الرئيسية منتديات مجلس القصص والروايات العُنفُ الشعريُّ في قصةُ حُبٍّ مَجُوسِيَّةُ «لغة ا

مشاهدة مشاركاتين - 1 إلى 2 (من مجموع 2)
  • الكاتب
    المشاركات
  • #5001
    مجالسنا
    مدير عام

    صحيح، كما أسلفت، أنّ المنزع الأساس للخطاب الروائي هو منزع أيديولوجي في الدرجة الأولى أي منزع توصيلي بمعنى غير سطحي للتوصيل، غير أنّ الأداء أو المسلك الذي يسلكه، النصّ في توصيل ذاته يتفاوتُ تفاوتاً متنوعاً يعتمد على المرجعية الفنية والمطمح الأدبي لكلّ كاتب من الكتاب، وكذلك يعتمد بشكل خاص على خصوصية الكاتب النفسية وقدراته اللغوية والتخييلية التصورية التي يصوغ وفقها عالمه اللغويّ، وقد سادت النثرية الصرف في أكثر النصوص الروائية، وإذا بحثنا عن حد يحدّ المفهوم المحمول في مصطلح الرواية وجدناه في أبسط تعبير «فن نثري….»وهذه النثرية في منظور أكثر النقاد هي التي تميز النوع الأدبي الرواية ) عن غيره من الأنواع مع إضافة ميزات إضافية أخرى.

    ربما تكون المشكلة الأساسية التي تعانيها الدراسة النقدية الروائية، أو القراءة التي تتناول نصاً روائياً ما، عدم وجود عُرفٍ نقديّ روائي عام يمكن الاستناد إليه أو الاحتكام إليه في النهاية ولا نقول عدم وجود نظرية نقد روائي لأننا لا نطمح حتى الآن إلى وجود مثل هذه النظرية، بخاصة في نقدنا العربي الحديث، وكذلك لا نطمح إلى وجود نظرية بمفهوم القواعد والقوالب، ما يجعل الإبداع منظومات آلية منضبطة فاقدة الفحوى الحقيقية لمعنى الإبداع، وتعمق الإشكالية النقدية الروائية عندما ننظر إلى الكم الهائل من التنوع الدراسي الذي يحاول مقاربة النص الروائي، وفق مناهج دراسية متعددة ومتداخلة ومتباينة ومتضايفة مرة ومتناقضة أخرى، وقد يكون في ذلك غنىً معرفي كبير على مستوى البحث النظري والتطبيقي لكنه في وجه من وجوهه يشكل إرباكاً للوضوح المنهجي ويشي بانعدام التبلور المفهومي للرؤى النقدية. وتوحي القراءة العامة لمجموع الإنتاج العربي للدراسات النقدية بسمة مهمة يجب الانتباه إليها وهي التسرب القوي لعناصر النقد الشعري لمعالجة المكونات الروائية، وهذا ما يجعلنا نطرح تساؤلاً حائراً فحواه: ما الذي يحقق شعرية الشعر وما الذي يحقق روائية الرواية، إذا كانت أدواتنا النقدية المستعملة هي ذاتها في الفنين، مع سطوة الأدوات النقدية للأول الشعر) على أدوات التناول النقدي للثاني الرواية)

    ونحن إذا كنا قد أطلقنا تساؤلنا السابق- لا ننفي علاقة التداخل أو ما يمكن أن ندعوه التناص) بين النصين الإبداعيينالشعر والرواية) أولاً ولا ننكر أن يحدث ثانياً ولا ننكر اعتماداً على هذا التداخل أن يكون هناك استعانة جيدة بالنظرية النقدية للشعر لأن النص الروائي يحلم في كثير من الأحيان بمحاكاة اللغة الشعرية وخلق المعادلات النفسية والبلاغية التي يخلقها الشعر وهو بذلك يقدم رؤية جديدة للعالم الواقع ) في عالم الرواية

    واعتماداً على ما تقدم نجد أنه على الرّوائي أن يهتمّ اهتماماً شديداً بالمحسنات والبلاغيات التي تعمق العالم الروحي والفكري مهما تكن درجة مقاربته للواقع ومهما تكن منازعه التسجيلية لأن واقعية العمل الأدبي والرواية بخاصة لا تعني فقدانها معنى الأدب والشعرية أو اللغة الشعرية مكون رئيسي من مكونات أدبية الأدب، وليس عجيباً عند ذلك أن تقوم المقاربات الدراسية للرواية بالاستعانة بالعناصر النقدية الشعرية.

    وهذا الحدث يستدعي منا استيعاء مفهوم اللغة الشعرية أو مفهوم الشعرية، ولكن الحديث التفصيلي عن نظرية الشعرية في النص الشعري ومكوناته وعناصره وأدواته ليس من اختصاص تناول أو مقاربة كمقاربتنا، وانما نجد أنه من الضروري تحديد الفهم العام لمعنى الشعرية وأول حدّ نسقطه عن مفهوم الشعرية الروائية) مفهوم الموسيقى الظاهرة التي نجدها في الشعر المموسق بموسيقى ظاهرة، ونحتفظ بعد ذلك بكل العناصر الأخرى التي تحملها اللغة الشعرية من «تخييل، وموسيقى داخلية، وشحنات نفسية ودلالات فكرية ومعرفية…»لنتناول مكونات النصّ وفق هذه العناصر.

    ويلجأ الروائي عادةً – كما يرى جبرا إبراهيم جبرا- إلى شعرية النصّ الرّوائي للتخلص من نثرية عالم الواقع، هذه النثرية التي تعني الملل والغثيان، وكذلك يلجاً إليها ليكثف العالم الخارجي – خارج ذات المبدع والقارئ – وهذا بالضرورة ما يخلق تكثيفاً للعالم الداخلي لهما.

    في المقاربة التالية لنص قصة حبّ مجوسيه سنبحث في مكونات اللغة الشعرية التي تحدثنا عنها سابقاً وسنحاول تبيين البنى اللغوية البلاغية والتصويرية السائدة في النص ولن نكتفي بذلك وإنما سنحاول رصد الدّلالات النفسيّة والرّوحية والفكرية والمعرفية التي استدعت وجود هذه البنى وسيادتها وسلطتها على النصّ مع الانتباه الدقيق إلى خصوصية الفنّ الرّوائي كموازاة فنية تخييلية إبداعية للواقع.

    تمّ اختيار رواية «قصة حبّ مجوسيّة» نظراً إلى خصوصيتها اللغوية التي تختلف عن جميع إبداعات عبد الرحمن منيف السابقة واللاحقة، وتنبع هذه الخصوصية في تقديرنا من أمور ثلاثة، الأول شكلي يتعلق بحجم الرّواية الذي يحتمل التكثيف اللغوي الشعريّ فالرواية تقع في مائة وثلاثين صفحة من القطع الصغير، وهذا ما يمنح الكاتب قدرة أو مجالاً للتكيف الشعري في عالم الرواية، لأنه يؤدي صوره ومشاهده بتدفقات لغوية قصيرة ومتلاحقة، والثاني يتعلق بخصوصية الموضوع المطروق المتناول للمعالجة، وهو موضوع الحبّ الذي يحتمل قدرات شعرية وشعورية ممتدة عبر الأفق وضاربة في العمق الروحي للنفس الشاعرة حتى أعمق الرّاقات النفسية، وثالث هذه الأمور أن «قصة حبّ مجوسية» من بواكير إنجازات منيف الرّوائية حسب ما قدرنا؛ لذلك فهي تتمتع بعفوية أدبية وشعورية فطرية لم تتدخل فيها يدا الخبرة الطويلة وتقنية التنقية الرّوائية والأساليب المكتسبة.

    أولاً : العنف الشعوريّ:

    نودّ أن نشير في البدء إلى أن تعبير العنف لا يحمل في دلالة من دلالاته أيّضاً معنى سلبي، أو أي وصف هجائي وإنما نستعمله هنا دالاً لغوياً صرفاً يستمد دلالته المرمي إليها من صفته التي أضفناها إليه باستعمالنا تعبير«الشعوري».

    إنّ ما يميز موضوع الحبّ، خلقاً إنسانياً نبيلاً، ذلك العنف الشعوريّ الذي تضطرم به النفس وخاصة النفس الشاعرة، وتأتلق، فتوقد الرّوح والخيال النفسيّ واللغويّ لينتجا معادلات شعورية وأدبيّة، لغةً وأخيلةً وصورا.

    و«الحبّ هوة الشهوة والحاجة والنزوع والميل إلى امتلاك المحبوب بصورة من الصور والاتحاد به بغية إشباع هذا النهم والشعور بالاكتفاء والرضا، والتغلب على نقص يضايقنا ويقضّ مضجعنا، فلا نعرف سبيلاً إلى العيش الهنيء بدونه وبدون البحث المستمر عنه، عما يسده، ويسكنه ويفي بحاجاته ومتطلباته…(1) »

    وهو حالة عاطفية مركبة تشمل كيان الإنسان بكامله جسداً وعقلاً وروحاً وتمتزج فيه عوامل عديدة مثل اندفاع الشهوة والانفعال العاطفي والهوى والعطف والتجارب والتعاطف والمودة، والنزوع نحو التضحية في سبيل مصلحة المحبوب وهنائه وسعادته »(2)

    وتزداد خصوصية التجربة الشعورية ويزداد عمقها وعنفها إذا كان الحبّ محروماً، إذ تتخذ هذه التجربة مجالاتٍ تعبيرية شتى، وآفاقاً سلوكية ذات أبعاد سيكولوجية متعددة، وتكفينا التفاتة بسيطة سريعة إلى الظاهرة التراثية العربية الفذة شعر الحبّ العذري) وإلى شعرائها الذين حُرم حبّهم وحُرّمَ؛ لنفهم قدرة الحرمان وطبيعة النفس الشعرية على خلق القدرات الأدبية الفنية المعادلة في النصّ الأدبي سواء أكان شعراً أم نثراً… و« يتميز الحبّ الذي ترك أثراً هاماً في تاريخ الإنسان وأدبه وفكره بكونه شقياً تعيساً بائساً ؛ إنه الحبّ الذي لا يعرف النهايات السعيدة لأنه دوماً حليف المآسي وقرين الموت والدمار والخراب، وكأنه قوة تسلط على الإنسان تسلط القدر المكتوب فتدفعه إلى مصير مظلم محتوم لا حياد عنه البته»(3)

    تعرض قصة حبّ مجوسيّة- نموذجاً واضحاً عميقا من نماذج الحبّ المحروم ؛ فبطل الرّواية يسقط في مأزق حبّ)، ومن المفارقة أن يغد والحبّ مأزقاً، وتكمن فحوى المأزق في أنّه يقع في حبّ امرأة متزوّجة، تقوم جميع المصادفات التي تجمعه بها بتثبيت عقدة الحرمان، وإرسائها إلى أعمق الرّاقات(4) النفسية للبطل، والتجربة المعروضة هنا قصيرة ومكثفة، كما أسلفنا «فكلما قصرت الفترة التي تمتد عبرها» التجربة الغرامية العنيفة تكثفت الانفعالات الجياشة وانضغطت العواطف الجامحة في عدد أقلّ من اللحظات؛ إلى أن يبدو للعاشقين، وكأنها على وشك ملامسة تجربة تكشف لهما الدنيا مضغوطة ومكثفة دفعة واحدة في لحظة مطلقة لا امتداد لها أبداً »(5)

    – اتجاهات العنف الشعوري:

    تتعدد اتجاهات العنف الشعوري في النصّ، فتتخذ آفاقاً متكاملة لصنع الشخصية وبنائها، ونعني بالتكامل أنّ هناك مناحي متداخلة من أنواع العنف، إذا صحت التسمية أنواع) إذ يكون كلّ نوع مكملاً للنوع بل للأنواع الأخرى، ويعتمد هذا العنف على المكونات النفسية للشخصية، والشخصية تبدو ذات أبعاد سيكلوجية متعددة متفاوتة تفاوتاً شديداً بين السلب والإيجاب ومتناقضة في أحيان كثيرة وهذا التفاوت يعيدنا إلى رواية عالم بلا خرائط المؤلفة بالاشتراك بين جبرا إبراهيم جبرا والرّوائي عبد الرحمن منيف، فشخصية علاء بطل الرواية شبيهة بشخصية بطل قصة حب مجوسية ردود أفعالها نحو العلم وفي التوجه إليه وفي علاقاتها بمحيطها البشري، ففي تجلّ من تجليات ارتكاسها نجد العنف يخرج من إطار الحدث الروائي ويتوجه إلى القارئ وفي تجلّ آخر نجد الشخصية تقتات ذاتها بتوجيه العنف إلى مكوناتها الشعورية الداخلية ثم يتحول العنف من سلبي محطم إلى ايجابي بنّاء فيكّون رؤى شعرية بلغة مبدعة تحاول بجهد أن ترتقي إلى مستوى العنف الشعوري وكثيراً ما كانت تنجح في ذلك.

    العنف نحو الآخر:

    اسلفت أن العنف يتجاوز عالم الرواية لينقل إلى خارجه ويتوجه نحو الآخر الذي هو القارئ هنا، وهي تقنية جيدة في محاولة خلق التواصل وانفتاح النص بل عالم النص الشعوري على عالم القارئ، ليصبح القارئ شخصية فاعلة ومنفعلة في عالم النص ويتفاعل به، ويبدو أن ذلك سعي دائب من الكاتب إلى الواقعية. بمعنى الخروج من النص التخييلي) إلى الواقع الحقيقي) الذي يحقق للكاتب عبر الشخصية جدوى الكتابة وجدوى العالم وجدوى خلق الشخصية ذاتها في عالم تخييلي نصيبه الموت بين دفتين تحويان أوراقاً مكتوبة يدعى الرواية.

    وإذا أردنا أن نطرح أمثلة على ذلك من النص فهي كثيرة جداً وأكثر ورودها في موقع التحول في القص من فقرة سردية إلى أخرى وعند انقطاع الراوي الذي هو البطل .وهنا نرى تقنية سردية أخرى تدعم ما ذهبنا إليه من أن الكاتب ينزع بشغف إلى الواقعية أو الإيهام بالواقع في توحيده بين الراوي والبطل وعرض الحدث من وجهة نظره لأن الموضوع المطروق الحبّ) لا يحتمل في هذا الموقع تدخل راوٍ خارجي ويبلغ العنف الموجه نحو الآخر في كثير من الأحيان الذروة دون وجود مسوغ يدعو إلى ذلك، لنتابع المقبوس التالي ونبحث باستغراب عن سبب هذا العنف العدواني ضد القارئ أوالسامع :

    «وأنتم لا تستطيعون أن تقولوا أي شيء… اضحكوا بسخرية، ولكن دون أن أرى، وإذا علت قهقهاتكم فسوف أشتم مثل إبليس، سوف أقول لكم أيها الخنازير، با من تفتقرون إلى القلوب، يا من بالت عليكم أمهاتكم لكي تشفى الدمامل المنتشرة فوق صدوركم ووجوهكم… أنتم يا أربطة العنق سوف أشنقكم بهذه الأربطة ذات يوم، لن أكون رحيماً، الرحمة لا تعرف طريقها إلى قلبي، ومن تريدون أن ارحم؟ الصدور المجوفة؟ الصدور المليئة بالقيح؟ أنتم ؟ لا تخافوا سوف أتصرف كوحش.»(6)

    العُنفُ نحو الذات:

    يمكن أن نجد مسوغات ذات أبعاد نفسية في توجه العنف نحو الذات ليتحول إلى تعنيف وإحساس عميق بالتأثيم العنيف للذات، وهذا في الفهم المباشر للحالة السيكلوجية إنما هو انتقام من حالة الإخفاق التي تعانيها الذات من انعدام القدرة على المطابقة بين الحلم الحب المحروم) والواقع الحب المنجز) وقد يكون ذلك محاولة نزوع نحو الخلاص والانعتاق من هذا التناقض بين الحلم والواقع بشكل سلبي هو الانتحار ليبقى محافظاً على إمكانية الإحساس بالتظلم وطلب التعاطف:…آه ما أشد عذاب تلك الابتسامة، كانت متشنجة ومذعورة، وأنا… سموا أفكاري أي شيء، لأن الأرض لم تحمل على ظهرها من هو أجبن منّي، كنت في تلك اللحظة أرنباً متقوس الظهر وملعوناً، كنت أخاف من ظلال الأشجار، من صوت الريح، وأنتم أيها الناس، يجب أن تجلدوني مئات الجلدات. لا تكونوا رحماء معي، وأنا لا أستحق الرحمة أبداً ابصقوا علي »(7)

    ثم نلحظ تداخلاً في اتجاهات العنف، يمتزج فيه عنف الذات في مونولوج) داخلي وعنف الآخر في عدوانية موجهة نحو الآخر ويبدو أن العنف الثاني منتزع من الذات نفسها وهو كما يتلامح لنا تعبير عن موقف ثقافي واضح من خلال نبر الخطاب الذي توجهه الشخصية نحو التناول السيكلوجي للظواهر البشرية بل للظاهرات الإنسانية الدّاخلية، فالهجوم التالي الذي تشنه يوحي بالاستخفاف والاحتقار للتحليل السيكلوجي للحالات النفسية، وواضح أنّ هذا الهجوم يتوجه إلى التوصيف السيكلوجي غير المجدي الذي يعتمد على اللغة الجوفاء ولا يسعى إلى المعالجة لإخراج الشخصية من مأزقها: «ولكن إذا وجد بينكم حكم أعور، له لحية تشبه خيوط العنكبوت، فسوف يقول:إن حالة مثل هذه تعود بأصولها إلى أيام الطفولة إنه الحرمان، الحرمان من عطف الأم، نعم ماتت أمي لما كنت صغيراً… لكن هذا الحكيم الذي يفتح فمه كضفدعة ليغرق الناس بكلمات كبيرة وغامضة يفتقر إلى شيء أساسي يكون جوهر الإنسان والعلاقة الجنسية.. يفتقر إلى الحبّ.»(8) هذا الحبّ الذي مثّل الدّافع الأقوى إلى الاغتراب الروحي عن الذات ولا يفوتنا أن تشير هنا إلى أن هذا العنف المسيطر، بأنواعه المتعددة ليس إلا مظاهر متشكلة ناتجة من سيطرة الاغتراب ذي السمة الأقرب إلى الحالة الإبداعية على الرغم من الإحساس الطاغي الملغي) بانسداد الآفاق جميعاً للوصول إلى المستحيل :«وأنظر، أنظر إلى عينيها. آه… ما أشد رعب العيون التي أراها.ما أشد فتنتها. كانت تقول لي بهمس: أيها الغريب الذي لا مأوى له… مأواك في عيني. في هاتين العينين سأجعل لك أرجوحة… وفي هذه الأرجوحة تقضي ما تبقى من العمر… ولن تندم…. كنت أراها مستحيلة،وفي لحظة مليئة بالعذوبة، بدا لي كلّ شيْ قريباً ناعماً جارحاً وقررت البقاء»(9) ثم ياتينا قرار من الشخصية بإعلان اغترابها ووحدتها وإعلان القطيعة بينه وبين الآخر الذي يتمثل في محيطه وفي انفتاحه على القارئ وهذه القطيعة مستغربة غير متسقة مع شخصية رجل عاشق مكبل بالعشق، والمتوقع المفترض منه أن يكسب متعاطفين معه وأهمهم القارئ:«منذ البداية نفتقد اللغة المشتركة، ليس بيننا شيء مشترك، ليس لديكم تجاهي حتى الرغبة في أن تفهموا، لا يهمني، بدأت الرحلة وحيداً، وسأنتهي وحيداً»(10)

    العنف نحو المقدس: لا نحسّ هنا بشرعيةٍ في إطلاق هذا العنوان إلا أن الشخصية تتوجه بعنفها نحو من تسميهم «الآباء المقدسين يمثلون مفهوم الغيب الذي يطرح إمكانية السعادة بل يقصرها على السماء وهو ما ولد الإحساس بالعنف في روح الشخصية لأن لها موقفاً مبايناً:«تخطئون كثيراً أيها الآباء المقدسون إذا ظننتم أن السماء وحدها مكان السعادة، على هذه الأرض يوجد شيء ما لا أزعم أنه أكثر من الفرح، وما يحتاجه الإنسان هو الفرح…. إذا أراد أكثر منه ضاع في متاهة البحث عن وجود شيء لا وجود له» وربما يكون البحث عن الفرح طريقاً مثلى للضياع ؛ لأن الواضح أن الفرح المطمح الإنساني الأسمى على الأرض قد يكون هذا الشيء الذي لا وجود له وهو الذي جعل الشخصية تضيع في متاهات البحث عن فرح موهوم كما يتجلى من جميع مجريات عملية البحث والقص.

    العنف الشعريّ: وعنف الصورة، عنف اللغة.

    النقطة الرئيسية التي تفسر هذه الظاهرة هي السعي إلى خلق معادل لغوي يتحمل كما شعورياً موازياً للكم الشعوري المحمول في ذات الشخصية وبعبارة متسقة مع لغة بحثنا خلق عنف لغوي مشحون بعنف شعوري يوازي عنف الشخصية وهذا المطمح يؤدي بالضرورة إلى اللجوء إلى لغة الشعر وإلى أهم ما فيها التصوير الفني، واللغة الشعرية المكثفة العنيفة.

    التصوير: أ- الصورة البسيطة : التي تستخدم طرفين من أطراف علاقة صورية وتربط بينها بتماثل يستمد وجوده من طبيعة المتماثلين، والغرض من هذا التصوير نقل للحالة الذهنية والشعورية في مستوى ليس عميقاً من مستوياتها وهو ما يمكن أن ندعوه بتعبير آخر التصوير السردي لأنه يندغم في السرد ويكون جزءاً لغوياً رئيسياً منه.

    * يدك أيها السر المقدس… يدك وهي تلتف على القدح تلتف على عنقي كخيط الحرير. شفتك وهي تعانق حافة القدح مثل عناق الأمهات لأولادهن الذاهبين إلى حرب بعيدة… وأنفاسك التي تنزلق بنعومة الرمال فوق كل شيء هي بداية ونهاية الحياة بالنسبة لي… ما أشد بؤس القلب إذا تحوّلت الأشياء الخارقة النعومة والحساسية إلى كلمات ميتة تقف في الحلق مثل أشواك سمكة عتيقة»(11)

    – الصورة المتوالدة:

    تنشأ هذه الصورة بسيطة ذات بعدين للتماثل وتتكيء إليها وهكذا إلى أن تنتهي بأداء التماثل المنشود وهي تتميز بعملية الإفضاء والتوالد فكل صورة تفضي إلى أخرى بعدها وتتشكل من المقدمات والنتائج صورة نسميها المتوالدة.

    – النص اللغوي للصورة

    – كيف تنبثق الفكرة، الرغبة ؟ كي تكبر وتتمطى في الدم… ثم كيف تتحوّل إلى عويل »(12)

    – النص التشكيلي النموذج الأفقي)

    ——————————————————————————–

    ——————————————————————————–
    الفكرة الرغبة) نمطٍّ زمني نمو في الدم تحوّل عويل

    ويتوضح ما نقصده بهذا النوع من التصوير في المشهد التصويري التالي، إذ تتشكل دائرة شعورية قطباها: ابتداء الصورة وانتهاؤها وهي منذ ابتداء الدائرة حتى إغلاقها متوالدة، وتتميز بأنها وحدة عضوية متكاملة :

    – النص اللغوي للصورة

    «الدودة الناغلة في الدم… دودة الرجال والنساء المختنقين بالبؤس، كانت هذه الدودة تنام دهوراً، تموت، تتلاشى، ثم فجأة تنفجر، تتحول إلى ريح قوية تصفع جدران الصدر من الداخل. عندها يستحيل علىّ أن أنام. يصبح النوم حيواناً له ألف مخلب مغروسة في لحمي، رابضة فوق الرّقبة تماماً ‍‍‍ويضغط حتى إذا انتهى الحلم الثقيل، ساد شعور بالذعر.. وعدت إلى تلك الحالة التي يسمونها اللهفة..»(13)

    الَّنصُّ التشكيليُّ للصُّورة النّموذج الدّائريّ)

    الصورة التراكمية:

    لفهم مكونات هذه الصورة لابد من التركيز على معنى التراكم، وهو هنا يعني تكدس مفردات الصورة الواحدة أو الصور المختلفة بكثرة إما بشكل متجاور مترابط بأدوات لغوية نحوية تقليدية للتأثير الشعوري أو لأداء لذة بلاغية أو إبلاغية معينة منشودة تشكل محوراً ما من محاور النص أو ضرورة بلاغية لنقل المضمرات النصية عبر الدلالة اللغوية:

    «شعرت بقلبي يتموج في صدري مثل زورق. قلت بداية الحماقة»(14)

    «سحبت عيني من جديد وأطلقتهما في الغيوم والأشجار البعيدة، »(15)

    «لكن وجدت نفسي أضطرب، ثم بعد لحظة سمعت شيئاً في داخلي يتمزق وينوح»(16)

    «فجأة أصابتني برودة قاتلة. أحسست أني مدفون في أعماق كثبان جليدية وأني مسمّر وراء الزجاج ولا أستطيع الحركة.»(17)

    «وباستسلام أبله أردت أن أكذب. أن أخطئ. لكنّ عينيها وهما ترتميان علي كانتا تجرحانني تجعلانني أكثر إحساساً بوقع خطاها وهي تسير في دمي »5)

    «كنت أسحب عيني. أرميهما بعيداً لكن دون أن أدري أكتشف نفسي وقد بدأت أتسلل في الفجوات الصغيرة بين أوراق النبتة الخضراء.»(18)

    هذه مفردات صورة تراكمية متجاورة وهي مجموعة من الصور البسيطة أحياناً والمتوالدة أحياناً أخرى، والنظر إلى طبيعتها اللغوية يبين مراميها الخطابية في النص والأهم في ذلك الدلالات الشعرية فكرياً وفنياً.

    والملاحظة الأخيرة التي نسوقها هنا في مجال الحديث عن الصورة هي أن التركيز بل التبئير الصوري تجلى في الصفحات الخمسين الأولى من الرواية التي – كما يبدو – استنفدت القدرة التخييلية، للنصّ وما جاء بعد ذلك من قدرات تخييلية يأتي في سياق الإعادة والتكرير والتأكيد الفني لعناصر فنية سابقة أبدعتها مخيلة النصّ.

    العنف اللغوي: عد النقاد العرب القدماء عنف اللغة مأثرة كبيرة للشاعر أو الأديب وكان التفاضل بين الشعراء يستند بقوة إلى هذه القيمة النقدية وكانت أهم السمات المنشودة والتي يرتقي بها الأديب سلم القيم النقدية ليتربع في أول الطبقات المتانة والقوة والجزالة والقدرات البلاغية الفائقة، ونحن هنا، على الرغم من أننا نتناول نصاً غير شعري، فإننا سنتكيء على مفردات التناول النقدي الشعري، وقد تحدثنا في المقدمة عن هذه المشكلة المعرفية وسوغنا، ضمن شروط معينة أهمها المواءمة النقدية: الأستعانة بالنصّ النقدي الشعري للولوج إلى عوالم النصّ الروائي لأن محاذير ذلك قليلة جداً في مثل تناولنا للنص الذي بين أيدينا والذي تحققت فيه إمكانيات شعرية مناسبة.

    1- عنف محمول اللفظ:

    قد لا يكون اللفظ، منعزلاً عن سياقه، قادرا على أداء محمول فكري أو نفسي أو فني بالدرجة ذاتها التي يكون فيها قادراً وهو ينتمي إلى سياق أو إلى تركيب أو إلى جملة ولكن الرصيد اللغوي المفردي) الذي يلجأ إليه الكاتب المنتقي له دلالاته الأيديولوجية والاجتماعية والسيكلولوجية وهو الأهم فيما يتعلق ببحثنا هنا؛ فالألفاظ تفارق دلالاتها المعجمية الصرف بمجرد رسوها في عالم الروح والذهن لمستعمل اللغة، ثم تفارقها في مستوى ثانٍ عندما يقوم المتكلم باختيار ملفوظه الخاص الذي يجده مناسباً لحالته الفكرية والنفسية، ويصبغ هذه الملفوظات بسمته النفسية الداخلية، على الرغم من أن العملية اللغوية ما زالت في طورها الأول ولم تتحول إلى منطوق دلالي، للفظ في سياقه.

    واعتماداً على ما سبق سنتناول الدلالة العنيفة للفظ في هذه الرواية وسنصنفها وفق دلالاتها القيمية من سلب وإيجاب، وكل ما نقدمه هنا على سبيل التمثيل لا الحصر والإحاطة لأن متابعة الألفاظ جميعها على مساحة الرواية تحتاج إلى مجال أرحب وهو غير متيسر لنا.
    بملاحظة الجدول السابق وبمقارنة الكم الهائل من الدّلالات السلبية للعنف اللغوي اللفظي بالكمّ الأقل بنسبة واضحة للدلالات الإيجابية، نستطيع أن نتمثل التصور الإجمالي لمعنى العنف اللفظي وإن كانت هذه الدلالات قاصرة الأداء دون السياق العام ودون التركيب وهو ما سنمثل له في الفقرة القادمة عند دراسة العنف اللغوي للسياق وللتركيب.

    لقد سادت الدلالة النفسية إلى حدود المطلق على التعبير اللفظي السلبي للعنف وهذا ما يتسق ويتوازى مع الخط العام لتوجه الشخصية العدواني ومع العنف بالأصل الذي تميل رؤاه نحو السلبية ولكن الغريب أن نحصي عدداً هائلاً من هذه الألفاظ في رواية حبّ عنيفة إلى حدّ المجوسية ) والمفترض المتوقع والطبيعي أن تزخر عملية القص بالألفاظ المناسبة لموضوع الحبّ ولكن الانتباه إلى طبيعة هذا الحب يجعل الغرابة ضئيلة وقد يلغيها؛ فالحبّ المحروم لا بد له من أن يولد طاقة شعورية مشحونة بعنف السلب ناتجة عن الكبت القوي، صدم المشاعر ومنعها من الانعتاق إلى مطمحها، وبرصد أنواع الدلالة نجد نوعاً واحداً مسيطراً هو الدلالة السيكلوجية التي تحدد الشخصية نموذجاً سيكلوجياً غنياً.

    أما فيما يتعلق بالدّلالات الايجابية فنلاحظ أن الكمَّ أقل بكثير وان أنواع الدّلالات تعدّدت بين نفسية وحسية ونفسحسية وهذا التعدد والتنوع يشي بسيرورة طبيعية للجانب الإيجابي للشخصية ولرؤاها الإيجابية فعلى الرغم من ضآلتها وانحسارها أمام حسّ السّلب فإنها تعطي تصوراً معافي لرؤى الشخصية فيما يخص العالم والذوق والحياة، ونفترض أنه لو انتفى جانب الحرمان من الحبّ لامتثلت الشخصية لسيرورة طبيعية ولتماثلت إلى شفاء تام ولكن هذا ليس مطمح الرواية أو مرمى من مراميها الخطابية.

    عنف محمول التركيب والسياق

    ما نفهمه من نظرية الجرجاني المبدعة نظرية النظم) أن الأهمية القصوى يجب أن تولي للسياق والتركيب اللغوي المنظوم وفق علاقات لغوية خاصة تميز ناظماً مبدعاً عن غيره، ومن هنا تنشأ الدلالات وآفاقها وتتميز دلالة عن أخرى بمحمولها الفكري أو النفسي أو الاجتماعي إضافة إلى ذلك فإن تواشج العلاقات اللغوية الداخلية – علامة إبداعية دالة ولا يمكن أن تتماثل أو تتوازى هذه العلاقات لدى مبدعين اثنين مهما تقاربت قدراتهما الثقافية ومرجعيتهما الأيديولوجية لأن كل عنصر من عناصر التكوين الخاص لدى المبدع لايماثل أي عنصر لدى مبدع آخر فاللغة في أبسط تشبيه متناول بصمة مبدع على إبهامه) الثقافي والروحي والنفسي لذلك سنتكئ اتكاء قوياً على مقولة النظم للجرجاني لمقاربة الدلالات.

    يعتمد منيف في توالد اللغة على مجموعة من التقنيات «النظمية»إذا صحت التسمية وهي أساليب لغوية مطروقة في التقليد اللغوي العربي لكن النص يحاول تلوينها بملوناته التي تميزه، فلنلاحظ التنقل الحيويّ بين مقولات الاستفهام أو التقرير والنداء ثم العودة إلى الاستفهام. التقنية الأساس والتقنيات الأخرى تقنيات مساندة تقوم مقام الصُّوَى اللغوية التي تعبيء المناطق الخلالية في اللغة «أية حيرة يمكن أن تسيطر على إنسان ساعة الاحتضار؟ أي رعب أشد من لحظة الموت الكلي البطئ؟ كدت أهرب، كدت أصرخ… أيتها اللهفة هل أنت الحب؟»(19)

    وهذا العرض اللغوي يبعد السرد من المباشرة ويمنح التنقل الإخراجي للنص حركة انفعالية لا تتوفر للسرد التقليدي المباشر.

    ومظهر آخر من مظاهر التقنية الخاصة لإخبار اللغوي ضمن تراكيب متوازية زمناً وإيقاعاً تلاوياً.

    «الظلام يضغط على الحواس، فيجعل كل شيء غامضاً، الظلام أب كبير يعطف على الحزاني.. يمد راحته إلى الرؤوس يمسح عنها تعبها، حزنها،ويحفظ الأسرار… الأسرار الصغيرة التي لا تعني أكثر من اثنين»(20)

    ويجهد النص في سعي دائب لخلق جو نفسي خاص إيحائي حركي. وذلك باستخدام تقنية التكرار، ولكن دون الإساءة إلى النص لغوياً لأن الهم هو توليد الصور عبر هذه اللغة :

    «وأنا أغرق في أفكار متشائمة، تذكرت قصص العشاق الصغار الذين انتحروا… الذين شربوا السم… الذين علقوا أنفسهم بحبال على أشجار الزيتون وماتوا. الكتب القديمة تحكي عنهم، تحكي عنهم بأسى..»(21)

    وإذا رصدنا صورة من صور الحركة اللفظية التي تأتي عى شكل زوبعة) حركية متداخلة الزمن لتلغي البداية التقليدية والنهاية المنطقية لحركة الزمن،نخلص إلى أن الهدف الرئيسي للخطاب هو الاتكاء على اللغة لتكون عنصراً رئيسياً من عناصر الجذب الروائي لأن الحدث يتضاءل كثيراً أمام اللغة وهو حدث بسيط لا يلفت الانتباه ولا يستثير اللذة الأدبية الروائية المنشودة:

    «لم يعد ما ينزل من الغيوم الثقيلة المطر. كان الفرح الملون. شعرت بالأصوات المتداخلة حولي وكأنها الأناشيد تأتي من بعيد وفي لحظات أخرى شعرت بالكون وكأنه يد أم.

    وظللت أترك عيني تسافران… لكن ما تكاد تعودان لتستقرا في عينيها حتى أحس أني أولد من جديد، كانت نظراتها تعبر إلىَّ مخترقة الحزن والزجاج.كانت نظراتها عالماً طفلا يركض برعونه نحو الفرح والحزن معاً… آه يمكن أن تضحكوا. اضحكوا مثل بغال تفتح أفواها حتى النهاية لقد سقطت.»

    أولاً أهم ما نشير إليه كثرة الأفعال في النص القصير المقبوس وثانياً غلبة المضارع الحاضر في النص وهو سعي كما أشرنا سابقاً إلى الحركة الروائية التي توازي الحركة النفسية، ولكن هذه الحركة تنكسر بالتناوب بالماضي بحثاً عن التحريك والصدم أحياناً.

    التركيب السلبي
    نوع الدلالة
    التركيب الإيجابي
    نوع الدلالة

    – كانت الدماء والأفكار تنفجر
    نفسية
    الفرح الملون
    نفسية

    – متاهة البحث عن شيء لا وجود له
    نفسية
    شعر بالكون وكأنه يدأم.

    عناق الأمهات لأولادهن لحظات خشوع
    نفسية

    – ما أشد بؤس القلب
    نفسية
        
    – كيف تتحول إلى عويل
    نفسية
    – وفي لحظة مليئة بالعذوبة بدا لي كل شيء قريباً، ناعماً، جارحاً..
    نفسية

    – كنت أريد أن افنى وأن أذوب
    نفسية
        
    – لاغتال الضجر
    نفسية
        
    – كانت بائسة ومهينة
    نفسية
    كانت نظراتها حنونة وعابثة
    نفسية

    – كانت مسعورة لدرجة لم احتملها
    نفسية
        
    – في تلك الحالة من اللا جدوى
    نفسية
    شعرت برغبة الحياة تتدفق في جسدي
    نفسية

    – بدأت حياتي تتفتت ثم تتدمر و أصبحت ملعوناً
    نفسية
        
    – تصورت البلاهة التي تنزف من وجهي
    نفسية
        

    وقد اقتصرنا في هذه القائمة على أمثلة يسيرة من التركيبات اللغوية التي تندرج تحت عنواننا العنف، ونرى أنها تفي بالغرض لتوضح ما نرمي إليه من رؤى وعناصر تكوينية للغة الروائية. وتهدف هذه اللغة إلى خلق حالة الادهاش الشعوري التي تحدثنا عنها سابقاً.

    وأهم من ذلك كلّه أنَّ مطمحنا كان أن نتابع اللغة الروائية بكل تقنياتها وتفصيلاتها لو أن طبيعة البحث تسمح بذلك .

    وللخلوص إلى نهاية حديثنا عن رواية قصة حبّ مجوسيّة لابدّ من التأكيد والاصرار على ضرورة تناول النص الأدبي من أيّ جنس أدبي تناولاً يدخل إلى بنيته الخطابية والنصيّة، دون اللجوء إلى المخادعة النقدية والمواربة أو محاولة المتن الخارجي الرفيق لمقولات الخطاب الروائي والتعامل معه على أنه حالة غريبة أو خارج المقاربة النقديّة والتهويم خارج حدود النص والإيحاء بالدخول إلى عوالمه.

    واعتماداً على ذلك فإن نص منيف قصة حبّ مجوسيّة يحتاج منّا تعميقاً أكثر مما قدمناه لتناول البنيتين اللغوية و الدلالية

    ___________________________________

    من رام ان يسمو..اجتهد
    وعلى المطالعة اعتمد
    ذاكر وثابر يا فتى
    من يزرع الاغلى حصد
    أما النجاح فشرطه ..
    من جد – سباقا – وجد

    #332562
    فتى سمائل
    مشارك

    هذه مشاركه جيده وفي مكانها الصحيح .

    ليس بعاقل من لا يحبك ياسمائل
    تسكنين الروح وتعانقين الوجدان
    وتحكمين على القلوب يا مليكة القلوب

مشاهدة مشاركاتين - 1 إلى 2 (من مجموع 2)
  • يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.

يستخدم موقع مجالسنا ملفات تعريف الارتباط الكوكيز لتحسين تجربتك في التصفح. سنفترض أنك موافق على هذا الإجراء، وفي حالة إنك لا ترغب في الوصول إلى تلك البيانات ، يمكنك إلغاء الاشتراك وترك الموقع فوراً . موافق إقرأ المزيد