الرئيسية منتديات مجلس القصص والروايات من مأساة يومياتي :…. قصة قصيرة

مشاهدة مشاركاتين - 1 إلى 2 (من مجموع 2)
  • الكاتب
    المشاركات
  • #146173
    outschool3
    مشارك

    من مأساة يومياتي :…. قصة قصيرة
    وقت القيلولة ، وما أدراكم ما وقت القيلولة ! .. فهو من الأوقات المحببة إلى نفسي لنيل قسطا من الراحة ، وأستعد لهذه القيلولة من بعد الانتهاء من تناول وجبة الغداء ، لدرجة أنها باتت من أهم الطقوس التي أحرص على القيام بها يوميا ، وخاصة في فصل الصيف .. وقبلها بقليل تتراخى جفوني وتخرج الكلمات مني متقطعة دون تركيز وأتثاءب تثاؤبا متكرراً
    لا ينتهي حتى أضع آخر لقمة كانت بيدي و أدخل إلى غرفة نومي التي تطل على الشارع العمومي ، والتي حتى الآن لم أطمئن لاختيارها كغرفة نوم حيث ضجيج المارة والسيارات ، ولولا أنها كانت من اختيار الزوجة ـ التي لا معقب لاختياراتها ـ بحجة أن تأتيها الشمس من كل مكان ؛ ما بقيت فيها دقيقة واحدة ..

    فاليوم ، سلمت نفسي لهادم اللذات الدنيوي، النوم ، وقت القيلولة ، ودخلت في سبات عظيم وما إن مكثت في النوم العميق بضع دقائق ، حتى آتاني صوتا جهورا فظاً ملحا من الشارع ليقتحم عليً نومي وراحتي وأحلامي ، ، صوت كأنه يأتي من أعماق الأرض لم أستطع وقتها التمييز إن كان لرجل أو لإمراة ، ولكنه لبائع ينادي ويعلن بإصرار وقوة عن بضاعته كي يُسمع كل من في البيوت جميعا ويقول : قشطة يا جوافة .. عسل أبيض يا جوافة .. جوافة بلطيم يا ولاد ، فاستدرت الجهة الأخرى لعله كابوسا كي أستأنف نومي .

    ولكني فشلت في منع ان يصلني هذا الصريخ ، كما عجزت أيضا من العودة إلى النوم ، ولم أجد بداً من التسليم للاستيقاظ القسري .. ونهضت دون تركيز باسطا يدي لأفتش عن حافظة نقودي لشراء فاكهة الجوافة علما أنني من عشاق الجوافة التي بالقطع ستشفع للبائع عندي من أن أكيل له من البذاءات التي قد تضطرني تلك الظروف لاستخدامها ، وخرجت من غرفتي مهرولاً ، وما أن رأتني زوجتي مهرولا من الغرفة نحو الباب الخارجي حتى شهقت وصكت وجهها ظنا منها أنني قد أصابني مس من الجن ، ونزلت السلم وثبا كي ألحق بالجوافة التي لها مكانة خاصة عندي ، والتي متى شرفت ثلاجتنا تجدني أحوطها برعاية خاصة وازور الثلاجة من الحين لآخر ، لألتهم منها ما استطعت ..

    وصلت إلى البائع لأجده سيدة لا رجلا ، في نهاية العقد السادس من العمر ، يرسم الزمان بخيوطه على وجهها وكفيها الهزيلتين ليعلنان عن عمرها الحقيقي ، تجلس القرفصاء ولا شيئا معافى فيها سوى صوتها الجهوري، الذي ما أن أطلقته أتتها الناس من كل حدب وصوب .. سألتها عن الجوافة ، فرنت إليّ بعينين نصف مفتوحتان وقالت بصوتها الأجش : سلامة عينيك !! ، فأرسلت ببصري لعمق القفص فلم أجد سوى أردأ أنواع الجوافة ، كانت الحبات الأخيرة ما تبقت من فرز المشترين ؛ خضراء متحجرة لا تصلح معها أسناني ، ولا تمت للبياض ولا للقشطة بصلة .. فقلت لها في سخرية متعمدة : أهذه جوافة بالله عليك ؟! فاهتاجت المرأة غضبا ، وقالت اذهب فلن أبيعك منها شيئا .. فتركتها عائدا آسفا غضبانا لتستأنف ترديدها الأولي قشطة يا جوافة .. عسل أبيض يا جوافة ..
    بقلم
    أحمد بدوي

    #1540862

    شكرا اخي

مشاهدة مشاركاتين - 1 إلى 2 (من مجموع 2)
  • يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.

يستخدم موقع مجالسنا ملفات تعريف الارتباط الكوكيز لتحسين تجربتك في التصفح. سنفترض أنك موافق على هذا الإجراء، وفي حالة إنك لا ترغب في الوصول إلى تلك البيانات ، يمكنك إلغاء الاشتراك وترك الموقع فوراً . موافق إقرأ المزيد