عقدت في العاصمة العراقية بغداد القمة العربية الثالثة والعشرين، وفق حسابات ومصالح متناقضة بين الدولة المضيفة وبعض الدول العربية المتنفّذة المشاركة في القمة، ولا يغيّر من واقع هذا التوصيف الكلام البروتوكولي الصادر عن أمين  عام الجامعة العربية بأنّ هذه القمة هي قمة الربيع العربي…فيما كانت وفي حقيقتها اسوأ القمم العربية تمثيلا ونتائجا…
فالعراق ومن وجهة نظر واقعية بلد محتل والتصريح بمغادرة الجيش الأمريكي لا يغير واقع الحال ولكن حكومة العراق الحالية تريد ومن خلال هذه القمة  إضفاء الشرعية وبأثر رجعي على العملية السياسية التي جرى إرسائها في ظل الاحتلال الأمريكي للعراق،وبالتالي إضفاء الشرعية بأثر رجعي على الغزو بكامله كما تريد الحكومة العراقية إضفاء الشرعية على تقسيم العراق على أساس طائفي وفقاً للكونفدرالية الزائفة، ووفقا لذلك الدستور الذي لا يتضمّن في أيّ مادة من مواده أيّ إشارة إلى عروبة العراق ومن ثم يطمح المالكي رئيس الوزراء المشكوك في استحقاقه تكريس زعامته في العراق على حساب بقية القوى السياسية المنافسة، بعد أن أقصى بتوافق مع واشنطن خصمه في الانتخابات المزعومة إياد علاوي ودفع بنائب رئيس الجمهورية السني طارق الهاشمي خارج اللعبة السياسية…واخيرا   يريد المالكي أن يدفع دول النظام الرسمي العربي، وخاصةً دول مجلس التعاون الخليجي، إلى الاعتراف ولو بشكل غير مباشر بالدور الإيراني في العراق، ومن ثم إضفاء نوع من المشروعية على هذا الدور، وهي تلك الدول التي لعبت دورا مهما  من أجل احتلال بغداد، وقدّمت كل الدعم المادي واللوجستي للغزو الأميركي للعراق…
أمّا دول مجلس التعاون الخليجي، فبعد أن أدّت ما هو مطلوب منها أميركياً في احتواء بعض الثورات العربية مثل اليمن والبحرين، فإنّها تريد من القمة العربية تكريس دورها القيادي للعالم العربي في زمن الربيع العربي المغدور، فبعد أن تكرس هذا الدور لها في الجامعة العربية وقراراتها فإنّها تريد أن تكرس هذا الدور في أول مؤتمر للقمة يعقد بعد مرور أكثر من عام على بداية الثورات العربية… كما وتريد أن تحصل من القمة على قرارات تخدم أجندتها في سوريا وفي اليمن وليبيا، بعد أن أكّدت العديد من قوى الثورة والحراك الشعبي في تلك البلدان على رفضها للدور الخليجي والقطري على وجه الخصوص، وأنّها معنية بإجراء التغيير الجذري المنشود في بلدانها وفق أجنداتها الوطنية، بعيداً عن الأجندة الخليجية التي هي في التحليل النهائي أجندة أميركية بامتياز..وتريد الدول المتنفّذة في مجلس التعاون الخليجي، التي غيّبت انتفاضة البحرين عن أجندة القمة، أن توظّف القمة العربية باتجاه تعزيز دورها، كقوة إقليمية يحسب لها حساب في ظل  المتغيرات الجديدة ومن ثم التوافق مع مبادرة عنان ونقاطها الست…
واما ما يختص بفلسطين والأرهاب وبقية بنود الأجتماع فهو ما سمعناه ونسمعه على الدوام …

نسمع جعجعة ولا نرى طحنا !!!