وكمثال … فليس هناك مقياس خاص لقياس انعكاس الثورات العربية على مجتمعاتها… فخريطة الرأي العام العربي تفتقر إلى صحافة حرة وإلى مجتمع مدني ، وإلى مراكز للرأي العام والبحوث بل وتفتقد حتى التجمعات البحثية المؤقتة …. مصدر المعلومات لدينا هو قمة الهرم ، والجمهورفي غالبيته يراقب من يبدأ ويتلمس ردود الفعل حول بداياته وربما مصيره وكل أفراد المجتمع يود أن يقوم ألآخر بالتحرك بالنيابة عنه بغض النظر عن شعارات الحرية والديموقراطية …

هناك من فئات المجتمع لدينا وهم قلة من بداء يشعر بأهمية أن يكون الشباب جزء من العملية السياسية وليس على الهامش كسائر المجتمع الذين أكتفوا بالهامش ..ولقد تشرب المواطن العربي مثله مثل غيره ثقافة المصطلحات السياسية المتعلقة بالديمقراطية وحقوق الإنسان والمواطن الحر ،والدستور والقانون ، والانتقال الديمقراطي ، واستقلال السلطات ، والتوزيع العادل للثروة ، والتعددية السياسية ، ومحاربة الفساد و المناطقية والقبلية ، وتفكيك عصابات الثروة والمقاولات والمناصب العليا ومجالس الشركات وحرية الصحافة ومنابر الاعلام وحرية التفكير والتعبير وحرية الصوت العالي . وعدم فرض الرقابة على المواقع الكترونية ، وكرامة الانسان ، وتعزيز المواطنة ، وتوسيع الحكم المحلي ، وديمومة التنمية وتعزيز سلطة القضاء واستقلاليته ، وتعزيز دور مؤسسات الرقابة وحق الناس في التأمين الصحي والتعليم المجاني وحرية المذهب والمعتقد وألا يحمل الناس على مذهب واحد …
كل هذه المقولات أصبحت مجالا رحبا للنقاش في المجالس والمنتديات بل وحتى في المقاهي والمتنزهات …وهم يعلمون بان الثورات العربية المعاصرة لم تكن بدافع من المثقفين ولا المفكرين ولا المجتمع المدني ولا الجيش ولا الخارج ولا كل المؤثرات التقليدية …

الدافع الحقيقي هي الأنظمة ذاتهاالتي قامت بها الثورات العربية مؤخرا والتي أوغلت في الفساد و الاستبداد و الاستهانة بالشعوب لدرجة لم يكن في مقدور الشعوب تحملها . فكانت ردود أفعالها كبت متراكم في الداخل فانفجرت كالبركان في وقتها وعلى سجيتها وقدمت من التضحيات ما شفع لها دينيا وعرفيا من تحقيق النصر بكل الوسائل المتاحة ..

وعلى كل فلا يوجد ما يطمئننا أننا في مأمن من أحداث المنطقة و لا يمكن الركون إلى الهدوء الظاهر فنستكن اليه…

الأنظمة العربية الأخرى التي لم يصلها طوفان الربيع العربي لم يظهر حتى الآن ما يعطيها ضمانة مما حدث وإن كانت مدركة لكل ما يدور حولها إلا أنها لازالت في غيبوبة من هول الواقع ولم تستفيق بعد ولا أحد يستطيع ان يتوقع مستقبل الأيام …وليس لديها من ملجأ إلا رضا شعوبها … والهرولة في الإصلاح الحقيقي إلى أبعد مدى ..