الرئيسية منتديات مجلس الفقه والإيمان الابتـــــلاء(7)

مشاهدة مشاركة واحدة (من مجموع 1)
  • الكاتب
    المشاركات
  • #737
    الغشمرية
    مشارك

    سابعاً: دروس وذكرى:

    في البلاء دروسٌ لا يمكن أن نأخذها من غيره أبداً وهي من حِكَم البلاء- ومن أهمها ما يلي:

    الدرس الأول: أنَّ البلاء – أخي المسلم – درسٌ من دروس التوحيد والإيمان والتوكل، يطلعك عملياً على حقيقة نفسك لتعلم أنك عبد ضعيف لا حول لك ولا قوة إلا بربك، فتتوكل عليه حق التوكل، وتلجأ إليه حق اللجوء، حينها يسقط الجاه والتيه والخيلاء، والعجب والغرور والغفلة، وتفهم أنك مسكين يلوذ بمولاه، وضعيف يلجأ إلى القوي العزيز سبحانه.

    الدرس الثاني: أن البلاء يكشف لك حقيقة الدنيا وزيفها وأنها متاع الغرور، وأن الحياة الصحيحة الكاملة وراء هذه الدنيا،في حياة لا مرض فيها ولا تعب: {وَإِن الدارَ الآخِرَةَ لَهِىَ الحَيَوَانُ لَو كَانُوا يَعلَمُونَ}. [ العنكبوت: 64].

    أما هذه الدنيا فنكد وجهد وكبد: {لَقَد خَلَقنَا الإِنسانَ في كَبَدٍ}. [البلد: 4].

    فهذا شأن الدنيا فبينما هي مُقبلة إذا بها مدبرة، وبينما هي ضاحكة إذا بها عابسة. فما أسرع العبوس من ابتسامتها، و مــا أسرع القطع من وصلها، وما أسرع البلاء من نعمائها.

    فهذه طبيعتها، ولكنك تنسى – أخي الحبيب – فيأتي البلاء فيذكرك بحقيقتها؛ لتستعد للآخرة، ويقول لك:

    فاعمل لدارٍ غـداً رضـوانُ خازنهـا……….. الجـارُ أحمــدُ والـرحمنُ بانيـهـا

    قصورها ذهبٌ والمسك تـربتــها……….. والزعــفران حشيـشٌ نابتٌ فيهـا

    الدرس الثالث: أنَّ البلاء يذكرك بفضل نعمة الله عليك بالعافية. فإنَّ هذه المصيبة تشرح لك بأبلغ بيان وأصرح برهان معنى العافية التي كنت تمتعت بها سنين طويلة، ولم تتذوق حلاوتها ولم تقدِّرها حق قدرها. وصدق من قال: الصحة تاجٌ على رءوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى. ومَن غير المبتلى يعرف أنَّ الدنيا كلمة ليس لها معنىً إلا العافية ؟.

    الدرس الرابع: أن البلاء يذكِّرنا، فلا نفرح فرحـاً يطغينا، ولا نأسى أسىً يفنينا. فإن الله عز وجل يقول: {مَا أَصَابَ مِن مصِيبَةٍ في الأرضِ وَلاَ في أَنفُسِكُم إِلا في كِتابٍ من قَبلِ أَن نبرَأَهَا إِن ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ (22) لكَيلاَ تَأسَوا عَلَى مَا فَاتَكُم وَلاَ تَفرَحُوا بِمَا آتاكُم وَاللهُ لاَ يُحِب كُل مُختَالٍ فَخُورٍ}. [ الحديد: 22-23 ].

    الدرس الخامس: أنَّ البلاء يذكرك بعيوب نفسك لتتوب منها، والله عز وجل يقول: {وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيئَةٍ فَمِن نفسِكَ }. ‏ [النساء: 79]. ويقول سبحانه: {وَمَا أَصابَكُم من مصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَت أَيدِيكُم وَيَعفُوا عَن كَثِيرٍ}. [الشورى: 30].

    فالبلاء فرصة للتوبة قبل أن يحل العذاب الأكبر، فإنَّ الله تعالى يقول: {وَلَنُذِيقَنهُم منَ العَذَابِ الأدنَى دُونَ العَذَابِ الأكبَرِ لَعَلهُم يَرجِعُونَ}. [ السجدة: 21 ]. والعذاب الأدنى هو نكد الدنيا ونغصها.

    الدرس السادس: أنَّ البلاء درس تربوي عملي يربينا علـى الصبر. وما أحوجنا إلى الصبر في كل شيء. فلن نستطيع الثبات على الحق إلاَّ بالصبر على طاعة الله، ولن نستطيــع البعد عن الباطل إلاَّ بالصبر عن معصية الله، ولن نستطيع السير في مناحي الحياة إلاَّ بالصبر على أقـدار الله المؤلمة. وما أجمل الصبر في ذلك كله، فهو زادنا إلى جنة الخلد والرضوان. قال سبحانه وتعالى: {وَمَا يُلَقاهَا إِلا الذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقاهَا إِلا ذُو حَظ عَظِيمٍ}. [ فصلت: 35 ].

    وختاماً لهذه الدروس، أظنُّـك – أخي الحبيب – توافقني الرأي بأنَّ هذه الدروس الستة، لا يمكن أن نأخذها من غير بلاء؛ إذ هي من قبل أن نُصَاب بالبلاء لا تعدو أن تكون حبراً على ورق، أو كلاماً نظرياً يطير به الهوى، فإذا نزل بنا البلاء واجتزناه بنجاح صارت واقعاً عملياً نعيشه،وهذا من حِكَم البلاء
    __________________________________________

    اضحــــك وفكّر بإيجابية…

مشاهدة مشاركة واحدة (من مجموع 1)
  • يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.

يستخدم موقع مجالسنا ملفات تعريف الارتباط الكوكيز لتحسين تجربتك في التصفح. سنفترض أنك موافق على هذا الإجراء، وفي حالة إنك لا ترغب في الوصول إلى تلك البيانات ، يمكنك إلغاء الاشتراك وترك الموقع فوراً . موافق إقرأ المزيد