الرئيسية منتديات مجلس عالم التصوير الضوئي التصوير الفوتوغرافي ظاهرة متميزة

مشاهدة 15 مشاركة - 1 إلى 15 (من مجموع 27)
  • الكاتب
    المشاركات
  • #92964

    الفنان العراقي مروان نايف:
    التصوير الفوتوغرافي ظاهرة متميزة

    تعتبر الصورة إحدى الركائز الأساسية للغة غير اللفظية، فهي تشكل موضع توتر بين الفضاء والزمن: الفضاء الفيزيائي ذي البعدين أو الثلاثة أبعاد، والفضاء الذهني ذي البعد المجهول إنها شذرات من المكان والزمان، اعتقال لحظة أو فعل قصد تخليده، إنها لحظة الفعل “فعل الرؤية” أو التفكير أو الحلم أو الألم.
    والصورة الفوتوغرافية هي تسجيل حي وواقعي وتاريخي للحياة العابرة فما يسجل في لحظة قد يكون خالدا إلي فترة من الزمن وقد يكون دليلا وشاهدا علي العديد من الأحداث التي تمر بسرعة البرق ولا يمكن للذاكرة أن تعود بتفاصيلها كما تفعل عدسة المصور الذي يتمتع بخاصية العين الثالثة وهي الكاميرا ليصطاد اللحظات من الزمن ليوثقها فوق الشريط الفيلمي زمانا ومكانا..
    لقد أصبحت للصورة الفوتوغرافية اليوم لغتها وبلاغتها وأساليبها الفنية ومقوماتها الجمالية، ومع هذا فإن فاعليتها رهينة رؤية المبدع وقدرته علي توظيفها توظيفا خلاقا، أي أنها تبقي مقترنة بالذوق والشعور والخيال والوجدان وأشكال الإحساس والتعبير.
    ويعد الفنان مروان نايف من بين الفنانين المتميزين علي صعيد المنجز الفني الفوتوغرافي كونه يجمع بين الجانب الاكاديمي والمهني حيث كرس جهده وإمكانياته ما بين التدريس وممارسة التصوير الفوتوغرافي.
    والفنان مروان نايف من مواليد عام 1956 وقد تخرج من أكاديمية الفنون الجميلة في بغداد عام 1977 ثم حصل بعدها علي شهادة الماجستير والدكتوراه في مجال الفنون المرئية.
    وقد شارك خلال مسيرته الفنية في العديد من المعارض الفوتوغرافية وهو عضو في العديد من الجمعيات المهنية ومنها جمعية الفنانين العراقيين والجمعية العراقية للتصوير.. وبهدف التعرف علي جماليات فن الفوتوغراف وأساليبه الفنية، كان لنا هذا اللقاء:

    التصوير الفوتوغرافي .. علم أم فن؟

    – الفوتوغراف هو فن الرسم بالضوء لذلك يمكن القول بأنه علم وفن فهو علم كونه يتطلب من المصور معرفة بأسس وقواعد التصوير وكيفية التعامل مع مصادر الضوء الطبيعية والصناعية ومعرفة بأنواع العدسات والمرشحات وطريقة استخدامها مع الاهتمام بعناصر التكوين والاضاءة والنسب وغيرها.
    والتصوير فن كونه يعتمد علي الشكل والتكوين الفني فهو فكر وعاطفة وجمال يرقي بالذائقية والمتلقي إلي حالة من الاندماج الفكري التذوقي، من خلال علاقات بين الأشكال والعناصر وصياغتها وفق سياقات جديدة متناسبة مع الحاجة الإنسانية لفن جديد وصيغ جديدة للتعبير.

    *هل يمكن أن نعزو القدرة الابداعية في مجال التصوير الفوتوغرافي إلي موهبة فطرية ؟

    – قد يكون من قبيل المغالطة أن نعزو هذه القدرة الابداعية إلي موهبة فطرية، ففي مجال الفن لا يكون المبدع الأصيل مجرد كائن موهوب فقط، ولكنه إنسان نجح في تنظيم مجموعة من النشاطات من أجل الوصول إلي غاية محددة. ويكون الفن محصلة لهذه النشاطات.
    إن الموهبة هي عنصر أساسي ولكن إذا لم تصقل وتتطور وتنمو من خلال الدراسة الأكاديمية فإنها تبقي محدودة وغير فعالة بدليل أن الكثيرين قد دخلوا هذا المجال ولكن الذين استمروا في هذه الممارسة هم من يتميزون بارتفاع مستوي الإمكانية الإبداعية المتحققة لديهم في هذا الفن.
    وبذلك يمكن القول بأن الوصول إلي تحقيق الإمكانية الإبداعية في هذا الفن يحتاج إلي فترة طويلة من الإعداد التمهيدي المكثف فالإبداع في مجال الفوتوغراف يحتاج إلي مران مستمر وجهد في تدريب العينين علي اكتساب المهارات المناسبات كي يصبح المصور قادرا علي تشكيل أفكاره وتحقيقها بطريقة جيدة لهذا يقول فإن فان غوغ: إنه لا يكفي أن تكون لدي الفنان مهارة معينة، إن التمعن في الأشياء لوقت طويل هو ما ينضجه ويمنحه الفهم الأعمق .

    نشاط إبداعي

    * هذا يعني أنك تعتبر التصوير الفوتوغرافي نشاطا إبداعيا؟

    – التصوير هو ظاهرة إبداعية متميزة من ظواهر الابداع الانساني فهو لا يختلف عن أي مجال فني آخر لهذا فإن العملية الابداعية فيه ليست عملية واحدة منعزلة بل هي مزيج من العمليات المعرفية المختلفة والمتفاعلة في نفس الوقت وهي موجودة لدي الأفراد بدرجات متفاوتة ومختلفة وفقا لمفهوم الفروق الشخصية.
    كما أن العملية الإبداعية في فن التصوير ليست بالبساطة التي يمكن أن يتصورها البعض ففن التصوير الذي يخضع عادة إلي شروط أي عمل إبداعي يجب أن يكون منظما ومدروسا من جميع الجوانب التي تضمن نجاحه فهو لا يعدو كونه تشكيلا لمجموعة من المعطيات البصرية، والحسية اللونية والفضائية علي سطح ذي بعدين.
    لذلك فإن فن التصوير هو تتويج لعمليات كثيرة تحدث خلال محاولة الفنان المصور تنظيم كل المكونات في اللقطة، فالمصور عادة يبدأ من فكرة ما لكن هذه الفكرة تحتاج غالبا إلي عمليات كثيرة متنوعة ومتتابعة حتي يمكن تنفيذها.
    إن فن التصوير باعتباره قائما علي تنظيم علاقة بصرية فإن هدف المصور هو تحويل عناصر التكوين الشكلي من أماكن وإضاءة وظلال ولون وحركة وانفعالات وغيرها من مكونات متفرقة إلي تعبير متماسك ومتناسق يضمن المصور الفنان من خلاله توصيل مضمون مادته إلي المتلقي وقد يرمز إلي شيء أو يوحي بشيء آخر له دلالاته المعنوية والتأثيرية.
    وعموما فإن التصوير في أحسن حالاته هو شكل من أشكال الاتصال يحاول المصور من خلاله أن يحصل علي استجابة من الآخرين، ولكن يبقي هناك تميز بين العين التي تري الاشياء السطحية الظاهرة وتسجلها علي علاتها بطريقة حرفية “عين الكاميرا” وبين العين الثانية “عين المصور الفنان” التي تدخل في صراع مع العين الأولي وتعمل علي إبداع الجدير والأصيل.

    * وكيف يتحقق الإبداع في مجال التصوير؟

    – إن هذا الفن لا يعدو كونه تنظيما للأفكار وفقا لقواعد التكوين، إذ أنه يتضمن نشاطا إبداعيا يتعلق بالتحولات التي تحدث، ليس للصورة فقط بل أيضا للانسان الذي يقوم بإنجازها كنوع من الابداع الفني، وهذا يعتمد علي براعة المصور الفنية أو الجمالية في اختياره لتكوينات معينة وتوظيفه للغة الشكل في الصورة.
    ولعل الإبداع في نطاق هذا الفن يحتاج إلي زخم هائل من التجارب المتتالية وإلي الممارسة الواعية والاطلاع والتجربة التي تمنح الفنان الفهم الأعمق والدراية الكاملة والتميز وبالتالي الابداع.
    وبالرغم من أهمية التدريب والخبرات فإن فن التصوير يحتاج إلي قدر كبير من المرونة والخيال والتأمل والقدرة العقلية والبدنية وإلي التفكير الترجيحي والتحليل والتركيب البصري وقبل كل ذلك مقدرة متنوعة في الإحساس بمؤثرات الواقع ومكوناته حيث انها حالة عميقة وخصبة تتطلب من المصور أن يرسم بالكاميرا بعقله لا بيديه.
    وبشكل عام فإن الابداع يتجلي عند الفنان المصور من خلال سعيه إلي جذب نظرنا أو تنبيهنا إلي بعض الصور التي من حولنا من خلال الصورة يقدمها لنا ، بحيث يجعلنا نصحو عندما نري هذه الأشياء مصورة.

    * برأيك ما هي مستلزمات أو جوانب تلك العملية الإبداعية؟

    – هناك جوانب متعددة للعملية الابداعية في مجال التصوير منها الجانب الشخصي الفردي والجانب الاجتماعي بالاضافة إلي البعد التطوري التاريخي حيث ينطبق هذا البعد علي المصور المبدع في انتقاله من أسلوب فني إلي آخر، ذلك أن فن التصوير عموما قد تطور عبر التاريخ ومراحله المختلفة، فمراحل تطور آلة التصوير والتقنيات التي تطورت مثلها مثل جميع الوسائل التقنية المعاصرة أدت بالتالي إلي تطور العين الانسانية من حيث قدرتها علي الرؤية وتغيير زاوية النظر، وتطور التعامل الذوقي الذي أدى بدوره إلي تطور الأساليب الفنية من المخاطبة الحسية والذهنية.

    الحس الفوتوغرافي

    * ما مدى أهمية الحس الفوتوغرافي بالنسبة للمصور؟

    ـ لا بد من أن يقف وراء الكاميرا إنسان صاحب فلسفة خاصة ورؤية ذاتية للواقع وقدرات مميزة فنيا، يحركها ويوجهها بهدف توصيل المضمون الذي يريده في شكل محدد، ونجاح هذا الإنسان أو فشله يتوقف علي مدي امتلاكه للحس الفني الذي يختلف من مصور إلي آخر .
    لذلك فمن الضروري أن يتمتع المصور بحس فوتوغرافي حيث عليه أن يعرف ويميز غريزيا المشاهد التي تؤثر وتقدم صورا جيدة ناجحة فالحياة بالنسبة للمصور هي سلسلة من الاحتمالات التي يمكن أن تلتقط بالعدسة وهكذا يمكن أن يقدمها، وفي كل مناسبة يجب أن يفكر في أفضل طريقة يلتقط بها المشهد.
    كما ينبغي أن يكون المصور فنانا يمتاز بقوة الخيال والحساسية والقدرة علي إدراك مزايا الصورة الجذابة، ذلك أن الصفة الاساسية فيه ليست هي المشاهدة بل الخيال، فالخيال “سيد الملكات” فهو الذي يحلل العناصر التي تقدم للحواس، والفعل يعيد تشكيلها كما تتراءي له، إذ أن العالم المرئي ما هو إلا مخزون صور ورموز يعطيها الخيال مكانة وقيمة نسبية، وهو نوع من الغذاء علي الخيال أن يهضمه ويحوله.

    المحتويات والمضامين

    * الصورة الفوتوغرافية .. شكل أم مضمون؟

    – الصورة الفوتوغرافية هي شكل من حيث التكوين، والتكوين هو تآلف كل الخصائص الضرورية كالمساحة واللون والضوء في إحداث تلخيص كلي تكون كل العناصر التكوينية فيه متفاعلة في نمط واحد منسق ذلك لأن غرض التكوين هو الوصول الي النمط المتناسق والمتماسك، لذا فإن التكوين الجيد يجب أن لا يشتت العين من خلال عدم الاستقرار لبعض مكوناته أو من خلال نقص التوازن فيه ، وبذلك فإن التكوين يدل علي شيء ظاهر.
    والصورة مضمون من حيث ما تتضمنه من رمز أو رموز أو ما تحتويه من معان أو مضامين، إذن هناك في الصورة مضمون ظاهر ومضمون مستتر وكلاهما يكمل الآخر.
    وعلي هذا الأساس فإنه لا يتم النظر إلي الصورة بوصفها شكلا يقوم بدور في جذب انتباه المتلقي أو إثارة اهتمامه ولكن يتم النظر إلي تكوينها وما يحمله من أفكار ومعان، أو يجسد معالم أو أبعادا أو يركز علي شخصيات في إطار الغرض الذي يسعي إلي تحقيقه المصور.

    * ما هي معايير الحكم علي بلاغة الصورة؟

    – تتحدد بلاغة الصورة بما تتمتع به من مواصفات فنية وتعبيرية وجمالية، لهذا فإن معيار الحكم علي بلاغتها يكمن في إيصال الفكرة أو الدلالة التي تشير إليها الصورة بالمضمون الظاهر والمستتر الذي تحتويه وبحسب الوظيفة التي يريد المصور أن تؤديها الصورة أو توصيلها للمشاهد، وما تحدثه هذه الصورة من ردة فعل سيكولوجية.
    إن من ركائز بلاغة الصورة، الموضوع والزاوية والتكوين والوضوح، فالعمل الفني الذي يترقبه المشاهد يرتكز علي أسس منطقية هي عملية جذب وانتباه، وقوف وتأمل، ثم الاستمتاع والذي يتوقف علي خلفية المتأمل الثقافية والحضارية مع وجود مضمون بسيط غير معقد.

    * وماذا عن قواعد التكوين الجمالي التي ينبغي علي المصور الفوتوغرافي مراعاتها؟

    – التكوين بالنسبة للصورة معناه وضع كل تفاصيل أو عناصر المنظر في علاقة متآلفة بعضها ببعض، بحيث تشكل توازنا يشعر المشاهد إزاءه بالراحة والاستحسان والقبول، وبالتالي جذب انتباهه للموضوع والتحكم في مشاعره، وخلق الاحساس الجمالي لديه.
    إن التكوين هو عملية حس سليم لذلك فإن التكوين الجيد هو عندما يكون لهدف معين، وبنفس الطريقة عندما نؤلف صورة لالتقاطها نقوم بعملية تنسيق الضوء مع الظلال، والأجسام والألوان لإبراز الغرض وخدمة التباين المقصود في الصورة مع الاهتمام بالزوايا واختيار أفضلها والتركيز علي إبراز المنظور علي قدر الامكان.
    وتعتبر البساطة وقوة التعبير من أهم عوامل التكوين الجمالي غير أننا نشير هنا إلي أن التكوين الجمالي للصورة ليس هدفا في حد ذاته بل مضمون الصورة هو الأساس، والتكوين هو عامل مساعد لإبراز المعني أو الفكرة المصورة بواقعية وأمانة.
    إن التكوين الجمالي بالنسبة للمصور الفوتوغرافي هو إحساس وخيال يختار للصورة عناصر بصرية قوية تقود إلي إدراك معني الصورة وهو حصيلة عدة عوامل ذاتية مثل الثقافة عموما والتذوق الفني والحس الجمالي والقدرة علي اتخاذ قرارات حاسمة بالنسبة للاضاءة والزوايا والتوقيت اللازم للتصوير.

    * هل تشكل الصورة الفوتوغرافية واقعا فنيا؟

    – المصور الفوتوغرافي ليس مجرد صاحب حرفة ولكنه في حقيقة الأمر فنان ينفعل بالاحداث ويتأثر بحسه المرهف، ويدرك المواقف ويقدرها تقديرا اجتماعيا بحسه الصادق، لهذا فالصور الفوتوغرافية ليست مجرد صور لموضوعات أو أعمال أو أشخاص، بل هي تكشف عن القيم الجمالية للشخص الذي انتجها.
    وبذلك فإن الصور الفوتوغرافية تنقل لنا الواقع بلغة فائقة الروعة والتعبير، فهي تقدم لنا رؤية مختارة للواقع أو الموضوع وليس نسخة مطابقة أو بتعبير أكثر دقة تقدم رؤية ذات تشكيل جمالي يجسد بصماته الفنية.
    إن الصورة الفوتوغرافية هي عملية إبداعية خاصة بالتغير الايجابي والارتقاء الابتكاري والتطور الفعال من أجل تنظيم الحياة الذاتية والاجتماعية، لهذا فإن المصور المبدع يحاول أن يبحث عما هو موجود خلف السطح الظاهري للاشياء وذلك من أجل تكوين اشكال جديدة، فالتصوير ليس نسخا للأشياء ولكنه إبداع لها، حيث أن الفنان المصور يفتح أعيننا علي عالم الضوء واللون ويكشفه لنا بطريقة يمكن أن تكون جيدة وحيوية.

    فهم الصورة

    * علام يعتمد فهم الصورة واستيعاب مغزاها وفهم أبعادها؟

    – الصورة مادة اتصال تقيم العلاقة بين المرسل والمتلقي، فمرسل الصورة لا يقترح رؤية محايدة للأشياء والمتلقي يقرأها انطلاقا من التجربة الجمالية والمخيال الاجتماعي ذلك أن الصورة لا تخاطب حاسة البصر لدي المتلقي فقط بل تحرك حواسه وأحاسيسه وميراثه العاطفي والاجتماعي.
    ومن هنا نري بأن فهم الصورة يرتبط ارتباطا وثيقا بثقافة المتلقي وقدرته علي استيعاب مغزاها وفهم أبعادها وفك رموزها بدقة وبطريقة سليمة، وشأنه في ذلك شأن اللغة اللفظية، فعلي قدر خبرات الفرد وتجربته السابقة وخلفيته الثقافية يكون استعداده لتفهم مضامين الصور الفوتوغرافية التي تعرض عليه وعمق تفسيره لها، وبتعبير آخر فإن المعني الذي تثيره الصورة في ذهن الانسان ليس موجودا كاملا وبالضبط في الصورة بل يكون جزء منه موجود في الشخص المشاهد لها، وان الصورة بما تحتويه من مكونات ما هي إلا مثير بصري يستدعي هذه المعاني ويرتبها.

    * سيطرت قضية محاكاة الطبيعة علي كل المجالات الفنية، فما مدي انطباق ذلك علي فن التصوير الفوتوغرافي؟

    – إن المصور المبدع لا يقوم بتقليد الطبيعة أو محاكاتها، لكنه يعيد خلقها فنيا من خلال رؤيته الخاصة وأدواته المتميزة ويظهر هذا بوضوح حينما يتصدي المصور للتعامل مع ألوان الطبيعة، لذا فإن التناسق العام للدرجات اللونية في الطبيعة يتم فقده من خلال التقليد المؤلم الذي يقوم بعض المصورين.
    وبذلك فإنه لا بد للفنان المصور المعاصر أن ينأي عن عمليات التقليد ونقل الواقع والابتكار والتفرد، فلقد كان الفنان الكبير جورج ميلييه مؤسس ومكتشف الفن السابع لا يصور الاشياء كما هي ولا يقتفي أثرها بطريقة تحليلية، ولكنه كان يصورها كما يشعر بها.
    ويمكن القول بأن الفنان المصور لا ينطلق من الفراغ، فهو نتاج من التراث الانساني واسع وخصب، فهو غالبا ما يكون محصلة طبيعية للتفاعل بين الأبعاد الشخصية “الفردية” والاجتماعية المعاصرة والتاريخية التراكمية

    التراث”

    * وماذا عن ثنائية الظل والضوء الخالدة؟

    – لا يمكن أن يكون هناك تصوير بدون إضاءة، فآلة التصوير هي عين تري الأشياء من خلال الضوء، فالفيلم يعتمد علي نظرية الظل والضوء لكي ينتج صورة واضحة ومعبرة، وهذا ما كان يجسده الكثير من المصورين قديما من خلال أفلام الأبيض والأسود، والتي يستطيع المصور من خلالها أن يلحن ويضع النغمات بالنسبة للتباين بين الظل والضوء، بحيث أنتجت تلك الثنائية أعظم الصور بلاغة وتعبيرا.
    واليوم نجد التصوير الملون قد أبعدنا عن تلك الثنائية ولو بالشكل القليل، بحيث جعل الصورة الملونة ذات حضور وحرارة ونشاط.
    وهنا لا بد من القول بأن الانسجام في الصورة يعتمد علي عاملين أحدهما ذاتي والآخر موضوعي، كما يتوقف إدراكنا لانسجام الألوان علي عوامل ذاتية ترجع إلي مشاهد الصورة وما رسب في نفسه من خبرات مكتسبة وموروثة، وعوامل موضوعية تتعلق بارتباط الألوان ببعضها البعض.
    لذا يجب علي المصور أن يعرف كيف يستخدم قوانين الضوء والظل والاختلافات في شدة أو كثافة نوعية الألوان، وفي الأشكال والتكوينات والمساحات والفراغات وغير ذلك، بمعني أن تكون له المقدرة البصرية والفكرية لترجمة أحاسيسه وشعوره إلي دلالات بصرية وحسية هدفه منها التواصل والتأثير مع وعلي المتلقي.

    * هل يمكن لوظيفة الفن الفوتوغرافي أن تتجاوز حدود التذوق الجمالي وتنمية الشعور الوجداني، لتشمل أيضا توليد المعرفة وتنمية الفكر؟

    – إن الفن مبدعا وعملا ومتلقيا في حاجة الي المعرفة والفكر، ذلك ان العمل الفني هو عملية عقلية وليس انفعالا أو إلهاما، ولا يمكن كما قال هيجل إلا أن يكون نتاج الفكر، شأنه شأن المنطق وفلسفة الطبيعة، وهذا ما تؤكده مقولة بول فاليري من أن كل عمل فني مسألة رياضية لا بد من حلها . ويؤكد كذلك مقولة شوبنهور إن العمل الفني لا بد أن يكون مسبوقا بالفكر والارادة .
    لذلك تكمن صلة العمل الفني بالمعرفة في كونه ناقلا للمعرفة ومولدا لها.

    الثقافة والإبداع

    * إلي أي مدى تسهم الثقافة في إثراء الحالة الابداعية للفنان الفوتوغرافي؟

    – تمثل الثقافة جزءا لا يتجزأ من عملية الابداع الفني، إذ لا يمكن تصور وجود هذا الابداع بمعزل عن الثقافة، ذلك أن الإنسان غير المثقف لا يمكن له أن يبدع لا في مجال الفن ولا في غيره من مجالات الحياة الأخري.
    إن الفن هو وليد الثقافة، والثقافة هي الدعامة الثانية للفن، فالفنان بالصفة فقط لا يكون اكثر من صاحب حرفة وليس فنانا فوتوغرافيا، وبالثقافة وحدها يكون كثير الكلام فقط دون أي مهارة ، ولكن اجتماع الاثنين هو الذي يولد الفن.
    وبذلك فإن الابتكارات والتجربة الخاصة لا تنفصل عن التماس الثقافي والمعرفة العامة ضرورية كضرورة المهارة الفنية فهما في وحدة متماسكة، لهذا فإن الفنان الفوتوغرافي لا يستطيع مواجهة لوحته الفوتوغرافية ما لم يكن يوليها من تكوينه الثقافي والنفسي، فكل عناصر ومكونات الصورة لا بد أن تكون متضمنة جزءا من معرفته وخلفيته الثقافية فهي تتعاون جميعا علي خلق ذلك المحسوس الجمالي وتعين علي تكوين الموضوع.

    * وماذا عن التقنيات الجديدة التي دخلت مجال الفوتوغراف؟

    – شهد العالم في السنوات الأخيرة ثورة تكنولوجية هائلة ألقت بظلالها علي كافة مجالات الحياة الانسانية، وقد تمثلت في أحد جوانبها بدخول الكمبيوتر والإلكترونيات في مجال التصوير الفوتوغرافي، كما ظهرت الكاميرا الرقمية “ديجيتال” والتي تخزن الصور بكميات كبيرة علي ذاكرة الكترونية بالاضافة إلي الكاميرات متعددة البرامج والمزودة بكمبيوتر صغير، كذلك أصبح بالامكان تحويل الصور الملتقطة علي فيلم قياس 35 ملم إلي صورة رقمية مخزنة علي قرص مغناطيسي، مع إمكانية عرض هذه الصور علي شاشة.
    وبالرغم من التقدم التقني الهائل في هذا المجال، والذي أتاح للمصور إبراز قدراته وفرض شخصيته علي الصورة فإنه يبقي للمهارة الذاتية والحس المرهف والذوق العالي والرؤية العميقة والخصوصية المتفردة التي يتمتع بها المصور، دورها الكبير والأساسي في التوصل إلي خلق تشكيل جمالي يريح عين المشاهد .
    ومع ما ذكرناه فإننا نري بضرورة استيعاب المصور المبدع لجوهر التكنولوجيا الجديدة بحيث يضع يديه علي مواضع التقائها مع مجال فنه، حتي يهتدي إلي الكيفية التي يقيم بها علاقة متوازنة معها، تتكشف من خلالها التكنولوجيا أمام ناظريه كموضوع مثير يلهب خياله، ويستحثه علي المزيد من الابداع والابتكار.

    #1045570

    مشكور على الموضوع القيم والشامل

    يعطيك العافية

    تحياتي

    #1045663

    مرحبااااااا

    شكرا لك اخي

    تسلم ايدك

    حبيب الشعب طير الغرام

    #1045712

    شكــــــرا خالد على الموضوع القيم

    فعـــلا معلومات جدااا مفيدة

    الله يعطيك العافية

    ارق تحية ..

    #1045771
    noor_888
    مشارك

    تسلم عزيزي

    الله يعطيك الف عافية ع النقل الرااااااائع

    #1047166

    مشكور
    على
    المعلومات
    المفيده
    بارك
    الله
    فيك

    #1053836
    سراب
    مشارك

    صديقتي

    #1053837
    سراب
    مشارك

    صديقتي في المدرسة عندها نشاط التصوير الضوئي ولكنها لا تعرف فيه شي ولا يوجد لديها الحس الفوتوغرافي …وهذه هدية رائعة لها حتى تفهمهذا الفن …هدى

    #1064386

    التصوير الفتوغرافي فن و ذوق
    و موهبه يجب صقلها …

    مشكور ع الموضوع القيم
    تمنياتي لك بالتوفيق

    #1072287
    مساءٌ جميل ..

    أشكر كل من تواجد على الموضوع .. و بادر بالرد عليه ..

    كما أتمنى للجميع إستفادة طيّبة وقراءة ممتعة ..

    تحيّة من الصميم ..

    خالد

    #1109053

    مشكور اخي على هذه المعلومات

    #1117597
    عادل كبار
    مشارك

    التصوير رسالة نبيلة تخدمنا في حياتنا العامة كثيرًا فنوثق بها المناسبات

    ويقال عن كل صورة : الصورة ذكرى أشبه بناقوس يدق في عالم النسيان .. التحية

    لكاتب الموضوع

    #1153113
    onoo hagag
    مشارك

    مشكور

    #1193034
    بدر علي
    مشارك

    شكرا لك على هذا لموضوع المتميز

    تحياتي لك

    #1202768
    أحسنتم جميعاً على هذا التواجد الكريم ..

    سعدتُ بذلك كثيراً ..

    كل الشكر و التقدير …

مشاهدة 15 مشاركة - 1 إلى 15 (من مجموع 27)
  • يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.

يستخدم موقع مجالسنا ملفات تعريف الارتباط الكوكيز لتحسين تجربتك في التصفح. سنفترض أنك موافق على هذا الإجراء، وفي حالة إنك لا ترغب في الوصول إلى تلك البيانات ، يمكنك إلغاء الاشتراك وترك الموقع فوراً . موافق إقرأ المزيد