من منطلق الحرص على سلامة أم الدنيا أرض الكنانة مصر أحببت ان أسوق كلاماً حقيقيا سمعته من أستاذ عاش بالجزائر لسنوات  طويلة: ذكر الاستاذ رداً على سؤالي حين التقيت به صدفة : كيف حال الجزائر في ظل القتل والمجازر والحواجز المزيفة التي غطت الساحة الجزائرية طولاً وعرضاً ؟ وبالله عليك من يقتل من في الجزائر؟
رد الاستاذ متاسفاً : آه مشكل الجزائر وما يجري في الجزائر أمر خطير وعلى كل ذي قلب رطب به حياة وبه ذرة من رحمة أن يدعو للجزائر بالخروج من هذه الورطة والازمة القاتلة والمميتة التي ستورث الخوف والذعر في الشعب الجزائري الى اجل غير مسمى.
ومما قاله : لقد اختلط الحابل بالنابل حتى انه لم يعد بمقدور احد تحديد الجهة التي تقوم بالقتل والحرق والارهاب ..  انهم شباب في مقتبل العمر مابين 18 و26 سنة مهمتهم هي بث الخوف والرعب في صفوف الجزائريين عبر ربوع البلاد وبطريقة لا يقبلها ولا يقوم بها حتى الاحمق ،حيث يقوم مجموعة من هؤلاء باقامة حواجز مزيفة بلباس الشرطة او الجيش او الدرك فتوقف السيارات والحافلات والناقلات على الطرق فتطلب بطاقات هوية كل راكب ومن حين لآخر يتم انزال احدهم ومن تم انزاله حسب الاستاذ شاهد العيان فان مصيره الذبح او اطلاق الرصاص عليه -والاستاذ حكى انه  افلت من الموت حسب قوله لأزيد من 40 مرة في حواجز مزيفة راى خلالها الموت والاعدام  والذبح  -ولا يكتفى  ذلك الكومندو  المسلح بعملية القتل وحسب بل يفصل الجثث وتفرق على علب او صناديق ويكتب على الراس هوية القتيل ويذهب بها الى جهة ما ،ونفس الشيء بالنسبة للاطراف وكذلك وعلى الباقي ايضا بحيث يوزع كل جزء في مكان ما مختلف من الجزائر المترامية الاطراف .
وحول اعمال الارهاب التي يقوم بها هؤلاء فيما يخص استهداف المدارس والمعاهد والجامعات قال ان هؤلاء لا يميزون بين كبير ولا صغير او انثى او ذكر حيث يتم اقتحام مؤسسة ما قد تكون ابتدائية او اعدادية او ثانوي او جامعي فيتم ذبح اطفال او تلاميذ او طلبة في قسم واحد .اويتم قتل  استاذ او او مدرسة أمام اعين التلاميذ واحيانا يتم رمي بعضهم من احدى الطوابق بلا رافة ولا رحمة .. أو بتر احدى الاطراف لاحدهم ..
       ومما قاله الاستاذ ايضا وهو تعبير دقيق عن خطورة الوضع الذي وصلت اليه الاوضاع الامنية في الجزائر انذاك  ان :المدن الصغرى لم يعد يقطنها غير القطط والفئران .دور وعمارات وفنادق خاوية على عروشها .
    يخاف الانسان ان يدخلها او يقترب منها فكل سكانها وعمارها قد غادروها الى المدن الكبرى لعلهم يجدون مكانا آمنا لهم ولابنائهم وسط التجمعات السكانية الكثيرة ..  وفي احيان كثيرة وشبه يومية يقومون  باقتحام احياء سكنية او مباني سكنية ويتم تصفية اكبر عدد منها بدون  سبب يذكر لا يفرقون بين اسلامي ولا علماني  ولا صغير او كبير مدني او عسكري  ناهيك عن استهداف القرى والارياف …

   فو الله العظيم لقد تاثرت كثيرا لما قاله جدا وسكنني كلامه مدة طويلة لم استطع اليوم حكيها كما قالها الاستاذ الذي كان يحكي بصدق مشاعره  وما رآه من مأسي رىها بام عينيه  متمنيا من كل مسلم او ذي قلب وضمير حي ان يخرج الجزائر يومها من ازمتها .. وفي الاخير طرحت هذا السؤال : ما هو سبب المازق الخطير الذي حصل بالجزائر ابتداء من عام 1992 الى السنوات الاخيرة الماضية؟ وما هي اسباب انطلاق تلك المحنة التي عاشها الجزائريون من خوف ورعب وفقد للاحباب وبتر للاطراف ومئات الاآلاف من الضحايا والمفقوديم والمهجرين والمفقودين ؟
الجواب بوضوح شديد كان : انه الانقلاب الذي احدثه العسكروالجنرالات الجزائريون بمباركة قادة سياسيين انتهازيين مناهضين للتيار الاسلامي المتمثل في الجبهة الاسلامية للانقاذ التي اكتسحت الانتخابات التشريعية سنة 1992  وهي  اول انتخابات ديمقراطية بالجزائر منذ الاستقلال .. والتي لم يرق للبعض هذا الفوز الكاسح مما جعلهم يحرضون الجيش والقوى المعادية للاسلام والاسلاميين مما خلق حالة من الفوضى والخوف  والتحريض  انتهت بالانقلاب على الشرعية البرلمانية  والغاء النتاج وحظر جبهة الانقاذ واعتقال المئات او الالالف من انصارها واعضائها  الشيء الذي دفع بالبعض الى التعبير عن  رفضه لذلك المنكر  ورفضه لذلك الاقصاء الغير مبرر والانقلاب الغادر الذي عصف بالبلاد وادخالها في اتون حرب  انتهزها كل بطريقته لتصفية الحسابات  وتحقيق المآرب  حتى انه لم يعد من الممكن التمييز بيم : من يقتل من ….
وبغض النظر عن ذلك  فان السبب الرئيس يبقى هو خطا تقدير تلك القوى  التي انقضت على الشرعية  وتجاوزت  ارادة الشعب الجزائري في اختياره الحر والنزيه سنة 1992 ….

     ومن هنا فيعز على كل عربي ومسلم ومحب لمصر وهو يشاهد ويرى تلك الاحداث التي تتشابه مقدماتها مع ما حصل بالجزائر  لذلك من الخطا  ان يستهين البعض  في مصر بخطورة الانقلاب على الشرعية الديمقراطية … وسيكون الندم شديدا ان حصل هذا الامر  من قبل كل من شجع او صمت  او اقر بهذه الفوضى وبهذه المحاولات الانقلابية   فليس وضع  مرسي كمبارك  وحال مرسي انه اتى بانتخابات نزيهة  لم يستوف مها حتى عشر المدة ….
  فلحد الآن اللاعب الوحيد على الساحة المصرية هو من يسمون بالتيار المدني اي معارضي الرئيس الذي لم يمض على انتخابه سوى بضعة اشهر … ذلك التيار الذي  يصعد من لهجته وهو غير قادر على حسم الموقف  وغير قادر على احراق ما يريد ان يشعله  ذلك التيار الذي يصمت امام ذلك التخريب  الذي يمارسه البعض باسمهم  حتى وان تنصلوا منهم فهم يتحملون مسؤوليته لانهم يستثمرون تلك الاعمال التخريبية والحرق  كاوراق ضغط  ضد الرئي الشرعي ومناصريه  وليعلم هؤلاء  انهم يلعبون وحدهم في الميدان لحد الساعة  أما التيار الاسلامي فلم يقل كلمته بعد ظنا منه ان سكوته قد يفوت الفرصة على الانتهازيين والمخربين والمعارضين .. فهو من  يقتل ابناؤه وتحرق مقراته ويعتدى على رموزه من دون ان يردوا السيئة بمثلها في صورة اثبتت ان ما نسب اليهم من تهم العنف والارهاب هم براء منها وان من يتشدق بالديمقراطية ونبذ العنف هم من يشعلون النار ويمارسون اقصى صور العنف والارهاب ليس لأن مرسي اصدر اعلانا دستوريا ولكن حصل ذلك من قبل بيومين او ثلاث اي يوم 19 نوفمبر ومن قبله في جمعة سموها جمعة الحساب  او مصر مش عزبة الخ  مما يدل على نية مبيتة لدى بعض المصريين  للانقلاب على ارادة الشعب المصري  مع العلم انهم يعلمون انهم غير قادرين على قيادة المرحلة ان  ولجوا باب العنف والحرق والارهاب الذي يحاولونه اليوم …لكن وبعيدا عن كل ايديلوجية ضيقة على كل ذي ضمير حي في مصر ان يعتبر مما حصل في الجزائر فان للظلم تداعيات خطيرة وقتل الامل يولد الياس والاحباط ويقود الى رد الفعل بعنف شديد ولذلك ادعو من كل قلبي ان ينبه الله الاخوة في مصر ان يتداركوا الامر قبل حدوث الاسوا الذي سوف لن يفلت من تداعياته احد  ولن يجد من يشعلها اليوم طمعا في الكرسي  مكانا آمنا له ولابنائه في مصر  خاصة وان ظروف اليوم ليست كامس شكرا وارجو ان يصل هذا الكلام الى من يعنيه الامرلله تعالى وحبا في مصر التي تغنينا بها كثيرا …بقلم الزهراء السريفية ..