مشاهدة مشاركاتين - 1 إلى 2 (من مجموع 2)
  • الكاتب
    المشاركات
  • #145162

    كانت البداية هناك في وسط هذا المناخ القحل ، والبيئة الجامدة والصحراء المترامية ، نبعت من هناك هذه النسمة المباركة التي أضاءت العالم أجمع وبدأ النور ينساب من حولها حتي غطى علي أكبر الحضارات حجماً وأكثرها رقياً فعلمها أسس الحضارة وأساس الرقي ، بل علمها معني الإنسانية .

    – هذا كله في عصر كانت أوروبا التي تفتخر بيومها تعيش في أظلم عصور الانحطاط والفساد ، يوم كان المسلمون ينتقلون بحضارتهم الفتية من مجد إلى مجد ويحملون معهم يقظة الأفكار والأفئدة

    – ليكون الإسلام هذا المنهج الذي غير وجه الحياة وكما يقول أستاذنا الجليل الشيخ محمد الغزالي :
    فلو لم يجئ العرب برسالتهم هذه ما كان أمام الغرب إلا أحد مصيرين :
    إما أن يتلاشى مع الجهالات والضغائن التي خالطت شئونه ظاهرششاً وباطناً ، وذلك هو الأرجح .
    وإما أن يتأخر صحوه إلي القرن السادس والعشرين أو السادس والثلاثين للميلاد

    – جاء الإسلام ليكون منهج حياة للبشرية جميعها ، حياة بشرية واقعية بكامل مقوماتها ، منهج يشمل التصور ألاعتقادي الذي يفسر طبيعة الوجود ويحدد مكان الإنسان في هذا الوجود ، كما يحدد غاية وجوده الإنساني .

    – إن مفرق الطريق بين منهج هذا الدين ، وسائر المناهج غيره : أن الناس في نظام الحياة الإسلامي يعبدون إلهاً واحداً ، يفردونه ـ سبحانه ـ بالألوهية والربوبية والقوامة ـ بكل مفهومات القوامة ـ فيتلقون منه ـ وحده ـ التصورات والقيم والموازين ، والأنظمة والشرائع والقوانين ، والتوجيهات والأخلاق والآداب … بينما هم في سائر النظم يعبدون آلهة وأرباباً متفرقة ، يجعلون لها القوامة عليهم من دون الله … فهي قائمة علي ذات الأساس الذي جاء هذا الدين ـ يوم جاء ـ ليحطمه ، وليحرر البشر منه ، وليقيم في الأرض ألوهية واحدة للناس ….. لقد جاء هذا الدين ليلغي عبودية البشر للبشر ، في كل صورة من الصور ، وليوحد العبودية لله في الأرض . كما أنها عبودية واحدة لله في هذا الكون العريض .

    – جاء الإسلام ليكون منهج حياة للبشرية جميعها ليستقوا منه كل مظاهر حياتهم جاء الإسلام ليعود بالإنسان إلي إنسانيته وليؤكد علي هذه الإنسانية التي أعلي من شأنها الإسلام وانحطت بها المذاهب والقيم الوضعية ، وليؤكد سمو الإسلام علي كافة القوانين الوضعية ، حتي وهو يشرع لحقوق الإنسان أكد علي إنسانية الإنسان ووضع له من الأسس والمبادئ ما يؤكد هذه الإنسانية وما يؤكد تطبيق هذه الحقوق في الواقع العملي مخالفاً بذلك هذه المواثيق والمعاهدات الدولية والقوانين والدساتير الأرضية التي وضعت أطر عامة ، ولم ترعي فيها حاجة الإنسان ورغباته ولم تطبقها ولم نري لها أي واقع في حياتنا .

    – وكان تمام هذه البداية بوضع التصور النهائي لهذا المنهج الذي صاغه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في خطبة عصماء ، لم يتلعثم فيها ولم يقرأها من ورق ووضع فيها التصور النهائي لهذا الحكم الرشيد وهذا التصور الأبدي لحقوق الإنسان في الإسلام وذلك في اليوم التاسع من ذي الحجة من العام العاشر للهجرة ، وكانت خطبة الوداع والتي سميت فيما بعد بخطبة البلاغ .

    قام في الناس ليؤكد هذا المعني ـ أن المنهج الإسلامي المنبثق من هذا الدين ـ بهذا الاعتبار ـ ليس نظاماً تاريخياً لفترة من فترات التاريخ ، كما انه ليس نظاماً محلياً لمجموعة من البشر في جيل من الأجيال ، ولا في بيئة من البيئات ـ إنما هو المنهج الثابت الذي أرتضاه الله لحياة البشر المتجددة لتبقي هذه الحياة دائرة حول المحور الذي ارتضي الله أن تدور عليه أبداً ، وداخل الإطار الذي أرتضي الله أن تظل داخلة أبداً ، وتبقي هذه الحياة مكيفة بالصورة العليا التي أكرم الله فيها الإنسان عن العبودية لغير الله …….

    – أكدت هذه الخطبة أن الإسلام لم يكن ديناً إقليمياً ولا قومياً بل هو ديناً عالمياً جاء ليؤكد علي قيم إنسانية الإنسان دون النظر إلي جنسه أو لونه أو قوميته .

    – جاءت هذه الخطبة لتؤكد للمتشدقين بحقوق الإنسان أن الإسلام ليس ديناً مقلد أو تابع بل إن الأطر التي وضعها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في هذه الخطبة ، تؤكد علي حقوق الإنسان بكل ما تشمله هذه الكلمة من معاني .

    #1534661
    تحيا مصر
    مشارك
مشاهدة مشاركاتين - 1 إلى 2 (من مجموع 2)
  • يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.

يستخدم موقع مجالسنا ملفات تعريف الارتباط الكوكيز لتحسين تجربتك في التصفح. سنفترض أنك موافق على هذا الإجراء، وفي حالة إنك لا ترغب في الوصول إلى تلك البيانات ، يمكنك إلغاء الاشتراك وترك الموقع فوراً . موافق إقرأ المزيد