الرئيسية منتديات مجلس القصص والروايات انطلاقة اللغة العربية

مشاهدة مشاركة واحدة (من مجموع 1)
  • الكاتب
    المشاركات
  • #5762
    فتى قريات
    مشارك


    يدعى أعداء أمتنا العربية الإسلامية أن اللغة العربية عاجزة عن استيعاب العلوم الحديثـة، ويذهب بعضهم إلى القول بأن الإسلام كان ومازال مضطهدا الفلسفة والعلم، وأنه جعل من دون الحرية الفكرية سدا في كل بلد احتله، بل لقد دفعهم الحقد الأعمى إلى ترديد ما أقرته التعليمات المريضة من أن اليونان والرومان هم مصادر الثقافة العالمية، وأن العرب بفطرتهم أعجز عن العلم، وأبعد عن التمدن ، قول لا يردده إلا الحاقدون، هذا القول حين يصدر عن أعداء الإسلام لا يضيرنا لأن مبعثه معروف فلا يرجى من عدو العقيدة أن يقر بفضل العرب على الثقافة أو يعترف بفضلهم وبصنيعهم في وضع البذور الأولى للحضارة في ربوع الأرض، لكن المؤلم حقا أن نجد لهذه الدعاوى الباطلة من يؤيدها بحماسة غريبة من بعض الأخوة في الدين واللغة .

    إن هناك فريقاً من صفوة العلماء الأوربيين تحرروا من حكم الهوى، وتحللوا من قيود الغرض،فأقروا بالحق، وأعادوا الفضل إلى أهله، وسوف تظل كلماتهم لمسات من الضوء في ضباب العنصرية الكثيف .

    يقول (Hearnshow) لقد خرج الصليبيون من ديارهم لقتال المسلمين، فإذا بهم جلوس عند أقدامهم يأخذون عنهم أفانين العلم والمعرفة، لقد بُهت الأوربيون أشباه الهمج عندما رأوا حضارة المسلمين التي رجحت حضارتهم رجحانا لا تصح معه المقارنة بينهما
    1

    ويقول (Philip Hiti) إن العهد العباسي ليزهو باليقظة الفكرية التي تمت فيه، وقد كانت هذه اليقظة ذات أثر واضح في الحركات الفكرية والثقافية في العالم، وكانت تعتمد إلى حد بعيد على الثقافات الأجنبية، وبخاصة الفارسية والهنديـة واليونانية، وكان المسلم العربي حاذقا ذكيا شغوفا بالاطلاع، راغبا في الاستفادة والتزود من هذا الزاد الفكري الرفيع، ومن أجل هذا كانت استفادته شاملة وانتفاعه واضحا ويقول: وينبغي ألا نبالغ في فضل اليونان على المسلمين، إذ إن الثقافة اليونانية استمدت قبلا عناصرها ومقوماتها من معارف مصر القديمة، وبابل، وفينيقية، ثم عادت هذه المعارف إلى العالم الإسلامي، وهى في ثوب يوناني، وعن طريق أسبانيا وصقلية عبرت هذه العلوم إلى أوربا مرة أخرى، هدية من الشرق الإسلامي- إبان العصور الوسطى.
    2

    ويقول المفكر الإنجليزي (جورج سارتون): لقد حقق العرب عباقرة الشرق أعظم المآثر في القرون الوسطى، فكتبوا أعظم المؤلفات قيمة، وأكثرها نفعاً، باللغة العربية التي كانت في منتصف القرن الثامن حتى نهاية القرن الحادي عشر لغة العلم الراقي عند الجنس البشرى كله، حتى كان من الضرورة لأي فرد إذا أراد أن يلم بثقافة العصر أن يتعلم اللغة العربية، ولقد فعل ذلك كثيرون من غير الناطقين بها(2).
    3

    وهذا مادفع العالم (ليبري) إلى القول: لقد لمع العرب في كل الميادين العلمية، وفي الوقت الذي كان فيه الشعراء والأدباء، والفقهاء يقومون بأدوارهم في نهضة العرب الروحية والنفسـية والخلقيــة، كان العلماء في كل الميادين يقومون بقسطهم في البحث والنقل والتجويد، لم يدعوا بابا إلا طرقوه
    4

    ويقول (كارنبكس): إن الخدمات التي أداها العرب للعلوم غير مقدرة حق قدرها من المؤرخين، وإن البحوث الحديثة قد دلت على عِظَم دَيْننا للعلماء المسلمين الذين نشروا نور العلم حينما كانت أوربا غارقة في ظلمات القرون الوسطى، وإن العرب لم يقتصروا على نقل علوم الإغريق، بل زادوا عليها، وقاموا بإضافات مهمة في ميادين مختلفة
    5

    هذا هو مستوى العلماء العرب كما أوردته شهادات التقدير والاعتراف بالفضل الذي يعتز به كل عربي مسلم، فلا وجه للمقارنة بين مالدى العلماء الأوربيين وما لدى علماء العرب والمسلمين، وكيف تكون المقارنة بين من يعطي فنون المعرفة ومن يأخذها، ثم إن الثقافة اليونانية منقولة عن الفراعنة والبابليين والفينيقيين، وهم من الأصول التي ينتمي إليها العرب والمسلمون، فإذا عاد اليونانيون بها اليوم إلى العرب فإنهم أعادوا مما أخذوه بالأمس، لذلك فإن دَيْن العرب والمسلمين على الأوربيين كبير، وإنه من الضروري لأي فرد يريد أن يلمّ بثقافة عصره (يريد في القــرون الوسطى) أن يتعلم العربية، ذلك أن نهضة العرب لم تقتصر على مجال واحد، وإنما كانت شاملة ومتكاملة، روحية ونفسية وخلقية وعلمية.

    لقد نشأت في أوربا حركة واسعة النطاق لنقل أهم المؤلفات العربية إلى اللغة اللاتينية، وكان من أشهر من قاموا بهذه الحركة ريموند (Raymond) الذي كان مطرانا لطليطلة من عام 1130 إلى عام 1150م فقد أسس جمعية لنقل أهم كتب الفلسفة والكتب العلمية العربية إلى اللغة اللاتينية.

    ولما جاء فردريك الثانى عام 1215م، واتصل بالمسلمين في صقلية، اقتبس كثيرا من آرائهم ومعتقداتهم، وقد وصفه المؤرخون بأنه كان معجبا بفلاسفة المسلمـين، وكان يعرف اللغة العربية، ويستطيع أن يقرأ بها الكتب العربية ومصادرها، وبفضل فردريك ذهب “ميكائيل سكوت” إلى طليطلة وترجم مشروع ابن رشد على أرسطو، وفي القرن الثالث عشر كانت كتب ابن رشد جميعها تقريباً قد ترجمت إلى اللاتينية، وكانت أهم مراكز لتعاليم ابن رشد في جامعة بولونيا وجامعة بادوا (Padua).

    لقد ظلت اللغة العربية لغة العلم والمعرفة في جميع ميادين الحياة الإنسانية في الفلك والطب والزراعة والصناعة والكيمياء والحساب والجبر طيلة خمسة قرون أو يزيد، كانت خلالها سيدة لغات العالم دون منازع.

    فهل توصف لغة هذا شأنها بأنها عاجزة أو قاصرة ؟

    إن الذين تجنوا على الإسلام، ووصفوه بأنه دين يعارض التطور العلمي، يصمون أنفسهم بالجهل، ونحن نقول لهم: لم تعرف الإنسانية دينا سماوياً أو أمة من الأمم، أو منظمة من المنظمات الدولية دعت إلى العلم وتابعت تنفيذ ما دعت إليه، ورغّبت من ينتمي إليها في طلبه من أي مكان وفي أي زمان، وأصرت على استمراره ما بقيت الحياة، سوى الإسلام، فالدعوة إلى العلم وطلبه وتعليم الناس كان الأمر الأول من اللـه تعالى إلى نبيه في أول آيات القرآن الكريم التي نزلت على سيدنا رسول اللـه صلى اللـه عليه وسلم: أقرأ باسم ربك الذي خلق(1) خلق الإنسن من علق(2) أقرأ وربك الأكرم(3) الذى علم بالقلم(4) علم الإنسن مالم يعلم(صدق الله العظيم).

    كما أن كثيرا من آيات القرآن الكريم تدعو إلى طلب العلم وترفع أقدار العلماء إلى أسمى الدرجات، قال تعالى: يرفع الله الذين ءامنوا منكم والذين أوتوا العلم درجت والله بما تعملون خبير(11).(صدق الله العظيم).

    قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لايعلمون. (صدق الله العظيم).

    إنما يخشى الله من عباده العلمؤا. (صدق الله العظيم).

    وفي الهدي النبوي الشريف تكريم لطالبه أي تكريم

    يقول الرسول الأمين صلى اللـه عليه وسلم: (من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل اللـه له طريقاً إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم، وإن طالب العلم يستغفر له من في السموات والأرض، حتى الحيتان في الماء، وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، إن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولادرهماً، إنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر) “حديث صحيح”.

    – إن الإيمان المبنى على التقليد مرفوض في الإسلام، لأن الإيمان عقيدة، ولا تقبل إلا عن طريق الاقتناع، وسبيل الاقتناع هو العلم المبنى على النظر، والتأمل، وإعمال الفكر، وليس العلم الذي يكتسبه الفرد مستمعا أوقارئا، بل هو استطلاع ما في الكون من آيات قدرة اللـه، ودلائل عظمته التي لا يمكن أن تصدر إلا عن طريق الخلاق العظيم، عن طريق الوقوف عند أعظم ما خلق اللـه في السماء والأرض وما بينهما، وما أبدع فيهما، والوقوف عند أدق مخلوقاته، وعن طريق الوقوف بالعقل والوجدان عند دورة الحياة للخلق، والحركة الدائبة في الليل والنهار، والشمس والقمر، والنجوم، في البر والبحر، هذه الحركة المنتظمة الدقيقة، الوقوف المتأمل المتبصر في الكون والحياة، ثم العودة إلى القرآن الكريم ليتدبر المرء قول الحق تبارك وتعالى:

    والشمس تجرى لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم(38) والقمر قدرنه منازل حتى عاد كالعرجون القديم(39) لاالشمس ينبغى أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون(40). (صدق الله العظيم).

    والله الذي أرسل الريح فتثير سحاباً فسقنه إلى بلد ميت فأحيينا به الأرض بعد موتها كذلك النشور(9). (صدق الله العظيم).

    كثيرة تلك الآيات الكريمة التي تصور حركة الحياة ودورانها وتجددها في كل شيء دون توقف، هذه الصنعة من يدبرها ويسخرها وينظمها ويحقق لها التوازن ؟ ثم هي جميعاً تلتقي في موكب التسبيح لله سبحانه وتعالى.

    أما اللغة العربية فهي لغة القرآن الكريم، وما من مجتمع على وجه الأرض قدر له أن يفتح أبوابه لدعوة الإسلام إلا أحس من آمن من أبنائه بحاجته إلى تعلم اللغة العربية لتكون له عوناً على قراءة القرآن وفهمه والتعبد به فعكف المسلمون من كل جنس ولون على اللغة العربية يتعلمونها ليتفقهوا في الدين الإسلامي، ولقد جعل اللـه تعالى للنسيج اللغوي العربي خصوصية لا يمكن أن يحسها المرء في غير اللغة العربية، جمالا، وبياناً وإيقاعــا، لذلك لم يكن للترجمة أن تؤدي جزءا مما امتاز به النسق اللغوي القرآني من جمال، فجانب التأثير القرآني لا يتحقق بغير اللغة العربية.

    حقائق لا سبيل إلى إنكارها:

    أن اللـغة التي اختارها اللـه تعالى لتكون لغة القرآن الكريم، ولسان رسالة الإسلام خاتم الأديان، الصالح لكل زمان ولكل مكان، لا يمكن أن توصف بالعجز أو القصور إذ إن المفروض فيها وهي تصاحب رحلة الإسلام عبر كل زمان وكل مكان أن تستجيب لكل جديد يطرق أبــواب الحيـاة، وتستوعب كل متغير يصيب المجتمعات، ويحل ما تواجهه من مشكلات، فلا يعقل أن توصف بالعجز، ولا يعقل أن يختار اللـه تعالى لغة قاصرة ضعيفة، وإذا كان هنـاك من عيب فهو فينا نحن، وليس في اللغة، فلنعد إلى أنفسنا لنرى ماذا فعلنا ؟ وماذا ينبغي أن نفعل؟
    1

    أن اللغة التي ظلت صامدة قوية متماسكة طوال أربعة عشر قرنا لا توصف بعجز أو قصور، لقد حاولت لغات كثيرة أن تزحزحها من مقامها لتحل محلها، أو تقضى عليها، ليخلو لها مسرح الحياة، فلم تفلح، كان ذلك واضحاً أمام اللغات اليونانية والرومانية والإنجليزية والتركية، تلك اللغات التي كانت تمثل القوة في أزمنتها، وصمدت اللغة العربية مع أنها لغة الأمة المغلوبة، وغيرها كان لغة الغالبين، وما أن رحلت القوة المسيطرة حتى تبعتها لغتها، وعادت اللغة العربية لتحتل مكانها على ألسنة أبنائها، وفي نشاطهم اليومي في جميع مؤسسات المجتمع.؟
    2

    أن اللغة التي ظلت أكثر من خمسة قرون لغة العلم والمعرفة في جميع ميادين النشاط الإنساني، وكانت معاهدها ومدارسها ومكتباتها تملأ عواصم العالم الإسلامي، تستقبل الوافدين إليها من مختلف بلاد أوربا، يتعلمونها أو ينقلون عنها ما زخرت به موسوعاتها من علوم وفنون وآداب ليبدءوا بفضلها رحلة الحضارة في أوربا الحديثة، وكان لتفاعل الدارسين مع اللغة العربية أن ظهرت في لغاتهم مئات من مفردات اللغة العربية، مثل هذه اللغة لا يمكن أن توصف بأنها عاجزة عن مسايرة التطور العلمي المعاصر.؟
    3

    ذكر الدكتور كارم السيد غنيم في دراسته القيمة (اللغة العربية والنهضة العلمية المنشودة في عالمنا الإسلامي) أن هناك شبه إجماع على ثلاث نقاط:؟
    4

    أن العربية قادرة على استيعاب العلوم، وأنه لا يمكن لأي مجتمع أن ينهض، ويتحضر إلا من خلال لغته، ومن ثم لن ينهض العرب إلا بواسطة لغتهم العربية.؟

    أن معرفة أكثر المشتغلين بالعلوم للغة الإنجليزية لا ترقى إلى مستوى معرفة أهلها أنفسهم، فهــم يستخدمون لغة لا يحسنونها، ويهملون لغتهم التي يمكن أن يحققوا بها مستوى أداء أفضل، فيزدادون ضعفا على ضعف.؟

    أن مستوى استيعاب الطلاب في الكليات العلمية لما يتلقونه بالإنجليزية ضعيف، وهو أضعف قطعاً مما لو تلقوا موادهم بالعربية على أيدي أساتذة يحسنونها.؟

    لقد كانت الدعوة إلى العلم قبل الدعوة إلى إبلاغ رسالة الإسلام، فقد نزل قوله تعالى: “اقرأ باسم ربك الذي خلق”. في أول لقاء بين وحى اللـه تعالى وسيدنا رسول اللـه صلى اللـه عليه وسلم .؟

    ثم نزل قوله تعالى: يأيها المدثر قم فأنذر. ثم توالت آيات القرآن الكريم داعية إلى طلب العلم، مرغبة في الاستزادة منه مبينة فضل العالم ومنازل العلمـاء، وأدرك المسلمون أن هناك دواعي قوية وراء هذا النــداء القرآني لطالب العلم، منها:؟

    أن الإسلام لا يقبل إيمان المقلد، فدعا القرآن الكريم إلى طلب العلم حتى يعرف المسلـم ربه عن طريق معرفته لخلقه، وأن يصل إلى رب العالم عن طريق هذا العالم، ولقد سلك القرآن الكريم في الدعوة إلى الإيمان مسلكا خاصا فهو يوجه المسلم إلى أن ينظر ويتأمل ويفكر ليتبين من كل شيء دلائل وحدانية اللـه تعالى، وآيات عظمته وقدرته، لم ينهج الإسلام نهج الفلاســفة في دوران العقل حول نفسه ليستنبط نظريات مجردة ويستنطق مقدمات ونتائج محددة، وإنما طلب القرآن أن تمتزج نفس المؤمن بالعالم ليصل إلى اللـه تعالى عن طريق هذا العالم، وهذه طريق شاقة لا يمكن لأي فرد أن يبلغها بإمكانات محدودة، لقد جمعت الرؤية بين قلب المؤمن وعقله، وما كان لها أن تتم إلا بهما.؟
    1

    أن هذه الأفواج التي دخلت الإسلام وتطلعت إلى تعميق صلتها بالقرآن لابد لها من معرفة اللغة العربية لأنها:؟
    2

    سبيل الاتصال بكتاب اللـه تعالى للتعبد بآياته. ؟

    سبيل تدبر آياته وفهم معانية وتعرف قيمه وغاياته، هؤلاء القوم الذين كانوا بالأمس يتميزون بالخشونة والقسوة وإثارة الحروب الطاحنة دون مبرر معقول، يحملون عبء أعظم دعوة عرفها تاريخ الإنسانية بالسماحة واللين والنبل والإيثار والكلمة الطيبة، لقد آتاهم اللـه الحكمة، ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً، إن الإسلام رسالة التوحيد ورسالة العلم ورسالة الخلق.؟

    أن غايات الفتح لم تكن الاستيلاء على الأرض، أو فرض سيطرة على شعب، أو استغلال خيرات مجتمع، وإنما كانت فتوحات قيم ومبادئ، وإصلاح، وإرساء لقواعد العدل والحق والسلام في ربوع الأرض، لقد غزا الإسلام العقول والقلوب قبل أن يغزو الممالك، فكان لابد لغذاء العقول والقلوب التي تفتحت لدعوة الإسلام، لابد من غذائها بألوان العلم والمعرفة في ظل الحرية التي منحها الإسلام كل من استظل بظله مسلماً كان أم غير مسلم، لقد جاء الإسلام ليوجه الحياة إلى سبيل الخير والتعمير، ولتحقيق هذه الغاية اتجهت عزائم الفاتحين في طريقين.؟
    3

    الأولى- حركة الترجمة:

    لما كانت غاية الإسلام توجيه العالم إلى سبيل الارتقاء، فقد انطلق أبناؤه إلى كل تراث يمكن أن يكون إحدى دعائم التطور المعرفي لخدمة المجتمعات في ظل الإسلام، وقد تبنى الخلفاء المسلمون هذا التوجه باستدعاء العارفين باللغات القديمة، القادرين على نقل كنوز المعرفة من اليونانية والرومانية والهندية والفارسية إلى اللغة العربية، لم يفرقوا بين جنس أو دين، ولكنهم تعقبوا رجال الفكر والعلم باللغات التي ضمت خزائنها شيئا من التراث الإنساني، وقد بنى المأمون دار الحكمة فكانت مجمعا علميا، ومرصدا فلكيا، ومكتبة عامة، يأوي إليها كل طالب للمعرفة، وقسمت إلى مجالس للمترجمين بحسب لغاتهم، وتوافرت لهم مطالب الكتابة وأجريت عليهم الأرزاق، كما كانت منتدى للعلماء في مختلف العلوم والفنون، في الطب والفلك والجغرافيا والحساب والكيمياء، بالإضافة إلى الفلسفة وعلوم اللغة وعلوم الدين، ولم يكد القرن التاسع الميلادي يشرف على نهايته حتى كان المسلمون قد ترجموا إلى اللغة العربية معظم ما خلفته جهود العلماء والحضارات القديمة.

    وانتشرت الترجمة في جميع الأمصار الإسلامية ليس على مستوى الأمراء والحكام فحسب، بل على مستوى الأثرياء من الأفراد كذلك.

    لم يكن المسلمون نَقَلة كما يزعم المتعصبون من الفرنج، وإنما كانوا في بحثهم عن المعرفة، وسعيهم وراء التراث الحضاري ذوي نظرات متأملة، وأفكار متعمقة، لم يتركوا شيئا من ذلك الــتراث إلا تناولوه بالنظر والتحليل والتقويم، فخلصوا العلوم من الأوهام والخرافـات، ونقوها من الأهواء، ووضعوها في منظومة علمية كبرى بلغت ثلاثمائة علم، كما أحصاها (طاشكيري زادة) في كتابه (مفتاح السعادة).

    لقد كانت الثقافة الإسلامية نتيجة العقيدة الإسلامية، فإن هي اتجهت إلى الاستعانة بالعلوم اليونانية أو الثقافة الفارسية أو الهندية فلأن الدين حملها على ذلك، وطلب منها أن تطلب العلم حيث كان، ومن أي كائن كان، لقد بذر الإسلام في نفوسهم بذوراً تأصلت فيهم، فكانوا إذا اقتبسوا من أي ثقافة لم يكونـوا مقلديـن فقط، بل كانوا دائما يعملون العقل فيما نقلوا، ويحكمون العقيدة فيما قرءوا، فإذا نظرنا إلى كتب الفارابي وابن سينا وابن رشد، رأيناهم ينقدون ويزيدون، ويمدون كل شيء أخذوه بروح من عندهم، فكان لثقافتهم طابع خاص، وسمة تعرف بها.

    لقد أصبح العقل العربي في العصر العباسي عقلاً متفلسفا، كما أصبح عقلا علمياً، لامن حيث فهمه وفقهه بعلوم الأوائل، بل أيضا من حيث إسهامه فيها وإضافاته الجديدة، حتى ليضيف علوما لأول مرة في تاريخ الحضارة الإنسانية، على نحو ما أضاف الخوارزمي في علم الجبر، وكان هذا العقل قد أظهر نضجه العلمي، وإحكامه لوضع العلوم منذ القرن الثاني الهجري.

    الثانية، حركة التأليف:

    بعد أن درس العلماء المسلمون ما نقلته حركة الترجمة من مختلف العلوم إلى اللغة العربية، وبعد عكوف كثير من المسلمين من غير العرب على تعلم اللغة العربية وإجادتها، وبعد التطور العلمي الذي انتشر في جميع العواصم العربية والإسلامية، اتسعت صدور العلماء وعقولهم لكثير من العلوم والمعارف، فبدأت حركة التأليف بجد ونشاط ورغبة، لا تقل عن حركة الترجمة، بل زادت عليها، وقد اتضحت من متابعة النشاط العلمي الدلالات الآتية:؟

    تناول المؤلفات القديمة بالشرح والتفسير والاختصار والتقويم في ضوء العقل والمنطق من ناحية، وفي ضوء قيم الإسلام وهدي القرآن الكريم والحديث الشريف من ناحية أخرى.؟

    الانطلاق في مجال التأليف في مختلف العلوم والفنون سواء في المجالات المألوفة لدى الباحثين والعلماء أم في مجالات جديدة لم تطرق من قبل.

    الاتـجاه نحو العلم التطبيقي والتجريب الذي كان من ثمراته فتح آفاق جديدة أمام العلماء، فتعددت فروع العلم والمعرفة، فظهر الرواد المسلمون في جميع المجالات، ولمعت أسماء العباقرة العرب الذين طبقت شهرتهم الآفاق، ونبغ في كل فن وعلم عشرات الأفذاذ من أبناء الأمة، وانتقلت كتبهم وبحوثهم إلى اللغة اللاتينية، وظلت أكثر من ستة قرون منارات يهتدي بها السائرون في دروب المعرفة، فهل كان ذلك لأنهم نقلوا عن القدامى من اليونان والروم ؟ ولماذا لم يأخذ هؤلاء تراث أجدادهم ويبنوا به حضارتهم الحديثة ؟ لو كان قصارى ما فعله المسلمون هو النقل لما كان لهم بذلك هذا الثقل التاريخي، ولكنهم درسوا وأنشؤا وابتكروا وبثوا من روحهم المبدعة، لقد بدأ علماء أوربا يبحثون نواحي تأثير الثقافة الإسلامية في الثقافة الأوربيــة وكان آخر ما أظهروا في هذا الباب، كما ذكر الأستاذ أحمد أمين، كتاب ما خلفه الإسلام( Legacy Of Islam ) تناول فيه كاتبه أثر الثقافة الإسلامية في الجغرافيا والتجارة وفي القانون والاجتماع والفن والعمارة والزراعة وفي الأدب والتصوف وفي الفلسفة وفي الطب والعلوم والرياضيات وهذا البحث وإن كان آخر ما ألفوا، لكنه أول ما اكتشفوا من طريق يشرف على آثار قيمة ضخمة لا تزال تنتظر مكتشفين أبعد مدى، وأقوى على تحمل مشاق الطريق.؟

    ويتساءل الأستاذ أحمد أمين:؟

    هل كان العالم يستطيع أن يقف على درجة السلم التي يقف عليها الآن لو لم تكن مدنية الإسلام؟

    هل كانت النهضة الأوربية الحديثة تحدث في الزمن الذي حدثت فيه لو لم ترتكز على المدنية الإسلامية؟ وماذا يقول المنكرون في هذه العلوم الغريبة التي أنشأها العرب والمسلمون حول دينهم من تفسير القرآن الكريم والحديث الشريف والفقه والأصول، وما وضعوه من علوم النحو والصرف والبلاغة والأدب؟ ساروا به على منهج خاص ليس لدى اليونان ولا غيرهم علم به، لقد نظم الأوربيون حركة للترجمة استهدفت نقل العلوم العربية إلى اللاتينية وشيدوا مدارس للترجمة على نحو ما ذكرنا قبل ذلك.؟

    لقد قدم المسلمون هذا الحشد العظيم من العلوم والمعارف ما كان لأمة أن تقدم مثله في أضعاف الزمن الذي استغرقه الرواد في تأليف هذه الأعمال، فما سر ذلك؟

    لقد عشقوا اللغة العربية حتى امتزجت بوجودهم وصارت جزءاً من كيانهم لكونهـا لغــة القرآن، وسبيل صلتهم بـه، وفهم آياته وأداة ارتباطهم بعلوم الدين، فالداعي إلى حب اللغة هو العقيدة، ولو كان الهدف غير ذلك، لم يكن بمقدور أحد أن يبدع فيها وعن طريقها، بدليل أن كثيراً من غير المسلمين كانــوا يحفظون القرآن ليستفيدوا من أسلوبه، ويتعلموا منهجه في التأثير والإقناع.؟
    1

    إن أعظم ما يتميز به العالِم هو الاعتراف بعجزه وجهله أمام أسرار العلم التي أودعها اللـه تعالى هذا الكون ولذلك كان تواضع العلماء ورغبة الاستزادة التي ملكت عليهم أنفسهم، وإلا فهل يعقل أن تبلغ تصانيف بعض المؤلفين بضع مئات من الكتب والشروح والرسائل، وإن من المؤلفات ما يقع في عشرات المجلدات، فلأبي عبيدة مائتان، ولابن حزم أربعمائة، وللقاضي الفاضل مائة، وجاء في فتح الطيب أن مؤلفات عبدالملك بن حبيب عالم الأندلس قد زادت على سبعمائة، وأن ابن النفيس قد أعد العدة لوضع موسوعة في مائتي مجلد، فلم ينجز منها سوى ثمانين وأدركته منيته، لذلك لا نرى كبير مبالغة إذا علمنا أن بعــض المكتبات التي اقتناها محبو العلم من الخلفاء والأمراء زادت على المليون مجلد، على أن توالي المحن لم يترك للعصر الحديث من هذه الكنوز سوى ثلاثين ألفا.؟
    2

    لقد أخلصوا للعلم فوهب اللـه لهم ما هو فوق العلم، لقد آتاهم اللـه الحكمة التي تميزوا بها عن غيرهم من العلماء فرأوا مالم يره غيرهم، وبلغوا ما قصر دونه سواهم، لقد رأوا هذا الكون ببصائرهم فاتحدوا بأسراره، وامتزجوا بأعماقه وخرجوا على العالم بما لم يألفه من قبل، فمن كان يظن أن عمر بن الخطاب الذي عاش في الصحراء لم ينل من العلم إلا النذر اليسير، تصدر عن عبقريته ما يسوس دولا ضربت في أعماق الحضارة وهو البدوي الذي عاش في مكة يدبر أمور دولة امتدت لتنتظم أعظم دول العالم القديم الفرس والروم، ومن كان يظن أن خالد بن الوليد يذهل العالم في عصره بفنون الحرب، إنها رؤية البصيرة التي بلغت حد الإلهام من اللـه تعالى.؟
    3

    بهذه الدفعة الإيمانية العريقة يهتف القائد العربي: واللـه لو أعلم أن وراء هذا البحر يابساً لخضته في سبيل اللـه، وبهذه القوة الإيمانية يهتف الشاعر العربي مصورا دهشة الفرنج حين وثب طارق بن زياد من على ظهر السفينة فوق الجزيرة الخضراء.؟

    ويسـائلون بك الــبروق لوامعـاً
    من علّم البدوي نســــج شراعهـا
    أين القفار من البحـار، وأيــــن من
    يا ابن القباب الحمر ويحك من رمـــى
    تغزو بعينيك الفضـــاء وخلفـــه
    ووقفت والفتيــان حولك وانـــبرت
    هذى الجزيزة إن جهلتم أمرهـــا
    البحر خلفي والعدو إزائـــيى
    وتلفتوا فـإذا الخضم سحابــــة
    قد أحرق الربـــان كــل سفينة
    وأتى النهــار، وسارفيــه طارق
    والموج في الإزبــاد والإرغاء
    وهــداه للإبحـــار والإرســاء
    جـن الجبـــال عرائس الدأمــاء
    بك فوق هـــذي اللجــة الزرقــاء
    أفـق من الأحــــلام والأضــواء
    لك صيحة مرهوبـــة الأصــــداء
    أنتم بها رهـــط من الغربــــاء
    ضاع الطريق إلى السفــين ورائــي
    حمراء مطبقـــة على الأرجــــاء
    من خلفـــه إلاشــراع رجـــاء
    يبني لملك الشــــرق أي بنـــــاء

    ——————————————————————————–

    شغف المسلمين بالعلم

    لقد شغف المسلمون بالعلم حتى أصبح طلبه جزءا من كيانهم، والاستزادة منه ضرورة حياة لهم، فكان فريق منهم يقومون عائدهم اليومي من الحياة على قدر ما حصلوا من معارف، وكان بعضهم يقضي في المكتبة في داره طول يومه وجزءا كبيراً من ليله، ويحدثنا التاريخ عن استئجار بعض العلماء المكتبات من أصحابها ليقضي فيها أياماً يقرأ مالم يتيسر له من كتب في بعض المواد، وكان يجتهد في أن ينجز ما يريد في الفترة المحددة، وبالمبلغ الذي دفعه مقابل إقامته في المكتبة، كما يحدثنا التاريخ أنه لما أذيعت عمليات إحراق كتب الــتراث علـى أيدي الغزاة من المغول والصليبيين والفرنج في الأندلس، كان العالم حين يبيت النية على الفرار من القتل يحرص على حمل ما استطاع حمله من كتب كحرصه على أخذ نفائس ما اقتناه من حلي ومجوهـرات، وبمثل حرصه على شرفه وعرضه، بل إن هناك حكايات تروى من مصادر مختلفة تعد من قبيل الغرائب أو العجائب.

    حكى ابن بطلان عن شيخه أبي الفرج الطيب قال: بقيت عشرين عاما في تفسير مـا بعد الطبيعة، أحد مؤلفات أرسطو، وحكى ابن سينا نفسه قال: قرأت ما بعد الطبيعة، فما كنت أفهم ما فيه، والتبس علي غرض واضعه، حتى أعدت قراءته أربعين مرة، وصار لي محفوظاً، وأنا مع ذلك لا أفهمه، ولا المقصود به، ويئست من نفسي، وإذا أنا في يوم من الأيام حضرت وقت العصر في الوراقين، وبيد دلاّل مـجلد ينادي عليه، فعرضه علي، فرددته ردّ متبرم، معتقداً أنه لا فائدة من هذا العلم (يعني ما بعد الطبيعة)، فقال لي: اشتر مني هذا فإنه رخيص، أبيعكه بثلاثة دراهم، وصاحبه محتاج إلى ثمنه، فاشتريته، فإذا هو كتاب لأبي الفارابي في أغراض كتاب ما بعد الطبيعة، فرجعت إلى بيتي، وأسرعت في قراءته فانفتح علي في الوقت نفسه أغراض ذلك الكتاب بسبب أنه قد صار محفوظاً لي عن ظهر قلب، وفرحت بذلك، وتصدقت ثاني يوم بشيء كبير على الفقراء شكرا للـه تعالى.

    لقـد كانت هذه الرغبة صورة مصغرة لرغبات الأمراء ووجهاء المجتمع في العلم، لقد كاد بيت المال أيام المأمون تنفذ خزائنه من كثرة ما كان يدفع أجراً للمترجمين، فقد روي أن جبريل بن بختيشوع طبيب هارون الرشيد والبرامكة والمأمون قد جمع ثروة تقدر بـ ثمانية وثمانين مليوناً وثمانمائة ألف درهم أي نحو 7104000 سبعة ملايين ومائة وأربعة آلاف دولار، أما حنين بن إسحاق فقد كان يتقاضى وزن ما يترجم ذهباً، ولما كان الرجل نحيلاً وحريصاً على نمو ثروته، فقد كان يكتب بخط كبير الحجم، كما كان يكتب على لوحات ثقيلة، ولا غرابة في هذا المسلك فيما وصلت إليه أمة الإسلام في ذلك العصر من عز ومجد حضاري وثقافي واجتماعي كان نتاجاً طبيعياً لحصيلة العلم والرغبة في المعرفة، ويكفي دلالة على ذلك أن المسلمين قد حصلوا منــذ بداية القرن الثالث للهجرة مالم يصل إلى بلاد الفرنج إلا بعد أربعمائة عام (1)فما الذي غرس في المسلمين هذه الرغبة، وملأ نفوسهم بالشغف بالكتب؟

    أورد الدكتور محمد الصادق عفيفي أن البروفسور “هوكينج” العالم المتعصب الذي لم يشأ أن يخفي حقده يقول:؟

    إن الشغف بالعلم والتعطش الدائم لارتياد مناهله، صفات امتاز بها العرب، وهي التي تمد عبقريتهم بالقوة المبدعة الخلاقة، يعشقون الحرية ويتطلعون دوما إلى المثل العليا بدون تعصب ولا تزمت، ولسوف نرى عندما تزول اللفحة المحرقة التي أصابت العرب وخدرت نفوسهم، أن عناصر الثروة العلمية الكامنة، والشجاعة الفكرية الخابية سوف تنطلق من عقالها، وتتحرر من أسرها ليعودوا سريعا لاحتلال مكانتهم على الأرض، ويضيف: والدليل على قولي هو ماكان من انطلاق العرب في نهضتهم الأولـى وما تركوا للأجيال من تراث علمي، وآثار خالدة، وهذا ما يزمعون فعله في العصر الحاضر.؟

    وذكر الإمام الغزالي في (إحياء علوم الدين):

    أن أعظم الأشياء رتبة في حق الإنسان هو السعادة الأبدية، وأفضل الأشياء ما هو وسيلة إليها، ولن يتوصل إليها إلا بالعلم والعمل، ولا يتوصل إلى العمل إلا بالعلم بكيفية العمل، فأصل السعادة في الدنيا والآخرة هو العلم.؟

    إن طلب العلم قيمة إسلامية،

    وإن استمرار تحصيله لمتابعة الجديد قيمة إسلامية،

    وإن السعي وراءه على امتداد الزمان والمكان قيمة إسلامية،

    بل إن طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة،

    وإن النظر والتأمل في ملكوت اللـه، وكشف ما خفي من أسرار الكون أمر إلهي، ورد في مئات الآيات من القرآن الكريم، لأنه طريق الوصول إلى اللـه تعالى، ولأن فيه خشية اللـه تعالى، ولأنه ضرورة إيمانية، ولأن فيه تحقيقاً لإرادة اللـه سبحانه الذي كرم الإنسان وسخر له ما في السماوات وما في الأرض، ومنحه العقل ليحيل ما خلق اللـه تعالى لخدمته كي يؤدي وظيفته، ومع كل ما كشفه الإنسان العالم على امتداد الزمن الماضي وكل ما سوف يكتشفه على امتداد الأزمنة القادمة إن هو إلا قليل مما خلق اللـه تعالى، لقد قال الحق سبحانه “وما أوتيتم من العلم إلا قليلا”.

    أبعد هذا يقال إن الإسلام يحارب التطور العلمي، أو يقال: إن العرب بطبيعتهم عاجزون عن مسايرة ركب الحياة العلمية.

    هذا بترارك شاعر إيطاليا العظيم ينعى على قومه تخلفهم في مضمار العلوم وقعودهم عن مجاراة العرب، وهو من رجال القرن الرابع عشر، فلا جرم أن شهادته حجة، قال في لهجة مرة من التعجب والإنكار:

    أبعد “ديمستين” يمكن أن يكون شيردن خطيباً، وبعد هوميروس يستطيع فرجيل أن يكون شاعراً، وبعد العرب يستطيع أحد أن يكتب؟

    فظهر الرواد المسلمون في جميع المجالات، ولمعت أسماء العباقرة العرب والمسلمين الذين طبقت شهرتهم الآفاق، ونبغ في كل فن أو علم عشرات الأفذاذ من أبناء الإسلام، وانتقلت كتبهم وبحوثهم إلى اللغة اللاتينية فكانت على أيديهم أولى خطوات الحضارة العربية الإسلامية التي جعلت الإسلام يتزعم العالم كله في القوة والنظام وتطور الحياة الإنسانية في الأدب والبحث العلمي والعلوم والطب والفلسفة خمسة قرون من عام 700 إلى عام 1200م.

    المكتبات العربية:؟

    أنشئت المكتبات في جميع العواصم الإسلامية، وتسابق الحكام والأمراء في بنائها وتزويدها بالكتب العلمية والفلسفية والأدبية والدينية، وكان المأمون مثلا يحتذى في العناية بالمكتبات وتنظيمها ورفدها بكل ما يجلبه الرسل المنتشرون في كل مكان لجمعها وشرائها وتخصيص المشرفين عليها، واقتدى حكام الأندلس بما انتشر في المشرق العربي من العناية بالمكتبات، ولقد كان الحكم بن الناصر الذي تولى الخلافة عام 350هـ محباً للعلم مكرماً لأهله جماعا للكتب بأنواعها بما لم يتيسر لأحد من الملوك قبله، فكان يبعث في شرائها رجالاً من التجار ومعهم الأموال، ويحرضهم على البذل في سبيلها لينافس العباسيين فاجتمع له من الكتب مالم يسبق له مثيل في الإسلام في عصره، فجعلوها في قاعات في قصره بقرطبة، وأقاموا عليها مديراً ومشرفاً، وذكروا أن نقلها إلى القصر استغرق ستة أشهر، وأن فهارس الدواوين بلغت (44) أربعة وأربعين مجلدًا وأن مجموع الكتب بلغ 44000 أربعة وأربعين ألفا.

    كما اقتدى الخلفاء الفاطميون بمصر بخلفاء الأندلس، بدأ بذلك منهم العزيز باللـه، ثاني خلفائهم الذي تولى الخلافة عام 365هـ، وهو شاب أحب اقتناء الكتب، فجمع منها جانباً كبيراً خصص لها قاعات في قصره، وسمّاها (خزانة الكتب) وبذل الأموال في الاستكثار من مؤلفات التاريخ والأدب، ولو اجتمع من الكتاب الواحد مائة نسخة، وكان للعزيز باللـه عناية كبيرة بخزانته يتعهدها بنفسه بين وقت وآخر، وقد رتب لها قيِّما يتولى شؤونها، وجاء ابنه الحاكم بأمر اللـه فأنشأ دار الحكمة بجوار قصره، وحمل إليها الكتب من خزائن القصور ووقف لها أموالا ينفق عليها من ريعها، وخصص فيها أماكن للقراء، وقد عد بعضهم دار الحكمة مدرسة لأن الحاكم أباح الدخول إليها لسائر الناس، وذكر بعضهم أن خزانة العزيز باللـه الفاطمي حوت مليونا وستمائة ألف مجلد، نزل بها ما نزل بمصر من الأحداث فأغرقت في النيل أو ألقيت في الصحراء تسفي عليها الرياح حتى صارت تلالا تعرف بتلال الكتب، ولقد دمر كيمينيس في ساحات غرناطة ثمانين ألف مجلد، وأحرق التتار في بخارى وسمرقند مثل ما تقدّم.

    بالإضافة إلى المكتبات العامة فقد حرص رجال الدولة الإسلامية أن يكون في كل مسجد مكتبة تعد مكتبة عامة مصغرة حيث تحولت المساجد إلى جامعات، كما كان في كل مستشفي مكتبة طبية تعين الأطباء فيرجعون إليها دائما نظراً لتجددها المستمر والحاجة الداعية إلى المراجعة، ولم تقتصر المكتبات على الجهات الرسمية وإنما كان شغف الأفراد صورة من حرص الدولة على اقتناء المكتبات.

    لقد اقتدى رجال الدول بالأمراء والحكام في العناية بالمكتبات واقتنائها وتيسير الاستفادة منها لطلاب العلم، فقد أورد الدكتور عز الدين فراج في كتابه “فضل علماء المسلمين على الحضارة الأوربية” أن رجال الأندلس اقتدوا بالحكم بن الناصر في إنشاء المكتبات في سائر البلاد حتى قالوا: إن غرناطة وحدها كان فيها سبعون مكتبة مــن المكتبات العامة، وأصبح حب الكتب صفة مميزة لأهلها، وأصبح اقتناء المكتبات من شارات الوجاهة والرقى عندهم، وأضاف: وقد يكون الرجل جاهلا، ويرغب في أن يكون في بيته خزانة كتب. قال الحضرمي: أقمت مرة بقرطبة ولازمت سوق كتبها مدة لأنتظر منه وقوع كتاب كان لي بطلبه اعتناء، إلى أن وقع بخط فصيح وتفسير مليح ففرحت به أشد الفرح، فجعلت أزيد في ثمنه، فيرجع إلي المنادى بالزيادة علي إلى أن بلغ فوق حده، فقلت له: ياهذا أرني من يزيد في هذا الكتاب حتى يدفع فيه مالا يساوي أضعاف قيمته، فلما رأيته وجدته تاجراً لا فقيها، يريد اقتناء الكتاب كذخيرة لها قيمتها.

    المدارس الإسلامية:؟

    انتشرت المدارس انتشاراً مذهلاً بعد اتساع حركة الترجمة وتنوعها فاستقبلت دور الحكمة وأماكن الترجمة كثيراً من طلاب المعرفة في مختلف العواصم الإسلامية، كما انتظمت المساجد مجالس للعلم والعلماء، وضمت كثيراً من الطلاب، ثم أنشئت المدارس في جميع أرجاء الدولة الإسلامية حتى لم تخل مدينة من عشرات المدارس يؤمها الدارسون من مختلف الجهات، ويقوم علىالعمل فيها معلمون من مختلف المواد العلمية، ثمتطورت مجالس العلم في المساجد فأصبحت جامعات يتخرج فيها العلماء وينالون إجازات من قبل العلماء تعترف بها الدولة الإسلامية، ومن أشهر مدارس الأندلس مدرسة طليطلة التيأنشئت عام 1130 التي تولاها الأسقف (ريموند) ونقلت نفائس الأسفار العربية إلى اللاتينية.

    ولقد كان من الحكمة أن ترك أمراء بني أمية المدارس الكبرى قائمة في الإسكندرية وبيروت وإنطاكية وحرّان ونصيبين وجنديسابور لم يمسوها بأذى حيث احتفظت بأمهات الكتب فاستهوت العارفين باللغتين السريانية واليونانية، وما لبثت أن ظهرت ترجماتها إلى اللغة العربية.

    قـال بنيامين ركودليه: لقد رأيت في الإسكندرية عام 1173م عشرين مدرسة، فماظننا بدمشق والقاهرة وقرطبة وإشبيلية وطليطلة وغرناطة وغيرها من المدن والعواصم الإسلامية، لاشك أن مئات المدراس كانت منتشره في أرجائها، لقد كان فيها جامعات للثقافة وما يتبعها من وسائل البحث كالمعامل والمراصد والمكتبات.

    وقال المؤرخ الإنجليزي “جورج ميلر” في “كتابة فلسفة التاريخ” إن مدارس العرب في أسبانيــا كانت هي مصادر العلوم، وكان الطلاب الأوربيون يهرعون إليها، ويتلقون فيها العلوم الرياضية والعلوم التطبيقية، وما وراء الطبيعة، لقد أصبح جنوب إيطاليا منذ احتله العرب واسطة لنقل الثقافة إلى أوربا وممن وردوا تلك المناهل الراهب “جربرت” الفرنسي، فإنه بعدما ثقف اللاهوت في أوربــا، ورد إشبيلية فدرس فيها، ثم في قرطبة، الرياضيات والعلوم والفلك ثلاث سنين، ولما عاد إلى قومه ينشر فيهم نور الشرق وثقافة العرب رموه بالسحر والكفر، ولكنه ارتقى سدة البابوية عام 999م باسم (سـلفسـتر الثانـي) كذلك تخرج على علماء قرطبة (ملك ليون) وأولع بعض أمراء إيطاليا باللغة العربية، وعدّوها لغة الأدب الرفيع وأوصى الراهب بيكون الإنجليزي في كتبه بتعلم العربية وقال: إن اللـه آتى الحكمة الإغريق واليهود والعرب ولم يؤتها اللاتين، وروى (فولتير) أن جميع ملوك الفرنج كانوا يتخذون أطباءهم من العرب واليهود.

    وذكر جيبون في الفصل الثاني والخمسين من كتابه “تاريخ اضمحلال الدولة الرومانية، وسقوطها” أن مدرسة (سالرنو) التي نشرت الطب في إيطاليا وسائر بلاد أوربا كانت غرس العبقرية العربية.

    ——————————————————————————–

    اللغة العربية وسيادة الأمة:؟

    تعد اللغة من أهم السمات التي تميز الأمة عن غيرها من الأمم وهى معلم وحدة الأصل أما غيرها من الخصائص فقد تجمع كثيرا من الأمم في إطارها، فالدين يمثل رابطة قوية بين أبنائه مع اختلاف أجناسهم ولغاتهم، والأرض تعد رابطة بين دول تعيش على أديمها، وبمثل ذلك التاريخ المشترك، والمصائر المشتركة وغيرها قد تكون روابط بين الشعوب، أما اللغة فهي أخص الخصوصيات للأمة فإذا انضمت إليها روابط أخرى مما تجمع بين الشعوب ازدادت بها قرباً وتوحدا، وهكذا الحال بالنظر إلى الأمة العربية، فأول ما يتبادر إلى الذهن وحدة اللغة، فإذا أضيف إلى ذلك ما سبق الحديث عنه من أن اللـه تعالى ميز اللغة العربية حين اصطفاها لغة القرآن الكريم، ولسان الإسلام العربي المبين، فقد اكتسبت من وراء ذلك الفضل ميزة تنفرد بها بين لغات العالم لارتباطها بالعقيدة من جهة ولالتقاء الملايين من المسلمين حولها لسانا مشتركا يسيطر على القلوب والأرواح، وأقرب اللغات إلى مناجاة المسلم لربه صباح مساء وإذا كان المسلم يعتز باللغة العربية لكونها الوسيلة التي يتقرب بها المسلم إلى ربه في صلاته، وفي دعائه وضراعاته، فإن اعتزاز العربي بلغته أولى، وإذا كان المسلم في أي مكان يعتز بلغته الأصلية فيجعلها لغة الحياة والثقافة والعلم والأدب والفن فنحن بذلك أحق وأجدر.

    لغتنا الجميلة أصبحت غريبة على ألسنة أبنائها مع أنها خير اللغات وأسهلها وأقلها كلفة في تعلمها، وما أقربها على من يقترب منها… لكن الانصراف عنها يزداد، والجفوة التي تحول بين اللغة وأبنائها تتأكد يوما بعد يوم، والفجوة تتسع، ونحن لا نتحرك لإنقاذها بل لإنقاذ أبنائنا مما ينتظرهم إن هي رحلت عن حياتهم وأصبحت كما يريد لها أعداء أمتنا.

    ألأنها أكثر لغات العالم تعرضا لسطوة اللهجات المحلية العامية؟

    ألأن مناهجنا مازالت بعيدة عن أساليب التطوير؟

    ألأن الاستعمار نجح في إقامة الحواجز بين شباب الأمة ولغتها؟

    ألأن التطور العلمي المعاصر ارتبط باللغات الأجنبية حيث المستحدثات التقنية والأجهزة الحديثة؟

    ألأن الأسرة العربية تهاونت في تنشئة أبنائها على حب لغتهم والتمسك بها؟

    كل تلكم الأسباب وغيرها قد يكون من عوامل التباعد بين أبنائنا ولغتهم، ولكن هناك حرباً ضارية للقضاء على لغتنا العربية قد تشتعل فتعلن عن نفسها، وتكشف عن نوايا أصحابها، وقد تخمد جذوتها ولكن إلى حين، حتى تتاح فرصة اندلاعها حين تختلق لها المناسبات.؟

    لقد أعلنوا أن اللغة العربية لا تصلح للعلم، ولكنها لغة أدب، وقالوا إنها لغة عبادة فقط، فينبغي أن تحتجب داخل المساجد،؟

    ودعوا إلى أن تكتب بحروف لاتينية،؟

    وشجعوا الكتابات العامية، ؟

    وتصدى المؤمنون بلغتهم يدافعون عنها، ولكن دفاعاتهم تذوب مع عواصف المؤامرة التي هدفها ضرب الإسلام في قرآنه، ومادامت الحرب المعلنة على الإسلام لم تفلح فلا بد من محاربته في اللغة وفينا سماعون لنداءاتهم المضللة.؟

    ومازال الترغيب في اللغات الأجنبية يسد الطريق أمام أية محاولة للعودة إليها، حتى إن فريقاً من أبنائنا يتظرفون باستخدام اللغات الأجنبية في معاملاتهم وحياتهم اليومية، ويسخرون ممن يتحدث اللغة الفصيحة.؟

    لقد أحب اللغة العربية أقوام اعتنقوا الإسلام حين وجدوا فيها الأداة التي تصلهم بالقرآن الكريم وبعلوم الدين، فعكفوا على العربية يدرسونها وامتزجت بأرواحهم ودمائهم، فألفوا بها في مختلف العلوم والفنون، وعبروا بها عن مشاعرهم وأحاسيسهم، وقدموا إلينا روائع في الأدب شعره ونثره وملاحمه وقصصه، لقد احتلت اللغة العربية مكان اللغات الأصلية على الألسنة في ظل الإسلام، فلم تختلف حياتهم الإبداعية حين انتقلت من لغة أم إلى لغة الإسلام، بل ربما كانت كشفاً لطاقات كامنة أراد لها اللـه أن تتجلى في اللغة العربية.؟

    لقد نجح أعداء الأمة في التشكيك في قدرة اللغة العربية على مواكبة التطور العلمي، بل وفي التشكيك في صدق ما نقله المؤرخون من أن اللغة العربية كانت يوما ما سيدة لغات العالم كله، يأتى إليها في مواطنها الراغبون في الاستنارة بنور العلم والمعرفة.؟

    أي أمة غير أمتنا العربية يباهى أبناؤها بأنهم يتحدثون في حياتهم اليومية باللغة الأجنبية؟ إننا مازلنا نعيش في بقايا الأيام الحالكة من تاريخ اللغة، حيث انتابت الأرض العربية موجات الغزو والحروب الاستعمارية فأصيبت اللغة بمثل ما أصيب به أبناؤها من تخلف وتوقف وفتور، ثم قدر للدول المظلومة أن تنال حريتها وتعود إلى امتلاك مقدراتها والتخلص من التبعية، وكان المتوقع أن تحتل اللغة مكانها الطبيعي وتعود إلى سالف عهدها حية نابضة في جميع مجالات الحياة، ومعبرة عن مناشطها وبخاصة في معاهد العلم، ولعلنا في فترة من الزمن كنا بحاجة إلى وقت للتحرر من اللغات المفروضة علينا لكي تتكامل سيادتنا، ولكن اللغات الأجنبية بقيت بإرادتنا ضاغطة على ما تبقى من لغتنا حتى استحالت الحياة في بعض الدول العربية وفي كثير من مؤسساتها لاتستخدم إلا رطانات أجنبية تشوبها اللهجات العامية.؟

    بقيت اللغات الأجنبية تبسط سلطانها على كثير من دولنا العربية، لقد أصبحنا شعوباً غريبة السمات متباينة الصفات، فمتى نصحح هويتنا، ونقول إننا عرب مسلمون، هذه هويتنا متمثلة أول ما تتمثل في لغتنا، لأنها السمة الأولى التي تميزنا في هذا العصر.؟

    إن كثيراً من الأمم لا تسمح لأبنائها أن تنطلق ألسنتهم بغير لغاتها إلا لضـرورة، بل إن الإنسان العادي في بلده يباهي بأنه ملتزم بلغته، فإذا أردت أن تتعامل أنت معه فلتتعلم لغته، هكذا كنا وهكذا يجب أن نكون.؟

    إن إسرائيل استقدمت أبناءها من جميع دول العالم، كل منهم ينتمي إلى دولته التي نشأ فيها ولا يجمع بينهم إلا اليهودية، إنهم يمثلون جميع الدول الأوربية والأمريكية والعربية في آسيا وفي إفريقيا، لقد جمع الإسرائيليون شتات لغتهم وجعلوا منها مناهج لمدارسهم، وفي الجامعة العبرية لا تدرس العلوم في جميع كلياتها ومعاهدها إلا باللغة العبرية وكأن قائلهم يقول:؟

    أتريد أن تكون العربية لغة التعليم؟

    كيف؟ والمادة في بعض المعاهد والكليات كلها بفكرها وأدواتها ومصطلحاتها باللغة الأجنبية؟ وما المانع من أن تكون باللغة الأجنبية؟

    إن هناك استحالة أن تكون الدراسة باللغة العربية في مواد مولدها ومنشؤها ونموها وتجاربها وانتشارها وموطنها أجنبية.؟

    ونجيب وباللـه التوفيق، أن هناك مبادئ لابد أن نذكرها ونبثها قبل الإجابة عن التساؤلات السابقة.؟

    أولا:-؟

    ليس معنى جعل العربية لغة تدريس المواد في معاهدنا وفي كلياتنا الجامعية أننا نرفض وجود اللغات الأجنبية في جميع معاهد العلم، لأننا حينئذ نريد أن توصد المنافذ التي تمدنا بالتطور العلمي والتقني في العالم كله، ومعنى ذلك أيضاً أننا نظل في متاهات التخلف عن ركب الحياة المعاصرة.؟

    إننا نريد أن نعمق دراساتنا للغات الأجنبية وبخاصة أكثر تلك اللغات اتصالا بالحضارة الحديثة والتطور العلمي في مختلف المجالات.؟

    إننا نريد أن نزيد في خططنا الدراسية ساعات لتتسع برامج تعليم اللغات الأجنبية في الوطن العربي ليسهل علينا الاستفادة من كل جديد في أي من دول العــالم.؟

    إن الإسلام حين دعا إلى طلب العلم من المهد إلى اللحد، وحين دعا إلى طلب العلم ولو في الصين، لم يقصد أننا نطلب العلم في مجال واحد وفي بلد واحد أو في منطقة واحدة أو في زمن واحد.؟

    لقد أطلق الزمان والمكان ليتواصل طلب العلم جيلاً بعد جيل، وليسلم كل جيل إلى الآتي بعده خلاصة تجاربه وثمرات جه

مشاهدة مشاركة واحدة (من مجموع 1)
  • يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.

يستخدم موقع مجالسنا ملفات تعريف الارتباط الكوكيز لتحسين تجربتك في التصفح. سنفترض أنك موافق على هذا الإجراء، وفي حالة إنك لا ترغب في الوصول إلى تلك البيانات ، يمكنك إلغاء الاشتراك وترك الموقع فوراً . موافق إقرأ المزيد