنثر من الشرح والإفاضة يتأتى بالنظم، ومن الذين أشاروا إليه بذلك فضيلة الشيخ القاضي السيد حمد بن سيف بن محمد البوسعيدي، رحمه الله ، والذي كان يشغل حينها قاضي الأراضي وكان من أصدقاء الوالد الحميمين، والقصيدة كانت بعنوان (سموط الجمان) وقد عمل الوالد لها شرحا بعدما ألح عليه المشيرون وهو (شقائق النعمان) لـ(سموط الجمان) وهي القصيدة المتعلقة بأسماء شعراء عمان، وأخرجها في ثلاثة أجزاء، وقد تعب الوالد وأجهد نفسه في هذا الكتاب لكنه وفق فيه نتيجة إخلاصه واجتهاده، ونال هذا الكتاب شهرة واسعة وقامت وزارة التراث والثقافة مشكورة بطباعته في عام 1984 بعد عامين على ظهور كتاب (الوهب الفائض على يتيمة الفرائض) وقد استغرق الوالد في كتابة هذا الكتاب ـ حسب ما أقدر ـ حوالي خمس سنوات، كان الوالد يتقصى المعلومات عن هذا الأديب أو ذاك وعن الحياة الاجتماعية التي تحيط بهذا الشاعر أو ذاك، حتى يكون الكتاب مرجعا أدبيا وتاريخيا، لذلك قدم الكثير من طلاب العلم رسائل في هذا الكتاب وأذكر منهم الأديبة والكاتبة المعروفة الراحلة فايزة اليعقوبي التي نالت بامتياز درجة الماجستير في الناحية التاريخية لهذا الكتاب، والكثير من الباحثين في الجامعات والمعاهد الأخرى تناولوا هذا الكتاب واعتمدوا عليه في بحوثهم وكتاباتهم، ومن يطلع على الكتاب يجد أنه من الأهمية بمكان .
    الزمرد الفائق
    جاء كتاب (الزمرد الفائق في الأدب الرائق) بعد حولي أربع سنوات وكان الوالد في آخر عمره، وهو من الكتب التي نالت إعجاب القراء لأنه كتاب ثقافي وأدبي ويجمع في ثناياه القصص والشعر والأمثال وعلوم العربية والحكايات التي يرويها الوالد عن مختلف المواقف وينقلها عن بعض الناس، والمهم أنها عبارة عن خلاصة التجارب والمعارف ويجوز أن نطلق عليه (دائرة معارف) لأنه يحتوي على أغلب الفنون حتى بما فيها الطب ولهذا فالوالد قال في مستهل هذا الكتاب .. جميع الكتب يدرك من قراها .. ملال أو فتور أو سآمه .. سوى هذا الكتاب فإن فيه .. بدائع لا تمل إلى القيامه، ودائما ما كان والدي يقول إن هذا الكتاب مثل الحديقة فيها مختلف الأطايب والثمار، وكل إنسان يأخذ منها ما يشتهيه، فمن يشتهي الشعر يجد الشعر، ومن يشتهي علوم العربية يجد فيه شيئا منها، ومن يحب الطرائف والنكات فإن الكتاب لا يخلو منهما، ومن يقصد فنون العلم الأخرى كالطب فيجد فيه مكانا، فهو كتاب شامل وفي الكتاب ميزة وهي أنه لم يعتمد فيه على الرواية فبحكم أن والدي رجل علم ودين، اصطفى واختار أطيب الأطايب من هذا البستان ولم يقع في أخطاء سبقه إليها غيره من الكتاب والمؤلفين الذين ينقلون الغث والسمين وما هب ودب .
    وهذا الكتاب جامع وبالتالي فالوالد استغرق في تأليفه وقتا كبيرا لأنه كان في كثير من الأمور يرجع إلى أمهات الكتب ليوثق معلوماته لأنه أمين في نقله عن الناس وفي توثيق المعلومات، وكتاب الزمرد الفائق عبارة عن أربعة أجزاء، طبعت منهم وزارة التراث والثقافة ثلاثة أجزاء، أما الجزء الرابع فقد أدخله الوالد إلى المطبعة وشاءت الأقدار أن يتوفى الوالد وهذا الجزء لم يطبع بعد، فقمنا بإخراجه والآن كتاب( الزمرد الفائق في الأدب الرائق) في أربعة أجزاء .
    * هل تطرق الوالد في كتاباته وآثاره العلمية إلى بلدان عمان ؟
    ** كانت لدى والدي النية أن يكتب في بلدان عمان والسكان وهو عن عمان وبلدانها وسكانها وحوزة الولايات، وقد بدأ في مقدمة الكتاب يعرف عن سبب تسمية عمان بهذا الاسم والأسماء التي قيلت في عمان منها الغبيراء ومجان ومزون، وغير ذلك من الأسماء التي أطلقت على عمان، وسبب تسميتها وما معناها وغير ذلك من الأمور التي تصب في هذا الجانب، لكن وبما أن الوالد صار في آخر عمره، فبدأ المرض تشتد وطأته عليه، وأيضا وكما يعلم الجميع فعندما يدخل البحث في النواحي التاريخية وحتى لا يدخل الإنسان في متاهات، فلابد له أن يتبصر ويوثق معلوماته خاصة ما يتعلق بالتاريخ والحوزات القبلية، فكان أن تراجع الوالد عند هذا الحد من تأليف كتابه بعدما قطع شوطا في بدايات كتابه لأنه وجد نفسه لا يستطيع أن يكمله نظرا للجهد الكبير الذي سيحتاجه .
    * وماذا عن كتاب البلبل الصداح والمنهل الطفاح في مختارات الأشعار الملاح ؟
    ** كتاب (البلبل الصداح والمنهل الطفاح في مختارات الأشعار الملاح) وفيه أراد الوالد أن يجمع القصائد الغر التي قيلت في المديح سواء كانت في مديح الملوك العمانيين أو غيرهم وقسم هذا الكتاب إلى قصائد، فيه باب النبويات في مدح الرسول صلى الله عله وسلم، وفيه قصائد الملوكيات وهي ما قيلت في مدح الملوك، وقصائد الزنجباريات التي قيلت في مديح سلاطين زنجبار، والقصائد التي قيلت في بعض الولايات الكبيرة المعروفة مثل النخليات والنزوانيات والسمائليات والإزكويات وأيضا جمع فيه بعض القصائد المعروفة والمشهورة لبعض الشعراء المجيدين، وهذا الكتاب لا يزال مخطوطا حتى الآن وسنخرجه إخراجا يليق به وإن كان البعض حاول طباعته طباعة أولية ولكننا لم نعتد بها كثيرا .
    وأيضا كتاب (اللؤلؤ والمرجان في الحكمة والبيان) وهو لا يزال مخطوطا أيضا فيه مجموعة من القصائد في شتى الموضوعات المختارة .
    * وهل حقق الوالد شيئا من الكتب لبعض الكتاب العمانيين ؟
    ** حقق الوالد بعض الكتب من ضمنها كتاب (فصل الخطاب في المسألة والجواب) وهو كتاب يضم فتاوى شيخه العلامة خلفان بن جميل السيابي وتم طبع هذا الكتاب عام 1983وقامت بطباعته وزارة التراث والثقافة، وكتاب (قلائد المرجان) وهو كتاب يضم مجموعة من فتاوى شيخه العلامة حمد بن عبيد السليمي وحقق الوالد أيضا كتاب (الروض النضير) لأبي بشير الشيبة ابن الإمام نور الدين السالمي وهو كتاب يضم كثيرا من الفوائد والعلوم والطب والحكم وغيرها وقد طبع هذا الكتاب على نفقة مؤلفه في التسعينيات الميلادية .
    * .. ومساهماته العلمية الأخرى ؟
    ** الوالد له أيضا مساهمات كثيرة كما درج علماء الدين في قضية تلقي الأسئلة النظمية في بعض الأسئلة التي تتعلق بالأمور الدينية والشرعية والنحوية ويجيب الوالد عنها نظما وتجد ذلك في أسئلته الموجهة إلى شيخه خلفان بن جميل السيابي في الكتاب المعروف عند العمانيين (بهجة المجالس) وأيضا في كتاب (سؤال وجواب) المسمى السموط الذهبية للشيخ الراحل موسى بن عيسى البكري، وكان الوالد يساهم في كثير من العلوم المختلفة ويجيب عنها نظما، وقد اطلعت على بعض الكتب الأخيرة التي طبعت وفيها أسئلة للوالد ومنها كتاب طبع عن الشيخ علي الشلّي من ولاية دماء والطائيين، وفيها سئل الوالد أسئلة نظمية والوالد أجاب من ضمن المجيبين في هذا الكتاب، وهكذا فالوالد أسهم ـ والحمد لله ـ على الرغم من وطأة المرض عليه وعلى الرغم من الفترة الزمنية التي كانت محصورة تقريبا من بداية الثمانينيات، أي في حدود خمسة عشر عاما لكنه ترك مآثر طيبة جليلة تذكر له ويعتمد عليها لأن الوالد كما ذكرت اجتهد وأعمل فكره فيها وأخرجها بالصورة التي تليق به .
    أصدقاؤه وحياته الاجتماعية
    * كيف كانت اهتماماته الاجتماعية الأخرى وهل شغله علمه وكتبه وحياة القضاء عنها ؟
    ** الوالد إلى جانب أنه رجل علم ودين وله زملاء ومشايخ سواء أولئك الذين كانوا معه في المحكمة الشرعية بمسقط وغيرها وأيضا وفي نفس الوقت وبما أنه إنسان والإنسان في طبعه لابد وأن يراعي النواحي الاجتماعية، فله أصدقاء آخرون سواء من كانوا هناك في مسقط يبادلونه الزيارة من المعروفين فيها أو في سمائل حتى أنني أذكر أننا عندما نذهب في الصيف لقضاء الإجازة هناك في سمائل في العطلة المعروفة، فكان الوالد يتنقل في ربوع سمائل بين العلاية والسفالة وكلها كانت عبارة عن عزومات وكنا نذهب سيرا على الأقدام لأنه ما كانت توجد سيارات للتنقل داخل البلدة وإنما كانت السيارات وقتها للتنقل من بلدة إلى أخرى، وكان للوالد معارف في مسقط سواء من التجار البسطاء لأن الإنسان لا يقصر معرفته على فئة واحدة أو صنف واحد من الناس، الناس للناس من بدو وحاضرة .. بعض لبعض وإن لم يشعروا خدم .. فالإنسان في حاجة لأن يصاحب ويصادق جميع فئات المجتمع وكل واحد يعطيه منزلته ويعطيه ما يستحقه من التقدير والاحترام .
    كان للوالد معارف كثيرون وأذكر من الأصدقاء أيام وجوده في مسقط على سبيل المثال لا الحصر الذين كان يتبادل معهم الزيارة وكانوا على تواصل معه والبعض منهم كان إلى آخر سني عمره على اتصال وتواد معه ومنهم الحاج موسى عبد الرحمن حسن التاجر المعروف في مسقط والحاج جعفر عبد الرحيم وهو كان من التجار المجاورين لنا في مسقط، وأيضا كانت له علاقة مع السيد أحمد بن إبراهيم ناظر الداخلية وقتها وهو من أصدقائه الخاصين بالإضافة إلى القضاة ومن الذين كانوا يبادلونه الزيارة ويودهم ويودونه الحاج درويش بن على التمتمي وأيضا الحاج عبد الله بن خلفان التمتمي وكانا يسكنان في بلدة سداب المعروفة والمتاخمة لمسقط وأيضا الشيخ عبد الله بن هاشل الجرداني المدرس بالمدرسة السعيدية بمطرح، والمعروف أنه كانت توجد ثلاث مدارس سعيدية بمسقط ومطرح وصلالة، وهو كان مدرسا بالمدرسة السعيدية بمطرح، وكان من الأصدقاء المقربين إلى الوالد والذي يتبادل معهم الزيارات، الشيخ أحمد بن محمد الحارثي الذي كان مسئولا في زمن السلطان سعيد بن تيمور عن المنطقة الشرقية بأسرها وكان له حضور وكان إذا أتى الشيخ أحمد إلى مسقط يستضيفه الوالد وكان الوالد يوده ويعتبر من الأصدقاء المخلصين إلى آخر رمق في حياتهما فكانا يتبادلان الزيارة، ومن هؤلاء الذين رحلوا قبل الوالد، الحاج موسى عبد الرحمن حسن والحاج جعفر عبد الرحيم والسيد أحمد بن إبراهيم البوسعيدي، أما الآخرون فقد رحلوا بعد رحيل الوالد، ولا ننسى شاعر الشرق الشيخ أحمد بن عبد الله الحارثي، وهو من المشايخ الذين كانوا تجمعهم بالوالد صداقات حميمية، كما لا أنسى جارنا العزيز المرحوم السيد حمد بن سعود بن حارب البوسعيدي، فقد كان الوالد والسيد حمد متلازمين بحكم الجوار ولا يفصل بينهما إلا العمل وساعات النوم وكان السيد حمد بن سعود ، رحمه الله ، يأخذ الوالد ونحن معه إلى مزرعته بالسيب ونبيت معهما ليلة الجمعة فيها، إذ كانت هي العطلة الرسمية، كما يأخذنا إلى روي حيث الأصدقاء وهنا أذكر أن السيد حمد كان ممن يمتلكون سيارة بحكم منصبه وقربه وكانت تحمل رقم 555 وكان أولاده يطلقون على هذا الرقم (ثري فايف) فيقولون جاءت (ثري فايف) وقد ذكرت ذلك في كتابي (عمان أيام زمان) الذي أعده للطبعة الثانية كما سبق وأن ذكرت .
    * وماذا عن أصدقائه بسمائل ؟
    ** أما بالنسبة لسمائل فكان الوالد يتواصل مع مجموعة من رجال الدين ورجال الأدب وشيوخ القبائل والأعيان ومن ضمن هؤلاء شاعر البيان الشيخ عبد الله بن علي الخليلي وإخوته وشيوخه الذين كان على تواصل دائم معهم وهذا يتضح من ملازمته للشيخ خلفان بن جميل والشيخ حمد بن عبيد السليمي، وكذلك الوالد سعيد بن مسلم الفارسي وهو من أصدقائه الخاصين والوالد سالم بن سعيد الهشامي والشيخ خلفان بن ناصر السعدي وأولاد الحاظي المعروفين بالعلاية، وأيضا عبد الله بن سعيد بن مسلم الفارسي وعبد الله بن سعيد الهدابي وسيف بن حمود النبهاني والشيخ الأديب علي بن جبر الجبري وهو من الأدباء المعروفين وقد توفي بعد الوالد، والوالد سيف بن سليمان الشطف، أحد كرماء أهل سمائل وخلفان بن ناصر الرحبي وهناك الكثير والكثير ممن لا يتسع المقام لذكرهم جميعا والوالد تربطه بهم علاقات حميمية وتواصل مستمر، منهم من سبق الوالد في الوفاة ومنهم من توفي بعد الوالد، عليهم جميعا رحمة من الله تعالى .
    * كيف كان رحيل الوالد ؟
    ** توفي الوالد في مسقط في ضحى يوم الاثنين، الثالث عشر من شهر رمضان المبارك ، لعام 1410هـ الموافق للتاسع من شهر أبريل 1990م وكانت الوفاة في المستشفى السلطاني بمسقط بعد أن أصيب بنوبة قلبية ودفن في سمائل بجوار إخوته الذين سبقوه بمن فيهم العم رشيد وأقيم العزاء في بيت الجبل بسمائل، وكان آخر إخوته وفاة وقد سبقه في الوفاة أخوه غير الشقيق العم محفوظ وقبل ذلك توفي شقيقه العم رشيد وقد تأثر الوالد كثيرا بوفاة أخيه رشيد لأنه كان شقيقه ولأنه كفاه مؤونة الشئون الحياتية مثل أمور الأموال والبيوت وغير ذلك، وعن استعداد الوالد عندما يستضيف بعض أصدقائه، فالعم رشيد كان يقوم بمهمة تجهيز ما يلزم لهؤلاء الضيوف وكان العم رشيد يجل الوالد على الرغم من أن العم رشيد كان أكبر من والدي سنا، لكنني سمعت عمي يقول عن والدي إنه يعتبره بمثابة الأب، وكان العم رشيد يقدر الوالد تقديرا منقطع النظير ويعتبر نفسه الأصغر، توفي العم رشيد أولا ثم العم محفوظ وهما من أدركناهم من إخوة الوالد وإلا كان للوالد إخوة آخرون كما سبق وأن ذكرنا.
    * حدثنا عن أبنائه .
    ** كما ذكرت فالوالد ترك ثلاثة عشر ابنا بين ذكور وإناث وكل واحد من هؤلاء الأبناء له صفاته الخاصة ونحن نقر إقرارا جازما بأننا لم نتمثل شخصية الوالد بجميع جوانبها لكن كل واحد منا أخذ شيئا من صفاته سواء في العلم أو الأدب أو مكارم الأخلاق وبالتالي فكل واحد من أبنائه له عالمه وطابعه الخاص .
    صفاته وأخلاقه
    الوالد بحكم أنه رجل علم ودين فطبعا أذكر أنه كان منصفا لدرجة أنه أوصى لبعض الأبناء بشيء من المال وهذا من باب العدالة لأنه ربما قدم لأبنائه الكبار ما لم يتمكن بعد من تقديمه للصغار لأن الحياة لم تضغط عليهم بعد، في أمور الزواج وغير ذلك فكان منه أن أوصى بإعطاء بعض الأبناء مبلغا معينا سواء كانوا من الذكور أو الإناث دون الآخرين وذكر في وصيته أن هذا من باب العدالة، كذلك فالوالد أوصى بما أنه خلف أبناءه وابن أخيه وأرملة أخيه فهو أيضا أعطى كل ذي حق حقه، فأعطاهما نصيبهما من الإرث الذي بينه وبين أخيه العم رشيد، حتى لا يظلم أحدا، فكان عادلا في حياته وعادلا بعد وفاته .
    وكعادة العمانيين فإن الشخص لابد أن يوصي أو يكتب وصية، يذكر فيها ما له وما عليه، وأن يوصي بشيء من ماله للأقربين أو مال لوقف أو عطاء لمسجد أو الفقراء الآخرين أو كان هناك شيء عليه من الحقوق المتعلقة بربه، إذا كانت حجة لأن الوالد لم يتمكن من السفر لأداء فريضة الحج، بحكم ظروف الفترة السابقة التي عاشها وبحكم وطأة المرض بعد ذلك، لكنه اعتمر مع زملائه القضاة، السيد حمد بن سيف البوسعيدي والشيخ هاشم بن عيسى، وكان ذلك في عهد جلالة السلطان قابوس ، لكن والدي لم يستطع الذهاب إلى الحج نظرا للاختلاف بين مناسك الحج والعمرة، فالعمرة بالطبع أيسر في الأداء كما هو معروف عن الحج، وأوصى الوالد في وصيته بحجة، وفي السنة التي توفي فيها وكرم من قبل المنتدى الأدبي فيها، نفذنا وصيته وحج عنه أحد القضاة جزاه الله عنا وعنه كل خير، وأوصى بتوزيع بعض الأموال، رحم الله والدي القاضي محمد بن راشد بن عزيز الخصيبي رحمة واسعه وأسكنه فسيح جناته وجزاه عنا ومن انتفع بعلمه ومآثره خير الجزاء .

    ————————-

    منقول

    #1439566
    aicha_aicha
    مشارك

    بسم الله الرحمن الرحيم
    تسلم اخي لعرين على لمعلومات القيمة جعلنا الله واياك ممن يطلبون لعلم ويعلمونه وينقلونه جيل بعد جيل ويعملون به تقبل مرور اختك من الجزائر .
    فتاة من صحــــــراء الجــــزائــــــــر .

    #1439569

    معلومات قيمة اخي العرين

    شقائق النعمان

    لقد قرات هذا الكتاب منذ حوالي سنتين حيث كنت بصدد تقديم عرض حول مجموعة من الدراسات النقدية الادبية التي يزخر بها التاريخ العماني

    الكتاب يجمع بين الافاق التاريخية لتطور الادب العماني – ونعني بذلك الشعر – منذ بداية التاريخ وحتى منتصف الثمانينات من القرن المنصرم ويعتمد فيه الكاتب على تحليل طبيعة المجتمع العماني في تلك الفترات حيث كانت القبيلة والطبقات سببا رئيسيا في تنوع اشكال الشعر وطرائقه المختلفة .

    الجدير بالذكر ان للمرحوم الخصيبي قصيدة جميلة عرفت بالتائية وتحمل بداخلها سياقات تاريخية وثقافية متنوعة .

    #1439580
    العرين…
    مشارك

    اشكرك اختي ام نور هناك قصائد ومؤلفات لم تنشر للشيخ محمد بن راشد الخصيبي وهناك قصص كثيرة

    #1439581
    العرين…
    مشارك

    “ubbcode-header”>صاحب المشاركة : aicha_aicha”ubbcode-body”>بسم الله الرحمن الرحيم
    تسلم اخي لعرين على لمعلومات القيمة جعلنا الله واياك ممن يطلبون لعلم ويعلمونه وينقلونه جيل بعد جيل ويعملون به تقبل مرور اختك من الجزائر .
    فتاة من صحــــــراء الجــــزائــــــــر .

    اشكرك على المرور

مشاهدة 5 مشاركات - 1 إلى 5 (من مجموع 5)
  • يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.

يستخدم موقع مجالسنا ملفات تعريف الارتباط الكوكيز لتحسين تجربتك في التصفح. سنفترض أنك موافق على هذا الإجراء، وفي حالة إنك لا ترغب في الوصول إلى تلك البيانات ، يمكنك إلغاء الاشتراك وترك الموقع فوراً . موافق إقرأ المزيد