الرئيسية منتديات مجلس الفقه والإيمان اهداف الدين الاسلامي

مشاهدة مشاركة واحدة (من مجموع 1)
  • الكاتب
    المشاركات
  • #145275

    خامسا : حفظ المال

    كماهو شأن الإسلام دائما مع النزعات الفطرية للإنسان حيث يبيح أشباعها و يلبي مطالبها ضمن الحدود المعقولة، مع التهذيب والترشيد حتى تستقيم و تحقق الخير للإنسان و لا تعود عليه بالشر، كان هذا شأنه مع نزعة حب التملك الأصلية في الإنسان, فقد أباح الملكية الفردية و شرع في ذات الوقت من النظم و التدابير ما يتدارك الآثار الضارة التي قد تنجم عن طغيان هذه النزعة من فقدان للتوازن الاجتماعي، و تداول للمال بين فئة قليلة من المجتمع، و من النظم التي وضعها لأجل ذلك نظم الزكاة و الإرث و الضمان الاجتماعي .ومن ثم اعتبر الإسلام المال ضرورة من ضروريات الحياة الإنسانية

    وشرع من التشريعات و التوجيهات ما يشجع على اكتسابه و تحصيله، و يكفل صيانته و حفظه و تنميته، و ذلك على النحو التالي :

    وسائل الحفاظ على المال إيجادا و تحصيلا:

    1- الحث على السعي لكسب الرزق و تحصيل المعاش فقد حث الإسلام على كسب الأموال باعتبارها قوام الحياة الإنسانية واعتبر السعي لكسب المال -إذا توفرت النية الصالحة وكان من الطرق المباحة- ضربا من ضروب العبادة وطريقا للتقرب إلى الله قال تعالى(هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها و كلوا من رزقه)) و قال تعالى: ((فإذا قضيتم الصلوة فانتشروا في الأرض و ابتغوا من فضل الله))

    2- أنه رفع منزلة العمل و أعلى من أقدار العمال، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (ما أكل أحد طعاما قط خيرا من عمل يده و إن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده ) حديث صحيح ،و قرر حق العمل لكل إنسان و جعل من واجب الدولة توفير العمل لمن لا يجده ،كما قرر كرامة العامل و أوجب الوفاء بحقوقه المادية و المعنوية، يقول صلى الله عليه و سلم: (أعطوا الأجير حقه قبل أن يجف عرقه )و يقول فيما يرويه عن ربه: (ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، و رجل باع حرا فأكل ثمنه ،و رجل استأجر أجيرا و لم يوفه حقه ) و قرر أن أجر العامل يجب أن يفي بحاجياته

    قال صلى الله عليه و سلم: (من ولي لنا عملا و ليس له منزل فليتخذ منزلا، أو ليست له زوجة، فليتخذ زوجة أو ليس له مركب فليتخذ مركبا) و هذا ما يطلق عليه في العصر الحديث بمبدأ تحديد الحد الأدنى للأجور

    3- إباحة المعاملات العادلة التي لا ظلم فيها و لا اعتداء على حقوق الآخرين ، و من اجل ذلك أقر الإسلام أنواعا من العقود كانت موجودة بعد أن نقاها مما كانت تحمله من الظلم، و ذلك كالبيع و الإجارة و الرهن و الشركة و غيرها، و فتح المجال أمام ما تكشف عنه التجارب الاجتماعية من عقود شريطة أن لا تنطوي على الظلم أو الإجحاف بطرف من الأطراف أو تكون من أكل أموال الناس بالباطل.

    وسائل المحافظة على المال بقاء و استمرارا:

    1- ضبط التصرف في المال بحدود المصلحة العامة و من ثم حرم اكتساب المال بالوسائل غير المشروعة و التي تضر بالآخرين ،و منها الربا لما له من آثار تخل بالتوازن الاجتماعي ،قال تعالى : ((و أحل الله البيع و حرم الربا )) و قال: ((و لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ))

    2- كما حرم الاعتداء على مال الغير بالسرقة أو السطو أو التحايل و شرع العقوبة على ذلك قال تعالى: ((و السارق و السارقة فاقطعوا أيديهما )) و أوجب الضمان على من أتلف مال غيره قال صلى الله عليه وسلم: ( كل المسلم على المسلم حرام دمه و ماله وعرضه)

    3- منع إنفاق المال في الوجوه غير المشروعة، و حث على إنفاقة في سبل الخير ،و ذلك مبني على قاعدة من أهم قواعد النظام الاقتصادي الإسلامي و هي أن المال مال الله و أن الفرد مستخلف فيه و وكيل قال تعالى: ((و أنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه )) ((و آتوهم من مال الله الذي آتاكم )) و من ثم كان على صاحب المال أن يتصرف في ماله في حدود ما رسمه له الشرع ،فلا يجوز أن يفتن بالمال فيطغى بسببه لأن ذلك عامل فساد و دمار قال تعالى: ((و إذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا )) و لا يجوز له أن يبذر في غير طائل قال تعالى: ((و لا تبذر تبذيرا إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين))

    4- سن التشريعات الكفيلة بحفظ أموال القصر و الذين لا يحسنون التصرف في أموالهم، من يتامى وصغار حتى يبلغوا سن الرشد ومن هنا شرع تنصيب الوصي عليه قال تعالى: ((وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فان آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم )) و قال تعالى (و يسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير )) و من ذلك الحجرعلى البالغ إذا كان سيء التصرف في ماله قال تعالى: ((ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قيما وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفا ))

    5- تنظيم التعامل المالي على أساس من الرضاوالعدل ومن ثم قرر الإسلام أن العقود لا تمضي على المتعاقدين إلا إذا كانت عن تراض وعدل و لذلك حرم القمارقال تعالى:

    ((يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم))

    6- الدعوة إلى تنمية المال و استثماره حتى يؤدي وظيفته الاجتماعية و بناء على ذلك حرم الإسلام حبس الأموال عن التداول و حارب ظاهرة الكنز قال تعالى: ((و الذين يكنزون الذهب و الفضة و لا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم )) و بهذه التشريعات كلها حفظ الإسلام المال و صانه عن الفساد حتى يؤدي دوره كقيمة لا غنى عنها في حفظ نظام الحياة الإنسانية ،و تحقيق أهدافها الحضارية و الإنسانية. شأنه في ذلك شأن كل المصالح السابقة التي تمثل أساس الوجود الإنساني و قوام الحياة الإنسانية و مركز الحضارة البشرية ،و التي بدون مراعاتها و حفظ نظامها يخرب العالم و تستحيل الحياة الإنسانية و يقف عطاؤها و استثمارها في هذا الوجود.

مشاهدة مشاركة واحدة (من مجموع 1)
  • يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.

يستخدم موقع مجالسنا ملفات تعريف الارتباط الكوكيز لتحسين تجربتك في التصفح. سنفترض أنك موافق على هذا الإجراء، وفي حالة إنك لا ترغب في الوصول إلى تلك البيانات ، يمكنك إلغاء الاشتراك وترك الموقع فوراً . موافق إقرأ المزيد