الرئيسية منتديات مجلس شؤون العائلة مو ضوع جريء ومحيرني ..ارجو منكم المشاركة

مشاهدة 5 مشاركات - 1 إلى 5 (من مجموع 5)
  • الكاتب
    المشاركات
  • #24117

    أنا بطرح الموضوع واتمنى كل عضو يشاركني بأرائه .
    بصراحة موضوع له تسألات كثيرة عندي .
    موضوعي عن الحب .في ناس كثير يمانعون الحب ويرونه شي سخيف ولا يؤمنون بوجود شي اسمه حب .ويشجعون الزواج التقليدي ويعتبروه الأفضل ويرون أن الزواج عن حب دايم لايستمر مع أنه الزواج التقليدي في كثير من الاحيان يفشل ،اذا أن الفشل مو مرتبط بكون الزواج تقليدي أو حب هو مرتبط بالاشخاص أنفسهم .
    أنا معهم في حب سخيف أو هو مو حب هو لعب يعني الواحد يحب أكثر من وحدة ويلعب بمشاعرهم وبالعكس .
    وبالمقابل في حب صادق حرام يظلم
    أنا اقصد بالحب هنا الحب الطاهر العفيف مو حب المواعيد واللقاءات
    والتساؤلات اللي بطرحها هي:
    ليش هذا الحرب ضد الحب ؟
    ليش يعتبروه شي سخيف ؟
    ليش يشجعون الزواج التقليدي ؟ ويرون من العيب أن الواحد يفاتح أهله بموضوع زواجه من وحدة يحبها .
    وغيرها الكثي والكثير من الأسئلة ،ارجو منكم المشاركة وكل واحد يعبر عن وجهة نظره ، وأنا احترم وجهة نظر كل عضو واتقبل رأيه بسعة صدر ، ونحن في الأخير أخوان يجمعنا بيت كبير وهو منتدى مجالسنا

    #457213
    الربيع
    مشارك

    أختي الكريمة لعل ما قام به أحد الأخوان من بحث حول هذا الموضوع يجيب على اسئلتكِ
    وإليكِ البحث بلأسلوب رائع وسلس :

    {} {{ هل من حرج في المصارحة بالحـــب بين الرجـل والمـرأة ؟ }}{}

    تأليف الأخ الكريم:
    الأزهــر
    أحد كتاب سبلة الدين (الشبكة العمانية)
    شعبان 1424هـ

    بسم الله الرحمن الرحيم

    سألني بعضهم قائلا:
    كثيرا ما نقرأ عن مواضيع متعددة عن المحبة بين الجنسين، وعن اقامة علاقة مع الجنس اللطيف، وعن موقفك لو صارحتك فتاة بأنها تحبك وتريدك زوجا لها، وعن مدى المرونة في العلاقة بينهما، كالاتصال بالهاتف والرسائل وتبادل المشاعر والاحاسيس، وغير ذلك من مواضيع اصبحت شغل شبابنا اليوم .

    سؤالي يدور حول كون هذه القضايا قد قُتلت بحثا من الناحية الاجتماعية والتربوية، ولم نسمع للدين فيها شرحا وافيا يشبع نهم شبابنا، بينما كانوا يتتطلعون الى منهج سديد يضيء لهم الطريق، بدل ان يتلقوا رؤية هذه المواضيع بعيدا عن دينهم .

    فهل الدين يحرم مثل هذه الاشياء ؟ او ان له تحفظا نحوها ؟

    – قلت له: لقد اغربت كثيرا، وذهب فكرك بعيدا، ألم تقرأ قوله تعالى ( ما فرطنا في الكتاب من شيء).

    – قـال: اعرف ذلك، لكن الا تلاحظ معي ان موضوع الحب والمحبة قد اثيرت كثيرا في وقتنا هذا، ولم تكن بالشغل الشاغل لشبابنا من ذي قبل، فما هي الاسباب ؟

    – قلت له: يقولون في الحكمة ( لكل زمان لبوس ) ولبوس عصرنا افلام واحلام، وآهات وآلام، وعشق وغرام، واشتياق وهيام، لقد انفتح العالم على مصراعيه، والتقت امواجه، واثيرت العواطف الكامنة، واضرمت بنار متقدة، حتى اتت على الاخضر واليابس .

    – قـال لي: هل تعني انها فتنة كانت معدومة في عصر آبائنا ؟

    – قلت له: كلا، هي فتنة للمفتتنين، وتبصرة للمعتبرين ، وآباؤنا لم يكونوا في معزل عن ذلك ، ولكن كانت مشاعرهم هادئة كامنة، لأنهم ألفوا العمل ولم يكن لهم فراغ يشتغلون فيه بما ذكرت .

    – قـال لي: اريد توضيحا اكثر ؟
    – قلت له: سأحيك لك هذه القصة، لتتضح لك الامور على حقيقتها :
    حج عبدالملك بن مروان، وحج معه خالد بن يزيد بن معاوية، وكان خالد هذا من رجالات قريش المعدودين وعلمائهم، عظيم القدر جليل المنزلة، مهيب المجلس، موقرا معظما عند عبد الملك .فبينما خالد يطوف بالبيت اذ ابصر برملة بنت الزبير بن العوام، فعشقها عشقا شديدا، وأخذت بجميع قلبه، وتغير عليه الحال، ولم يملك من امره شيئا، فلما اراد عبد الملك الرجوع همّ خالد بالتخلف عنه، فبعث اليه عبدالملك وسأله عن امره .
    فقال : ايها الامير، رملة بنت الزبير رأيتها تطوف بالبيت، فأذهلت عقلي، فوالله ما ابديتُ لك ما بي الا حين عيل صبري، ولقد عرضت النوم على عيني فلم تقبله، والسلوَّ على قلبي فامتنع منه .

    فأطال عبدالملك التعجب من ذلك، وقال: ما كنت اقول ان الهوى يستأسر مثلك؟
    فقال خالد: واني لأشد تعجبا من تعجبك مني، فلقد كنت اقول: ان الهوى لا يتمكن الا من صنفين من الناس : الأعراب والشعراء .

    1- أما الشعراء : فإنهم ألزموا قلوبهم الفكر في النساء والغزل، فمال طبعهم الى النساء، فضعفت قلوبهم عن دفع الهوى فاستسلموا له منقادين .
    2- وأما الاعراب: فإن احدهم يخلو بامرأة فلا يكون الغالب عنده الا حبه لها .

    وجملة امري: اني ما رأيت نظرة حسّنت عندي ركوب الاثم مثل نظرتي هذه ، فتبسم عبدالملك وقال: أو كل هذا بلغ بك؟

    – فقال: والله ما عرفت هذه البلية قبل وقتي هذا .
    فوجّه عبدالملك الى آل الزبير يخطب رملة على خالد ،

    فذكروا لها ذلك، فقالت: لا والله أو يطلق نساءه، فطلق امرأتين كانتا عنده، وتزوجها وظعن بها الى الشام، وفيها يقول :

    أليس يزيد السير في كل ليلةٍ *** وفي كل يوم من احبتنا قُربا

    أحِنُّ الى بنت الزبير وقد عدت *** بنا العيس خرقا من تهامة او نقبا

    اذا نزلت ارضاً تحبب اهلها *** الينا وان كانت منازلها حربا

    وان نزلت ماء وان كان قبلها *** مليحا وجدنا ماءه باردا عذبا

    تجول خلاخيل النساء ولا ارى *** لرملة خلخالا يجول ولا قلبا

    احب بني العوام طراً لحبها *** ومن حبها احببت اخوالها كلبا

    – قلت لمحدثي: فأنت ترى ان خالدا هذا كان مشغولا بعلم الكيميا وغيرها من علوم ، ولم يكن له شغل بالنساء، ولكن لما توافرت دواعيها عرف الهوى واكتوى بناره، ووقع في غرام امرأة هي من آل الزبير الذين هم اعداء لبني امية، ورغم ذلك تحولت العداوة الى عشق وهيام، بل تحول الماء المالح الى ماء عذب، كما ذكر في ابياته، بل تحبب الى كل اخوالها وان كانوا من قبل اعداء له .

    انه الهوى الذي يعبث بالحليم، حتى يصير حيران، ولن تتعب كثيرا اذا اردت ان ترى صورة من هذا الصنف في بعض شرائح شبابنا وفتياتنا .

    – قـال لي: لقد اثرت لدي تساؤلات كثيرة حول هذا الموضوع .

    – قلت له: لا عليك ، فسيكون لنا لقاء آخر لا يتسع له هذا اللقاء .

    – بادر محدثي متسائلا وكله لهفة :
    لقد فهمت من كلامك الاخير بأن حب أكثر شبابنا اليوم هو حب سيء لا يمت الى الخلق بصلة ، ولكن ألم يُثنِ الله على المتحابين فيه، وأنهم في ظل عرشه، وأنهم على منابر من نور… الخ ، فلماذا نحرمهم نعمة عظمى من نعم هذا الوجود ؟

    – قلت له: ليس كل من احب سلم حبه من الآفات، وليس كل محب تقي، وفرق كبير بين الحب والهوى، فالهوى هو تلاعب بالمشاعر، والحب اطمئنان في الضمائر .

    – قـال لي: يبدو انك بدأت تتكلم بالألغاز، فوضح لي اكثر ؟

    – قلت له: المحبة الصادقة نفحة روحانية ايمانية نفثها الحق في روع من احب من عباده ، فالتقت ارواحهم وامتزجت في قالب واحد ، وان تفرقت الاجساد ( فهما جسمان والروح واحد). سكب الحق جل جلاله المحبة في سويداء قلوبهم، فأبصرت أُنساً انقطعت دونه المُنى، وحارت في سره النُهى، فأبصرت نفسها مرتين من جهتين ، ولكنها روح واحدة، اذ لا عبرة بالاجساد، مادامت القلوب متحدة .

    امتزجت بشهد الايمان الدفيق، واستمسكت بحبل الله الوثيق، واستنشقت عبير الورد الفواح، فكانت ورد الياسمين التي تحمل رضوان رب العالمين، والطمأنينة واليقين ، ساعتها امتزجت المشاعر ، وتوثقت الاواصر، ولم يدرِ المحبُّ مَن المحبوب، ولا المحبوبُ مَن احبه، لأن المحبة في الله فعلت فعلها في القلوب، فأحالت حياتهم شهدا وعسلا، من انهار محبة الله ورضوانه ورحمته ونوره وبهجته .

    وكانت محبتهم لقاح الارواح لبلاد الافراح، لأنها دارت حول سر المحبوب من جوهره لا من شكله، ومن بره وفضله لا من شكله ولونه، اما محبة الألوان والاجساد فتلك محبة عبيد الشهوات، الذين يتمتعون بجمال الصور ، ويغفلون عن جمال جواهر القلوب الزكية، تلك هي الدرر النفيسة، التي تصنع محبة الله ، فيقول لهم الله ( وجبت محبتي للمتاحبين فيّ ) .

    فعلينا ان نخلِّص محبتنا من شوائب محبة عبدة الشهوات والاجساد، وان تكون محبتنا مستمدة من مشكاة محبة الله، والا فلن يرضى عنا الله .

    – قـال لي: هل افهم من كلامك بأن الحب في زماننا هذا انما اقتصر على الالوان والاشكال، واختيار الحسن والجمال، بدون مراعاة الجواهر ؟

    – قلت له: نعم ذلك ما اعنيه، فمن استأسر بالألوان فقط اصبح عبدا يتمتع بجمال الصور، فهم انما يتلذذون بكل ممتع في المرأة، لذلك يكثرون في شعرهم من ذكر اعضاء جسدها ، ويتنافسون في وصف جمالها ورشاقتها وقدها، وغير ذلك مما يطفح به ادبهم .

    وقد عبر الاستاذ مصطفى صادق الرافعي عن مَن هذا صفته بأن فيه روح الذبابة التي اذا وجدت رحيقا وشهدا ذابت فيه ورشفته رشفاً شديدا، فإذا انتهى الشهد هجرته وبحثت عن غيره .

    – نعم الآن ادركت سر من يبحث عن الغانيات هنا وهناك، انه طالب هوى، يبحث عن اجمل الفرائس، حتى اذا ما اكلها لحما رماها عظما، وبحث عن غيرها ، وفي ذلك يقول احدهم :

    أدور ولولا ان ارى ام جعفر *** بأبياتكم ما درت حيث ادورُ

    وما كنتُ زوَّاراً ولكن ذا الهوى *** اذا لم يُزر لا بد ان سيزورُ

    لكن ألا يكون احيانا في هواه صادقا ؟

    – قلت له: ربما يكون ذلك، ولكن نفس الهوى بهذه الصفة طيش وضلال، وخروج عن منهج الاعتدال، لأن ما كان لغير الله فهو هوى مضاع، وضلة وضياع، وقد حفظ لنا تأريخ الادب العربي نماذج كثيرة من نحو ذلك ، فمنهم من كان يركع لمحبوبه، ومنهم من كان يقدم رضاها على رضا خالقه ، ومنهم من يشبه حبها بجنته، وصرمها بناره، ذلك مبلغهم من معاني الحب الذي يعرفون .

    – قـال لي محدثي: هل لنا بمثال واحد على ما تقول ؟

    – قلت له: نعم، ذكروا عن عمر بن ربيعة ، وكان صنو نزار قباني في زماننا هذا، لتغزله بالنساء، وكثرة شعره فيهن، حتى لم تسلم منه حرة لكثرة تشهيره بهن، ورغم ذلك كان في اعين الكثيرين بأنه صاحب مذهب في الهوى والادب به يقتدى، وعلى نهجه يحتذى، حتى ان الغرام لا يحلو الا بجوار البيت الحرام في المشاعر العظام .

    – قـال لي: ألهذا الحد بلغ الامر ؟

    – قلت له: نعم ، ذكروا أن حماد الراوية قال:

    أتيت مكة فجلست في حلقة فيها عمر بن أبي ربيعة، واذا هم يتذاكرون العذريين وعشقهم وصبابتهم، فقال عمر: أحدثكم عن بعض ذلك :
    كان لي خليل من عُذرة يقال له الجعد بن مهجع، ويكنى أبا مسهر، وكان يلقى مثل الذي ألقى من الصبابة بالنساء والوجد بهن ، فانقطعت عني أخباره حتى اذا كان الموسم – يعني موسم الحج – قدم حُجاج عُذرة، فأتيت القوم أنشد صاحبي، واذا غلام تنفس الصعداء، ثم قال: أعن أبي مسهر تسأل؟

    قلت: عنه أسأل واياه اردت . قال: هيهات، أصبح والله ابو مسهر لا مؤيسا فيُهمل، ولا مرجوا فيُعلل، أصبح والله كما قال القائل :

    لعمرك ما حُبي لأسماء تاركي *** اعيش ولا اقضي به فأموتُ

    قلت : وما الذي به ؟ قال: مثل الذي بك، من تهوركما في الضلال، وجركما اذيال الخسار، فكأنكما لم تسمعا بجنة ولا نار .

    قلت – اي عمر- : ومن انت منه يا ابن اخي؟ قال: اخوه . قلت: اما والله يا ابن اخي ما يمنعك ان تسلك مسلك اخيك من الادب، وان تركب منه مركبه الا عجزك عن مجارته .

    – ثم ذكر المؤرخون ان عمر بن ربيعة التقى بأبي مسهر هذا بعد ذلك على جبل عرفات فتبادلا اشعار الغرام في يوم الحج الاكبر، وانه سعى في حاجة ابي مسهر بزواجه ممن عشقها وهام بها .

    – قـال لي محدثي: وانا قرأت ان عمر بن ربيعة هو الذي كان يتعرض لأمرأة ابي الاسود وهي تطوف بالبيت الحرام، وقد كانت شديدة الجمال، وعندما تأذت منه ، قالت لزوجها : اخرج معي فقد فسد الناس، فخرج معها متوشحا سيفه، فلما رأها عمر مر من بعيد ولم يقترب منها، فأنشدت شعرا :

    تعدوا الذئاب على من لا كلاب له *** وتتقي صولة المستأسد الحامي

    قال لي مُحدِّثي : لقد بَعُدنا عن لُباب الموضوع ، فدعنا نلج بابه .

    – قلت له: حسنا كما تُحب نصير .

    – قـال لي: لقد جمّعتُ جملة من أحاديث المصطفى – صلى الله عليه وسلم – تمس موضوع حديثنا ، فإن أذنتَ أتيتُ بها .

    – قلت له: هاتِ ما عندك ، أحسن الله إليك .

    – قـال: اطلعتُ في مسند الحافظ الحجة الربيع بن حبيب – رحمه الله – على ما جاء ( في المتحابين في الله ) من طريق أبي هريرة قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ( يقول الله تبارك وتعالى يوم القيامة : أين المتحابون لأجلي ؟ اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلاَّ ظلي).

    * قال أبو عبيدة عن جابر بن زيد قال : بلغني عن معاذ بن جبل قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ( يقول الله تبارك وتعالى : وجبت محبتي للمتحابين فيَّ ، والمتجالسين فيَّ ، والمتزاورين فيَّ ، والمتدالينَ فيَّ ) .

    * وفي حديث السبعة ، يقول – صلى الله عليه وسلم – : ( ورجلان تحابا في الله ، اجتمعا على ذلك وتفرقا عليه ) رواه الإمام الربيع ومالك في موطئه .

    * وروي مالك أيضا عن أبي إدريس الخولاني ، أنه قال : دخلتُ مسجد دمشق ، فإذا فتى شاب برَّاق الثنايا ، وإذا الناس معه إذا اختلفوا في شيء أسندوا إليه وصدَّروا عن قوله ، فسألتُ عنه فقيل : هذا معاذ بن جبل ، فلما كان الغد هجَّرت ، فوجدته قد سبقني بالتهجير ووجدته يصلي قال : فانتظرته حتى قضى صلاته ، وثم جئته من قبل وجهه فسلَّمت عليه ، ثم قلتُ : والله إني لأُحبُّك لله . فقال : آلله ؟ فقلت : الله . فقال : آلله ؟ فقلت : الله . فقال : آلله ؟ فقال : الله . قال : فأخذ بحبوة ردائي فجبذني إليه ، وقال : أبشِر فإني سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول : ( قال الله تبارك وتعالى : وجبت محبتي للمتحابين فيَّ ، والمتجالسين فيَّ ، والمتزاورين فيَّ ، والمتباذلين فيَّ ) .

    * وروى الترمذي من طريق معاذ بن جبل قال : سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول : ( قال الله عز وجل : المتحابون في جلالي لهم منابر من نور ، يغبطهم النبيون والشهداء ) .

    * وروى أيضا عن المقدام بن معد يكرب قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ( إذا أحب أحدكم أخاه فليعلمه إيّاه ) .

    * وروى عن يزيد بن نُعامة الضبِّي قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ( إذا آخا الرجلُ الرجلَ فليسأله عن اسمه واسم أبيه وممن هو ، فإنه أوصل للمودة ) .

    * وروى أبو داود عن أنس بن مالك : أن رجلا كان عند النبي – صلى الله عليه وسلم – فمرَّ به رجل فقال : يا رسول الله إني لأُحب هذا ، فقال له النبي – صلى الله عليه وسلم – : ( أعلمته ؟ ) قال : لا . قال : ( أعلمه ) . قال : فلحقه ، فقال : إني أحبّك في الله ، فقال : أحبَّك اللهُ الذي أحببتني له .

    – قـال لي محدثي بعد أن سرد ما جمع من أحاديث شريفة : هذه أحاديث شريفة تتعرض لما نحن بصده من موضوع ( المصارحة بالمحبة ) فماذا قال أهل العلم فيها ؟

    – قلتُ له: ليس كل ما ذكر من أحاديث له علاقة بموضوعنا ، فأكثرها يتحدث عن درجة ولاية المؤمنين ومحبتهم لبعضهم البعض ، وما أعدّ اللهُ لهم من مثوبة يوم القيامة ، وهذا لا نقاش فيه ؛ لأنه يعرفه الجميع ، ولكن دعنا نتحدث عن الأحاديث التي تمس موضوعنا بالخصوصية .
    قلتُ لمحدِّثي : وعدتك بأن نذكر ما قاله العلماء حول بعض الأحاديث التي تتعلق بموضوعنا .

    – قـال لي: نعم ، وأول تلك الأحاديث حديث معاذ – رضي الله عنه – ، عندما قال له الرجل : والله إني لأُحبك ، فقرره معاذ – رضي الله عنه – ثلاثًا قسمًا بالله أنه صادق في محبته ، ثم بشره معاذ – رضي الله عنه – بجزاء المتحابين في جلاله .

    فما الذي قاله العلماء حول هذا الحديث ؟ أليس فيه باب المصارحة بالحبِّ لمن نُحِب ؟

    – قلتُ له: هذه ولاية المؤمنين مع بعضهم البعض ، فهي سبب تآلفهم ومحبتهم واجتماعهم ، وقد قال في ذلك العلامة الزرقاني شارح الموطأ : ( في الله ) أي في طلب رضاه أو لأجله ، لا لغرض دنيوي ، اجتمعا على ذلك الحب المذكور وتفرقا عليه ، أي استمرا على المحبة الدينية ، ولم يقطعاها بعارض دنيوي ، سواء اجتمعا حقيقة أم لا ، حتى فرّق الموت بينهما ، أو المراد يحفظان الحب في الحضور والغيبة)).

    وقد زاد الإمام السالمي – رحمه الله – هذا المعنى توضيحًا عندما قال : ( الحب بضم الحاء بمعنى المحبة ، وهي : ميل النفس إلى الشيء لكمال أدركته فيه ؛ بحيث يحملها على ما يقربها إليه ، والعبد إذا علم أن الكمال الحقيقي ليس إلاَّ لله – عز وجلّ – ، وأن كل ما يراه كمالاً من نفسه أو من غيره فهو من الله وبالله وإلى الله ، لم يكن حبه إلاَّ لله وفي الله ) اهـ .

    – قـال لي مُحدِّثي: تعني أن حب معاذ بن جبل – رضي الله عنه – كان واجبًا دينيًّا ، يفرضه عليه الشرع لأداء حق الولاية بين المؤمنين .

    – قلتُ له: : نعم ، ليس إلاَّ ذلك .

    – قـال لي: الآن فهمتُ لماذا ذكر معاذ بن جبل – رضي الله عنه – الحديث القدسي بعد سماعه لقول هذا الرجل ، ونص الحديث ( وجبت محبتي للمتحابين فيَّ ، والمتجالسين فيَّ ، والمتزاورين فيَّ ، والمتدالين فيَّ ). ، ولكن هل أوضحت لي معنى ( المتدالين ) هنا ؟

    – قلتُ له:: بل أشرح لك كل تلك الكلمات الواردة في الحديث المذكور ، يقول العلامة السالمي:
    (( قوله: ( للمتحابين ) أي لأجلي ، وهم الذين لا يطلبون بمحبتهم حظًّا عاجلاً ، ولا عرضًا قريبًا ، وإنما يحب بعضهم بعضًا لرضاء ربهم ، حيث كانوا جميعًا على طاعته ، وكذا القول في المتجالسين في ، والمتزاورين في .. الخ ، فإن هذه كلها للتعليل ، ( والمتجالسين ) هم الذين يجلس بعضهم عند بعض للتذكير والتخويف ، وبيان الحق ، وللمودة في الله ، فإن الأرواح أجناد مجندة ، والتزاور : التواصل ، ( والمتدالين ) هم الذين يستدل بعضهم على بعض في ما جرت العادة بالإدلال في مثله بين الأخوة في الدين .
    وفيه أن الإدلال من السنة وقد فعله رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عند أبي الهيثم وأمام أم هانئ ، وجاء به الكتاب العزيز في قوله : ( أو صديقكم ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا ) وعليه السلف الصالح رضوان الله عليهم .

    وفي نسخة ( المتأدبين ) في مكان ( المتدالين فيّ ) وفي نسخة أخرى بالجمع بينهما ، ( والمتأدبين ) هم الذين يفعلون مع بعضهم بعض ما تقتضيه أوامر الشرع من محاسن الأخلاق ، ويتركون سفاسف الأمور ، وقد اشتمل الحديث على محاسن الدين والدنيا ، وعلى الأحوال الظاهرة والباطنة ، ومحاسن الحركات والسكنات ، والأحوال البدنية والمالية ، كما يلوح ذلك لعين من يُبصر الحقائق ) اهـ كلام العلامة الإمام نور الدين السالمي – رحمه الله – .

    – قـال لي مُحدِّثي: لقد فهمتٌ من قول الإمام السالمي : ( ويتركون سفاسف الأمور ) بأن هذا الحب عفيف طاهر ، ليس فيه خنًا ولا فسوق ، وهو حبل الألفة بين المسلمين أجمعين .

    – قلتُ له: نعم ، ولذلك ، قرَّر معاذ – رضي الله عنه – هذا الرجل الذي زعم حبَّه ، بقوله ( آلله ) ثلاث مرات ، فلمَّا تبيَّن له أن محبته لله ليس فيها أي محذور جذبه إلى نفسه ، وأجلسه معه ، وبشَّره بالثواب العظيم الذي ينتظره إزاء هذه المحبة العالية الرفيعة .

    – قـال لي مُحدِّثي: معنا اليوم حديثان رواهما الترمذي :

    – أحدهما : عن المقدام بن معد يكرب قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ‘‘ إذا أحب أحدكم أخاه فليعلمه إياه ’’ .

    – ثانيهما : حديث يزيد بن نُعامة الضَّبِّي قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ‘‘ إذا آخا الرجلُ الرجلَ فليسأله عن اسمه واسم أبيه وممن هو ؟ فإنه أوصل للمودة ’’ .

    – قلتُ له: أما حديث المقدام فقد قل عنه الترمذي نفسه : حديث حسن صحيح غريب ، وذكر شارحه العلامة المباركفُوري بأن أحمد وأبا داود وابن حبان والحاكم قد رووه .

    أما حديث يزيد بن نعامة الضبي ، فقد قال عنه الترمذي : هذا حديث غريب لا نعرفه إلاَّ من هذا الوجه ، ولا نعرف ليزيد بن نعامة سماعًا من النبي – صلى الله عليه وسلم ، ويُروى عن ابن عمر عن النبي – صلى الله عليه وسلم – نحو هذا الحديث ، ولا يصح إسناده . اهـ

    وعلى كل حال فالحديثان يرغبان الإنسان أن يخبر أخاه بشخصه حتى يزداد به معرفة ، فيستميل بذلك قلبه ويجتلب ودّه ، فيحصل الإئتلاف ويزول الاختلاف بين المؤمنين .

    – قـال لي مُحدِّثي: وأنا اطلعت على رواية عند البيهقي في شعب الإيمان ، جاء فيها ‘‘ إذا آخيت رجلاً فاسأله عن اسمه واسم أبيه ، فإن كان غائبًا حفظته ، وإن كان مريضًا عدته ، وإن مات شهدته ’’ ولكن قال المناوي : وفي إسناده ضعف قليل .

    جاء محدثي وفي يده كتاب :

    – قلتُ له: ما هذا الكتاب الذي بيديك ؟

    – قـال: هذا كتاب سنن أبي داود .

    – قلتُ له: وما ذا وجدت فيه ؟

    – قـال: وجدتُ هذا الحديث الذي يرويه أبو داود عن معاذ بن جبل : أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أخذ بيده وقال : ’’ يا معاذ والله إني لأحبك ‘‘ ، فقال : ’’ أوصيك يا معاذ لا تدعن في دبر كل صلاة تقول : اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ‘‘ .

    أفليس في هذا الحديث التصريح بالمحبة ؟

    – قلتُ له: نعم إن ثبت الحديث ، وقد أكد النبي – صلى الله عليه وسلم – هذه المحبة بالقسم ’’ والله إني لأحبك ‘‘ ، يقول العلامة العظيم آبادي : ’’ وفيه أن من أحب أحدًا يُستحب له إظهار المحبة له ) اهـ
    .
    – قـال لي مُحدِّثي: بقي معنا حديث واحد .

    – قلتُ له: ايتي به .

    – قـال: حديث أبي داود أيضًا الذي رواه من طريق أنس بن مالك : أن رجلاً كان عند النبي – صلى الله عليه وسلم – فمر به رجل ، فقال : يا رسول الله إني لأحب هذا ، فقال له النبي – صلى الله عليه وسلم – : ’’ أعلمته ؟ ‘‘ قال : لا . قال : ’ أعلمه ‘‘ . قال : فلحقه ، فقال : إني أحبك في الله ، فقال : أحبك الله الذي أحببتني له .

    – قلتُ له: لقد تكلموا في هذا الحديث من ناحية سنده ، فقد ضعفه بعضهم ، أما معناه فهو كسابقه من الأحاديث أن من أحب أخًا له فليعلمه حتى تكون المودة والأخوة والولاية وكذلك من سمع ذلك دعا له بالخير ، كما قال هذا الرجل : ’’ أحبك الله الذي أحببتني له ‘‘ .

    قـال لي مُحدِّثي: كل ما تقدم سابقاً جميل وحسن، لكن رأينا في زماننا من ذوي المحبة من تنزل بهم محبتهم إلى الحضيض، ويتبعون بُنيَّات الطرق، فهل هناك من فيصل بين الحق والباطل في هذه القضية؟

    – قلتُ له: الحق أبلج والباطل لجلج، وبينهما كما بين السماء والأرض والمشرق والمغرب، ان الفيصل لواضح، وهو يقتضي أن لا تشاب المحبة الخالصة بالشهوة المحرمة، وهذا ما يُسمى بالعشق والغرام، كما أن المحبة الايمانية منشؤها محبة في الله، ومنتهاها العمل للقاه، وبين ذلك مخافة الله ومراقبته في السر والعلن .

    – قـال لي: أوضح لي أكثر، واكشف لي حقيقة محبة الأخوين كيف تخرج عن اطارها الشرعي ونقائها الايماني؟

    – قلتُ له: ذكر بعض الكاتبين ان العشق المذموم هو الانجذاب القلبي الشديد نحو شخص ما، مع الميل للوصول إليه بأي شكل كان، ولو على حساب الشرع والعقل والعرف، فأساسه مرض ناتج عن فراغ القلب وبطالته، والقلب في كل حال يحتاج الى ما يتعلق به لضرورة في طبيعته، فإذا لم يُملأ فراغه بالحق فلا بد من ان يُملأ بالباطل، وما أحسن ما قيل: تلك قلوب خلت من محبة الله، فأذاقها الله حلاوة غيره .

    – قـال: هل أفهم من كلامك هذا أن المصارحة بالمحبة لا تجوز حتى بين الأخوين إذا تلبَّست بدواعي الهوى والشهوة؟

    – قلتُ له: نعم .
    – قـال: لِمه ؟

    – قلتُ له: لأنها سبيل إلى الهلكة والفتنة؛ ولأنه ساعتها يكون عاشقاً للمناظر والصور، قد أدنفه حُبه وأضناه هواه حتى استسلم لمحبوبه وتابعه في كل ما يأتي ويذر من خير وشر، وفي اتباع الشر الهلكة والعذاب، كما أن محبة الله تنسل من قلبه اذا دخلتها محبة الشهوات المحرمة .

    – قـال: هل يقف الأمر عند هذا الحد؟ أم تتلوه تداعيات أخرى؟

    – قلتُ: تداعيات وأي تداعيات! فإن الهوى اذا تسلط على القلب أحاله الى نار لا ينطفئ لهيبها، ولا يبرد جمرها، حتى ينحل الجسم ويذوب كما يذوب الملح في الماء، ساعتها يُسلم نفسه الى معشوقه يتصرف به كيف ما يشاء، حتى لو اتخذه رباً مع الله – عياذا بالله من سوابق الشقاء ومواطن العطب .

    – قـال: تبصَّر يا اخي فيما تقول، أإلى هذا الحد يصل الأمر؟! هلاّ ضربت لي ولو مثالا واحدا .

    – قلتُ: نعم، ذكر القرطبي في كتابه القيم ( التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة ) بأن رجلاً تعشق شاباً اسمه ( سلام ) ، وكان ( سلام ) هذا شاباً صالحا جميل الوجه، فهام ذلك الرجل بسلام حتى مرض من حبه له، فقيل لسلام: لو زرته لخففت عنه، قال: ( إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم ) .

    ثم انهم ألحُّوا عليه فخرج، فلما شارف مكان صاحبه توقف وقال: والله لا أدخل مداخل الريب، ثم رجع أدراجه، وكان صاحبه لما علم ان سلام قادم نحوه تعافى وخف عنه مرضه، فلما أُخبر بأن سلام عاد من حيث أتى اشتد به المرض، ودنا منه الحمام وشارف على الموت، فسمعوه يقول وهو في ساعة احتضاره :

    ســـلامُ يا راحــــة العليلِ ِ*** وبرد ذل الدنف النحـــــيل ِ
    رضاك أشهى إلى فؤادي *** من رحمة الخالق الجـــليل ِ

    ثم شهق ومات على تلك الحال، نعوذ بالله من سوء الخاتمة، فأنت ترى ما آل اليه من اسباب المحبة التي كانت في غير ذات الله .

    – قـال لي مُحدِّثي: اللهم لا تهلكنا بغضبك، نعوذ بالله من سوابق الشقاء ومصارع السوء .

    – قلتُ: اللهم استجب يا أكرم الأكرمين .

    – قـال: لكن التأثر والإعجاب بحسن الخِلقة وجمال الخُلق أمر لا يمكن إعدامه لأنه من سنن هذا الوجود، فما ضابطه؟

    – قلتُ: لتجري المحبة في مجراها الصحيح مسددة بتوفيق الله في اطار الحق والاستقامة، منبعها الولاية في الله ، وغايتها التعاون على البر والتقوى والتناصح في دين الله تعالى، ويتجنب ذو الشأن الرفيع أن يميل به الهوى إلى جانب، وأن يكون حازماً في كل أموره، فلا يعامل اخوانه بالجفاء فينفروا منه، ولا يتبسط معهم تبسطاً يمقته الله، ولا يدخل مداخل الريب، ولا يركن الى شخص ركون أهل الهوى لما فيه من صور الاعجاب فذلك العطب بعينه، ولينفر من مواضع الشهوة نفار الحُمر من الليث .

    – قـال لي مُحدِّثي: إننا إلى الآن لم نتكلم على لُب الموضوع واُسّه .

    – قلتُ له: كأنك تشير إلى المصارحة بالحب بين الرجل والمرأة .

    – قـال: هو ذاك ما أومئ إليه .

    – قلتُ: أما محبة الرجل لمحارمه من أم وأخت وعمة وخالة ومن في حكمهن فلا غبار فيها، شأنه شأن المؤدي لحقوق محارمه وأقاربه على أن لا تصل محبته إلى الريبة والميل الشهواني الشيطاني الذي يقع من بعض مَن مُسخت فطرهم وتبلد إحساسهم، فالحيوان أكرم منهم .

    – قـال: احسب أن على هؤلاء المحارم أن يكن عوناً له بعدم الخروج عن الآداب والضوابط الشرعية، فإن زنا المحارم بعض آثار ذلك الخروج، فما الداعي ان تتزين المرأة كامل الزينة وتتفنن في الإغراء وكشف المفاتن أو تستلقي على فراشها متخففة من ملابسها ولو كان ذلك أمام محارمها خاصة غير المحصنين منهم، ان سد منافذ الفساد والشر من مقاصد الشريعة الكبرى .

    – قلتُ له: أصبت كبد الحقيقة، وناهيك ان النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالاستئذان حتى في الدخول على الأم، فقد جاءه رجل فقال: يا رسول الله، ان امي كبيرة السن ولا خادم لها غيري، أفأستئذن عليها كلما دخلت؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ( أتحب أن تراها عريانة؟ ) قال الرجل: لا، قال: ( اذن فاستئذن ) .

    – قـال مُحدِّثي: وكذلك القواعد من النساء، رغم أنهن بلغن من الكبر عتيا، بحيث لا يشتهين ولا يُشتهين، وقد رُخص لهن وضع ثيابهن تخففا، بشرط ان لا يكن متبرجات بزينة، ومع ذلك فالستر والعفاف والتصون خير لهن، يقول تعالى: (وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاء اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) .

    – قلتُ له: نعم ، كل ذلك من أجل سد منافذ الشهوات المحرمة، وتهذيب النفوس حتى مع أقرب الأقربين .

    – قـال: وماذا عن الزوجة؟ أظن ان الكلفة مرفوعة بين الزوجين في كثير من أمورهما، فمن باب أولى ان يصارحها بمحبته وان تصارحه بمحبتها كي تدوم بينهما العشرة بالمعروف .

    – قلتُ له: لم تعدُ الحقيقة شبرا، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم وحبه لزوجاته أسوة حسنة، وقد كان يهتف بذكر خديجة الكبرى رضي الله عنها وحبه لها حتى قالت عائشة رضي الله عنها: ( ما غرت من أحد من نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل غيرتي من خديجة لكثرة ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم لها ) ولما سئل عليه الصلاة والسلام عن ذلك، قال: ( إني لأحب حبيبها ) ، وحفظ ودها حتى بعد وفاتها، وكان يكرم صديقها ويحسن الى قريبها، ودخلت يوما من الايام السيدة هالة أخت السيدة خديجة رضي الله عنهما ، فلما سمع النبي صلى الله عليه وسلم صوت السيدة هالة وكان يشبه صوت السيدة خديجة قال صلى الله عليه وسلم: ( اللهم هالة ) فأخذت عائشة الغيرة، وقالت: ( يا رسول الله ، ما تذكر من عجوز من عجائز قريش حمراء الشدقين- تعني خديجة – أبدلك الله خيرا منها – تعني نفسها ) فغضب النبي صلى الله عليه وسلم حتى ظهر أثر ذلك في وجهه وقال: ( والله ما أبدلني الله خيرا منها، والله ما أنت بخير منها، لقد صدقتني اذ كذبني الناس، وآمنت بي اذ كفر بي الناس، وأعطتني اذ حرمني الناس، وواستني بنفسها ومالها، فجزاها الله خيرا، اللهم اجزِ خديجة بنت خويلد عني خير الجزاء ) ، كذلك حبه لعائشة رضي الله عنها أشهر من أن يذكر، فقد سئل عليه الصلاة والسلام عن أحب الناس اليه ، فقال: ( عائشة ) ، وان شئت المزيد فعليك بكتب السنة والسير فهي حافلة بذلك .

    – قـال مُحدِّثي: فأين الأزواج الذين يمحضون الود لأزواجهم كما كان يمحضه صلى الله عليه وسلم، وأين من يفرغ عواطفه ومحبته في الحلال عند شريكة حياته، ممن يسكبها على الطرقات للغاديات والرائحات في السمرات والسهرات والعشق والهوى وفي الخنا وبؤر الفساد، فالزوجة من تلك المشاعر النبيلة التي هي من اولى حقوقها محرومة، وصبايا الهوى وخليلات الغواية يرشفن من بديع الكلام شهداً وعسلاً ، وأظن بأن العلاقات الآثمة قد ضربت بجرانها في زماننا هذا .

    – قلتُ لمحدثي: لا تعجل علي، فسيأتيك الخبر اليقين، مما لا يتقضَّى منه العجب، وكل شيء له سبب، ( وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون).

    – قـال لي مُحدِّثي: اذن دعنا نلج الى بيت القصيد وهو عنوان موضوعنا هذا، هل تصح المصارحة بالمحبة بين الرجل والمرأة الأجنبيين ؟

    – قلتُ له: هذه أهم نقطة ينبغي التحدث عنها باستفاضة لكثرة تشعبها من اجل تحديد ضوابطها وحدودها، حتى لا تزل القدم .

    وقبل الاجابة على هذا السؤال أسألك : ما هو الاطار الصحيح الذي يمكن ان يجتمع من خلاله الرجل والمرأة، ويستطيعان عبره تفريغ ما بداخلهما من مشاعر وعواطف وأشجان ومحبة؟

    – قال: انه ولا ريب الزواج الشرعي الرابط المقدس الذي أخذ الله عليه الميثاق الغليظ .

    – قلتُ: أصبت كبد الحقيقة، فكل علاقة تكون بدون ذلك العقد الوثيق فهي سفه وغواية وضلال، ومآلها الى انحلال، لعلك تتابع معي البرنامج المبارك ( سؤال أهل الذكر ) ؟

    – قـال: نعم، أحرص اشد الحرص على عدم تفويته؛ لأقتنص من درره الغوالي التي جاد بها المنان على مشايخنا الكرام؛ بل لقد جمعت مجموعاً منها، أخذته من شبكة المعلومات العالمية بعد ان قام أحد الإخوة بطبعه واظهاره متتابعا في حلقاته – جزاه الله خير الجزاء .

    – قلتُ: اذن ستسهل علينا الشقة لأن سؤالا منها يخص موضوعنا هذا تمام الاختصاص .

    – قـال: ان حلقات البرنامج كثيرة، فأيها تعني؟

    – قلتُ: انها الحلقة المؤرخة بيوم السابع من ربيع الآخر لعام 1424 هـ، لسماحة شيخنا الخليلي – بارك الله لنا في عمره وعلمه .

    – قـال: سأنظرها في مجموعي وآتي بها في جلستنا القادمة بمشيئة الله .

    جاء محدثي وفي يده مجموعة أوراق، ثم قال: ها قد أحضرت الحلقة التي طلبت .

    – قلتُ: اقرأ منها السؤال الأول .

    – قـال حباً وكرامة، السؤال يقول :
    عندي زميلة كانت على علاقة بشخص ، واستمرت علاقتهما تقريباً إلى ست سنوات وتمت المقابلات والأحاديث عن طريق الهاتف وعند كل مقابلة يمارسون حياتهم كأنهم متزوجون ولكن لم يحدث بينهم إيلاج ولم يتم فض غشاء البكارة وعلاقتهم كانت مستمرة وتقول زميلتي إن الشخص جاء ليخطبها عند أهلها لأنه يحبها جداً ، فهل يصح الزواج من هذا الشخص حيث أنها تحبه وهو يريد أن يقترن بها وأن يتوبا وأن يعيشا حياة سعيدة ، فما حكم ذلك سماحة الشيخ ، أرجو مساعدتها لأنهما لا يريدان أن يفترقا عن بعضهما .

    – قلتُ: هاتِ الجواب حتى نبصر الصواب في مثل هذه القضاي التي تحار فيها العقول .

    – قـال مُحدِّثي أجابه سماحة الشيخ الخليلي – حفظه الله – بقوله:

    ( بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

    أما بعد :
    فإنه مما يؤسف له أن نجد الأمة تقع في هذه المنعطفات الخطيرة ، وتهوي إلى هذا القرار السحيق ، وذلك بسبب بعدها عن التمسك بالأخلاق ، وانحسار التربية الإسلامية الصحيحة التي يجب أن يتربى عليها المؤمن والمؤمنة ، ويجب أن يستمسكا بأهدابها وألا يفرطا في أي جزئية منها .

    إن الإسلام الحنيف جاء بالطهارة والنقاء وحسن المعاملة والأدب والحياء ، جاء الإسلام الحنيف ليقيم حاجزاً من الحياء والعفاف بين الرجل والمرأة إلا إذا ما اقترنا بالعلاقة الزوجية ، وهذا واضح مما نجده في كتاب الله ، ومما نجده في حديث الرسول عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والسلام .

    فالله تبارك وتعالى يقول: ( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ الله خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْأِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) (النور:30-31) .

    ويقول سبحانه وتعالى: ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) (الأحزاب:59) ، ونرى في القرآن الكريم التوجيه لأمهات المؤمنين اللاتي وصفهن الله تبارك وتعالى بأنهن لسن كغيرهن من النساء مع تقواهن لله سبحانه وتعالى ، وجههن الله سبحانه وتعالى إلى أن يلتزمن الحشمة والأدب والعفاف والطهارة والنزاهة والترفع وألا يكون الخطاب بينهن وبين الرجال إلا خطاباً محاطاً بسياج من هذه الأخلاق الرفيعة والآداب الفاضلة لئلا تتزلزل نفس أحد من أولئك الذين في قلوبهم مرض مع أنهن في كنف بيت النبوة ، ومع أنهن في مجتمع المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان ، الذين مثلهم في التوراة والإنجيل ، فكيف بغيرهن من النساء ؟!

    الله تبارك وتعالى يقول: ( يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً*وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً*وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً ) (الأحزاب:32-34) ، نعم هذا هو التوجيه الرباني لبيت النبوة ، لنساء النبي صلى الله عليه وسلّم مع كونهن أمهات للمؤمنين ، ولكن هذه الأمومة لم تجعل الصلة بينهن وبين المؤمنين صلة مبتذلة ، صلة تتعدى فيها الحدود وتنتهك فيها الحرم ، إنما هي صلة كما شاءها الله تبارك وتعالى صلة مقدسة ، صلة تقوم على أساس الطهر والعفاف والنزاهة والحياء والأدب .

    ونجد في الأحاديث الكثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلّم التشديد البالغ في العلاقة التي تكون بين الرجال والنساء ، فالنبي عليه أفضل الصلاة والسلام يقول : ( إياكم والدخول على النساء ) . فقال له رجل من الأنصار : أرأيت الحمو يا رسول الله ؟ فقال صلى الله عليه وسلّم: ( الحمو الموت ) .

    وقال صلى الله عليه وسلّم: ( ألا لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم ) . وقال : ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يخلون بامرأة إلا مع ذي محرم ) . وقال : ( ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما).

    وماذا عسى أن يفعل الشيطان عندما يكون ثالث اثنين ؟! أليس الشيطان هو الذي يدعو إلى تعدي حدود الله واقتحام المخاطر وإلقاء النفس إلى التهلكة بحيث يدعو إلى معصية الله سبحانه وتعالى، وعدم مبالاة الإنسان بنفسه أن تنقلب إلى عذاب الله والعياذ بالله .

    ولئن كان النبي صلوات والله وسلامه عليه يشبه حما المرأة وهو أخو زوجها بالموت لما في دخولها عليها من الخطورة فما بالكم بالرجال الأبعدين ، وما بالكم بأولئك الذين تسول لهم أنفسهم وتدعوهم شهواتهم إلى الوقوع في محارم الله سبحانه وتعالى .

    وأنا أتعجب أين البيت المسلم الذي يراقب الفتاة المسلمة ويراقب الفتى المسلم ؟
    أين الحفاظ على العرض ؟
    أين القيم ؟
    أين الأخلاق ؟
    أين الغيرة
    أين الشهامة ؟
    أين الرجولة ؟

    ما بال هذا الإنسان يسمح لابنته وهي جزء من عرضه بأن تكون مبتذلة إلى هذا الحد ، وأن تكون عرضة لذئاب البشر .

    ماذا عسى أن تكون وقد التقت برجل أجنبي ؟ التقت بشاب وهو في ميعة الشباب في حال فوران الشهوة .

    ولماذا إذا كانت هنالك رغبة في الاقتران بين الاثنين لا يعجل في هذا الاقتران حتى يلتقيا وهما زوجان بحيث يجوز بينهما كل ما يجوز بين الرجل وامرأته .

    ما بالهما يلتقيان وهما أجنبيان فيكون بينهما ما بين الزوجين .
    إنا لله وإنا إليه راجعون .

    إن دل هذا على أمر فإنما يدل على ما أصاب هذه النفوس من المسخ ، وما أصاب الفطرة من التعفن ، وما أصاب الأخلاق من الانحطاط ، وما أصاب الشهامة والمروءة والنجدة والحمية من فساد ومسخ لا يكاد يحد بأي حد كان .

    هذه أمور في منتهى الخطورة ، والناس يظنون بأنهم بهذا إما يسايرون المدينة ويمشون في ركابها ، وهذه مدنية تسوقهم والعياذ بالله إلى الجحيم ، فعلى الناس أن يتفطنوا لهذا الأمر .

    ولا ريب أن العلاقة الزوجية علاقة مقدسة ، علاقة شرف ، علاقة محبة في الله تبارك وتعالى ، الله تبارك وتعالى يقول ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الروم:21) ، نعم علاقة الزوجية هي علاقة سكون وطمأنينة ، وهذا السكون ليس هو سكون الجسم وإنما هو سكون القلب وراجحة البال وطمأنينة النفس واستقرار الروح ، هو لقاء روحي بين اثنين قبل أن يكون لقاءً جسدياً ، فلذلك جعل الله تبارك وتعالى بين الزوجين المودة والرحمة لأن شأن البشر يختلف عن شأن الحيوانات العجماء التي تلتقي ثم تفترق ولا تبقى بينهما رابطة .

    إنما أراد الله تبارك وتعالى للإنسان أن يبني مدنية من خلال هذا اللقاء بين الزوجين ، وأن يكون هنالك امتداد لحياتهما في أعقابهما ، في الذرية الصالحة ، فلذلك يجب أن تكون الحياة الزوجية غير مشوبة بشيء من شوائب الفساد .

    هذا ، وقد شددً أصحابنا في نكاح الزاني بمزنيته بسبب أن الاستقرار يفقد بينهما ، ولأجل سد باب الشهوة أمام الشهوانيين ، وهم وإن ترخصوا فيما إذا كان ما حصل من سوء أدب ، وما حصل من تعد على الحرمات دون الزنا لأجل حديث رسول الله صلى الله عليه وسلّم الذي يقول : العينان تزنيان واليدان تزنيان والرجلان تزنيان ، ثم قال : ويصدق ذلك ويكذبه الفرج . أي أحكام الزنا إنما تنبني على المباشرة بين الرجل والمرأة بحيث يقضي الوطر منها ، إذ هذه المباشرة هي التي تعد تصديقاً للفرج بالزنا ، ولكن مع هذا كله فإن الإنسان يبقى تساوره الوساوس وهو قد جرب مثل هذه التصرفات الماجنة الخليعة مع امرأة وإن كانت هي دون الزنا ، فلذلك يستحب عند الجميع أن لا يكون بينهما زواج بعد مثل هذه التصرفات الماجنة الخليعة الفاسدة ، وإن كان ذلك لا يؤدي إلى الحرمة .

    وعلى أي حال نحن ندعوهما إلى تقوى الله وطاعته ، والتوبة من كل ما وقعا فيه من الإثم ، وأن يكونا صادقين في التوبة ، فالتوبة لا بد فيها من ندم بحيث يندم الإنسان على ما فعل من معصية ، وبحيث يتمنى أن لو استقبل من أمره ما استدبر حتى لا يأتي ما أتاه ، وأن يقلع عن تلك المعصية ، وأن ينوي عدم العدم إليها كما لا تعود الألبان إلى ضروعها ، وأن يسأل الله تبارك وتعالى غفران خطيئته معترفاً بهذه الخطيئة ، والله تبارك وتعالى أعلم .

    – قـال مُحدِّثي: انتهى جواب سماحة شيخنا المفضال – بارك الله فيه .

    – قلتُ: اذن لا عطر بعد عروس، فأنت ترى كيف بسط شيخنا الخليلي – بارك الله في عمره – القول في هذه القضية الشائكة، ووضع الدواء على الداء، فبيَّن العلاقة النظيفة التي يجتمع من خلالها الرجال والنساء، وما عدا ذلك فهو انحراف عن الفطرة ومخالفة لشريعة الإسلام الغراء .
    – قال محدثي: كأنه يمر على مُخيلتي رواية تُذكر عن التابعي الجليل جابر بن زيد الأزدي العماني- رحمه الله – مع السيدة عائشة رضي الله عنها، لها علاقة وثيقة بموضوعنا هذا .

    – قلتُ : وأين توجد تلك الرواية؟

    – قـال: أحسب أنها في الكتاب القيم ( تحفة الأعيان بسيرة أهل عمان) للإمام نور الدين السالمي – رحمه الله .

    – قلتُ: اذن هاتِ الكتاب لنستفيد .
    أحضر محدثي الكتاب وجعل يقلب صفحاته، ثم – قـال:: هذه هي الرواية .

    – قلتُ: اقرأها لأسمعها .

    – قـال: ذكر الإمام السالمي – رحمه الله – في صحيفة ( 10، 11 ) دخول الإمام جابر بن زيد على السيدة عائشة رضي الله عنها وأخذه العلم عنها، وكثرة سؤاله لها عن هديه صلى الله عليه وسلم عند أهله، ونص كلام شيخنا السالمي ( ونقل عنها العلم كله حتى فيما بينها وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم قال لها: يا أم المؤمنين أنا أحبك، فقالت له: وأنا كذلك أحبك . ثم لام نفسه، فقال لها: أنا أحبك في الله، قالت: أتظن أني أحبك في غير الله يا أعور . قال: فحمل عنها العلم إلى عمان ) اهـ كلامه رحمه الله . اذن فقد صرح الإمام جابر – رحمه الله – للسيدة عائشة رضوان الله عليها بمحبته لها .

    – قلتُ: وما الذي أنكرت من ذلك؟

    – قـال: هذا دليل واضح لجواز ذلك، وإلا لما تجرأ الإمام جابر- رحمه الله – بقول ذلك لزوج النبي صلى الله عليه وسلم على جلالة قدرها، ألا ترى أن ما فعله الإمام جابر يعطي الضوء الأخضر لتبادل هذه العبائر بين شبابنا اليوم؟

    – قلتُ: ان صحت هذه الرواية عن الامام جابر- رحمه الله- فليس فيها منفذ لمن يريد أن يعقد الصداقات، ويتخذ الخليلات بغير ما يرضي الله .

    ذلك أن هذه الحادثة تجسد الولاية الحقة التي فرضها الله بين المؤمنين والمؤمنات، ولا تخرج عن حدود الطاعة لله والتعاون على البر والتقوى، ألم تقرأ قوله تعالى ( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ، وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).

    انها قمة الأخوة في الله في رباط ايماني وثيق ( بعضهم أولياء بعض ) ، قواعده: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واقام الصلاة وايتاء الزكاة، وطاعة الله ورسوله ومن كانت هذه أسس أخوته فلن يشط به الهوى، ولن تزل به القدم؛ لأن أمره بالمعروف يجعله في قمة التقوى، ونهيه عن المنكر يبعده عن العلاقات الفاسدة، والصلاة في حد ذاتها تنهى عن الفحشاء والمنكر، والزكاة طهارة روحية للنفس، وطاعته لله ولرسوله تجعل محبته لإخوانه المؤمنين والمؤمنات مزمومة بحدود الشرع الشريف لا يحيد عنها ولا يميد، ولذلك استحقوا الرحمة والجنات والمساكن الطيبة في جنات عدن ( ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم).

    وأفيدك بأن المرأة يجب عليها أن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر بجميع الوسائل المتاحة، ولو كان المدعو رجلاً في غير ما ضراء ولا بلاء، وإن أردت اليقين فإليك هذه التحفة من كلام عالم عصره المربي المفضال الخليلي – لا زالت أيامه زاهرة- فقد سألته إحداهن:

    ما قول

    #457321

    مشكور أخوي على الرد

    #457999
    كروان
    مشارك

    لن أزيـــد شيئا فالاخــ /ـــت .. كفت ووفت ..

    نعم إن كان هناك ما يدعى حب ما قبل الزواج .. وان كان صادقا .. على الضوابط الشرعية .. فمرحى به بيننا ..
    ولكــــــــــــــن ..
    لللاسف .. لن نعد ندرك ان كان هناك حب .. أم زيف .. أم حتى اعجاب المراهقة .. فالواحد ما يضمن عمره كثير .. والاحسن يبتعد عن الشبهات ..
    ومن وجهة نظري أنا ..
    تحتلف المعايير .. فالطريقتان جيدتان .. فقط ان وافقت الضوابط الشرعية .. ولا بأس بالاول .. فتقاليدنا محافظة وجميلة .. وكم جميلة هي الطريقة الثانية .. ولكـــن يبقى التحذر منها وتأكدي بأن المجتمع لا يقبل حاجة .. تكثر عليها المساوئ والشبهات ..! ولذلك .. هو غير منتشر وان كان قد بدا انتشاره في الاونة الاخيرة ..

    كروان

    #458648

    مشكووووووووورة أختي
    احترم رأيك

مشاهدة 5 مشاركات - 1 إلى 5 (من مجموع 5)
  • يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.

يستخدم موقع مجالسنا ملفات تعريف الارتباط الكوكيز لتحسين تجربتك في التصفح. سنفترض أنك موافق على هذا الإجراء، وفي حالة إنك لا ترغب في الوصول إلى تلك البيانات ، يمكنك إلغاء الاشتراك وترك الموقع فوراً . موافق إقرأ المزيد