بقليل من التصريحات والاعلانات التجارية حول منتجات وخدمات جديدة ينذر بها مطلع العام الجديد، يرحل عام 2007 حاملاً معه إرث تقني يضاف إلى التاريخ طاوياً بذلك صفحات النجاحات والاخفاقات والوعود ومرحلاً صفحات التطلعات والرؤى إلى عام آخر يرى المحللون أنه أكثر تفاؤلاً في تحقيق عوائد مجزية على المجتمع التقني.

فقد شهد العام 2007 منذ بدايته وتحديداً في شهر يناير اعلان مايكروسوفت اطلاق بيئة التشغيل الجديدة ويندوز فيستا، وعلى الرغم من الخمس سنوات التي قضاها مهندسوا مايكروسوفت في تطوير بيئة التشغيل الجديدة إلا أن المخيب في الأمر أنها جاءت دونما كان يتمناه المستخدمون وذلك حسب استطلاعات الرأي التي أجرتها بعض المجلات المتخصصة. ثم في وقت لاحقاً من بداية العام أطلقت مايكروسوفت الحزمة المكتبية “أوفيس 2007” إلا أن ذلك الاصدار الأخير لم يقنع المستخدمين بمحاولات مايكروسوفت بالتجديد في شريط الأدوات والذي لم يلاقي قبولاً واسعاً.

أما مبرمجي (.NET) فكانوا الأكثر سروراً باطلاق مايكروسوفت للتطبيقات (Visual Studio 2008) و (Visual Express Edition 2008) اللذين أصبحا أكثر مرونة بحيث تسمح للمطورين من الاستفادة من واجهة المستخدم الرسومية المتطورة (GUI)، وعناصر (.NET Framework 3.5) الذي يسمح للمطورين باعداد تطبيقات بيئة التشغيل ويندوز فيستا.

وعلى الطرف الآخر من الميزان واصلت شركة أبل محاولات التحديث والتطوير لسلسة من المنتجات التي استحوذت على اهتمام المستخدمين في أوقات سابقة وذلك بعد أن رصدت العديد من استطلاعات الرأي حول المشاكل الفنية، وجاء على رأس القائمة المشغل (iPod) حيث قدمت أبل هذا الجهاز بسعة جديدة وصلت إلى 160 جيجابايت، كما حولت جهاز (Nano) إلى جهاز قادر على تشغيل ملفات الفيديو، ثم أضافت أبل عضواً جديداً لعائلة مشغلاتها لتقدم نموذجاً فريداً لمشغلات الوسائط المتعددة عبر اطلاق (iPod Touch) أو ما عرف أيضاً (iTouch). وعلى الرغم من التأجيلات المتعددة لمنتجها (iPhone) أعلنت أبل في منتصف العام عن اطلاق هاتفها الجديد والذي صنفته مجلة فوربس أفضل تكنولوجيات العام 2007 وسط تكهنات بقدرة هذا المنتج على تحقيق أعلى درجات الأمان، إلا أنه لم يلبث أن وقع في أول امتحان أمني له حيث تردد في أوساط العديد من المدونات أن أحد الأشخاص استطاع كسر حاجز الحماية لهاتف آي فون إلى أن جاءت أبل لاحقاً لتعترف بذلك ضمناً وتؤكد سعيها لاصلاح الثغرات الأمنية. وفي الربع الأخير من العام اختتمت أبل نتاج هذا العام باطلاق بيئة التشغيل الجديدة ليبورد.

نمو في صناعة الكمبيوتر
وعلى صعيد صناعة أجهزة الكمبيوتر، فقد شهد العام نمواً كبيراً في انتاج وتصنيع أجهزة الكمبيوتر المكتبية والمحمولة، وانحساراً طفيفاً في تصنيح أجهزة الكمبيوتر اللوحية حسبما يرصده موقع internet.com، كما كانت الانطلاقة الفعلية لأقراص الفلاش هي الأكثر بروزاً في هذا العام. وقد كانت شركة ديل الأكثر حظاً في الأسواق العالمية مع قيام منافسة شرسة بينها وبين شركات مثل أيسر وتوشيبا وإتش بي، إلا أن التحول الذي أحدثته ديل كان باطلاقها جهاز الكمبيوتر (All-in-One) والمعروف بسلسلة (XPS) وهو الجهاز الذي اشتمل على خواص اعتبرها الخبراء المنافس الجديد لجهاز (iMac). كما شهد العام 2007 ارتفاع معدلات الاسهام في مبادرة جهاز كمبيوتر لكل طفل أو المعروفة عالمياً (OLPC)، فكان نتيجته تطوير أول كمبيوتر محمول لهذه المبادرة تحت اسم (OLPC XO) حيث بدأت عملية التوزيع والبيع في منتصف شهر نوفمبر بعد أن تم رصد كميات ضخمة من الطلبات في العديد من دول العالم الثالث. وفي الوقت الذي كانت بعض شركات انتاج أجهزة الكمبيوتر وملحقاته تحتفل بارتفاع معدلات نمو انتاجها وتوزيعها، كانت شركة سوني تسعى جاهدة إلى تخطي محنتها التي كان سببها المشاكل الفنية في بطاريات أجهزة الكمبيوتر المحمولة والتي أدت إلى انفجار عدد من البطاريات في بعض دول العالم، وهو ما أدى إلى تقويض معدلات الطلب وخسارتها لعدد من العقود مع شركة ديل وشركات أخرى، لذلك فقد استمر مسلسل بطاريات سوني حتى منتصف العام حيث قامت شركة ديل بارجاع شحنة ضخمة من بطاريات سوني إلى الشركة الأم وسحب المستخدم منها من السوق.

عام الواي فاي
ويصف الخبراء عام 2007 على أنه عام تقنية (Wi-Fi) والتكنولوجيات المتنقلة، إذ ارتفعت مؤشرات انتاج الأجهزة التي تعتمد على تقنية الاتصال اللاسلكي واي فاي إلى معدلات مرتفعة خاصة مع دخول عدد كبير من الشركات الأسيوية إلى أسواق أوروبا وأفريقيا والشرق الأوسط مشكلة بذلك وفرة في العرض وانخفاض في التكلفة، وهو ما ساهم في تزايد حجم الطلب على تقنيات الواي فاي. وقد ساهم ذلك أو بشكل عكسي على ارتفاع النقاط الساخنة المعدة للربط في مختلف دول العالم لتشمل اضافة إلى المطارات ومحطات القطارات، المطاعم والمقاهي، والمجمعات التجارية، ومناطق الترفيه، حتى أن بعض المدن الشهيرة قد خطت خطوة بأن أعلنت تبنيها مشروع جعل المدينة بالكامل مغطاة بالنقاط الساخنة، مثلما فعلت مدينة مانشيستر الانجليزية.

ازدهار الإنترنت
إن ما أحدثه نمو تقنية (Web 2.0) قد جعل للإنترنت قالباً مختلفاً وذلك عبر ارتفاع مؤشرات عدد من التقنيات المختلفة على الشبكة كتقنية (RSS) والمدونات (Blogs) اضافة إلى بزوغ نجم جديد يعتمد على بناء شبكة من العلاقات الإلكترونية وهو موقع (Face Book). كما ارتفع قليلاً مؤشر الوعي بالحياة الثانية (Second Life) والذي كان ثمرته اتجاه بعض الدول لافتتاح سفارات افتراضية لها في الحياة الثانية، وتوجه بعض المؤسسات التعليمية لضمان وجود كينونة افتراضية لها هناك.

أكثر أمناً وحماية
على الجانب الأمني يصف الخبراء عام 2007 بأنه عام هادئ نسبياً على الرغم من أن معدلات الخطر زادت بنسبة 10% عن عام 2006، وانخفت بالتالي معدلات حماية الشبكات بنسبة 4% عنها في العام 2006. وقد أعلنت مجموعة مكافي أنها رصدت حتى نهاية شهر نوفمبر مئة ألف فيروس وملف تروجان الكثير منها عبارة عن نسخ معدلة لفيروسات وملفات تم التعرف عليها في أعوام سابقة.

الأفضل والأسوء
يرى العديد من النقاد في قطاع التكنولوجيا أن العام 2007 قد حمل بعض المفاجآت السارة والمحبطة، حيث اتفق الكثيرون على أن قائمة الأفضل لهذا العام قد اشتملت على اطلاق هاتف أبل (iPhone)، واطلاق لعبة الفيديو من سوني (PlayStation 3)، وجهاز الألعاب من نينتيندو (Wii)، واطلاق كمبيوتر أسوس (EeePC)، اضافة إلى ظهور تقنية الملاحة باستخدام الهواتف المحمولة عن طريق نظام (GPS)، وازدهار تقنية فيديو الإنترنت وتطورها، والتطويرات التي تقوم بها شركة جوجل لعدد من خدماتها واطلاق خدمات جديدة، وظهور خدمة (Face Book) على الرغم من أن الأخير يصنفه البعض على أنه الأسوء وذلك بسبب تعرضه لخصوصيات المستخدمين. أما الأسوء فقد كان حسبما رصده النقاد، بيئة التشغيل ويندوز فيستا، والتطويرات التي عاكست التوقعات من شركة ياهو بأن تقدم مفهوماً جديداً لها عبر تقنية (Web 2.0)، ومشغل الوسائط المتعددة من مايكروسوفت (Zune) والذي كان متوقعاً له أن يكون منافساً قوياً لمشغل أبل (iPod) في هذا العام، والحزمة المكتبية “أوفيس 2007”.