الرئيسية منتديات مجلس الثقافة العامة الامام علي (ع) وموقفه من الخلافة

مشاهدة مشاركة واحدة (من مجموع 1)
  • الكاتب
    المشاركات
  • #95728

    الســـــــــــــلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    الى الاخوة المشرفين الافاضل رجائا عدم حذف هذا الموضوع وتركه للنقاش السلمي رجائا
    وتقبلو مني خالص الشكر والتقدير

    الامام علي (ع) وموقفه من الخلافة

    يقول ابن عباس: دخلت على أمير المؤمنين (ع) بذي قار وهو يخصف نعله، فقال لي: ما قيمة هذه النعل؟ فقلت: لا قيمة لها، فقال: «والله لهي أحبّ إليّ من إمرتكم إلاّ أن أقيم حقّاً، أو أدفع باطلاً»(1).

    حتى الحكم وظّفه علي (ع) في خدمة الموقف والأسلوب الحقّ، لأنه كان يريد حكم الرسالة ولا يريد حكم الذات.

    ولهذا، فإنه انفتح على الواقع من خلال الرسالة، وكان كل همّه هو الله، وكل فكره هو سلامة الإسلام وسلامة المسلمين. ومن ثم نراه يقول:

    «خشيت إنْ لم أنصر الإسلام وأهله، أنْ أرى فيه ثلماً أو هدماً، تكون المصيبة بهما عليّ أعظم من فوت ولايتكم التي إنما هي متاع أيام قلائل، يزول منها ما كان ، كما يزول السراب أو كما ينقشع السحابُ»(1). ويقول في حديث آخر: «لأسلمنّ ما سَلُمَتْ أمور المسلمين»(2).

    من هنا، لم تكن معارضته _ وقد أبعد عن حقّه _ معارضة عقدة في الذات، بل كانت معارضة موقف في الحق، فكان يستجيب لهؤلاء الذي تقدّموا عليه وأبعدوه عن حقّه، فيقدّم لهم المشورة والنصيحة والتعاون، لأنّ الإسلام يفرض ذلك. حتى قال قائلهم، «لولا علي لَهَلَكَ عمر»(3).

    علي (ع) في الحكم

    عندما بايعه المسلمون ومارس الإمام (ع) الحكم، فإنّ حكمه كان يمثّل الحكم الذي يريده رسول الله (ص)، يقف حيث وقف رسول الله (ص)، ويتحرّك من خلال شريعة الله، ولهذا كان قوياً وشديداً وحاسماً.

    ولكنه كان يؤمن بمنطق الحوار، ويفتح قلبه للذين أعلنوا الثورة عليه، ليعيدهم إلى الحق. ففي حوار له مع طلحة والزبير قال لهما:

    «لقد نقمتما يسيراً، وأرجأتما كثيراً، فاستغفرا الله يغفر لكما. ألا تخبرانني، أدفعتكما عن حق وجب لكما فظلمتكما إياه؟ قالا: معاذ الله.

    قال: فهل استأثرت من هذا المال لنفسي بشيء؟ قالا: معاذ الله.

    قال: أفوقع حكم أو حقّ لأحد من المسلمين فجهلته أو ضعفت عنه؟ قالا: معاذ الله.

    قال: فما الذي كرهتما من أمري حتى رأيتما خلافي؟

    قالا: خلافك عمر بن الخطاب في القسم، إنك جعلت حقّنا في القسم كحقّ غيرنا، وسوَّيت بيننا وبين من لا يماثلنا، فيما أفاء الله تعالى بأسيافنا ورماحنا، وأوجفنا عليه بخلينا ورجلنا، وظهرت عليه دعوتنا، وأخذناه قسراً وقهراً ممن لا يرى الإسلام إلا كرهاً.

    فقال (ع): أمّا ما ذكرتموه من الاستشارة بكما، فوالله ما كانت لي في الولاية رغبة، ولكنكم دعوتموني إليها وجعلتموني عليها، فخفت أن أردّكم فتختلف الأمّة، فلما أفضت إليّ نظرت في كتاب الله وسنّة رسوله وما وضع لنا، فأمضيت ما ولاني عليه واتبعته، ولم أحتج إلى آرائكما فيه ولا رأي غيركما، ولو وقع حكم ليس في كتاب الله بيانه، ولا في السنّة برهانه، واحتيج إلى المشاورة فيه لشاورتكما فيه، وأمّا القسم والأسوة، فإنّ ذلك أمر لم أحكم فيه بادئ بدءٍ، قد وجدت أنا وأنتما رسول الله (ص) يحكم بذلك وكتاب الله ناطق به، وهو الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وأما قولكما: جعلت فيئنا وما أفاءته سيوفنا ورماحنا سواءً بيننا وبين غيرنا، فقديماً سبق إلى الإسلام قوم ونصروه بسيوفهم ورماحهم، فلم يفضلهم رسول الله (ص) في القسم ولا آثرهم بالسبق، والله سبحانه موفي السابق والمجاهد يوم القيامة أعمالهم، وليس لكما والله عندي ولا لغيركما إلاّ هذا. أخذ الله بقلوبنا وقلوبكم إلى الحقّ وألهمنا وإيّاكم الصبر»(1).

    ثم قال:

    «رحم الله رجلاً رأى حقاً فأعان عليه، أو رأى جوراً فردّه، وكان عوناً بالحق على صاحبه»(2).

    هذا هو منطق علي (ع) عندما وقف هذان الشيخان الصحابيان ليطلبا منه أن يعطيهما امتيازات في الخلافة، وقف وقفةً حاسمةً، وتحدّث إليهما بهذا المنطق الهادئ.

    وعندما أعلنا عليه الحرب وجاءا بأم المؤمنين عائشة، حاول بكل الطرق أن يتفادى الحرب، ولكنه اضطر لدخولها _ فيما بعد _ لحفظ نظام الأمة.

    وهكذا كانت مسألته مع معاوية، فهو لم يدخل الحرب إلاّ بعد أن استقلّ معاوية بالشام، ليقف ضد السلطة التي يمثّلها الإمام علي (ع) من خلال موقعه عند الله، ويمثّلها من خلال بيعة المسلمين له.

    وحين احتجّ عليه الخوارج لدخوله التحكيم، لم يتعرّض لهم بسوء لمجرد أنهم تكلّموا عليه، ولم يتعرّض لهم بالقتال لمجرّد أنهم عارضوه أو سبّوه، بل دخل لقتالهم عندما اعترضوا لبعض المؤمنين وهو خَباب، فقتلوه وقتلوا زوجته، بعدما بقروا بطنها. عند ذلك تدخّل علي (ع) وحاربهم ليعيد النظام إلى نصابه، لأنهم تحولوا إلى قطَّاع طرق.

    من هنا، فإنّ علياً (ع) لم يحارب أحداً لمجرد كونه معارضاً، بل إنه أعطى معارضيه الحرية في أن يسألوا وأن يعارضوا، ولكن عندما كانوا يسيئون إلى النظام فإنه كان يتدخّل. وقد روي أنّ بعض الخوارج كان جالساً في مجلس علي (ع) وهو يتحدّث، فقال الخارجي: «قاتله الله كافراً ما أفقهه»، فوثب القوم ليقتلوه، فقال لهم الإمام علي (ع): «رويداً، إنما هو سبّ بسبّ، أو عفو عن ذنب!»(3).

    كان الإمام (ع) يلتزم حكم الله حتى في مسائله الخاصة، فكانت كل حياته التزاماً بالحق بكل ما لكلمة الحقّ من معنى، والتزاماً بالإسلام بكلِّ ما يحتاجه الإسلام من دعمٍ ومن قوة، والتزاماً بالله في كلِّ أموره، وإدارة أمور المسلمين بمسؤولية لا مهادنة فيها. وهو يقول في ذلك: «الذليل عندي عزيز حتى آخذ الحق له، والقوي عندي ضعيف حتى آخذ الحق منه»(4).

    فعلي لا يعترف بالطبقية في الحكم، ويرى الشريف والضعيف سواء أمام الحق. وقد تعلّم ذلك من رسول الله (ص) الذي يقول: «إنما هلك من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق الشريف تركوه، وإذا سرق الضعيف أقاموا عليه الحد».

    ليس في الإسلام فرق _ أمام الحق _ بين من كان في أعلى الدرجات الاجتماعية وبين من كان في أسفلها، لأنّ قضايا الحقّ والباطل ليست متعلّقة بمراكز الأشخاص، بل هي متعلقة بمواقع الحق، في حركة هؤلاء الأشخاص وواقعهم.

    لي ولكم خالص الشكر والتقدير

مشاهدة مشاركة واحدة (من مجموع 1)
  • يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.

يستخدم موقع مجالسنا ملفات تعريف الارتباط الكوكيز لتحسين تجربتك في التصفح. سنفترض أنك موافق على هذا الإجراء، وفي حالة إنك لا ترغب في الوصول إلى تلك البيانات ، يمكنك إلغاء الاشتراك وترك الموقع فوراً . موافق إقرأ المزيد