الرئيسية منتديات مجلس القصص والروايات تأملات في اللغة العربية

مشاهدة مشاركة واحدة (من مجموع 1)
  • الكاتب
    المشاركات
  • #5991
    الجاحظ
    مشارك

    إن المتأمل في أساليب اللغة العربية ليجد العديد من المحطات التي تستحق الوقوف عليها ودراستها ، وفي هذه السطور سأحاول الوقوف أمام أحد تلك الأساليب.
    مما يميز لغتنا العربية عن كثير من لغات العالم أن التركيب الإضافي فيها يأتي بالاسم الذي يقع عليه الحكم مضافا إلى الاسم الذي يعرفه ؛ فتركيب ( غلاف الكتاب ) مثلا قد قدم اسم ( الغلاف ) على اسم ( الكتاب ) .. والسؤل هنا : أي الاسمين هو المرتبط بالكلام أكثر ؟ بمعنى آخر : عندما نطق بهذا التركيب ( غلاف الكتاب ) هل نحن بصدد الحديث عن الغلاف ، أم عن الكتاب ؟ بالتاكيد نحن نتحدث عن غلاف الكتاب وليس عن الكتاب نفسه ، وإنما جئنا بلفظة الكتاب لتعريف لفظة الغلاف التي كانت مبهمة.
    وإذا أتينا إلى لغات أُخر نجد الأمر مختلفا بل على العكس في كثير من الأحايين . ترى ما سر ذلك الاختلاف؟
    ولنأت بمثال يبن لنا الفرق بين التركيب العربي والتركيب الإنكليزي
    ثم نحاول الوصول إلى الميزة التي فازت بها لغتنا العربية:
    التركيب العربي : جامعة السلطان قابوس
    التركيب الإنكليزي : Sultan Qaboos university
    نلحظ أن التركيب العربي قدم كلمة ( الجامعة ) بينما أخرها التركيب الإنكليزي ، وإذا طرحنا السؤال السابق فقلنا : أي الألفاظ في ذلك التركيب يمكن اعتبارها اللفظة المركزية التي يتوقف عليها الفهم في أغلب السياقات ؟ فعندما أقول مثلا : “جامعة السلطان قابوس أول جامعة في السلطنة ” فأي الألفاظ في التركيب الإضافي ( جامعة السلطان قابوس ) هي التي يرتكز عليها المعنى ؟ بمعنى آخر هل أراد المتحدث التحدث عن الجامعة أم عن السلطان قابوس ؟ بالتأكيد هو يريد الجامعة . ولكن ماذانريد من كل هذا ؟
    يجدر بنا أن نعود إلى شيء من الدراسات في علم اللغة الحديث ، فهناك ما يعرف بمصطلح ” الدائرة الكلامية ” أي الحوار الذي يتم بين المتكلم والسامع ، فقد توصل العلماء إلى أن ذلك الحوار يتم عبر عدة مراحل هي :
    1/ المرحلة النفسية ( السيكلوجية ) وهي التي تتم في العقل ، وذلك باختيار االألفاظ المناسبة للتعبير من داخل الذاكرة أو الخزانة التي تختزن جميع الألفاظ التي تعلمها الفرد في حياته.
    2/ المرحلة العضوية ( الفسيلوجية ) وهي التي تتم بإرسال الإشارات من العقل إلى جهاز النطق ( اللسان ، الحلق ، الأسنان ، الأوتار الصوتية .. إلخ ) ليتم ترجمتها إلى أصوات مفهومة .
    3/ المرحلة الفيزيائية : وهي المرحلة التي يتم فيها انتقال الأصوات عبر الأثير على شكل ذبذبات صوتية من جهاز النطق عند المتكلم إلى جهاز السمع عند السامع . وعندها يبدأ السامع باستقبال الألفاظ بوساطة الجهاز السمعي الذي يرسلها بدوره إلى العقل الذي يحللها ويستوعبها ، كل هذا يتم بسرعة فائقة لايتصورها العقل.
    ولكن ما الذي أدخل كل هذا فيما كنا فيه من التركيب الإضافي بين اللغة العربية واللغة الإنكليزية ؟
    ولنعد إلى كلمة ( الجامعة ) التي اتفقنا على أنها اللفظة المركزية التي يتوقف عليها السياق والمعنى ، وإذا ربطنا هذا مع الدائرة الكلامية التي تحدثنا عنها نجد أن الغة العربية أسرع من اللغة الإنكليزية في توصيل المعنى إلى السامع في التركيب الإضافي _ وإن كان ذلك لا يلاحظ لسرعة العملية الكلامية _ فلو أبطأنا قليلا وقلنا : جامعة .. وسكتنا فسيتبادر للسامع بسرعة أننا نود الحديث عن الجامعة . ولكن إذا قلنا :sultan Qaboos .. وسكتنا فسيتبادر للسامع أننا نود الحديث عن السلطان قابوس وهذا ما ليس يريده المتكلم . وبهذا يتبين لنا كيف أن لغتنا الغربية هي لغة البيان .

    وأخير .. لاأزعم أني أحط بالمسألة علما ، فلعل للمسألة جوانب أخر قد غفلت عنها .. ولهذا نرجو التفاعل والإفادة .
    وإلى تأملات أخر ….

مشاهدة مشاركة واحدة (من مجموع 1)
  • يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.

يستخدم موقع مجالسنا ملفات تعريف الارتباط الكوكيز لتحسين تجربتك في التصفح. سنفترض أنك موافق على هذا الإجراء، وفي حالة إنك لا ترغب في الوصول إلى تلك البيانات ، يمكنك إلغاء الاشتراك وترك الموقع فوراً . موافق إقرأ المزيد