الجنس التلفوني، في الغرب، أصبح هواية ورغبة وميولاً، فهو يتضمن إخفاء هوية الشريك، ويتضمن المزيد مما لايقوى عليه طرفٌ في حال وجود الطرف الآخر. كما أنه يؤمّن للطرفين تلك اللحظة التي توصف بالتحليل النفسي بـ الإثارة البذيئة والتي تعتمد على إسماع الشريكين، لبعضهما البعض، كلاما بذيئا معيّنا، هذا وتوجد في سجلاّت الطب النفسي أسماء كبيرة للغاية وصلت حد تسجيل ماقالته خادمة زوجة أحد أباطرة روسيا القيصرية من أن زوجة الامبراطور كانت تطلب منها إسماعها كلاماً بذيئاً. وفُهِم الأمر في النهاية على أنه تحريض للمكبوت الدفين وصولا الى الوقت الذي تشكّل فيه الوعي الجنسي الأول، حيث لم يكن هناك من مسافة مابين البذيء وغير البذيء، وحيث تختلط أعضاء الجسم بالاشتراك في توليد المتعة الجنسية. فيكون الكلام البذيء، هنا، إرجاعاً للدافع الجنسي، إلى منشئه الأول، الطفولة، ولن يكون بمقدور قوة إعادة هذه اللحظة إلا عبر الكلام المتطرف منه تطابقا مع الصور الأولى، والمشاهد الأولى، ومشاهد الاكتشاف الأولى. فتكون الكلمة المتطرفة نضعها عوضا من البذيئة تكثيفا للشيء المراد استعادته، كيفياً وبدون منظومة رقابة الرشد والتحضر.

أثّرت هذه الخاصية على كثير من الزيجات في العيادات الغربية، فعادة مايتم حصول تصادم مابين شريكين أحدهما يريد الكلام المتطرف والثاني لايقبله، وتكبر المسألة إذا مافهم أحدهما الأمر على أنه مرَضٌ أو شذوذ، بما يؤدي إلى مشاكل عنيفة تنتهي عادة بفسخ العلاقة. بينما المطلوب تفهّم حالة الإثارة اللفظية على أنها شكل من أشكال استعادة الاكتشاف الأول، والمعرفة الأولى بمصادر الإثارة. كما أن نقل الموضوع المرغوب الى اللفظ والتكلم هي شكل من أشكال تلقّيه بمنظومات مختلفة غير اللمس والشم والقبل وسوى ذلك. المسألة في عمومها جزء من اكتشاف الوعي الجنسي الأول ولاتتطلب سوى فهمها بهذا السياق.

تطور الجنس اللفظي ليصبح جنساً تلفونيا عبر خدمة مدفوعة الأجر، وهي تستغل حاجة الأشخاص المحرومين وغير المحرومين للجنس اللفظي الكلامي، وصارت هذه الظاهرة من أشهر الظواهر الآن، مستغلة غياب القوانين المانعة للاستغلال الجنسي. حيث في كثير من الفضائيات الغربية، والآن هناك كثير منها ناطق بالعربية، توضع ارقام هاتف وتدعو الناس رجالا ونساء للاتصال وسماع أصوات أو سماع طرف آخر، في استغلال غير أخلاقي بالمرة لحاجات إنسانية أولية. مثل هذه الجرائم الإعلامية تؤدي إلى إغلاق باب فهم المسألة وتحويلها على أنها مجرد لا سواء مرَضي قابل للاستغلال الرخيص. بينما الأفضل، أولاً، الامتناع عن الاستجابة لمصيدة هذه الفضائيات، بالمطلق، ومن جهة ثانية، محاولة الشركاء جميعا إفهام الطرف الآخر بحقيقة الدافع وفهمه على أنه مجرد محاولة استعادة اكتشاف الدافع الجنسي، من جانب، أو تلقي الدافع الجنسي، بمنظومة سماعية أخرى، من جانب آخر.